ويقول العلاّمة الشيخ محمّد جواد مغنية[في كتابه ( الحسين وبطلة كربلاء ) : 48.] في ذيل الآية الشريفة :
إنّ هذه الآية الكريمة نصّ صريح في صفات عمر بن سعد ، حتّى كأ نّها نزلت فيه بالذات . فلقد دعاه الحسين إلى أن يكون معه ويدع ابن زياد ، فقال ابن سعد : أخاف أن تهدم داري . وهذا مصداق قوله تعالى :
( وَمَساكِنَ تَرْضَوْنَها ).
قال الحسين : أنا أبنيها لك.
قال ابن سعد : أخاف أن تؤخذ ضيعتي . وهذا ما دلّ عليه قوله سبحانه :
( وَأمْوالٌ اقْتَرَفْتُموها ).
قال الحسين : أنا أخلف عليك خيراً منها.
قال ابن سعد : إنّ لي بالكوفة عيالا أخاف عليهم ابن زياد . وهذا ما أشار إليه قوله تعالى :
( وَأبْناؤُكُمْ وَأزْواجُكُمْ وَعَشيرَتُكُمْ ).
هذا هو مبدأ ابن سعد الذي عليه يموت ويحيا : ضيعته وداره وأهله وعشيرته ، أمّا الدين والضمير ، أمّا الله ورسوله ، فألفاظ يجترّها ما دامت تحفظ له الضيعة والدار والأبناء والأقارب.
حارب ابن سعد حسيناً بدافع المنفعة الشخصيّة وحبّ الدنيا.
وكلّ من آثر المال والأهل على طاعة الله والرسول ، فإنّه على مبدأ ابن سعد ودينه . وإن بكى على الحسين حتّى ابيضّت عيناه ، ولعن ابن سعد في اليوم ألف مرّة ، ما دام لا يفعل إلاّ بنفس الباعث الذي بعث ابن سعد على قتل الحسين.
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) :
والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين.
وإذا عطفنا هذا الحديث الشريف على الحديث الذي رواه السنّة والشيعة : « حسين منّي وأنا من حسين » تكون النتيجة الطبيعية أنّ العبد لا يؤمن حتّى يكون الحسين أحبّ إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين.
وقد وجد بين المسلمين من الرجال والنساء من أحبّ النبيّ هذا الحبّ وفدوه بالأرواح والأولاد.