العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام

منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام المنتدى مخصص بسيرة أهل البيت عليهم السلام وصحابتهم الطيبين

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

خادم الشيعة
عضو برونزي
رقم العضوية : 21699
الإنتساب : Aug 2008
المشاركات : 1,209
بمعدل : 0.20 يوميا

خادم الشيعة غير متصل

 عرض البوم صور خادم الشيعة

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي الامام علي بن محمد الجواد عليه السلام
قديم بتاريخ : 10-03-2025 الساعة : 12:12 AM


من هو الامام محمد بن علي الجواد ؟
فيما يلي نذكر بعض المعلومات الخاطفة حول الإمام محمد بن علي الجواد ( عليه السَّلام ) :
إسمه و نسبه : هو الإمام محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
و هو تاسع الأئمة الاثنى عشر من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) و حادي عشر المعصومين الأربعة عشر .
ألقابه : من أشهر ألقابه ( عليه السَّلام ) : الجواد ، التقي ، المنتجب ، القانع .
كنية : أبو جعفر الثاني ، لأن جده الامام محمد الباقر ( عليه السَّلام ) يُكنّى بابي جعفر الأول .
أبوه : الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السَّلام ) ثامن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
أمه : سبيكة ، و هي أم ولد ، و تُكنّى أم الحسن ، ذكر المؤرخون لها أسماءً أخرى ، منها : مريسية ، درة ، ريحانه ، و يبدو أن الامام الرضا ( عليه السَّلام ) سمّاها " خيزران " .
ولادته : يوم الجمعة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك أو العاشر من شهر رجب سنة (195) هجرية .
محل ولادته : المدينة المنورة .
مدة عمره : (25) سنة .
مدة إمامته : ( 17 ) سنة أي من آخر شهر صفر سنة (203) وحتى ( 10 ) من شهر رجب أو أواخر شهر ذي القعدة سنة ( 220 ) هجرية .
نقش خاتمه : المهيمن عضدي ، من كثرت شهواته دامت حسراته .
زوجاته : من زوجاته : سمانة المغربية .
شهادته : استشهد الامام الجواد ( عليه السَّلام ) في العاشر من شهر رجب ، و قيل في آخر شهر ذي القعدة سنة (220) هجرية ببغداد .
سبب شهادته : السُّم على يد زوجته أم الفضل بأمر من المعتصم العباسي أيام خلافته ؟
مدفنه : مدينة الكاظمية / العراق ، بجوار جده الكاظم ( عليه السَّلام ) في مقابر قريش .
زيارته المختصرة : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الاَْرْضِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَ عَلى آبائِكَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَ عَلى اَبْنائِكَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَ عَلى اَوْلِيائِكَ ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ اَقَمْتَ الصَّلاةَ ، وَ آتَيْتَ الزّكاةَ، وَ اَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ تَلَوْتَ الْكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، وَ جاهَدْتَ في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ، وَصَبَرْتَ عَلَى الاَْذى في جَنْبِهِ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ، اَتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ مُوالِياً لاَِوْلِيائِكَ مُعادِياً لاَِعْدائِكَ فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ .
من كلماته المضيئة :
· قال رجلٌ للإمام الجواد ( عليه السَّلام ) أوصني .
فقال ( عليه السَّلام ) و تقبل ؟
قال : نعم .
قال ( عليه السَّلام ) : توسد الصبر ، و اعتنق الفقر ، و ارفض الشهوات ، و خالف الهوى ، و اعلم أنك لن تخلو من عين الله فانظر كيف تكون .
· و قال ( عليه السَّلام ) : من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، و إن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس .
· و قال ( عليه السَّلام ) : تأخير التوبة اغترار ، و طول التسويف حيرة ، و الاعتلال على الله هلكة ، و الإصرار على الذنب أمن لمكر الله ، ﴿ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ 1 .
