|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
: إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ :
بتاريخ : 15-04-2012 الساعة : 06:59 AM
: إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ :
======================
: المَهدَويَّة أنموذجاً أقوَمَاً مَعصُوما :
: إطلالةٌ معرفيَّة مَوضُوعيَّة تحليليَّة :
========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
قال الله تعالى:
{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9
:مَدخَلٌ معرفي إلى البحث:
===============
إنَّ هذه الآية الشريفة نصَّتْ على أنَّ هذا القرآن الذي أنزله الله تعالى على النبي الأكرم محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم:
يرشدُ الناسَ إلى أحسن الطرق وهي ملة الإسلام
عقيدةً وشريعة ومنهاجا.
ويهدي:أي: يُوصِل المُهتَدي به إلى المطلوب يقيناً
وفي هذا إشعارٌ بأنَّ هداية القرآن الكريم هي فعلٌ حقيقي خارجي وجودي في التحقق الحياتي ومتجددة في أثرها في النوع الإنساني .
يُمارسه المعصوم:عليه السلام: نبياً كان أم إماماً منصوبا.
ولم تستثنِ الهدايةُ الناسَ وقتاً من وقت
فبهذا يجب أن تتحق الهداية للبشرية قاطبة في نهاية الطريق والمصير.
وهذا التحقق الأخير للهداية وجوديا ستتكفّل به المهدوية الخاتمة بشخص الإمام المهدي:عليه السلام:
بوصفها مُنطَبَقاً لمفهوم الأقومية القرآنية.
وهذا المعنى صرّحَ به القرآن ضمنا:
فقال تعالى:
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ }الأنبياء73
{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }القصص 5
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }السجدة24
فعن الإمام علي بن الحسين :عليه السلام :
قال : الإمامُ منَّا لا يكون إلاَّ معصوما وليستْ العصمة في ظاهر الخِلقَة فيُعرَفُ بها ولذلك لا يكون إلاَّ منصوصا .
فقيل له :
يا ابن رسول الله فما معنى المعصوم ؟
فقال : هو المعتصم بحبل الله
وحبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة
والإمام يهدي إلى القرآن والقرآن يهدي إلى الإمام
وذلك قول الله عز وجل :
: إنَّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم :
:معاني الأخبار: الصدوق:ص132.
فهنا مقولتان وهما :مقولة الإمام يهدي إلى القرآن
ومقولة القرآن يهدي إلى الإمام.
وهذا التشارك الإثنيني يكشف عن عصمة القرآن والمعصوم:ع:في آنٍ واحد.
وفي هذه الآية الشريفة بشارة من الله تعالى
بأنَّ مفردات الحياة البشرية والمجتمع لابد وأن تصير إلى أفضل وأحسن مما عليه في مستقبل الزمان .
وعن علاء بن سيابه عن أبي عبد الله الإمام جعفر الصادق: عليه السلام:
في معنى قول الله تعالى
{ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ }
قال:ع: يهدي إلى الإمام :
:بصائر الدرجات: محمد بن الحسن الصفّار:ص497.
:الكافي:الكليني:ج1:ص216.
إذ الإمام :عليه السلام: هو أصلٌ للهداية ولجميع الخيرات
وأقوم مِن كل ما يتقرب به العبد به إلى الله تعالى
فالقرآن يهدي إليه في مواضع عديدة.
والإمام المهدي:عليه السلام: مشمولٌ بعنوان الإمام المنصوب ربانيا والذي يهدي إليه القرآن الكريم
ولتوثيق صحة الخبر الذي نقله العلاء بن سيابه عن الإمام الصادق:عليه السلام: في تفسير معنى هذه الآية الشريفة
نقول إنَّ :
العلاء بن سيابة : هوكوفي : مولى ، من أصحاب الإمام الصادق: عليه السلام :
وعَدَّه البرقي أيضا من أصحاب الإمام الصادق : عليه السلام قائلا : العلاء بن سيابة : كوفي .
روى عن أبي عبد الله الإمام الصادق:عليه السلام
وروى عنه موسى بن أكيل النميري ::وهوكوفي ، ثقة ، له كتاب ، من أصحاب الإمام الصادق:ع::وثّقه النجاشي في رجاله :ص 320 .
روى عنه تفسير علي بن إبراهيم القمي : سورة هود ، في تفسير قوله تعالى :
( ونادى نوح ابنه . . . ) .
