محرم وتاريخ العزاء الحسيني
السيد هبة الدين الحسيني
في التاريخ مصارع كثيرة.. وفجائع مثيرة يذهل الفكر أمامها حائراً.. ولكن فاجعة كربلاء قد أجمع المؤرخون بأنها من أشد الفجائع أثراً في النفوس... وأقسى المصارع وقعاً على القلوب.. ذلك لما وقع على ساحة الطف في كربلاء بالعراق من مجزرة بآل النبي وأصحابهم يوم العاشر من محرم سنة إحدى وستين للهجرة الموافق لسنة 85 ميلادية . حيث حوصر فيها الإمام أبوعبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب هووآله وفتية من بني هاشم وجملة من أصحابه من أهل العراق والحجاز.. واستُشهدوا جميعاً من قبل الجيش الأموي بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص وبأمر من عبيد الله بن زياد عامل يزيد على الكوفة.. لا لذنب سوى تمسكهم القوي بمبادئهم القويمة.. وإحساسهم القوي بالمسؤولية الملقاة على عواتقهم إزاء السياسة الأموية القائمة... لذلك كلما بدت طلعة العام الهجري تذكّر المسلمون ببالغ الأسى وعظيم التأثر مصارع آل الرسول وأهل بيته وما أمعنه الجيش الأموي فيهم من القتل والتنكيل والتمثيل.. وتذكروا كيف دكّت حوافر خيول هذا الجيش جناجن صدورهم وظهورهم بشكل لم يشهد التاريخ نظيرها فظاعة وبشاعة.. وكيف ساروا برؤوس القتلى على الرماح مع نساء الرسول سبايا إلى الكوفة فالشام باسم سبايا الروم ثم إلى مدينة جدّهم يثرب عاريات في أحزن منظر.. كل هذا والدين الحنيف في أول عهده.. والإسلام في ربيع حياته..
لذلك حين يحل هذا التاريخ من كل عام.. ويهل هلال محرم الحرام يستعد المسلمون في معظم أنحاء المعمورة للتعبير عن شعورهم إزاء هذه الذكرى الدامية وخاصة في يوم العاشر من محرم.. المعروف بيوم عاشوراء حيث يحتفل المسلمون فيه بهذه المناسبة الأليمة متذكرين مصارع آل النبي في كربلاء في حزن عميق وشجن عظيم.. يستعرضون مواقف الإمام الحسين ومن استشهد معه بما يناسبها من الإشادة والتكريم... ومنهم من يبالغ في إظهار شعائر الحزن والأسى حسبما يتصوره ويرتاح إليه حسب تأثره ومعتقده اتجاه هذه الفاجعة الدامية.. التي أثرت في العالم الإسلامي تأثيراً بالغاً ما ظل ملازماً له منذ ذلك الحين أي قبل ألف وقرون الى يومنا هذا... إلى ما شاء الله من أيام الدهر . وقد يتصور البعض أنّ هذه الشعائر والمظاهر التي تقام في العشرة الأولى من محرم الحرام من كل عام من قبل المسلمين في مختلف أنحاء الأرض وبمختلف أشكالها إنّما هي من محدثات العصور الأخيرة في حين أنّ هذا التعبير عن شعور التأثر والتألم تجاه مصرع الإمام الحسين.. إنّما يرقى تاريخه إلى عهد قديم في الإسلام أوهوقريب العهد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.. غير أنّه كان في أول أمره محدوداً جداً وصغير الحجم يقام بمحضر أخص الناس بالحسين كالأعلام من ذريته.. للمؤاساة.. وللتخفيف عن لوعة المصيبة.
اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وال محمد واخر تابع له على ذلك اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين
وشايعت وبايعت على قتاله عليه السلام
اللهم العنهم جميعا