( وَإِذَا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَاِنِّي قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِيْ وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة : 186 .
أين الله ؟ ! لا تسأل نفسك هذا السؤال .. ولكن قل مراراً وتكراراً : أين أنا من الله ؟! إنه لا يخلو منه مكان ، وهو معك يسمعك ويراك ، وهو أقرب إليك من حبل الوريد .
ويروى انه سأل أحدهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قائلا : يا رسول الله ؛ هل ربنا بعيد فنناديه ـ أي نرفع أصواتنا ـ أم قريب فنناجيه ـ أي نهمس إليه ـ ؟ فنزلت هذه الآية الكريمة : ( وَإِذَا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَاِنِّي قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاع..ِ ) .
ولما كانت ليلة القدر الجليلة من شأنها أن تحملك على نسيم لحظاتها المصيرية ، فتسمو وتتغير تغييراً جذرياً . وهذه الليلة هي ليلة الفصل التي من الممكن تطوي ماضيك وتنير مستقبلك .
أما الوسيلة الأكثر تعميقاً لعلاقتك بالله في هذه الليلة هي الدعاء . وقد جاء في المأثور عن أهل البيت ( عليهم السلام ) إن الدعاء مخ العبادة .
إن الدعاء في ليلة القدر حبل يمتد بينك وبين ربك ، فاجتهد بإحراز الاجتهاد والخشوع والحياء مما اقترفت من الذنوب . وليكن في حسبانك أن الله طالما أنعم عليك ، فلم تشكره وأفرطت في جنبه ، ولتعقد العزم على العودة إلى قابل التوبة ؛ الغفور الرحيم ، عودة راج منيب نادم على ماضيه .
وأعلم أنك حينما تسأل ربك بعد اعلان توبتك الصادقة والنصوح ، فإنما تسأل رباً كريماً جواداً غنياً ؛ لا يزداد مع كثرة العطاء إلا جوداً وكرماً ، فسبحانه من إله لا يبخل مهما كثرت المطالب منه . إنك مسؤول في ليلة القدر أن تدعو لأبويك وإخوانك ولكل من يمت إليك بصلة قربى أو صداقة ، كما أن من المهم جدا أن تدعو للأمة الإسلامية لينقذها الله من أزماتها ومشاكلها وأعدائها . في هذه الليلة عليك أن تطلب إلى ربك أن يلغي عن كيان الأمة حالة الحرمان والتخلف والتجزئة والهيمنة الأجنبية ، وأن يخلص شعوبها من المصائب والنكبات التي تعانيها