· و قال ( عليه السَّلام ) : إظهار الشي‏ء قبل أن يستحكم مفسدة له .
· و قال ( عليه السَّلام ) : المؤمن يحتاج إلى توفيق من الله و واعظ من نفسه و قبول ممن ينصحه .
شعاع من سيرته المباركة :
روى الحسنُ بن محمّد بن سليمان ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أَبيه ، عن الريان بن شبيب قالَ :
لمّا أَرادَ المأمونُ أَن يُزوِّج ابْنَتَه أمَّ الْفَضْل أَبا جعفر محمد بن عليّ ( عليهما السلام ) بَلَغَ ذلك العباسيّين فغَلُظَ عليهم و اسْتَكْبَروه ، و خافُوا أَنْ يَنْتَهِيَ الأمرُ معه إِلى ما انتَهى مع الرضا ( عليه السَّلام ) فخاضوا في ذلك ، و اجْتَمَعَ منهم أَهلُ بيته الأدْنَونَ منه .
فقالوا له : ننشدُك اللّهَ - يا أَميرَ المؤمنين - أَنْ تُقيمَ على هذا الأمرِ الذي قد عَزَمْتَ عليه من تزويج ابن الرضا ، فإنّا نخَافُ أَن يَخْرُجَ به عنّا أَمرٌ قد ملَّكَنَاهُ اللّهُ ، و يُنْزَعَ مِنّا عزٌّ قد أَلبَسَناه اللهُّ ، و قد عَرَفْتَ ما بيننا و بين هؤلاء القوم قديماً و حديثاً ، و ما كان عليه الخلفاءُ الراشدون قَبْلَكَ من تبعيدهم و التصغيرِ بهم ، و قد كُنّا في وَهْلةٍ من عَمَلِك مع الرضا ما عَمِلْتَ ، حتى كَفانَا اللّهُ المهمَّ من ذلك ، فاللّهَ اللّهَ أَنْ تَرُدَّنا إِلى غمٍّ قد انْحَسَرَ عنّا ، واصْرِفْ رَأْيَك عن ابن الرضا و اعْدِلْ إِلى مَنْ تراه من أَهل بيتك يَصْلَحً لذلك دونَ غيره .
فقالَ لهم المأمونُ : أَمّا ما بينكم وبينَ ال أَبي طالب فأَنتُمُ السَبَبُ فيه ، و لو أَنْصَفْتُمُ القَوْمَ لكانَ أَولى بكم ، و أَمّا ما كان يَفْعَله مَنْ كانَ قبلي بهم فقد كانَ قاطِعاً للرحِم ، أَعوذ باللهِّ من ذلك ، و واللّهِ ما نَدِمْتُ على ما كانَ منّي من استخلافِ الرضا ، و لقد سَألته أنْ يَقوُمَ بالأمْرِ و انزَعُه عن نفسي فأَبى ، و كانَ أَمْرُ اللّهِ قَدَراً مَقْدُوراً ، و أَمّا أَبوجعفر محمّدُ بن عليّ فقد اخْترْته لتبريزه على كافةِ أَهْلِ الْفَضْلِ في العلمِ والْفَضْلِ مع صِغَرِ سِنِّه ، و الأعجُوبة فيه بذلك ، و أَنا أَرْجُو أَنْ يَظْهَرَ للناسِ ما قد عَرَفْتُه منه فيَعْلَموا أَنّ الرأيَ ما رَأَيْتُ فيه .
فقالوُا : إِنَ هذا الصبي و انْ راقَكَ منه هَدْيُه ، فإِنّه صبي لا معرفةَ له و لا فِقْهَ ، فأَمْهِلْه ليتأَدَّبَ و يَتَفَقَّهَ في الدين ، ثم اصْنَعْ ما تراه بعد ذلك .
فقالَ لهم : ويحْكُم إِنّني أَعْرَفُ بهذا الفتى منكم ، وِ انّ هذا من أَهل بَيْتٍ عِلْمُهم من اللّه و مَوادِّه و الهامه ، لم يَزَلْ آباؤه أَغنياءَ في علمِ الدينِ و الأدبِ عن الرعايا الناقصةِ عن حدِّ الكمالِ ، فانْ شِئْتُمْ فامْتَحِنُوا أَبا جعفرٍ بما يَتَبَيٌنُ لكم به ما وَصَفْتُ من حالِه .
قالوا له : قد رَضِيْنا لك يا أَميرَ المؤمنين و لانفُسِنا بامْتِحانِه ، فخلِّ بيننا و بينه لنَنْصِبَ مَنْ يَسْأله بحَضْرَتِك عن شيءٍ من فِقْه الشريعة، فإِنْ أَصابَ في الجواب عنه لم يَكُنَْ لنا اعتراض في أَمْرِه و ظَهَرَ للخاصةِ و العامةِ سَديد رَأْي أَميرِ المؤمنين ، و إنْ عَجَزَ عن ذلك فقد كُفْينا الخَطْبَ في معناه .
فقالَ لهم المأمونُ : شأنَكم و ذاك متى أَرَدْتُم .
فخَرجوا من عنده و أَجْمَعَ رَأيهُم على مسألةِ يحيى بن أَكْثَم و هو يومئذٍ قاضي القضاة على أَنْ يَسْألَه مسألةً لا يَعْرِفُ الجوابَ فيها ، و وَعَدوهُ باَمْوالٍ نفيسةٍ على ذلك ، و عادُوا إلى المأمونِ فَسَأَلوه أَنْ يَخْتارَ لهم يوماً للاجتماع ، فأَجابَهُم إلى ذلك .
واجْتَمَعُوا في اليوم الذي اتفَقوا عليه ، وحَضَرَ معهم يحيى بن أَكْثَم ، وأَمَرَ المأمونُ أَنْ يُفْرَشَ لأبي جعفرَ ( عليه السَّلام ) دست 2 ، و تُجْعَلَ له فيه مِسْوَرتان 3 ، ففُعِلَ ذلك ، و خَرَجَ أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) و هو يومئذٍ ابنُ تسع سنين و أشهُر ، فجَلَسَ بين المِسْوَرتَيْن ، و جَلَسَ يحيى بن أكثم بين يديه ، و قامَ الناسُ في مَراتبِهِم و المأمونُ جالسٌ في دَست مُتَّصِل بدَست أَبي جعفر ( عليه السَّلام ) .
فقالَ يحيى بن أَكثم للمأمونِ : يَأذَنُ لي أَمير المؤمنينَ أَنْ أَسْأَلَ أَبا جعفر ؟
