|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,473
|
بمعدل : 0.42 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
من وحي الوصي.. المعرفة التاريخية عند أمير المؤمنين
بتاريخ : اليوم الساعة : 08:20 AM

تحدّث الإمام علي (عليه السّلام) كثيراً عن المسألة التاريخية في توجيهاته السياسيّة وتربيته الفكرية لمجتمعه، ولرجال إدارته وخواصّ أصحابه.
الإمام أميرُ المؤمنين (عليه السّلام) الذي وجهنا إلى السبل السليمة، فهو رجل الرسالة والعقيدة والقائد الحضاري والمفكر المستقبلي، حارب الكفار والمشركين والمنافقين بالفكر والسلاح، فهو القائد والمربي والمعلم والرائد الحضاري ورجل الدولة.
كان عليه السلام يريد ان يعود بالإسلام إلى أصوله الحقيقية التي ابتعد الناس عنها ما يقرب من ثلاثين عاما ليعالج النفوس التي انحرفت عن طريق الحق ويصلح كل فاسد من أمور المسلمين.
اهتم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بالتاريخ، فقد ورد في وصية له (عليه السلام) لابنه الإمام الحسن (عليه السّلام) والتي قال فيها: (أيْ بُنَيَّ إنِّي وَإنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ وَفَكَّرْتُ فِي أخْبَارِهِمْ وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إلَيَّ مَنْ أُمُوِرِهِمْ، قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أوَّلَهَمْ إلى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مَنْ ضَرَرِه).
وكان قبل ذلك قد وجّه الإمام الحسن (عليه السلام) في هذه الوصية إلى تعرّف التاريخ الماضي للعبرة والموعظة، فقال: (أحْييِ قَلْبَكَ بالْمَوعظَةِ… وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْماضِينَ، وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَوَّلِينَ، وَسِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا، وَعَمَّا انْتَقَلُوا، وَأَيْنَ حَلوُّا وَنَزَلُوا. فَإنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا عَنِ الأَحِبَّةِ، وَحَلوُّا دِيَارَ الْغُرْبَةِ، وَكَأَنَّكَ عَنْ قَليلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ).
وفي هذا النص تحدّث الإمام (عليه السّلام) كثيراً عن المسألة التاريخية في توجيهاته السياسيّة وتربيته الفكرية لمجتمعه، ولرجال إدارته وخواصّ أصحابه.
أمير المؤمنين ومصادر المعرفة التاريخية
وقد اعتمد الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في معرفته التاريخية على عدّة مصادر منها:
القرآن الكريم:
تضمن القرآن الكريم نصوصا تاريخيّة من أخبار الأمم وقد بين القرآن مسار النّبوات، وأميرُ المؤمنين عليّ(عليه السّلام) له معرفة بالقرآن من حيث الظاهر والباطن والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ بعد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وغير ذلك من علوم القرآن، فقد كان عالما بعلوم القرآن وكلّ ما يتعلق به، فاثر به وفي تفكيره من حيث المنهج ومن حيث المضمون، كما هو شديد الوضوح في كلّ جوانب حياته الأخرى.
وقد بين ذلك بقوله عليه السلام: (وَاللّه مَا نَزَلَتْ آيَة إلا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ. أنّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْبَاً عَقُولاً وَلِسَاناً سَؤُولاً).
وشهد بذلك معاصروه ومنها وقد رُوِي عن عبد اللّه بن مسعود، قال: (إنّ القرآنَ أُنْزِل على سبعِة أحرُفٍ، مَا منها حرفُ إلا له ظهر وبطن، وإنّ عليَّ بنَ أبي طالبِ (عليه السّلام) عنده علم الظاهر والباطن).
التعليم الخاص:
التعليم الخاص الّذي آثر به رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عليّاً مصدر آخر من مصادر معرفته التاريخيّة، فقد خص أميرَ المؤمنين بجانبٍ من العلم لم يرَ غيره من أهل بيته وأصحابه أهلاً له. حتى رُوِي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (عَلِيّ عَيبَةُ عِلْمِي)، وقال الإمام (عليه السّلام): (عَلَّمَني رَسُولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله) ألْفَ بَابِ مِنَ العِلِم كُلُّ بابِ يَفتَحُ ألفَ بابٍ).
وقد صرّح فيما وصل إِلينا من نصوصِ كلامه في نهج البلاغة بذلك في عدّة مناسبات، فقال: (بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَو بُحْتُ بِهِ لاضْطَرَبْتُمُ اضْطِرَابَ الأرشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ الْبِعيدَةِ).
السّنة النّبويّة:
اِشتملت السّنّة النبويّة على الكثير المتنوع من المادة التاريخيّة ومنه ما ورد في تفسير وشرح آيات القرآن الكريم، ومنه ما اشتمل على حكاية أحداث تاريخيّة لم ترد في القرآن إِشارة إِليها.
وقد كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أعلم أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة قاطبة، فقد عاش علي (عليه السلام) في بيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) منذ طفولته، وبعث الرسول (صلى الله عليه وآله) وعلي عنده، وكان أوّل من آمن به، ولم يفارقه منذ بعثته (صلى الله عليه وآله) إِلى حين وفاته إِلا في تنفيذ المهمات الّتي كان يكلّفه بها خارج المدينة.
من كل ما ورد نستنبط ان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كان مهتما بالتاريخ كما في المجالات الأخرى، ليكون النبع الطاهر الذي يروي كل ظمآن من العلوم والمعارف كافة.
موقع الولاية
|
|
|
|
|