وقال السيد الخوئي:قد:
: الرجل :أي : العلاء بن سيابة:
لم يُوثَّق ولم يثبت مدحه في كتب الرجال
إلاَّ أنَّ وجوده في أسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي
كافٍ في ذلك :أي: التوثيق والمدح: ويُعتَمَدُ على روايته .
وكيف كان فطريق الصدوق - قدس سره - إليه صحيح . طبقته في الحديث وقع بهذا العنوان في اسناد عدة من الروايات تبلغ سبعة وعشرين موردا .
فقد روى عن أبي جعفر:الباقر: وأبي عبد الله :الصادق:
عليهما السلام .
:معجم رجال الحديث :السيد الخوئي:قُدِّسَ سره الشريف:ج12:ص190.
وذكر العلاّمة الحلي توجيهه:
في قوله تعالى :
{ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أقوم }
وقال:
وجه الاستدلال أنَّه تعالى أراد من المُكلَّفين الطريقة التي هي أقوم
وهي الصواب الذي لا يُحتَمَل غيره
ولا يُعلَم ذلك إلاَّ بتوقف النبي :صلى الله عليه وآله وسلم:
أو من يقوم مقامه
وغير المعصوم لا يحصل منه ذلك
:أي:لايتمكن من أخذ الناس إلى الطريقة التي هي أقوم وأصوب في العقيدة والشريعة والمنهج في هذه الحياة.
فيجب أن يكون القائم مقام النبي : صلى الله عليه وآله وسلم: معصوما وهو المطلوب
:كتاب الألفين :العلاّمة الحلي:ص397.
بمعنى:
أنَّ الإمام المعصوم:ع: والمنصوب إلهيا هو من يتكفّل بتنجيز الهداية للناس بعد رسول الله:ص:
فمقتضى الحكمة الإلهية أن يهتدي جميع البشر إلى الطريقة التي هي أقوم واقعا بواسطة الإمام :عليه السلام:
وهذا ما نعتقده قطعا في التحقق الوجودي في دولة العدل الإلهي التي سيشيدها الإمام المهدي:ع: حتميّا في المستقبل بإذن الله تعالى وتأييده.
وقد ذكر السيد الطباطبائي أيضا في معنى:
قوله تعالى :
( إنَّ هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم )
أي للملة التي هي أقوم
كما قال تعالى :
( قل إنَّني هداني ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا ) الانعام : 161 .
والأقوم افعل تفضيل والأصل في الباب القيام ضد القعود الذي هو أحد أحوال الانسان وأوضاعه
وهو اعدل حالاته يتسلط به على ما يريده من العمل بخلاف القعود والاستلقاء والانبطاح ونحوها
ثم كنّى به: بأفعل التفضيل:أقوم:
عن حسن تصديه:أي القرآن الكريم: للأمور إذا قوى عليها من غير عجز وعي وأحسن ادارتها للغاية
يُقال : قام بأمر كذا إذا تولاه وقام على أمر كذا أي راقبه وحفظه وراعى حاله بما يناسبه .
وقد وصف الله سبحانه هذه الملة الحنيفية بالقيام
كما قال :
( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) الروم : 30
وقال : ( فأقم وجهك للدين القيم ) الروم : 43 .
وذلك لكون هذا الدين مُهيمنا على ما فيه خير دنياهم وآخرتهم قيِّما على اصلاح حالهم في معاشهم ومعادهم
وليس الاَّ لكونه موافقا لما تقتضيه الفطرة الانسانية والخلقة التي سوّاه الله سبحانه عليها وجهزه بحسبها بما يهديه إلى غايته التي أريدت له ، وسعادته التي هيئت لأجله
وعلى هذا فوصف هذه الملة في قوله :
( للتي هي أقوم )
بأنها أقوم إنْ كان بقياسها إلى سائر الملل
انما هو من جهة أنَّ كلاً من تلك الملل سنة حيوية اتخذها إناسٌ لينتفعوا بها في شئ من أمور حياتهم
لكنها إن كانت تنفعهم في بعضها فهى تضرهم في بعض آخر وإن كانت تحرز لهم شطرا مما فيه هواهم
فهى تُفوِّت عليهم شطرا عظيما مما فيه خيرهم
وانما ذلك الإسلام يقوم على حياتهم وبجميع ما يهمهم في الدنيا والآخرة من غير أن يفوته فائت
فالملة الحنيفية أقوم من غيرها على حياة الانسان .
