حلفاء أمريكا أعداء للشيعة قانون في السياسة
القانون هنا مصطلح علمي لا قانوني، ويقصد به ما دل على الظواهر الثابتة أو العلاقات المؤكدة بين ظواهر، ومن خواصها الثبات وامكانية البرهنة على صحتها، وأبرز مثال عليها قانون الجاذبية، يقولون لا توجد قوانين في السياسة، ولا في كل ما تعرف بالعلوم الاجتماعية أو الإنسانية من اقتصاد واجتماع وعلم نفس وتاريخ وغيرها، لماذا؟ لوجود العنصر البشري وما يؤثر في قراراته وسلوكه من معتقدات وقيم وأهواء، تتباين من ثقافة إلى أخرى، بل ربما من فرد لآخر.
حلفاء أمريكا أعداء للشيعة هو في الأساس افتراض حتى تثبت صحته بالمطلق، ومن دون استثناءات جوهرية تجعلنا نشكك بصحته، وبالتالي نرفض اعتباره قانوناً في السياسة، فلو تبين وجود دولة أو كيان سياسي حليف لأمريكا وصديق للشيعة في نفس الوقت لكان ذلك كافياً لرفض اعتبار العلاقة قانوناً.
هنالك شرطان يجب توفرهما في الحالات المشمولة بعينة هذا البحث، أولهما العقلانية اي أن تتوفر صفة العقلانية في الحكومة، وبالتالي تستثنى من عينة البحث النظم اللاعقلانية مثل نظام القذافي، أو ما تبقى منه على الأقل، اما الشرط الثاني فهو أن تكون للدولة أو الكيان السياسي الحرية في اتخاذ قرارته ومواقفه، أي أن لا تكون الحكومة أو الكيان تحت سيطرة محتلين، وعلى هذا الأساس تستثنى الحكومة العراقية والكيانات السياسية الراضية بالإحتلال الأمريكي.
كل حلفاء امريكا في منطقتنا هم أعداء الشيعة، أولهم السعودية، ولسنا بحاجة لتسريبات ويكليكس للتأكد من عداءها للشيعة، وتعتبر حكومة آل سعود الشيعة ألد اعداءها، وعداؤها لهم ثابت، ويسري هذا على كل الشيعة، أفراداً وجماعات وتنظيمات وحكومات وشعوباً، ولا اظن أحداً ينكر هذه الحقيقة.
حكومة البحرين حليفة امريكا وعدوة الشيعة، قمعت مظاهراتهم السلمية وقتلت العشرات منهم وزجت بالألاف منهم في السجون، حيث يعذبون وتنتهك حقوقهم المدنية، وأمريكا راضية بذلك، بل هي شريك كامل لحكومة البحرين وحلفاءها الخليجيين في اضطهاد الشعب البحريني.
حكومة الأردن، الحليف التاريخي لأمريكا، عدوة للشيعة، وهي تجاهر بذلك في مواقفها العملية وتصريحاتها، وآخرها التحذير من خطر الهلال الشيعي والتعاون الأمني مع حكومة البحرين.
كان النظام المصري في أيام حسني مبارك صديقاً لأمريكا وعدواً للشيعة، وكذلك نظام الرئيس اليمني علي صالح الموشك على الزوال.
لا يوجد أصدقاء للشيعة في حكومة تركيا، وهي دولة صديقة وحليفة لأمريكا، من الواضح بأن التركي أردوغان مهتم جداً بتغيير النظام السوري لكنه غير مكترث لما يحدث في البحرين، التي تظاهرت فيها الغالبية العظمى من الشعب مطالبة بإصلاحات دستورية لا أكثر، وقد كشفت تسريبات ويكيليكس ضلوع الحكومة التركية في تسهيل وصول الإرهابيين السلفيين إلى العراق، الذين قتلوا الألاف من الشيعة العزل، كما استضافت تركيا مؤتمرات واجتماعات لأحزاب وشخصيات عراقية متهمة بحماية الإرهاب.
كل دول أوروبا الغربية الأعضاء في حلف الناتو أعداء للشيعة، والدليل موقفها الموحد تجاه ثورة البحرين، فقد ساندت الحكومة ضد غالبية الشعب، واحجمت حتى عن توبيخ الحكومة البحرينية، خلافاً لموقفها من ليبيا حيث تساعد جانباً من الشعب ضد الحكومة ومؤيديها، وترسل يومياً طائراتها الحربية لقصف قوات القذافي وسكنه ومقرات حكومته، هي إذاً معادية للشيعة.
في لبنان أيضاً كل حلفاء أمريكا هم بالضرورة ناقمون على الشيعة في لبنان وغيرها، ولا يقيمون أي وزن لفضل الشيعة عليهم في تطهير بلادهم من الاحتلال الصهيوني، بل هم يتمنون لو فتك الصهاينة بالشيعة.
كل حلفاء امريكا هم أعداء للشيعة، ولا يستدعي ذلك أن يكون العكس صحيحاً، أي أن كل أعداء الشيعة هم حلفاء لأمريكا، ومنظمة القاعدة الإرهابية عدوة للشيعة ولأمريكا في نفس الوقت، أو هكذا يبدو، وإن كان البعض يظنون بأن أصابع أمريكية تديرها في الخفاء، ولكن المؤكد هو أنها لولا الفتاوى والتمويل السعودي لاضمحلت القاعدة منذ سنين، فلم لا تضغط الحكومة الأمريكية على السعودية لوقف دعمها المعنوي والمالي السخي للقاعدة؟
تعادي أمريكا كل الشيعة، حتى أولئك الذين وثقوا بشعاراتها ووعودها، وبالذات بعض الحركات الشيعية العراقية وأتباعهم، فقد استقدمت أمريكا الإرهابيين للعراق، وأفسحت لهم المجال لقتل الشيعة العزل وتدنيس مقدساتهم، واستخدمتهم كورقة ضغط لفرض ما يسمى بالديمقراطية التوافقية والمصالحة الوطنية على الغالبية الشيعية، ولا فرق بين ما يحدث في البحرين اليوم وما حدث بالأمس في العراق سوى أن الإرهابيين في البحرين يرتدون البزات العسكرية السعودية.
هناك سببان رئيسيان لعداء أمريكا للشيعة، هما العدل ورفض الهيمنة، فالعدل في مذهب الشيعة وعلى خلاف السنة ركن من أركان العقيدة، وهذا يفرض عليهم الوقوف مع المظلومين، سواءً كانوا شيعة أو حتى غير مسلمين، وهذا يفسر موقفهم المساند للقضية الفلسطينية، ويعارض الشيعة الهيمنة والتسلط على اسس عقائدية أيضاً وبسبب تعرضهم للإضطهاد على مدى التاريخ، فهم يرفضون الهيمنة الخارجية، لأمريكا حالياً ومن قبلها بريطانيا والعثمانيون وغيرهم، ولنفس الأسباب يناهضون تسلط الحكام، مثل صدام وآل سعود وآل خليفة وغيرهم.
بالنتيجة يمكن القول بأن كل حلفاء أمريكا هم بالدليل المادي والحسي ومن دون استثناءات أعداء للشيعة، وهو استنتاج يرقى إلى مرتبة قانون في السياسة، لذا فعلى الشيعة الذين يرون في أمريكا حليفاً وصديقاً لهم أن يعيدوا النظر في مواقفهم لأنهم في الواقع يتحالفون مع أعداءهم.
19 نيسان 2011م