|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 74809
|
الإنتساب : Oct 2012
|
المشاركات : 49
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
علي الكويتي
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 20-10-2012 الساعة : 08:10 AM
نص كلمة أمير الكويت
«بسم الله الرحمن الرحيم (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) صدق الله العظيم. بسم الله أستعين به وأتوكل عليه. وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخواني وأبنائي الأعزاء أحبائي أبناء وبنات وطني:
لقد تابعت كما تابعتم ما شهدته ديرتنا الحبيبة في الآونة الأخيرة من أحداث، كانت ومازالت مبعث حزن وألم وقلق شديد لي ولكم جميعا بغير شك. أقول الحزن. لما أراه من نذر فتنة هوجاء توشك أن تعصف بوطننا وتقضي على وحدتنا وتشوه هويتنا وتمزق مجتمعنا وتحيلنا إلى فئات متناثرة وأحزاب متناحرة وطوائف متعارضة وجماعات متضاربة كل واحدة تتربص بأختها تناصبها الشر والعداوة والبغضاء... أرى ذلك وأتساءل متعجبا... هل هذه هي الكويت؟... التي كانت مثالا للتلاحم والتراحم والتكافل. وكان أهلها إذا أصابت أحدهم محنة تداعى الجميع لنجدته ومساعدته بالجهد والمال حتى يخرج من محنته ويقف على رجليه. وأقول الألم: لما أراه من إسفاف مقيت في لغة الخطاب وانحدار مشين في أخلاقيات التعامل والعمل العام، وخروج صارخ على القيم الموروثة والآداب المعهودة ومجافاة لقوله تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) ودعوة رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) حيث قال «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه»،
وخاصة عندما يصدر ذلك من أناس يفترض أن يكونوا قدوة حسنة لمن سواهم. أرى كل ذلك وأتساءل متعجبا هل هكذا أهل الكويت المشهود لهم بعفة اليد واللسان بما جبلوا عليه من صدق الانتماء والولاء للوطن والتمسك بثوابتهم الوطنية بما عرف عنهم من السماحة والرقي والاعتدال وحرص على قيم الاحترام ومراعاة مشاعر الآخرين. أما القلق: فعلى مصير ديرتنا ومستقبل أحفادنا إذا ظل هذا شأننا واستمر بأسنا بيننا... لقد عاشت الكويت مئات السنين واحة أمن وأمان واستقرار بلدة طيبة ورب غفور وعاش أهلها في حرية وتعاون وتراحم رغم شظف العيش وقسوة الطبيعة. والآن وقد أفاء الله علينا بفيض نعمه وأغدق علينا بنعيم فضله، هل نترك لأجيالنا القادمة دولة آمنة مستقرة مزدهرة تعيش في أمن ورخاء أم نترك لهم مجتمعا ممزقا متناحرا محروما من الأمن والأمان والرخاء هل نسلم الراية لمن بعدنا عالية خفاقة أم ممزقة مجرحة مهلهلة؟
إخواني وأبنائي:
هذه حالنا اليوم نمسي على أزمة ونصبح على أزمة أخرى نخرج من مشكلة لندخل في مشكلة أخرى. الشعوب تتحرك والدول تتقدم ونحن جامدون نراوح في مكاننا إن لم نتراجع إلى الوراء. نعم هناك قصور وهناك إخفاقات تشوب العمل في العديد من الأجهزة الحكومية كما هو الحال في دول أخرى، ولكن كيف السبيل إلى الإصلاح؟... وهذه المشاكل المصطنعة والأزمات المفتعلة لا تبقي للمسؤولين جهدا ولا تذر لهم وقتا لمواجهة الأخطار الخارجية المحيطة بنا، أو معالجة الأخطاء التي تعرقل تقدم مسيرتنا إلى اللحاق بالركب الحضاري العالمي، وتحقيق التنمية الشاملة والإصلاح الكامل والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه والارتقاء بالخدمات العامة من صحة وتعليم وكهرباء ومياه وإسكان وطرق إلى المستوى الذي يليق ببلدنا وشعبنا وإيجاد آلاف فرص العمل لشبابنا الذين يستقبلهم سوق العمل كل عام.