فقالَ له المأمونُ : اسْتَأْذِنْه في ذلك ، فاَقْبَلَ عليه يحيى بن أَكثم .
فقالَ : أَتَاْذَنُ لي - جُعِلْتُ فداك - في مَسْألَةٍ ؟
فقالَ له أَبوجعفر ( عليه السَّلام ) : " سَلْ إِنْ شِئْتَ " .
قالَ يحيى : ما تَقولُ - جُعِلْتُ فداك - في مُحرِمِ قَتَلَ صَيْداً ؟
فقال له أَبو جعفر: " قَتَلَه في حِلٍّ أَو حَرَم ؟ عالماً كانَ المُحْرِمُ أَم جاهلاً ؟ قَتَلَه عَمْداً أَو خَطَأ ؟ حُراً كانَ المُحْرِمُ أَم عَبْدا ً؟ صَغيراً كانَ أَم كبيراً ؟ مُبْتَدِئاً بالقتلِ أَمْ مُعيداً ؟ مِنْ ذَواتِ الطيرِ كانَ الصيدُ أَمْ من غيرِها ؟ مِنْ صِغارِ الصيد كانَ أَم كِبارِها مصُرّاً على ما فَعَلَ أَو نادِماً ؟ في
الليلِ كانَ قَتْلَهُ للصيدِ أَم نَهاراً ؟ مُحْرِماً كانَ بالعُمْرةِ إذْ قَتَلَه أَو بالحجِّ كانَ مُحْرِماً " ؟
فتَحَيَّرَ يحيى بن أَكثم وبانَ في وجهه الْعَجْزُ و الانقطاعُ و لَجْلَجَ حتى عَرَفَ جمَاعَةُ أَهْلِ المجلس أمْرَه .
فقالَ المأمونُ : الحمدُ لله على هذه النعمة و التوفيقِ لي في الرأْي .
ثم نَظَرَ إِلى أَهْلِ بَيْتِه و قالَ لهم : أَعَرَفتمُ الآنَ ما كُنْتُم تُنْكِرُونَه ؟
ثم أَقْبَلَ على أَبي جعفر ( عليه السَّلام ) فقالَ له : أَتَخْطُب يا أَبا جعفر ؟
قالَ : " نعم يا أميرَ المؤمنين " .
فقالَ له المأمونُ : اُخْطُبْ ، جُعِلْتُ فداكَ ، لِنَفْسِكَ ، فقد رَضيتُكَ لِنَفْسي و أَنا مُزَوِّجُكَ أُمَّ الفَضْل ابَنتي وِان رَغَمَ قومٌ لذلك .
فقال أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " الحمد للهّ إِقراراً بنعمتِه ، و لا إِلهَ إلا اللّه إِخْلاصاً لوَحْدانِيتهِ ، و صَلىّ اللّهُ على محمّدٍ سيِّدِ بَرِيَّتِه والأصْفياءِ من عترتهِ .
أَمّا بَعْدُ : فقد كانَ من فَضْل اللّه على الأنام أَنْ أَغناهُم بالحلالِ عن الحَرامِ ، فقالَ سُبْحانَه : ﴿ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ 4 ثمَّ إِنَّ محمّد بن عليّ بن موسى يَخْطُبُ أُمَّ الفَضْلِ بنْتَ عبداللهِّ المأمونِ ، و قد بَذَلَ لها من الصداقِ مَهْرَ جَدَّتِه فاطمة بنت محمّد ( عليهما السلام ) و هو خمسمائة درهم جياداً ، فهَلْ زَوَّجْتَه يا أَميرَ المؤمنين بها على هذا الصداقِ المذكور ؟ " .
قالَ المأمونُ : نعم ، قد زَوَجْتُك أَبا جعفر أُم الفضل ابْنَتي على هذا الصداق المذكور ، فهل قَبِلْتَ النكاحَ ؟
قالَ أًبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " قد قَبِلْتُ ذلك و رَضِيتُ به " .
فاَمَرَ المأمونُ أَنْ يَقْعُدَ الناسُ على مَراتِبهِم في الخاصّةِ و العامةِ .
قالَ الريان : ولم نَلْبثْ أَنْ سَمِعْنا أَصْواتاً تُشْبِهُ أَصْواتَ المَلاحينَ في مُحاوَراتهم ، فإذا الخدم يَجُرُّون سفينةً مَصْنُوعةً من فِضَةٍ مَشْدُودةٍ بالحِبالِ من الإبريسم على عَجلٍ مملؤةً من الغاليةِ 5 ، فأمَرَ المأمونُ أنْ تُخْضَبَ لِحَى الخاصّة من تلك الغاليةِ ، ثُمَّ مُدَّت إِلى دارِ العامّة فطُيِّبوا منها ، و وُضِعَتِ الموائدُ فأكَلَ الناسُ ، و خَرَجَتِ الجوائزُ إِلى كُلِّ قوم على قدرهم ، فلما تَفَرَّقَ الناسُ و بَقِيَ من الخاصةِ مَنْ بَقي ، قالَ المأمونُ لأبي جعفر : إِنْ رَأيتَ - جُعِلْتُ فداك - أنْ تَذْكُرَ الفِقْهَ فيما فَصلْته من وُجُوه قَتْلِ المُحْرمِ الصيدَ لِنَعْلَمَه و نَسْتَفيدَه .
فقالَ أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " نعم ، إِنَ المُحرمَ إذا قَتَلَ صَيْداً في الحِل و كانَ الصَيْدُ من ذواتِ الطَيْرِ و كانَ من كِبارِها فعليه شاةٌ ، فإِنْ كانَ أَصابَه في الحَرَم فعليه الجزاءُ مُضاعَفاً ، و إذا قَتَلَ فَرْخاً في الحِلِّ فعليه حَمْل قد فُطِمَ منَ اللبن ، و إذا قَتَله في الحرم فعليه الحمْلُ و قيمةُ الفَرْخِ ، و ان كانَ من الوحْشِ وكانَ حمارَ وَحْشٍ فعليَه بَقَرَةٌ ، وِ ان كانَ نَعامةً فعليه بدنة ، و إن كانَ ظَبْياً فعليه شاةٌ ، فإِن قَتَلَ شَيئأ من ذلك في الحَرَمِ فعليه الجزاءُ مُضاعَفأ هَدْياً بالغَ الكعبةِ ، وِ اذا أَصابَ المُحْرِمُ ما يجب عليه الهَدْي فيه و كانَ إِحْرامُه للحجِّ نَحَرَه بمنى ، و ان كانَ إِحرامُه للعُمْرة نَحَرَه بمكّةَ ، وجزاءُ الصَيْدِ على العالِم و الجاهِل سواء ، و في العَمْدِ له المأثَمُ ، و هو موضوعٌ عنه في الخَطَأ ، و الكفّارةُ على الحرِّ في نفسه ، و على السيد في عبدِه ، و الصغيرُ لا كفّارةَ عليه ، و هي على الكبير واجبة ، و النادِمُ يَسْقُطُ بنَدمِه عنه عقابُ الآخِرَة ، و المُصِرُّ يجب عليه العقابُ في الآخِرَةِ " .
