( سورة النورين المزعومة )السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سمعت عن سورة ((النورين)) ويوجد لها نص على شبكة الإنترنت.. ولم أجد لها وجودا في المواقع الشيعية.. اللهم فقط في مواقع سنية!! تسوق معها الاتهامات.. وقد تبصرت في الجفر و ((مصحف)) فاطمة وأنه ليس من القرآن الكريم..
السؤال: هل توجد حقا سورة النورين؟ وهل هي من القرآن ((أو)) من مصحف فاطمة؟ وجدلا إن كانت من مصحف فاطمة..أليس من الجفر الذي لا ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي؟؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة..
أخوكم أسامة
الجوابالاخ اسامة المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان ما يدعى بسورة النورين ليست من القرآن قطعاً, يدلك على ذلك اسلوبها الركيك المشوب بالعجمة وابهام المعنى وسخافته, ولا من مصحف فاطمة ولا من الجفر وانما هي تأليف ملفق يحاكي القرآن سميت بسورة النورين لورود لفظة (النورين) في اول جملها ولم يكن لها أي اثر في المصادر قبل القرن الحادي عشر الهجري, وقد أشار إليها المستشرق نولدكه (1931م) في كتاب تاريخ القرآن نقلاً عن كتاب (دبستان مذاهب), وقال غولدر تسهير (1920) ان جارسان دي تاسي ومرزا كاظم بك نشرا لاول مرة سورة من هذه السور المتداولة في دوائر الشيعة, وانه وجد في مكتبة بالهند نسخة من القرآن تشتمل اضافة الى هذه السورة المنشورة على سورة النورين (41آية) وسورة الولاية (7آيات) وافترض أن الشيعة يعتقدون بان من دون المصحف الشريف في عهد عثمان قد اسقط هذه السور لا شتمالها على الموالاة لعلي (راجع مذاهب التفسير الاسلامي: 294).
ولكن بالحقيقة ان دي تاسي قام عام 1842م ولاول مرة بنشر النص العربي لسورة النورين في مجلة journal asiauque مرفقاً اياه بترجمة فرنسية عن مصدر باللغة الفارسية يعود الى القرن السابع عشر للميلاد (11 هجري) واسمه (دبستان مذاهب) لشخص ايراني زرادشتي يقطن الهند, وبعده بسنة قام كاظم بيك بايراد السورة طبقاً لنسخة تجعل آياتها (43) في نفس المجلة ولكن بترجمة أكثر دقة ولكنه لم يذكر النسخة التي اعتمد عليها.
وفي عام 1913 تطرق كليرتسدال في مقال بعنوان (اضافات الشيعة على القرآن) الى وجود سورة اخرى غير سورة النورين اسمها سورة الولاية بسبع آيات وانهما ماخوذتان من نسخة خطية للقرآن تعود الى القرن السادس عشر أو السابع عشر للميلاد موجودة في بانكيبور في الهند.
وقد اورد محمد صبيح جمل من سورة النورين المزعومة دون الاشارة الى المصدر, ومحمد جواد مشكور يظن وجود سورة أخرى بسبع آيات غير سورة الولاية والنورين اسمها ولاية علي والائمة.
وعليه فالمصدر لكل هذا هو كتاب (دبستان مذاهب) ونسخة من القرآن مزعومة في القرن السابع عشر للميلاد في الهند (أنظر سلامة القرآن من التحريف لفتح الله المحمدي: 388)
وقد تمسك بهذا الوهابيون لاتهام الشيعة بتحريف القرآن فقد ذكر السورتين محمد عبد الوهاب(1206هـ) في (رسالة في الرد على الرافضة) والدهلوي (1239هـ) في التحفة الاثنى عشرية, واحمد علي السالوس ومحب الدين الخطيب وموسى جار الله ومحمد مال الله واحسان الهي ظهير والدكتور احمد الجلي, والدكتور ناصر القفاري واعتمدوا في مصادرهم لايرادهما) على (دبستان مذاهب) وتاريخ القرآن لنولدكهه ومذاهب التفسير الإسلامي لغولدتسهير وفصل الخطاب للنوري الذي نقلها بدوره عن دبستان مذاهب وتذكرة الائمة لمحمد باقر اللاهيجي وقد أختلط عليهم الامر فظنوه المجلسي.
ومن الواضح أن مصدرهم الوحيد كلهم لسورة النورين هو كتاب دبستان مذاهب ولسورة الولاية هي النسخة المزعومة للقرآن ولا يوجد أي اثر لهاتين السورتين في المصادر الشيعية ومنه تعرف سبب عدم وجودهما في المواقع الشيعية والتشنيع بهما في المواقع الوهابية.
وان اقدم تاريخ لهما هو القرن الحادي عشر الهجري حتى أن المصادر السنية التي حاول مؤلفوها اتهام الشيعة بالتحريف قبل هذا التاريخ لم تتطرق اليهما ولو بالاشارة.
واما كتاب دبستان مذاهب, فقد قال مؤلفه قبل نقل هذه السورة المزعومة ( ما سمعته من جماعة في سنة 1053في لاهور فاوردته). ثم ذكر هذه السورة المزعومة أي انه لم يذكر أنه نقلها من كتب الشيعة بل سمعها من جماعة لم يذكرهم, على أن نفس الظروف المحيطة بتأليف كتاب دبستان مذاهب وشخصية مؤلفه والمصادر التي اعتمد عليها تجعل أصابع الأتهام والشك والريبة قوية الاشارة اليه والى الهدف من الكتاب بالاصل.
فقد توصل محقق الكتاب الى المؤلف الحقيقي له وهو احد الآذركيوانيين (سلامة القرآن من التحريف: 404) .
مع ملاحظة أن اول من ترجم الكتاب هم الانجليز وطبع بالفارسية لاول مرة من قبل (وليام صاحب) فلا يبعد عبث ايديهم بالكتاب خاصة وان فيه ارآء لم يسمع بها من قبل.
ولمزيد من التفصيل راجع كتاب (سلامة القرآن من التحريف) لفتح الله المحمدي على صفحتنا في قسم المكتبة العقائدية.
ودمتم في رعاية الله