وإن كان بالقياس إلى سائر الشرائع الإلهية السابقة كشريعة نوح وموسى وعيسى عليه السلام كما هو ظاهر جعلها مما يهدى إليها القرآن
قبال ما تقدم من ذكر التوراة وجعلها هدى لبني إسرائيل
فإنَّما هو من جهة إنَّ هذه الملة الحنيفية أكمل من الملل السابقة التي تتضمنها كتب الأنبياء السابقين
فهى تشتمل من المعارف الإلهية على آخر ما تتحمله البنية الإنسانية
ومن الشرائع على ما لا يشذ منه شاذ من اعمال الانسان الفردية والاجتماعية
وقد قال تعالى :
( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) المائدة : 48
فما يهدى إليه القرآن أقوم مما يهدى إليه غيره من الكتب
:الميزان في تفسير القرآن: السيد الطباطبائي:ج13:ص47.
فإذاً يجب أن ندرك جيدا مفهوم الأقوميّة الذي طرحته الآية الشريفة كصيغة نهائية :
{ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أقوم }
و هو أنَّ القرآن الكريم يتمثّل بالمعصوم
وأعني الإمام المهدي :عليه السلام: في مقام البحث
وكذلك الإمام المهدي :ع: يَتمثَّلُ بالقرآن الكريم واقعا وفعلا.
وبهذا فإنَّ مفهوم الأقوميّة القرآني الإطلاقي يختزل في ذاته صوابيّة وحقانية جميع الأبعاد المُحتملة والمتوقعة وجوديا
إبتداءاً من الإعتقادات والأفكار
فالقرآن الكريم أو المعصوم:ع:
إنما يدعوان إلى الإعتقاد والفكر الحق والتطبيق العادل
ومن هنا نعتقد بأنَّ العقيدة المهدوية هي الصيغة والصبغة الإلهية النهائية الأقوم
وهي التي ستصل بين الإنسان وربه
في محورية العدل والحق والعبادة وتطبيقاتها .
وكذلك سينبسط مفهوم الأقومية تطبيقاً في وجوده الأخير عند ظهور وقيام الإمام المهدي:ع:
في تصحيح مسارات القوانين والأنظمة البشرية إجتماعياً وقضائيا وأخلاقيا وفكريا وحتى عسكريا وسياسيا
وهذا ما سيجعل البشرية تعيش في وجودها الحياتي ثنائية
المادية والمعنوية وستدفع بالجميع بإتجاه التنمية والتطور والتكامل .
و ستبسط الأقومية القرآنية والإمامية أيضا نفوذها القيمي في البعد العبادي والروحي بتحدده مع الله تعالى والمجتمع
بحيث تجعل من الإنسان يعيش الوسطية المتوازنة بين الإفراط والتفريط
وهذا هو معنى قوله تعالى:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }البقرة143
ونحن لانشك قطعا بأنَّ المهدوية ستكون هي الأنموذج المعصوم في تطبيق المنهج الأقوم في نظام الوجود بشريا
وهي بذلك ستنجح في إقامة العدل ، والإصلاح ومواجهة الظلم والظالمين .
ويقيناً إذا كان القرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم
فستكون المهدوية الخاتمة قطعاً هي المنهج الأقوم
في كل أبعاد الحياة البشرية وهي أحقُّ مَن تُتَبع.
كما الله تعالى :
(( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )) يونس35
وأخيراً إنَّ مفهوم وصيغة:: أقوم ::
في الآية الشريفة فيه إشارة إلى أنَّ الإسلام هو آخر دين إلهي حق.
وأنَّ النبي الأكرم الخاتم محمد: صلى الله عليه وآله وسلم :
هو آخر الأنبياء .
والإمام المهدي:عليه السلام:بحكم الإعتقاد وتطبيق التفسير المأثور عن المعصومين
هو آخر الأئمة المعصومين:عليه السلام:
والمستند في ذلك هو أنَّ صيغة أقوم بوصفها أفعل تفضيل تمثل أعلى درجات التفضيل مفهوما وقيمة ودلالة وقصدا.
وليس بعد صيغةالتفضيل : أقوم :
من درجةٍ مراحليةٍ في التفضيل .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف .
|
|
|
|
|