إستوقفني هذا الشعار المُعلقٌ في إحدى ساحات بغداد (( آنا عراقي ؛؛ إذا آنا حسيني )) ؛
فوجدته ملائما أن أبدأ منه حديثي عن الانسان العراقي ..
إذ يقف الكاتب .. امام الشخصية العراقية .. حائرا ؛ ليس لانه كائن يختلف عن بني البشر ،
ولكن لوجود سمات راكزة وصفات ظاهرة ؛ تجعل منه إنسانا يٌشار له بالبنان ..
فمع قسوة الحياة ومآسي الظروف وضغط الابتلاءات وضخامة التضحيات التي مرّ بها بل وإنغمس فيها ؛
تجده لطيفا سميحا مضيافاً طيباً ؛ رفيف الحس شفيف النفس رقيق القلب ..
حتى ان ثمة مفردات تشكلت في هذا المجتمع قلما تجد لها في مجتمع آخر رديفا لها ؛
تنم عن شفافية هذا الانسان وأريحيته ودماثة اخلاقه: فكم جميلة هي مفردة
( إتدلل عيوني) أو (على عيني وراسي) و(عِد عيناك) و(فدوة اروحلك) أو (تؤمر أمر)
وغيرها من المفردات التي تحاكي المشاعر الطيبة والمواساة الحقيقية ...
إذا فاضت أكفّهم بجود ٍ == تيتم بالعطاء لهم مثال
والذي جعل هذا الانسان بهذه الكيفية تلك الثقافة الصافية التي تشربها حتى النخاع ؛
فالعراقي : محمّدي الدين ؛ علويٌ المنهج : حُسينيٌ التضحية ؛ حسنيٌ الكرم ؛ سجاديٌ التضرع ؛
باقريٌ الآداب ؛ صادقيٌ المعارف ؛ كاظميٌ الصبر ؛ رضويٌ المحنة ؛ جواديٌ الخُلق ؛ نقويٌ السريرة ؛
عسكريٌ الابتلاء ؛ مهدويٌ التحمل ~
ومن أبرز سمات الانسان العراقي المميزة ما اصطلح عليه بـ الغيرة العراقية ...
فلا نغالي أبداً إذا قلنا بندرتها وفرادتها وعلوّها .. ولو أضفناها الى عجائب الدنيا لفاقَتْها سمُّواً ..
ولو إذ تنّبه لها أصحاب موسوعة غينز للارقام القياسية لكانت غُرّتها السامقة ..
لا أقول هذا لأننا عراقيون ..
ولكن لو تتبعنا تاريخ المجتمع العراقي والشخصية العراقية عبر تاريخه المعاصر على الاقل لوجدنا هذه الحقيقة ماثلة ..
أما عمقه فزاخر بصور الإيثار الشامخة ...
فلقد اصطبغت بلون الايثار ونكهة الاباء .. لدرجة التضحية بالروح.. حتى احيانا لاجل اناس لا نعرفهم ولم نلتق بهم ...
هذه الغيرة المغموسة بسيل الحب وفيض المودة والحنين ..
هذه الغيرة التي تسامت على الجراح .. وفاقت ألم المآساة ..
هذه الغيرة التي زرعت ولا زالت البسمة على شفاه القلوب المنكوبة في لحظات عصيبة ..
هذه الغيرة التي صارت مضربا للمثل .. وسمة لكل المحافل حتى على امتداد ساحات الرياضة فالجميع بات يتحسس ان اللاعب العراقي يلعب بغيرته اكثر مما يلعب بمهارته ..
والاحداث المعاصرة والراهنة ابرزت عشرات من تلك الصور الرائعة ؛ ولا اريد ان اسردها فقد راها القاصي والداني ؛ والعدو شهد لها قبل الصديق ...
لكني ساقتصر على صور ثلاث هي عبارة عن مفاتيح لآلاف المواقف والقصص التي يجللها الفخر ويطرزها المجد ؛ وحريٌ ان تُعَلَّقُ على جبين الزمن عبر العصور.. رغم ما يسكنها من آسى وحزن ودموع .. لكنها اصبحت مبعث فخر لنا جميعاً ..
الصورة الاولى
هلاّ علمت بأن القتل يولدني ==أنا القتيل فيا مرحى بميلادي
يعلم الجميع ان العراق ابتلي بامتحان عصيب ؛ كانت واحدة من افرازاته المؤلمة ؛ محاولة اطفاء الربيع العراقي بجيوش المفخخات والانفجارات والقتل الجماعي ..