فقالَ له المأمونُ : أَحْسَنْتَ - أَبا جعفر - أحْسَنَ اللهُ إِليك ، فإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَسْألَ يحيى عن مسألةٍ كما سَأَلك .
فقالَ أَبو جعفر ليحيى : " أَسْأَلُك ؟ " .
قالَ : ذلك إِليك - جُعِلْتُ فداك - فإِنْ عَرَفْتُ جوابَ ما تَسْأَلُني عنه و ِالا اسْتَفَدْتُه منك .
فقالَ له أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " خَبِّرْني عن رجل نَظَرَ إِلى امْرأةٍ في أَوّل النهارِ فكانَ نَظَرُه إِليها حراماً عليه ، فلمّا ارْتَفَعَ النهارُ حَلَتْ له ، فلمّا زالَتِ الشمسُ حَرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ وَقْتَ العصرِ حَلَّتْ له ، فلما غَربتَ الشمسُ حرُمتْ عليه ، فلما دَخَلَ عليه وَقْتُ العشاءِ الآخرةِ حَلَّتْ له ، فلمّا كانَ انْتِصاف الليلِ حَرُمَتْ عليه ، فلما طَلَعَ الفجرُ حَلَّتْ له ، ما حالُ هذه المرأة و بماذا حلَتْ له و حَرُمَتْ عليه ؟ " .
فقالَ له يحيى بن أكثم : لا واللهِ ما أَهْتَدي إِلى جواب هذا السؤالِ ، و لا أعَرِفُ الوجهَ فيه ، فإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُفيدَناه .
فقالَ له أَبوجعفر ( عليه السَّلام ) : " هذه أمَةٌ لرجلٍ من الناسِ نَظَرَ إِليها أجنبيٌّ في أَوّل النهارِ فكانَ نَظَرُه إِليها حراماً عليه ، فلمّا ارْتَفَعَ النهار ابْتاعَها من مولاها فحلَّتْ له ، فلمّا كانَ الظهرُ أَعْتَقَها فحَرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ وَقْتُ العصرِ تَزوَّجَها فحَلَّتْ له ، فلمّا كانَ وَقْتُ المغرب ظاهَرَ منها فَحرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ وَقْتُ العشاءِ الآخرةِ كَفَّرَ عن الظِهارِ فَحلَتْ له ، فلمّا كانَ نصفُ الليل طَلَّقها واحدةً فَحرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ عند الفَجْرِ راجَعَها فحلَتْ له " .
قالَ : فاَقْبَل المأمونُ على مَنْ حَضَرَه من أَهْل بيته فقالَ لهم : هل فيكم أحدٌ يجُيبُ عن هذه المسألةِ بمِثْل هذا الجواب ، أَو يَعْرفُ القولَ فيما تَقَدَّم من السؤالِ ؟!
قالوُا : لا واللهِ ، إن أَميرَ المؤمنين أعْلَمُ و ما رَأى .
فقالَ لهم : ويَحْكم ، إِنَّ أَهْلَ هذا البيتِ خُصُّوا من الخَلْقِ بما تَرَوْنَ من الْفَضلِ ، و إن صِغَرَ السِنِّ فيهم لا يَمْنَعُهُمْ من الكَمالِ ، أَما عَلِمْتمْ أَنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ افْتَتَحَ دَعْوَتَه بدعاءِ أَميرِ المؤمنين عليِّ بن أَبي طالب عليه السلامُ و هو ابن عَشْرِ سنينَ ، و قَبِلَ منه الإسلامَ و حَكَمَ له به ، ولم يَدْعُ أَحَداً في سنِّه غيره ، و بايَعَ الحسنَ و الحسينَ ( عليهما السلام ) و هما ابنا دونَ الستّ سنين ولم يبايِعْ صبيّاً غيْرَهما ، أَفلا تَعْلَمونَ الأن ما اخْتَصَّ اللهُ به هؤلاءِ القومَ ، و أَنهُم ذريّةٌ بَعْضُها من بعضٍ ، يَجْري لآخِرِهم ما يَجْري لأوَلِهم ؟ !
قالوُا : صَدَقْتَ يا أَميرَ المؤمنين ، ثمَّ نَهَضَ القَوْمُ 6.
الصّلاة على الإمام محمّد بن عليّ بن موسى الجواد ( عليه السَّلام ) :
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسى عَلَمِ التُّقى وَ نُورِ الْهُدى ، وَ مَعْدِنِ الْوَفاءِ وَ فَرْعِ الاَْزْكِياءِ ، وَ خَليفَةِ الاَْوْصِياءِ ، وَ اَمينِكَ عَلى وَحْيِكَ ، اَللّـهُمَّ فَكَما هَدَيْتَ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَ اسْتَنْقَذْتَ بِهِ مِنَ الْحَيْرَةِ ، وَ اَرْشَدْتَ بِهِ مِنْ اهْتَدى وَ زَكَّيْتَ بِهِ مَنْ تَزَكّى ، فَصَلِّ عَلَيْهِ اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ اَوْلِيائِكَ وَ بَقِيَّةِ اَوْصِيائِكَ اِنَّكَ عَزيزٌ حَكيمٌ 7 .

1. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 99 ، الصفحة : 163 .
2. أي جانب من البيت ، وهي فارسية معرّبة .
3. المسورة : متكأ من الجلد المدبوغ .
4. القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 354 .
5. الغالية : ضرب من الطيب مركب من مسك و عنبر و كافور و دهن البان و عود . ( مجمع البحرين ) .
6. الإرشاد : 2 / 281 ، طبعة : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث ، إيران / قم ، و تحف العقول : 425، طبعة : جماعة المدرسين ، قم / إيران ، سنة : 1404 هجرية .
7. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 91 / 77 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .


الولادة: وقع الخلاف في تاريخ ولادته والأشهر أنه ولد في الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة 148ه في المدينة المنورة. وقيل في الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة 153ه.

الشهادة: استشهد بالسم في شهر صفر، سنة ثلاث ومائتين من يوم الجمعة وقيل في شهر رمضان وهو يومئذٍ ابن خمس وخمسين سنة، ودفن في دار حميد بن قحطبة في بقعة هارون الرشيد في قرية يقال لها سناباذ.

مدة الإمامة: كانت مدة خلافته لأبيه عليه السلام عشرين سنة.

ألقابه: الرضا، الصابر، الفاضل، الرضيّ، الوفيّ، قرة أعين المؤمنين، غيظ الملحدين.

كنيته: أبو الحسن الثاني.

نقش خاتمه: " ما شاء اللَّه ولا قوة إل باللَّه"، " حسبي اللَّه".

مدفنه: طوس.

تمهيد
عاصر الإمام الرضا عليه السلام خلال فترة إمامته المباركة التي استمرت عشرين سنة عدداً من خلفاء بني العباس وهم هارون الرشيد لمدة عشر سنوات (193 183ه) ومن بعده ولديه الأمين والمأمون، وسوف نركز في هذا البحث على عهد المأمون العباسي لأنه في عهده تم تسليم ولاية العهد للإمام الرضا عليه السلام .

الإمام في عصر هارون الرشيد
بعد استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام سنة 183ه وتسلم الإمام الرضا عليه السلام الإمامة عانى الكثير من ظلم هارون، ولكن لم يظهر منه أي تصدي علني لمنصب الإمامة، ولم يسجل له أي حضور في المجالس والمحافل العامة.

وذلك لأسباب متعددة منها الوصية التي ركز فيها الإمام الكاظم عليه السلام على أن اظهار ابنه الإمام عليه السلام للإمامة سيكون بعد أربع سنوات من استشهاده أي سنة 178ه. وذلك لإدراك الإمام الظروف القاسية التي ستمر بها الأمة في ذلك الوقت.