إخواني وأبنائي:
من المؤسف والمؤلم أن هذه الأزمات التي تشل بلدنا وتهدد أمننا وتعطل أعمالنا هي من صنع نفر من أبنائنا، توسمتم فيهم خيرا وعقدتم عليهم الأمل ليشاركوا في مسؤولية مسيرتنا الوطنية متعاونين مع إخوانهم في الحكومة نحو غد أفضل لبلدنا ومجتمعنا. ولكن هناك من يتعمد وضع العصي في الدواليب وعرقلة المسيرة يصر على فرض إرادته ورأيه على الجميع محاولا تكريس قيم ومفاهيم غريبة على مجتمعنا، ممعنا في التطرف والتهور يرفض الحوار ويلغي الآخرين ويوزع صكوك الوطنية ويطلق وصايته المطلقة على الدستور، منتهكا جميع الثوابت والأعراف الوطنية الراسخة، لا يريد التفاهم ولا يقبل التوافق، يتخذ من الشوارع والساحات منبرا للإثارة والشحن والتحريض، ويحاول دفع الشباب نحو منزلقات الضياع والضلال، غير عابئ بأمن البلاد وسلامة أهلها.
ليعلم الجميع أن الكويت دولة قانون ومؤسسات نظام الحكم فيها ديموقراطي يسودها القانون. قضاؤها مستقل. يحكمها الدستور الذي ينص على «فصل السلطات مع تعاونها. السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقا للدستور والسلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور والسلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير وفي حدود الدستور». وقد أثبتت الأيام أن قضاءنا مستقل مشهود له بالأمانة والنزاهة. ويجب ألا نتوجس خيفة من نعمة الاختلاف في وجهات النظر حول مختلف المسائل الوطنية، غير أن صلاح الاختلاف قائم على ايجابية الحوار والالتزام بآدابه والارتقاء بأساليبه والرغبة الصادقة في إيجاد أفضل الحلول، بعيدا عن أجواء الشحن والإثارة ومظاهر الإقصاء والتخوين، حريصين على تحصين ثوابتنا والنأي بها عن تبعات السجالات السياسية ومزالقها. هذا هو التعامل الحضاري الراقي وهذه هي قيم وتراث المجتمع الكويتي التي تكفل التوصل إلى الكلمة السواء التي تحفظ أمن الوطن وتحقق مصلحته وتصون ثوابته.
إخواني وأخواتي وأبنائي:
لا حاجة للتأكيد بأن إيماننا بالنهج الديموقراطي ثابت لا حياد عنه، وأن التزامنا بالدستور راسخ لا تردد فيه، وأن المجتمعات الواعية الحية هي التي تستفيد من أخطائها وتصحح مسيرتها وتتجاوز عثراتها وتتعظ من تجارب غيرها وتختار ما يناسبها ويتفق مع معطياتها وظروفها وإمكاناتها وتطلعاتها. وقد جاء القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية مستهدفا معالجة السلبيات التي شابت النظام الانتخابي السابق عن طريق تقليص عدد الدوائر الانتخابية وزيادة القاعدة الانتخابية بكل دائرة. ولئن تحققت بعض الجوانب الإيجابية لهذا النظام التي لا يمكن إغفالها، إلا أن المتابع لآثار ونتائج التطبيق العملي لهذا النظام عبر ثلاثة مجالس نيابية متعاقبة يلحظ جملة من الاختلالات والأمراض التي شابت جميع تلك المجالس، وباتت تشكل خطرا جسيما على وحدتنا الوطنية وتهدد أمننا الوطني وتخل بثوابتنا وقيمنا فأدت إلى تفشي العصبيات الفئوية والاصطفاف القبلي والطائفي على حساب الولاء للوطن وبروز التحالفات المصلحية البعيدة عن مصلحة الوطن، إلى جانب الإقصاء الدائم للعديد من الشرائح الاجتماعية عن التمثيل البرلماني.