فما بقي عراقي الا وشهد او حضر او راى اوعاش تلك اللحظات القاسية التي تَعْقِب الانفجارات وما تخلفها من اماكن مدمرة واشلاء متناثرة واجساد مقطعة على الانقاض .. نفوس بريئة . أطفال .. نساء .. شَيَبة ..
ومع ان الاجراءات الامنية تتطلب الابتعاد عن المكان واخلائه خشية من ان يعقب ذلك انفجار ثانٍ .. وكثيرا ما حصل ذلك .. لكن ذلك لم يثن عزم العراقي من ان يهرع من بيت ومحل عمله ويتزاحم ويسابق رجال الانقاذ والشرطة ؛ ويضحي بنفسه وحياته وطاقته ويسخر كل ما لديه لانقاذ الارواح البريئة نالتها يد الغدر الجاهلي ؛ قلوبهم تبكي قبل العيون ؛ لكنهم يحبسون تلك الدمعة ؛ ويهرولون لانقاذ المصابين ويبحثون بين اكوام التراب والانقاض غير آبِهين بما يكون بعد ذلك ؛ وكثير ما حصل ان وقع انفجار آخر في ذات المكان .. ولكن الغيرة العراقية أبت الاّ أن تنسكب كبلسم يمسح تلك الآهات المتدفقة من تلك النفوس .
الصورة الثاني
يجود بالنفس ان ظنّ الجواد بها == والجود بالنفس أقصى غاية الجود
في حادثة جسر الائمة الاليمة عام 2005؛ يوم استشهاد سابع الائمة ؛ حيث كان الشيعة بمئات الالاف يزحفون نحو الضريح المقدس في الكاظمية ؛ في ذلك المكان المكتظ بالآف المحبين حصل ما حصل ووقع المئآت من جانبي الجسر في مياه دجلة .. وما ان سمع الغيور العراقي (عثمان علي العبيدي) وهو شاب في مقتبل العمر وهو من الاعظمية بالحادثة المروعة .. حتى هرع نحو النهر .. تسبقه روحه قبل كفيه نحو المياه وهو يسمع اصوات المستغيثين . فيرمي نفسه في الماء .
ويبدأ بانتشال الاحياء .. فأنقذ الاول . والثاني .. والثالث .. والرابع .. والخامس ..والسادس .. والسابع حتى أعياه التعب وخارت قواه .. ولم يبالي بما اصابه من الارهاق .. ونزل الى النهر بتلك الغيرة الراسخة والبطولة النادرة .. وفي غمرة محاولاته لانقاذ من يستطيع انقاذه .. ذهب الى ربه راضيا مرضيا.. ليسجل اسمه في سجل الخالدين ..
الصورة الثالثة
كما هو المعتاد في مدن العراق أيام محرم الحرام تقوم قوات الشرطة والجيش بحماية المواكب الحسينية من أعتداءات الارهابيين .. وفي ذلك الصباح العاشورائي حضر (بلال الصالحي) احد افراد الشرطة العراقية ومن الطائفة السنيّة مع اخوانه .. لحماية احد المواكب الحسينية .. واثناء مرافقته له .. لمح بلال شخصا ثقيل البنية يسير نحو الموكب فناداه بالتوقف وامره بالرجوع فلم ينتهي وحاول ان يدس نفسه بين الحشود .. وبعد ان تيقن انه انتحاري يريد تفجير الموكب .. ركض بلال نحوه وألقى بنفسه عليه وطرحه ارضا حتى اذا انفجر لا يؤذي المواطنين ويذهب وحده ضحيته .. وعندما آيس الانتحاري من الوصول الى غايته فجرّ نفسه الخبيثة .. فعرجت روح بلال بين تناثر جسده الى بارئها .. وكان قد عاهد نفسه ان لو رأى احدهم يروم تفجير الموكب ليضحينّ بنفسه لاجلهم .. وهذا ما حصل ...
