حزب الفضيلة ومنطلقاته لعمليات الاستجواب
علي الكتبي
حزب الفضيلة الاسلامي فكريا ينتمي الى مدرسة الصدرين الشهيدين ووريثهما فكريا الشيخ محمد اليعقوبي وهي مدرسة حركية واعية جريئة غيرت مسار الاحداث في العراق
ومواقف الشهيدين الصدرين سطرها التاريخ باحرف من نور وكذلك مواقف الشيخ محمد اليعقوبي التي عبرت عن وعي وفكر راقي جدا ومتزن ويصب في خانة الاعتدال الايجابي ولا يمكن لنا ان ننسى تلك الخطابات والبيانات المفصلية التي يعرضها كعلاجات لمشاكل العراقيين في جميع الازمات بل رأينا سماحته متابعا حتى لمشكلة بعض الايتام تعرضها قناة تلفزيونية كخبر لكنه لم يتعامل معه كذلك بل اعتبره مسؤولية شرعية ووطنية فعمد الى حل هذه المشكلة والتي قد لا يلحظها غيره .
وحين يطالب ابناء هذا الخط باستجواب الوزراء والمسؤولين الفاسدين والفاشلين والذين تتستر عليهم مافياتهم الحزبية والدولية وامبراطورياتهم الاعلامية .. لايعد هذا الموقف من ابناء الفضيلة الا موقفا طبيعيا ومتوقعا لما سنذكره تاليا وما لم تسعفنا الذاكرة في بيانه ..
حزب الفضيلة الاسلامي اول من قاد مظاهرة تطالب بأن يحكم الشعب نفسه بنفسه من خلال الانتخابات الحرة بعد 9\4\2003 تعد حقيقة تأريخية لايمكن لاحد انكارها . كما انه يعد اول الاحزاب التي اعترضت وبشدة على انتهاكات سلطة الاحتلال ومن بعدها مجلس الحكم الذي كانت تتقاسمه احزاب الديمقراطية والقانون اليوم عن طريق تقبيل يد الاحتلال ونسيان شئ اسمه العراقيين .
هو الخط الذي حرك اكبر مظاهرة شهدتها ساحة الفردوس بعد 9\4 وكذلك هو الخط الذي غير تأريخ المحافظات الجنوبية بمظاهراته الحاشدة المطالبة بحكم الشعب لنفسه وانتهاء وصاية المحتل وهيمنة من نصبهم , ولايمكن حذف ماجرى من بسالة لهذا الخط في محافظة ذي قار عندما اجبر ابنائه من تخندق خلف الايطاليين في بناية المجلس البلدي على الاعتراف بحق الناس في حكم انفسهم وانهى سلطة كاريزمات الخارج وميليشيات العشائر واللتان حظيتا بدعم مفرط من ( الصديق ) الايطالي .
كما انه كان من القلائل الذين رفضوا الولوغ في دماء الناس من خلال الميليشيات في بغداد وجميع المحافظات.
كان هذا الخط المرجعي وسطي المنهج والسلوك وصاحب الاطروحات المتوازنة والواقعية بين عشرات الطروحات الناشزة والغريبة والطفولية .
كما يعد حزب الفضيلة الاسلامي اول من اقال وزيرا يعمل باسمه رغم انه لاينتمي اليه وقد فرضه الائتلاف عليه لانه خالف شروط التمثيل ولم يقم بتطوير وزارته وبناء مصافي النفط الوطنية التي اصر عليها الحزب كشرط لقبول الوزير ممثلا له ليعود الائتلاف بعدها ويعين هذا الوزير ( ابراهيم بحر العلوم ) مساعدا للشهرستاني في وزارة النفط !
