فضيلة السيد حسين الشيرازي: يجدر بالمؤمنين أن يعملوا أكثر من طاقتهم فيما ينفعهم يوم الآخرة
قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله جمع من المؤمنات والمؤمنين زوّار العتبات المقدسة من مدينة حمص السورية، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، يوم السبت الموافق للسادس عشر من شهر شعبان المعظّم 1430 للهجرة، فألقى نجله الكريم حجّة الإسلام والمسلمين السيد حسين الشيرازي دام عزّه كلمة قيّمة فيهم حول ضرورة وأهمية بذل الإنسان جهوداً أكثر من طاقته وقدرته، وآثار ذلك في الآخرة.
فاستهل كلمته بقول مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: «أيها الناس إن التجلّد قبل التبلّد»، وقال:
التجلّد هو من باب التفعّل، ويعني بذل الجهود فوق القدرة، أي على الإنسان أن يعمل في الدنيا فيما ينفعه في الآخرة أكثر من طاقته المقدّرة. فالإنسان بالنتيجة وبمرور الزمان تتحلّل قواه ويصبح ضعيفاً فعليه قبل ضعفه وتحلّل قواه أن يبذل الجهد الكبير إلى درجة تحمّل المشقة. وهذا الأمر يصدق في كل المجالات، أي في العبادات والمعاملات والمستحبّات والأخلاق وغيرها.
وقال: هنالك آية في القرآن الكريم هي أشدّها عبرة وهي: «وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى، يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي».
فالإنسان المؤمن، حتى إن كان في مرتبة رفيعة من الصلاح والتقوى، عندما يرى جهنم يوم القيامة يتذكّر كل ما فعله في الدنيا، حتى الأمور التي لم تكن من المحرّمات أو من المعاصي، فحينها يعلم أن الدنيا لم تكن ذات قيمة ولم تكن تعدل شيئاً، فيأسف على ما صرف من عمره في أمور لم يجني منها شيئاً يوم الحساب كاللهو أو البطالة أو النوم الكثير وغيرها، بل يأسف حتى عن الساعات واللحظات التي قضاها في تلبية رغباته وشهواته المباحة. وحتى إذا صرف الإنسان حياته في الطاعة وكان بإمكانه أن يؤدّي دوراً مهماً وأكثر فإنه سيأسف أيضاً لأنه لم يقدّم أكثر مما قدّمه.
وأضاف: إن الإنسان وبمرور الزمان يتحلّل كل شيء فيه ويضعف حتى أعصابه وعقله وإيمانه وليس جسمه فقط، فيجدر بالإنسان أن لا يتلف أعصابه وأن لا يغضب للمشاكل الدنيوية كأن يتلف أعصابه على سلوك وحركات أطفاله، أو يهتمّ ويغتمّ لأن فلاناً من الناس لم يحترمه، أو لأنه لم يجني كذا مقداراً من المال، وماشابه ذلك. فكثير من الناس عندما تصيبه مشكلة أو يتعرّض أحد أرحامه وأقاربه إلى مشكلة ما تراه يتأثر بذلك كثيراً إلى درجة بحيث ينعكس تأثرّه حتى على عباداته، فتراه مثلاً يفقد الرغبة في أداء الصلاة بالشكل اللائق والمطلوب.
وحول تحمّل المشقة في الدنيا والرضا بما قسمه الله تعالى، ذكر السيد حسين الشيرازي قصّة بهذا الصدد وقال: كان لنا عمّة نقلت لي هذه القصّة: كان لي أختان وقد توفيتا، فرأيت إحداهما في عالم الرؤيا بعد ثلاثين سنة من وفاتهما وكانت بأحسن حال، فسألتها عن أختي الأخرى، فظهرت عليها آثاراً بسيطة من الحزن وأمسكت عن الجواب للحظات، ثم قالت: إنها أرفع منّي درجة، وحالها أحسن منّي بكثير. فقلت لها: حسب علمي بكما فإنكما كنتما من المتّقيات، فكيف حصل هذا التفاوت بينكما؟ قالت: أنا كنت صابرة في الدنيا، أما أختي فكانت من الراضين بقضاء الله تعالى وقدره.
وعقّب فضيلته قائلاً: إن الفرق بين الصابر والراضي بما قسمه الله له هو أن الأول يتحمّل المشاكل والصعوبات في الدنيا لكنه متألّم في داخله، وأما الراضي فإنه علاوة على صبره وتحمّله يكون راضياً في داخله عمّا قسمه الله تعالى له.
وختم فضيلته كلمته بقوله: علينا جميعاً أن نعمل في الدنيا ونبذل الجهد الكثير فيما له ثمرات وأجر كبير في الآخرة، وإن زيارة أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم أفضل فرصة في أن يطلب الإنسان منهم توفيق ذلك. فهم صلوات الله عليهم يعطون كل شيء بإذن الله تعالى، فيجدر بزائريهم أن يطلبوا منهم سلام الله عليهم الاستقامة في الدنيا والصبر والتحمّل والرضا بما قسمه الله تبارك وتعالى، وذلك أسوة بهم ـ أي بأهل البيت ـ صلوات الله عليهم، فالإمام زين العابدين صلوات الله عليه يقول في الدعاء الذي علّمه لأبي حمزة الثمالي، وهو دعاء شريف، وذومضامين عالية، ومفاهيم وآداب راقية جدّاً ونقرأه في ليالي شهر رمضان المبارك، يقول الإمام سلام الله عليه: «ورضّني من العيش بما قسمت لي»
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
أحسنتم أخي على هذه المعلومات
حفظ الله لنا علمائنا
وفقتم
دمتم محاطين بالالطاف المهدويه
المـقـصـره: خادمة السيد الفالي