(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا )
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي جعفر ابدعت في صياغة الكلمات
موضوع رائع جدااا
فعلا الغيرة العراقيه لامثيل لها
لايحملها سوى العراقي
تقبل مروري المتواضع اخي
دمت بحفظ الرحمن
بسم الله الرحمن الرحيم
اخي جعفر ابدعت في صياغة الكلمات
موضوع رائع جدااا
فعلا الغيرة العراقيه لامثيل لها
لايحملها سوى العراقي
تقبل مروري المتواضع اخي
دمت بحفظ الرحمن
أهلا بمرورك اختي رضا الله
وتعلمين ان ما كتبته هو دون الحقيقة بكثير
فما نراه على مدار الساعة من تلك الصور الايثارية
مثلما تبكينا فهي تفرحنا في ذات الوقت
لاننا نقرأ في تلك الوجوه الصابرة عبارة :: ان الدنيا لا زالت بخير
ربي يفرج همومنا وجميع شيعة أمير المؤمنين عليه السلام
اسعدني مرورك الكريم
وتقبلي ودي واحترامي
لكنني هنا أختلف معك كثيراً ,,, فما تطرحه هو حقيقة البلاء الذي ابتلينا به نحن العراقيون ,,
فنحن أصحاب تلك الصورة الواهمة الخيالية عن الشخص العراقي بغيرته التي تحرك المشتري و زحل و تستر الشمس متى ما يشاء رغم أنه لم يكن غيوراً بما فيه الكفاية ليتجنب ذبح و تهجير و أغتصاب عرض أخيه العراقي ,,
و بعقليته التي غزا بها الفضاء و استوطن سطح نجمة فيكا رغم أنه لا يزال يستورد الماء الصالح للشرب من الكويت و السعودية و لم يتدخل أبداً بتركيبة البنسلين أو معادلة قانون نيوتن للجاذبية ,,
و دينه الذي تستحي منه الملائكة رغم أنه يعيش في بلد هو الاول في الفساد الاداري و المالي في العالم ,,
نحن مميزون على مدى التأريخ بخذلان خلفاء الله بدئاً من علي و الحسن و الحسين مروراً بسلسلة المعصومين الذين قتلوا على أرضنا التي سبق و أن إستلبها أجدادنا العرب من سكانها الاصليين البابليين و الكلدانيين و الاشوريين ,,
و نحن في عرف الجيرة الاسوأ بين أمم الارض فأكفنا لا تزال ملطخة بدماء الكويتيين الذين استجاب شعبنا لنداء كلب العوجة ضارباً بعرض الجدار نداء القيم السماوية و الانسانية فراح يغتصب الارض و العرض و يزهق الارواح في بلد مسالم حجمه أصغر من محافظة متوسطة الحجم في العراق ,,
كما لم تجف أيدينا من دماء أخوتنا في التشيع الايرانيين الذين اجتاحت قواتنا بلادهم بأمر من نغل تكريت ,,
و الامر أن دماء بني وطننا من كورد و تركمان لا تزال بين أظافر الكثيرين ممن خدموا طاعة لبني صبحة ,,
و لعل ما لا يقبله المنطق الذي يحترم القيم الانسانية هو أننا كشعب أبدعنا بقتل أخوتنا في المذهب و العقيدة في الثورة الشعبانية الا إذا أطل علينا خبير بعلم الانثروبايلوجي ليقدم لنا إدلة على أننا تعرضنا لغزو من خارج المجموعة الشمسية ..
فارق كبير بين الاقدام على الموت دفاعاً عن قضية كما لو إن شعبنا ثار ضد النظام العفلقي معرضاً نفسه للأذى مرات و مرات دون يأس أو كلل و بين الموت حتف الانف بالمفخخات و اللاصقات و الكواتم ,,
و غريب أن نستذكر حادثة جسر الائمة بفخر و هي أحدى الهدايا التي قدمناها لأعدائنا عندما انهزم الملايين أمام نداء تخويف بوجود مفخخة ,فراح أقواهم يسحق بأقدامه أضعفهم حتى قتل الف زائر أما غرقاً أو سحقاً بأقدام أخيه العراقي الغيور ,,, و أما الأعظمي الغريق فيا ليت الحقائق تتوضح أكثر عن حقيقة وجوده بين الزوار الشيعة فوق الجسر و ما هو دور الحكومة آنذاك في تفخيم صورته لرأب الصدع في المجتمع العراقي ...