وكذلك اصر الحزب حينها على تعيين خريجي المعاهد والكليات التخصصية النفطية رغم رفض الحكومة انذاك بل عمد الحزب الى تثبيت جميع اصحاب العقود المؤقتة في دوائر الوزارة لانتشالهم من حالتهم المادية الصعبة حيث بقوا لسنين يعملون دونما هوية ثابتة ودونما حقوق ! ولعلها المرة الاولى والاخيرة في الوزارة حيث قام الشهرستاني بعد ذلك بايقاف حتى تعيين الخريجين ( سوى بعض الاوائل واصحاب الواسطات !! )
وكذلك كان الحزب اول رصاصة في قلب الطائفية حين خرج عن الائتلاف الموحد متهما لقادته بالهيمنة والطائفية فكفره الائتلافيون لكنه اثبت بعدها صحة موقفه لنشهد بداية النهاية لجميع الكيانات الطائفية والتي لم يجرؤ المنتمون اليها على تركها فمهد لهم ابناء الفضيلة الطريق بشجاعتهم وجرأتهم
وكان حزب الفضيلة الاسلامي شجاعا حين عبر عن موقفه المتزن في دعم دولة القانون وفي نفس الوقت الذي اوضح فيه بجلاء رفضه لكل اشكال الاعتقالات التعسفية وركاكة بعض الاجهزة الامنية وانتمائتها الميليشاوية
وكان صاحب الخطوة الاولى والجدية في مساعي وقف اطلاق النار في المحافظات العراقية بين قوات الامن والمتصادمين معها حفظا لدماء الناس واموالهم واطفاءا لفتنة الاقتتال الداخلي فذهب في مسعاه هذا بعض ابنائه بين شهيد وجريح وقضية الشيخ صادق الخاقاني مثال ذلك
وفقد الفضيلة ثلة من ابنائه الذين حاربوا الفساد والمفسدين او رفضوا التعاون معهم اما من خلال تصفية الميليشيات الامنية والعصائبية لهم او بطردهم ونقلهم عن وظائفهم
وهو الحزب الاول والوحيد الى الان الذي عرض ذمم اعضاءه المالية لهيئة النزاهة مؤسسا وفاتحا الباب لغيره كما هي عادته
وكانت كتلة الفضيلة البرلمانية دائما صاحبة موقف الانصاف والاتزان والانتصار للقانون والعراقيين من خلال مواقفها المعتدلة والمنسجمة مع الروح الوطنية
فانا لازلت اتذكر تحفظهم على احد القوانين الخاصة بالاعمار لانه خالف الشريعة الاسلامية وبالتالي خالف الدستور العراقي الذي لايجوز سن قانون يخالف الشريعة عندما احتوى القانون على فقرة تفرض الغرامة على من يخطأ في اتمام مشروع – وهي قضية تعود المقاولون عليها بمخالفة المواصفات ودفع غرامات رمزية – بينما يرى الشرع ان من كسر كسرا فعليه جبره فرحب رئيس البرلمان بموقفهم هذا الذي مر على رئيس اللجنة القانونية في البرلمان وهو احد اعضاء الكتل الاسلامية ! ولكنه لم يمر على ابناء الفضيلة ( رغم ان القانون اصرت على امضائه بعض الكتل الاسلاموية )!
وكذلك كان موقفهم من الاتفاقية الامنية العراقية الامريكية من اجمل واقوى المواقف الوطنية والذي بنوه على اساس واقعية الاحتلال ومبدأ السيادة والاستقلال وسلطة القانون العراقي فكان تحفظهم على الفقرات التي تنتقص السيادة العراقية او التي تفتح بابا للماطلة من الجانب الامريكي تحفظا مدروسا ووطنيا
وبقاء هذا الحزب بعيدا عن دوائر المخابرات المجاورة او الدولية في التمويل والتوجيه والحماية قد افقده سياسيا الكثير من المكاسب الا انه بقي ناصعا وطنيا
حتى تكاد الوزارات العراقية لا يذكر فيها وجود من ينتمي للفضيلة
وحتى وصل الامر الى ان قادة الفضيلة رفضوا زيارة احدى الدول لان احد زعمائها كان يعامل العراقيين على اساس التبعية فيتحدث وهم يصغون فقط ! فاصر قادة الفضيلة على عدم مقابلته الا بصورة متكافئة تختلف عما اعتاده زواره الاخرون فلم تتم المقابلة لعنجهية هذا الزعيم
وفي خضم صراع القوى السياسية وبناء تحالفات الهيمنة وحمى توزيع المغانم والمكاسب والتي تتطلب براغماتية عالية بقي حزب الفضيلة متمسكا بمبادئه المتمثلة بضرورة اتمام السيادة العراقية ونبذ الكيانات الطائفية وانهاء هيمنة الكاريزمات العائلية والحزبية وضرورة الاسراع ببناء صناعة وطنية تنهض بالواقع العراقي من خلال دعم الكفاءات العملاقة الموجودة في الشارع العراقي وكذلك العمل على انشاء واقع زراعي عراقي يستغل هذه الارض بصورة علمية وهاتين النقطتين الاخيرتين تعنيان انهاء تبعية الاقتصاد العراقي وبالتالي القرار السياسي لدول الجوار او الدول الكبرى وكذلك اصر الحزب على استقلالية قوى الامن وعدم تسييسها من خلال دمج عناصر حزبية غير مهنية فيها – وقد اثبت موقفه هذا واقعيته بعد ذلك – وطالب باحالة هؤلاء للعمل ضمن وزارات خدمية اخرى .. وطبعا هذه المواقف افقدت الحزب مراكز ومناصب مهمة لا تعطى الا لاصحاب الولاءات الشخصية والتبعية .