وانطلاقا من المسؤولية التي استشعرها تجاه ما يهدد مصلحة البلاد حاضرا ومستقبلا، فقد كان لديّ هاجس دائم ورغبة جادة في تحقيق الإصلاح المنشود لنظامنا الانتخابي القائم وتصحيح ما يشوب الممارسة البرلمانية من عيوب ومثالب. وقد أكد قناعتي ما لمسته خلال لقاءاتي العديدة مع شرائح واسعة من الأخوة المواطنين من انتقاد للنظام الانتخابي وعلى الأخص ما يتصل بآلية التصويت فيه، بما أسفر عنه من نتائج تجافي العدالة والتمثيل الصحيح لأطياف المجتمع الكويتي في البرلمان ومساس مرفوض بوحدتنا الوطنية، وانعكاس كل ذلك على أداء المجلس وانحرافه في أداء مهامه ومسؤولياته. وقد أصبح إصلاح الوضع استحقاقا وطنيا حتميا تستوجب الضرورة مواجهته ومعالجته بالسرعة اللازمة، إلا أن ما أثاره مؤخرا العديد من الخبراء الدستوريين والمتخصصين حول عدم دستورية النظام الانتخابي القائم،وما اتصل به من شبهات قد استوقفني عن إجراء التعديل اللازم، تجنبا لما قد يؤدي إلى فوضى قانونية وإرهاق سياسي إذا ما حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته. واليوم وبعد أن أصدرت المحكمة الدستورية حكمها الحاسم الذي يسمح بإجراء التعديل الضروري اللازم للنظام الانتخابي فقد استخرت الله جل وعلا وتحملا لمسؤوليتي أمام الله ثم أمام أهل الكويت الأوفياء.
واستجابة للضرورة الملحة التي استوجبت اللجوء لاتخاذ هذا القرار بما لا يسمح بأي تسويف أو تأجيل وتفعيلا لسلطاتي الدستورية فقد وجهت الحكومة بحتمية صدور مرسوم بقانون لإجراء تعديل جزئي في النظام الانتخابي القائم يستهدف معالجة آلية التصويت فيه، لحماية الوحدة الوطنية وتعزيز الممارسة الديموقراطية ويحقق تكافؤ الفرص والتمثيل المناسب لشرائح المجتمع، مؤكدا ثقتي بأن يتناول مجلس الأمة المقبل مراجعة هذا القانون مراجعة شاملة، بما تستوجبه الضرورة من معالجة الجوانب السلبية الأخرى التي تشوبه تحقيقا للغايات الوطنية المنشودة فلن يعذرنا التاريخ إن تهاونا أو تراخينا في مواجهة ما يهدد وطننا من مخاطر ومحاذير.
وفي هذا الإطار وحرصا على دفع عجلة الإصلاح فقد وجهت الحكومة أيضا الى اعداد مرسوم بقانون بانشاء اللجنة الوطنية للانتخابات وتنظيم الحملات الانتخابية لضمان نزاهة العملية الانتخابية، ومرسوم بقانون في شأن نبذ الكراهية وحماية الوحدة الوطنية ومرسوم بقانون بشأن مكافحة الفساد وهي في طريقها للصدور.