أخي جعفر ,,
لو توقفنا قليلاً و حاسبنا أنفسنا و قمنا بأحصاء سلبياتنا قبل أن نتخيل الايجابيات التي هي في الحقيقة عبارة عن أوهام لا مصداق لها لاستطعنا أن نتجنب كل سلبية إجتماعية و لأحدثنا طفرات في التقدم على جميع المستويات في حياتنا .. أما اذا بقينا نعيش حالة وهمية من التصورات التي لا أساس علمي أو واقعي لها فلسوف نبقى كشعب في تسافل حتى تنقلب لدينا القيم تماماً
لكنني هنا أختلف معك كثيراً ,,, فما تطرحه هو حقيقة البلاء الذي ابتلينا به نحن العراقيون ,,
فنحن أصحاب تلك الصورة الواهمة الخيالية عن الشخص العراقي بغيرته التي تحرك المشتري و زحل و تستر الشمس متى ما يشاء رغم أنه لم يكن غيوراً بما فيه الكفاية ليتجنب ذبح و تهجير و أغتصاب عرض أخيه العراقي ,,
و بعقليته التي غزا بها الفضاء و استوطن سطح نجمة فيكا رغم أنه لا يزال يستورد الماء الصالح للشرب من الكويت و السعودية و لم يتدخل أبداً بتركيبة البنسلين أو معادلة قانون نيوتن للجاذبية ,,
و دينه الذي تستحي منه الملائكة رغم أنه يعيش في بلد هو الاول في الفساد الاداري و المالي في العالم ,,
نحن مميزون على مدى التأريخ بخذلان خلفاء الله بدئاً من علي و الحسن و الحسين مروراً بسلسلة المعصومين الذين قتلوا على أرضنا التي سبق و أن إستلبها أجدادنا العرب من سكانها الاصليين البابليين و الكلدانيين و الاشوريين ,,
و نحن في عرف الجيرة الاسوأ بين أمم الارض فأكفنا لا تزال ملطخة بدماء الكويتيين الذين استجاب شعبنا لنداء كلب العوجة ضارباً بعرض الجدار نداء القيم السماوية و الانسانية فراح يغتصب الارض و العرض و يزهق الارواح في بلد مسالم حجمه أصغر من محافظة متوسطة الحجم في العراق ,,
كما لم تجف أيدينا من دماء أخوتنا في التشيع الايرانيين الذين اجتاحت قواتنا بلادهم بأمر من نغل تكريت ,,
و الامر أن دماء بني وطننا من كورد و تركمان لا تزال بين أظافر الكثيرين ممن خدموا طاعة لبني صبحة ,,
و لعل ما لا يقبله المنطق الذي يحترم القيم الانسانية هو أننا كشعب أبدعنا بقتل أخوتنا في المذهب و العقيدة في الثورة الشعبانية الا إذا أطل علينا خبير بعلم الانثروبايلوجي ليقدم لنا إدلة على أننا تعرضنا لغزو من خارج المجموعة الشمسية ..
فارق كبير بين الاقدام على الموت دفاعاً عن قضية كما لو إن شعبنا ثار ضد النظام العفلقي معرضاً نفسه للأذى مرات و مرات دون يأس أو كلل و بين الموت حتف الانف بالمفخخات و اللاصقات و الكواتم ,,
و غريب أن نستذكر حادثة جسر الائمة بفخر و هي أحدى الهدايا التي قدمناها لأعدائنا عندما انهزم الملايين أمام نداء تخويف بوجود مفخخة ,فراح أقواهم يسحق بأقدامه أضعفهم حتى قتل الف زائر أما غرقاً أو سحقاً بأقدام أخيه العراقي الغيور ,,, و أما الأعظمي الغريق فيا ليت الحقائق تتوضح أكثر عن حقيقة وجوده بين الزوار الشيعة فوق الجسر و ما هو دور الحكومة آنذاك في تفخيم صورته لرأب الصدع في المجتمع العراقي ...
أخي جعفر ,,
لو توقفنا قليلاً و حاسبنا أنفسنا و قمنا بأحصاء سلبياتنا قبل أن نتخيل الايجابيات التي هي في الحقيقة عبارة عن أوهام لا مصداق لها لاستطعنا أن نتجنب كل سلبية إجتماعية و لأحدثنا طفرات في التقدم على جميع المستويات في حياتنا .. أما اذا بقينا نعيش حالة وهمية من التصورات التي لا أساس علمي أو واقعي لها فلسوف نبقى كشعب في تسافل حتى تنقلب لدينا القيم تماماً
أخي العزيز الرجل الحر
تحية لك واحتراما
شكرا على حضورك الطيب وتعليقك المهذّب
وايضا كونك وضعت يدك على الجرح هنا ~
ولكن يا أخي كل تلك السلبيات التي ترشحت في هذه الفترة
ما هي الا نتاج لسياسات هوجاء للحومات المتعاقبة
وتداخل المصالح الدولية والاقليمية في تحريك الاحداث
....
وحتما هناك اخطاء وسلبيات بدرت من هنا وهناك ،،
ولكني لو لاحظت بدات بـ ( انا عراقي .. اذا أنا حسيني)
فكان حديثي عن ذلك العراقي الذي يضحي بروحه لاجل الاخرين
وهذه الصورة كثير ما تكررت عندنا ،
ومرة اخرى اشكر مرورك الكريم
مع ودي واحترامي لك اخي