الوفاء ... مابين مطرقة العدم... وسندان النسيان..
مدخل
قال لي ذات مساء :مارأيك برحلة خيال لطيفة
سريعة خفيفة تعود النفس منها بانتشاء وسعادة ونقاء ..
رحلة خارج المألوف والمعقول .. ؟؟
هتفت لم لا ؟ نعم نعم وكم سعادتي كم !!!
معًا في الخيالِ أبحرنا وسافرنا .. للسيارة ركبنا .. وفي البحر جدفنا ..
وإلى الصحراء سرنا ...وفيها بتنا ...وضحكنا وأكلنا ثم عدنا ...
اليوم بعيدا عنه ستكون رحلتي ..
ستخلو من ذئب الصحراء .. وقرش الأمواج الهوجاء .. ومن ظلال الأشجار الورقاء ..
ستكون رحلة الوفاء بحثا عن الوفاء
و جربنا و جرب أولــونا ***فلا شيء أعز من الوفاء
غاضَ الوفاء وفاض الغدر وانفرجت **** مسافة الخلف بين القول والفــعـلِ
قرأتُ يوما : " الوفاء حكاية شيخ هرم وعد أحفاده أن يروها لهم غدا في المساء ...
وفي الصباح قبله كانت النهاية مات صاحب الحكاية قبل البداية ..
وبقي الأحفاد يبحثون وعن الوفاء يثرثرون ... فماعرفوا له مكانا ولا وجها ولا زمانا ..."
ركبت قارب الخيال في بحار الواقع والحقيقة... وأبحرت في أمواج الحياة ...لأرسو على شواطئ القلوب.. وسواحل العقول ...وعلى موانئ المشاعر
1...
رأيت أما تغزل خيوط الرجاء...قلبها يشكو أوجاع النوى..وبنار الهجر قد اكتوى..ذاق سما حتى ارتوى..تنتظر ذاك الغائب ..تبحث عن قلب ابنها..عن فلذة كبدها..فتجده خارج حدود زمانها ..
2...
رأيت أبا يلتحف الصبر..رجلا يتجرع القهر..
يحرك أنامله..يسبح يهلل ..يبقى في مصلاه..
يدعو رباه..يسأله أن يحنو ابنه..أن يلقى سنده..
ويبقى يعيش الألم ويشكو الجفاء ..
3 ...
رأيت طفلا يتعلم أبجديات الحرف..يلبس الخوف..
يعيش الوحدة..تؤلمه الفرقة..
يطلب الأبو الأمان..يريد الأم والحنان..
يخنقه حر الهجير..ويلتحف صقيع الزمهرير ..
ويعيش جفاء الأب وبعد الأم ..
رأيت الطلاق رأيت الفراق..رأيت الصدود رأيت السدود ..
4...
رأيت صديقا ملّ الصمت ..عاش الكبت..
أعطى بسخاء..صدقا وعطاء..ومازال يعيش الأمنية
أن تشرق شمس الوفاء ..في ظلمة غدر وجفاء..
آهٍ ثم آهٍ ثم آهٍ..
من جفاء باتت العين تراه..
طالت الرحلة ..
ورأيت شيخا جليلا ..
فهتفت مهلا قليلا ..
هبني شيئا من بهاء عقلك...
وامنحني نزرا من صفاء قلبك ..
تعبتُ فأين الوفاء؟
فردّ لاتعبث ولاتتعب بالبحث عنه..
هو هناك ولن يكون إلا هناك..
هو هناك في قلوب الأنقياء ..
في قلوب الأتقياء..حيث الصفاء والنقاء..
وحينها أدركت شهرزاد الصباح وسكتت عن الكلام المباح ...
وأدرك الوفاء القهر فسكتت عن النثر ...وعادت أدراجها إلى البحر