إخواني وأخواتي أبنائي وبناتي:
إن عظم المسؤولية وثقل الأمانة والثقة الغالية لأهل الكويت الكرام تقتضي منا الكثير من الجهد والصبر والحكمة. وإنني على يقين ثابت بأنكم تعلمون تماما بأن ما يحكم أعمالنا وتوجهاتنا واجتهاداتنا هو مصلحة الكويت وأهلها أولا وأخيرا. ولذا فإنني أتحدث من موقع المسؤولية أخاطبكم كأب مسؤول عن أسرته وأبنائه. فكل الكويتيين أبنائي وكل كويتي لبنة مهمة في بناء صرحنا الوطني المتماسك، ولن أقبل أن يمس أي منهم ضرر أو سوء، وقبل ذلك لن أسمح بأي شر يطول كويتنا الغالية وينال من أمنها الوطني واستقرارها وسلامة وأمن أهلها الأوفياء. إن من أولى واجباتي أن أعمل للحفاظ على أمن الوطن واستقراره وتعزيز وحدتنا الوطنية،
وهي مسؤوليتي أمام الله ثم أمام أهل الكويت الأوفياء الذين أقدر ثقتهم الغالية، وهي مسؤولية وطن وثقة شعب في أن تظل الكويت دائما الحصن الحصين والملاذ الخالد نبذل الروح لحمايتها، ونضحي بالغالي والنفيس من أجل سلامتها ووحدتها ورفعتها. إن هناك خطا فاصلا يتوجب على الجميع إدراك أبعاده واحترام حدوده يفرق بين الخير والشر، وبين الحرية والفوضى، بين النصيحة الصادقة والبذاءة والتجريح، وبين سيادة القانون وشريعة الغاب، بين الحراك الايجابي البناء وبين الانقياد وراء معاول الهدم والتخريب. ويفصل كذلك بين التسامح والحلم والحكمة، وبين التهاون والضعف والتسيب. ان التهاون ازاء الانحرافات المهلكة والمدمرة تحت أي مبرر إخلال بالمسؤولية وتفريط بالأمانة والثقة الغالية لا مجال لقبوله والسماح باستمراره، وسيكون صوت القانون عاليا وحازما في التصدي لأي ممارسات يجرمها القانون وتمس أمن البلاد والمواطنين وثوابتها الوطنية، ولن يكون أحد فوق القانون. وعلى الجميع تقع مسؤولية تحكيم العقل والحكمة وتغليب المصلحة الوطنية العليا على بقية المصالح، لنعبر بوطننا إلى بر الأمان. وأعاهدكم بأن تبقى كويتنا الغالية واحة الأمن والأمان دولة القانون والمؤسسات ملتزمة بثوابتها الوطنية وبقيمها الحضارية قادرة على مواجهة أعباء الحاضر وتحديات المستقبل بسواعد أبنائها البررة يعملون متكاتفين متعاونين رائدهم دائما مصلحة الكويت أولا وأخيرا.
هي دعوة خالصة من القلب أقولها بكل صدق وجد: اتقوا الله في الكويت أمكم وديرتكم. اتقوا الله في أهل الكويت ابائكم وإخوانكم. اتقوا الله في أجيال الكويت القادمة أبنائكم وأحفادكم. اتقوا الله في أنفسكم. لا تأخذكم العزة بالإثم. انظروا للمستقبل ودائما وأبدا ضعوا مصلحة الكويت فوق كل اعتبار وهي تستحق منا كل جهد وتضحية.
ولكننا لن نقبل أبدا بتهديد أمن الكويت وإرهاب أهلها وتعطيل مسيرتها.
- لن نقبل بفوضى الشارع وشغب الغوغاء أن تشل حركة الحياة والعمل في البلاد.
- لن نسمح لبذور الفتنة أن تنمو في أرضنا الطيبة.
- لن نقبل بثقافة العنف والفوضى أن تنتشر بين صفوف شعبنا المسالم.
- لن نقبل بتضليل الشباب المخلصين بالأوهام والافتراءات.
- لن نقبل باختطاف إرادة الأمة بالأصوات الجوفاء والبطولات الزائفة.
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا سواء السبيل، وأن يؤيدنا بتوفيق من عنده وأن يعصم قلوبنا عن الأهواء، وأن يحفظ وطننا من كل سوء ومكروه. اللهم عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
|
|
|
|
|