وبالفعل في سنة 187ه تصدى الإمام لمنصب الإمامة علناً ولذلك قال له " محمد بن سنان" لقد شهرت بهذا الأمر الإمامة وجلست في مكان أبيك بينما سيف هارون يقطر دماً. فقال الإمام عليه السلام :" إن الذي جراني على هذا الفعل قول الرسول صلى الله عليه وآله لو استطاع أبو جهل أن ينقص شعرة من رأسي فاشهدوا بأني لست نبي" وأنا أقول " لو استطاع هارون أن ينقص شعرة من رأسي فاشهدوا بأني لست إمام"1.وبالفعل توفي هارون سنة 193ه. ودفن في مدينة طوس.

الإمام في عصر الأمين
إن شخصية الأمين كما تصفها بعض الكتب كانت شخصية مستهترة، لذلك يقول بعض الكُتّاب " قد كان قبيح السيرة ضعيف الرأي، سفاكاً للدماء يركب هواه، ويهمل أمره، ويتكل في جليلات الأمور على غيره،".وقد احتدم الصراع بين الأمين والمأمون والذي أدى في نهاية المطاف إلى الإطاحة بحكم الأمين وقتله.
وقد استغل الإمام هذه الأوضاع، وصب جهوده على بناء الجماعة الصالحة ونشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة في المجتمع الذي عانى الكثير من المجون والفساد والإنحراف الفكري.

الإمام في عصر الأمين
إن شخصية الأمين كما تصفها بعض الكتب كانت شخصية مستهترة، لذلك يقول بعض الكُتّاب " قد كان قبيح السيرة ضعيف الرأي، سفاكاً للدماء يركب هواه، ويهمل أمره، ويتكل في جليلات الأمور على غيره،".وقد احتدم الصراع بين الأمين والمأمون والذي أدى في نهاية المطاف إلى الإطاحة بحكم الأمين وقتله.

وقد استغل الإمام هذه الأوضاع، وصب جهوده على بناء الجماعة الصالحة ونشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة في المجتمع الذي عانى الكثير من المجون والفساد والإنحراف الفكري.

الإمام في عصر المأمون
المأمون رجل ذكي، وهذا ما يمكن أن نفهمه من إسناد ولاية العهد للإمام عليه السلام ، وحقاً يجب القول أن سياسة المأمون كانت تتمتع بتجربة وعمق لا نظير له، لكن الطرف الاخر الذي كان في ساحة الصراع كان الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام وهو نفسه الذي كان يحول أعمال وخطط المأمون الذكية والممزوجة بالشيطنة إلى أعمال بدون فائدة ولا تأثير لها وإلى حركات صبيانية كما سنرى في الكلام عن ولاية العهد وهناك عدة شواهد على هذه الشيطنة، ففي عصره كان يتم ترويج العلم والمعرفة بحسب الظاهر، وكان العلماء يدعون إلى مركز الخلافة، ويبذل المأمون الهبات والمشجعّات للباحثين وذلك لإعداد الأرضية لانجذابهم نحوه، وعلاوة على هذا فقد حاول جذب الشيعة وأتباع الإمام إليه من خلال القيام ببعض الأعمال، فمثلاً كان يتحدّث عن عدة أمور منها:

- أن علياً عليه السلام أكثر أهلية وأولى بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله .
- جعل لعن معاوية وسبه أمراً رسمياً.
- أعاد للعلويين ما غصب من حق السيدة الزهراء عليها السلام في فدك.
وبالنتيجة كان يبذل قصارى جهده لإرضاء الناس حتى يستطيع بسهولة الاستقرار على مركب الخلافة.2

ولاية العهد أهدافها، أسبابها ونتائجها:
بعد مقتل الأمين استلم المأمون الخلافة سنة 198ه، وأسند ولاية العهد للإمام عليه السلام سنة 201 للهجرة، وكان وراء هذا العمل عدة أهداف منها:

الأهداف

1- التهدئة للأوضاع الداخلية:
بعد استلام المأمون الخلافة بسنة واحدة أي 199ه، اندلعت ثورات عظيمة وحركات تمرد واسعة قادها العلويون، حيث خرج أبو السرايا السري بن منصور الشيباني بالعراق ومعه محمد بن إبراهيم ابن إسماعيل الحسني، فضرب الدارهم بالكوفة بغير سكة العباسييّن، وسير جيوشه إلى البصرة وقد توزعت الثورة على عدة جبهات:

جبهة البصرة بقيادة العباس بن محمد بن عيسى الجعفري.
وجبهة مكة بقيادة الحسين بن الحسن الأفطس.
وجبهة اليمن بقيادة إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام .
وجبهة فارس بقيادة إسماعيل بن موسى بن جعفر عليه السلام .
وجبهة الأهواز بقيادة زيد بن موسى.
وجبهة المدائن بقيادة محمد بن سليمان3.

ولذلك كان الهدف الأول من دعوة الإمام عليه السلام إلى خراسان تحويل ساحة المواجهة العنيفة والملتهبة إلى ساحة مواجهة سياسية هادئة.

