إشكالية الشبه والاختلاف في إيديولوجيا السعودية وإسرائيل
بتاريخ : 02-12-2013 الساعة : 04:23 AM
مراة الجزبرة
كتبه سامي إبراهيم الأحد, 01 كانون1/ديسمبر 2013
إذا كان الفكر الصهيوني يمثل إيديولوجيا الرأسمال اليهودي في إسرائيل وفي العالم أجمع، فإن الفكر السلفي الوهابي يشكل اليوم الأساس الإيديولوجي للمملكة السعودية، التي لم ينج أي بلد عربي وإسلامي من دسائسها ومؤامراتها منذ أكثر من خمسين عاما.
أوجه الخلاف الايديولوجي بين السعودية وإسرائيل
ولعل التناقض البادي في أوساط الرأي الشعبي العام بين الدولتين، إسرائيل والمملكة السعودية، اللتان تعتبران مركزين إيديولوجيين هامين يستقطبان شعوب وشرائح اجتماعية واسعة في العالم، ليس إلا تناقضا شكليا، ولم يرتق إلى درجة التناحر الايديولوجي الذي ينفي أحدهما الآخر، بل وعلى العكس من كل الأوهام المشاعة في أوساط المتطرفين من الجانبين، إن هناك تشابها وثيقا وتكاملا إيديولوجيا عمليا بين النهجين أثبتته الممارسة السياسية في البلدين على المستويين الاقليمي والعالمي.
وإن كان هناك من خلاف في الإيديولوجيا، فيكاد يكون لا يتعدى أشكال الأنظمة المنضوية تحت هذه الايديولوجيا أو تلك، ففي محاولة لتبيان أوجه الخلاف نرى أن السعودية وعلى عكس إسرائيل لم تبن جيشا يمكن أن يكون اكبر جيش في منطقة الشرق الأوسط، بالرغم من امتلاكها القدرات الكبيرة والأموال الطائلة التي تختزنها في البنوك والمصارف الغربية.
ويقول خبراء إن السعودية لم ترغب بتأسيس جيش كبير لأن لديها في المقابل حلفاء تعتمد عليهم، مثل الحليف الباكستاني والتركي والأمريكي، ولأنها تخشى من أن يشكل الجيش قوة محلية قوية ينقلب على الأسرة الحاكمة في وقت ما.
فهذه هي استراتيجيتها فيما يتعلق بالقوة العسكرية، فبالتالي لجأت مملكة الصمت تبحث عن تحالفات، إلا أن هذا التفسير قد لا يكون موضوعيا ولا ينطبق على واقع البنية السياسية المفروضة على النظام السعودي، بألا يكون مركز قوة عسكرية قد تهدد أمن وسلامة إسرائيل في المستقبل.
ومن جانب آخر يمتاز النظام الملكي في السعودية بديكتاتورية مطلقة، بمعنى أنه ينفي وجود برلمان أو أحزاب أو تعددية حزبية أو حريات سياسية مثله مثل دويلة قطر أيضا، ولكن السعودية تمنح لنفسها الحق بالتدخل بشكل فظ في شؤون الدول العربية وتطالبها ببناء الديمقراطية وتسيئ في الوقت ذاته، وتقوم السعودية بشراء ذمم الإعلاميين ووسائل الإعلام، وتدفع رشاوي سياسية مباشرة إلى شخصيات سياسية نافذة من أجل توجيهها وتحويل وجهات نظرها نحو مصالحها، وكلنا يذكر كيف هاجم الإعلام السعودي حزب الله والمقاومة اللبنانية سنة 2006 لمجرد أنه انتصر على اسرائيل، وجعلوا من الانتصار قصة طائفية.
أوجه الشبه الايديولوجي بين السعودية وإسرائيل
في حين تلتقي الايديولوجيتان في الكثير من المسائل الإقليمية والدولية، إذ أن كلتا الدولتين كانتا مهتمتين بمحاربة الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية سابقا، ومازالتا تعملان على مكافحة حركات التحرر الوطني في العالم، والأمثلة على ذلك عديدة تمتد من باكستان وأفغانستان ومنظمة التحرير الفلسطينية والكونغو امتدادا إلى نيكاراغوا وكوبا وفنزويلا وغيرها في أمريكا الجنوبية.
كما أن هاتين الايديولوجيتين تحاولان تقويض انتشار الفكر العلماني والأحزاب التقدمية والوطنية، لأنهما مبنيتان على أساس التمييز العنصري، إذ فيما تعتبر إحداها اليهود "شعب الله المختار" تجعل الثانية من الأمة الوهابية السلفية "خير أمة أخرجت للناس"، أضف أن الفاشية هي الاسلوب المفضل للاثنتين معا في التعامل مع الخصم، وأكبر دليل على ذلك ما يقدمه الإسلام السلفي من ممارسات وحشية في حربه، التي أعلنها على سورية وكذلك ما تفعله إسرائيل للفلسطينيين في غزة منذ أكثر من خمس سنوات.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن الملياردير السعودي الوليد بن طلال قوله، إن المصالح السعودية والإسرائيلية "متوازية تقريبا"، مبينة أن الملياردير السعودي عبر عن "التأييد للسياسة" التي يتبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه إيران، في وقت كشفت شبكة بلومبيرغ الاقتصادية عن أن "بن طلال" قال، إن "المملكة السعودية والدول العربية تؤيد شن عدوان إسرائيلي على إيران لتدمير برنامجها النووي".
وجاء في مقابلة أجراها الصحفي جيفري غولدبيرغ مع بن طلال قوله "نحن وإسرائيل معنيون بهذه المسألة وقلقون منها"، وأشار إلى أن القادة في إسرائيل كما هو حال القادة في السعودية يتوجسون من تنامي انحياز الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإيران، وقال إن "الدول العربية تعتبر أن التهديد يأتيها من إيران وليس من إسرائيل".
وأمام هذا الواقع، نرى أنه عند وفاة الملك عبد العزيز بن سعود في العام 1953، وبعد أن أنجب 44 ولدا من 22 زوجة، اقترن بهن، كان قد اتخذ ترتيبات في الفترة ما بين العشرينات والأربعينات من القرن الماضي اعتبرت أساسية لفهم إيديولوجيا السعودية، ما يجعل الدول العربية تئن حتى هذا اليوم من جور ودسائس النظام السعودي.