إكتشاف مناطق "ما وراء الوعي" في الدماغ
===================
أشارت دراسات أجراها مؤخراً معهد ماكس بلانك للطب النفسي في مدينة ميونيخ بالتعاون مع معاهد أخرى في مدن ألمانية أخرى وهي (لايبزغ) و(برلين) على الذين تحدث لهم الأحلام الجلية Lucid Dreams إلى أن هناك نشاط غير إعتيادي لمناطق من الدماغ تكون مسؤولة عن حالة الوعي الكامل لدى هؤلاء الحالمين.
في الواقع يصعب قياس ومعرفة أي منطقة من الدماغ تساعدنا في إدراكنا للعالم كمنعكس ذاتي ، ففي حالة اليقظة نكون دائماً في حالة وعي تام لأنفسنا بينما لا نكون كذلك خلال نومنا، إلا أن هناك أشخاص يُعرفون بالحالمين الجليين حيث يكونون في حالة وعي كامل في حالة الحلم أثناء النوم، وأظهرت الدراسات التي تستخدم التصوير المقطعي بالرنين المغناطيسي MRT ذلك ولهذا أصبح بوسع العلماء حالياً إثبات حدوثه في شبكة محددة من الدماغ تتشط خلال النوم في حالة الوعي.
وترتبط جميع هذه المناطق لتؤدي وظائف المنعكس الذاتي وهذه الدراسة حول الحلم الجلي تمنح العلماء أخر ما توصلت إليه المعرفة العلمية بخصوص الأساسات العصبيية للوعي البشري.
تشير الصورة المبينة إلى المناطق التي تنشط أكثر في الدماغ أثناء الحلم الجلي مقارنة مع المناطق التي تنشظ في الأحلام العادية.
وتعد قدرة الإنسان على التصور الذاتي والإستجابة الذاتية وتطور الوعي من بين الأسرار التي لم يكشف عنها بعد في علوم الأعصاب على الرغم من توفر تقنيات التصوير الحديثة، إذ لا يزال من غير الممكن بناء تصور كامل لما يحدث في الدماغ عندما ينتقل الإنسان من الوعي إلى حالة اللاوعي وتكمن المشكلة فعلياً في صعوبة مراقبة دماغنا خلال تلك المرحلة الإنتقالية ، رغم أن طبيعة الإنتقال هي نفسها في المسار المعاكس أي في كل مرة يستيقظ فيها الشخص من نومه (من لاوعي إلى وعي) ، وكذلك يجعل الإنخفاض الشديد لنشاط العمليات الأساسية في الدماغ أثناء النوم العميق من الأمر أكثر صعوبة إن لم يكن مستحيلاً.
وهذا يجعل من المستحيل تحديد فيما إذا نشاط دماغي معين مسؤول عن عمليات منها إستعادة التصور الذاتي والوعي أثناء الإنتقال إلى اليقظة وذلك إنطلاقاً من التغيرات الشاملة في النشاطات الدماغية التي تحدث في آن واحد.
لكن علماء من معهد ماكس بلانك وممن تعاون معهم قاموا بدراسة الأشخاص الذين يعون أنفسهم وهم يحلمون أثناء النوم والذين يكون لديهم قدرةٌ للتحكم بأحلامهم (حالة الحلم الجلي) فهؤلاء يمتلكون نقطة دخول إلى ذكرياتهم من خلال الحلم الواعي حيث يستطيعون القيام بأفعال يعون فيها أنفسهم على الرغم من أنهم وبما لا يدع مجالاً للشك يبقون في حالة الحلم وليس اليقظة كما يوضح (مارتن دريسلر) : " في الحلم العادي يكون الوعي لدينا متجذراً للغاية فنختبر التصورات والمشاعر لكننا لا نعلم بأننا نحلم وفي الحلم الجلي فقط نعلم بأننا نحلم ، حبث يمتلك الحالم تصوراً خلفياً عن حالته أو حالتها في الحلم " .
ومن خلال مقارنة النشاط الدماغي خلال إحدى فترات الحلم الجلي مع نشاطه المقاس على الفور مسبقاً في الحلم العادي إستطاع العلماء تحديد سمات النشاط الدماغي في مرحلة الوعي بصفاء ذهني.
ويقول (مايكل زيتش) رئيس مجموعة الأبحاث في معهد ماكس بلانك للطب النفسي : " تكون أنماط نشاط الدماغ الأساسية متشابهة ما بين حالة الحلم العادية وحالة الحالم الجلي ، إلا أن هناك مناطق معينة من القشرة الدماغية يزداد النشاط فيها بشكل ملحوظ في غضون ثوان معدودة، تقع هذه المناطق في الفص الجبهي الظهراني الجانبي الأيمن من قشرة الدماغ وهي المنطقة المسؤولة عن التقييم الذاتي ومناطق الـ (Frontopolar) المسؤولة عن تقييم أفكارنا ومشاعرنا، كما تنشط منطقة الـ (Precuneus) بشكل خاص وهي مرتبطة منذ زمن بوظيفة التصور الذاتي.
وهذه النتائج أكدت ما خلصت إليه نتائج دراسات سابقة وأبرزت لأول مرة مواقع الشبكات العصبية المسؤولة عن حالة الوعي الذهنية.
راقني ،، فنقلته للفائدة