2- سلب القداسة والمظلومية عن الثورة:
الشيعة لم يكونوا يعرفون التعب أو الملل في المواجهة ولم تكن ثورتهم لتقف عند حد. وهذه المواجهات كان لها خاصيتين:

الأولى: المظلومية.
الثانية: القداسة4.

المظلومية التي كانت تتمثل بانتزاع الخلافة والاضطهاد والقتل الذي تعرض له أئمة أهل البيت عليهم السلام من عهد مولانا الإمام علي عليه السلام إلى عهد مولانا الرضا عليه السلام وما بعده.

أما القداسة: فهي التي يمثلها الإمام المعصوم من خلال ابتعاده عن أجهزة الحكم وقيادة الناس وفقاً لمنهج الإسلام المحمدي الأصيل.
إن المأمون العباسي حاول من خلال ولاية العهد أن يسلب هذه القداسة والمظلومية اللتان تشكلان عامل النفوذ الثوري في المجتمع الإسلامي.
لأن الإمام عندما يصبح ولي عهد سينضم حسب تصور المأمون إلى أجهزة الحكم وينفذ أوامر الملك في التصرف بالبلاد إذن فهو لم يعد لا مظلوماً ولا مقدساً.

3- إضفاء المشروعية على الخلافة العباسية:
إنَّ بيعة المأمون عليه السلام وقبول الإمام بذلك يعني حصول المأمون على اعتراف من العلويين، على أعلى مستوى بشرعية الخلافة العباسية وقد صرح هو بذلك " فأردنا أن نجعله ولي عهدنا، ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لن".

لأن هذه البيعة تعني بالنسبة للمأمون: أن الإمام يكون قد أقر بأن الخلافة ليست له دون غيره، ولا في العلويين دون غيرهم ولذلك إن حصول المأمون على هذا الاعتراف ومن الإمام عليه السلام خاصة، يعتبر أخطر على العلويين من الأسلوب الذي انتهجه أسلافه من أمويين وعباسيين ضدهم، من قتلهم وتشريدهم، وسلب أموالهم5.

وهناك أهداف كثيرة ذكرت في الكتب للبيعة كأن يكسب المأمون سمعة معنوية وصيتاً بالوقار والتقوى، وأن يتحول الإمام إلى حامي ومرشد للنظام إلى غيرها من الأهداف التي سنذكر بعضها ولكن السؤال المهم ما هي الإجراءات التي قام بها الإمام عليه السلام في سبيل مواجهة هذه الخطوة السياسية الدقيقة؟

ولكن قبل الإجالة عن هذا السؤال لا بد لنا من معرفة الأسباب لقبول هذه البيعة، وإن كان هناك أسباباً متعددة ولكننا نقتصر على أهم سبب في هذا المجال وهو:

الإكراه على البيعة
أول أمر قام به الإمام أنه رفض هذا الطرح، حتى انتشر هذا الرفض في كل مكان حتى أن الفضل بن سهل صرح في جمع من العاملين بهذا الأمر، وبيّن الإمام في كل فرصة أتيحت له أنه مجبر على القيام بهذا الأمر وهذا الأمر يعتبر أيضاً إجراء من قبل الإمام في مواجهة الولاية من قبل المأمون قال الريان بن الصلت: " دخلت على علي بن موسى الرضا عليه السلام ، فقلت له: يا ابن رسول اللّه الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع اظهارك الزهد في الدنيا، فقال عليه السلام : قد علم اللّه كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبياً ورسولاً فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه فإلى اللّه المشتكى وهو المستعان"6.

طبعاً هذا لا يعني أن الإمام لأنه هدد بالقتل قبِل بولاية العهد من دون النظر إلى النتائج المترتبة على ذلك. ومن النصوص التي يظهر فيها التهديد للإمام عليه السلام هو قول المأمون له: " إن عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين علي عليه السلام وشرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه ولا بد من قبولك ما أريده منك فإنني لا أجد محيصاً عنه"7.

الإجراءات التي قام بها الإمام متعددة منها:

1 - إعلان التهديد.
وهذا الإجراء تقدم الكلام عنه وقد ساعد أعوان السلطة لعدم تدبيرهم ودرايتهم بالسياسة على نشر هذا الخبر.

2 - عدم التدخل في الشؤون السياسية.
رغم كل التهديدات التي مورست على الإمام عليه السلام قَبِلَ ولاية العهد بشرط الموافقة على عدم تدخله في أي شأن من شؤون الحكومة من حرب أو سلم من عزل أو نصب الخ...
فقد قال عليه السلام عندما هدده المأمون:" فإني أجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد على أنني لا امر ولا أنهى ولا أفتي ولا أقضي ولا أولّي ولا أعزل ولا أغير شيئاً مما هو قائم فأجابه المأمون إلى ذلك كله"8.إلى غيرها من الأجراءات التي قام بها الإمام الرضا عليه السلام في مواجهة هذه السياسة التي قام بها المأمون التي لا يستوعبها هذا البحث.