وكان ابناء الفضيلة دائما اصحاب المشاريع الوطنية المدروسة والنظريات العلمية من خلال نظرتهم لواقع السياسة والاقتصاد في العراق وطروحاتهم حول الموقف من الشركات الناهبة للعراق كان واضحا من خلال مسيراتهم واستعانتهم بالقضاء العراقي
وكذلك طروحاتهم حول دور القطاع الخاص وضرورة النهوض به وضرورة الاتزان وعدم الاستعجال في تحويل عقيدة الاقتصاد العراقي بسرعة وبصورة مباشرة تجنبا للهزات التي ستصيب واقع المواطن العراقي الذي يعاني الافلاس
واصرار ممثل الفضيلة في لجنة التربية والتعليم على اعطاء رواتب ومساعدات للطلبة العراقيين في الداخل والخارج بسبب صعوبة ظروفهم – رغم ان المشروع تمت عرقلته من جهات معينة – وكذلك مطالبته بانقاذ واقع التربية والتعليم في العراق من شكله ومعناه المتخلف والمغلوط
ولا ننسى موقف نائب رئيس لجنة المهجرين باسم الحسني ممثل الفضيلة من تقاعس وزارة الهجرة والمهجرين عن اداء دورها ولجوءه الى جهوده الشخصية في كسب الدعم للمهجرين
وايضا الدور الذي لعبه ابناء الفضيلة – وهو ما ضيعه الاعلام – في مساعدة اهالي ديالى المنكوبين حتى وصل الامر الى التبرع برواتب بعض النواب
ودور النائب كريم محسن اليعقوبي في خطوة وطنية قوية حركت الساكن والمخفي في ملف المياه العراقية وكارثة الجفاف المقبلة والتي حاولت الحكومة التغاضي عنها طويلا حتى انها لم تذكرها في الاتفاقية العراقية التركية وكانما هي لاتعني شيئا فاضطر البرلمان الى رفضها – الاتفاقية – مالم تتطرق الى مسألة المياه خصوصا بعد الجهود التي بذلها ابناء الفضيلة في ذلك
ومن هذا كله نستطيع ان نفهم دوافع ومنطلقات عمليات الاستجواب للوزراء والمسؤولين الفاسدين والفاشلين التي ينادي بها ابناء الفضيلة فهم يسيرون باتجاه تأسيس مفهوم للشجاعة في فرض القانون والدستور والتزامات حماية المواطن من خلال هذه المدرسة الفكرية المتحركة والمبنية على اساس العمل لا الكلام فقط ..
وبعد هذا الجهاد المرير لمدة سنتين الذي خاضه ابناء الفضيلة من خلال الشيخ صباح الساعدي ضد رموز الفساد وبعد ان عرقلت هيئة رئاسة البرلمان والحكومة جهودهم في ذلك المسعى لاستجواب الوزراء الفاسدين ومن ثم مجيئ رئيس قوي للبرلمان فعل العمل الرقابي للبرلمان وفسح المجال لجهود هاتين السنتين بالظهور وتحقيق النتائج وكذلك بعد هذا الاصرار من الشيخ الساعدي على الاستمرار بضرب الفاسدين والمفسدين رغم التهديد المستمر له ولاخوانه في كتلة الفضيلة ورغم خذلان الحكومة متمثلة برئيس وزراءها وكذلك خذلان نواب الشعب ( المتملقين للفساد ) لجهود الساعدي وعمله وبعد هذا الموقف الشجاع للنائبة شذى الموسوي – وهي ليست من الفضيلة بل من الائتلاف – في كشف مافيات الفساد والقيادات الفاشلة .. فانا اشكك بضمير وغيرة وشرف كل من يشكك بجهود ونوايا ابناء الفضيلة ضد الفساد والمفسدين .