نتائج ولاية العهد
يقول السيد القائد قدس سرهم في هذا المجال:" إن السنة التي تسلم فيها الإمام ولاية العهد كانت واحدة من أعظم البركات التاريخية على التشيع حتى أنها نفخت روحاً جديدة في نضال وكفاح العلويين وهذا كان من بركات التدبير الإلهي للإمام الثامن وأسلوبه الحكيم"9.

لذلك سنشير إلى بعض من نتائج ولاية العهد.

1 - اعتراف المأمون بأحقية أهل البيت:
ويكفي للتدليل على هذه الفكرة أن نطلع على بعض الكلمات التي صدرت من الإمام عليه السلام في مراسم التعيين. فعندما طلب المأمون منه أن يخطب أمام الناس فقد خطب موضحاً حقه:" أيها الناس إن لنا عليكم حقاً برسول اللّه صلى الله عليه وآله ولكن علينا حقاً به فإذا أدّيتم إلينا ذلك وجب لكم علينا الحكم والسلام"10.
ثم خطب المأمون فقال: " أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام واللّه لو قرأت هذه الأسماء على الصمّ البكم لبرئوا بإذن اللّه عزَّ وجلَّ"11.

2- توظيف الإعلام لصالح الإمام عليه السلام وقد تم ذلك خلال عدة خطوات:
أصبح أئمة الجمعة يدعون للإمام الرضا عليه السلام كل جمعة وكل مناسبة.ضربت النقود باسم الإمام الرضا عليه السلام في جميع الأمصار.كثرت الخطب والأشعار المادحة للإمام وأهل البيت عليهم السلام .

حتى أن المأمون نفسه قال:
لا تُقبل التوبة من تائب إلا بحب ابن أبي طالب
أخو رسول اللّه خلف الهدى والأخ فوق الخلّ والصاحب12

3- حرية الإمام في المناظرة:
ويكفي أن نعرف أن مناظرات الإمام كثيرة جداً مع كل المذاهب والأديان حتى لقب عليه السلام ب" غيظ الملحدين".
فقد جمع المأمون للإمام عليه السلام ، الجاثليق وهو رئيس الأساقفة، ورأس الجالوت عالم اليهود، ورؤساء الصابئين، وعظماء الهنود من أبناء المجوس، وأصحاب زرادشت، وعلماء الروم، والمتكلمين، و...

4 - نشر فضائل ومقامات أهل البيت عليه السلام :
فقد نشر الإمام عليه السلام فضائل الإمام علي عليه السلام وكراماته، ويكفي أن نعرف أن نفس المأمون في سنة 211 قد أمر أن ينادي:" برئت الذمة ممن يذكر معاوية بخير، وأن أفضل الخلائق بعد رسول اللّه صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب"13

5- حقن دماء المسلمين:
من مكتسبات هذه الولاية حقن الدماء، فقد أصدر المأمون العفو العام عن قيادة الثورات: كزيد وإبراهيم أخو الإمام عليه السلام، ومحمد بن جعفر.

الخلاصة
عاصر الإمام عدد من خلفاء بني العباس وهم هارون، والأمين، والمأمون.
في عهد المأمون استلم الإمام عليه السلام ولاية العهد.
كان هناك عدة أهداف وراء ولاية العهد منها: التهدئة للأوضاع الداخلية، سلب القداسة والمظلومية عن الثورات، إضفاء المشروعية على الخلافة العباسية.
إن الإمام عليه السلام كان مكره اًعلى البيعة، وعند عرضها عليه وقبوله بها قام بعدة اجراءات منها اعلان التهديد، وعدم تدخله في الشؤون السياسية.

هناك عدة نتائج مترتبة على ولاية العهد منها:
-اعتراف المأمون بأحقية أهل البيت عليهم السلام .
-توظيف الإعلام لصالح الإمام عليه السلام .
-حرية الإمام في المناظرة.
-حقن دماء المسلمين.

*محطات من سيرة اهل البيت، سلسلة الدروس الثقافية ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

1- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج8، ص257.
2- راجع: الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليه السلام ، التأليف: لجنة التحرير في مؤسسة طريق الحق، ص2423.
3- تاريخ الإسلام، المنظمة العالمية للحوزات، ج3، ص161 160.
4- راجع: الخامئني، السيد علي، الدروس العظيمة من سيرة أهل البيت عليه السلام ، ص 191 190(بتصرف).
5- الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام ،(م. س)، ص 239 238.
6- عيون أخبار الرضا ج2، ص139.
7- المفيد، الإرشاد، ص290.
8-(م.ن)، ص290.
9- الدروس العظيمة من السيرة(م.س)، ص190.
10- الفصول المهمة، ص256 255.
11- عيون أخبار الرضا،(م.س) ج2، ص147.
12- تذكرة الخواص، ص320.
13- تاريخ الخلفاء، ص247


توقيع : خادم الشيعة
ليس كل من يطلب العدل فهو عادل

متى يأتي العدل كله على ظلم كله
من مواضيع : خادم الشيعة 0 المال
0 فوائد العنب
0 حقوق المرأة
0 قائمة المصابين بعسر القراءة
0 الاصولية الفقهية
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:23 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية