بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
****************************
أحسنت يا "ضد المنحرفين "
بوركت من صاحب يمين
********************
تضرب اعداء الهدى
وترمي بهم في سجين
********************
والسلام من رب رحيم********* والحمد لله رب العالمين
قال تعالى : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } (16) سورة النمل .
قال في فتح القدير: ورثه نبوته وملكه وعلمه وقال ابن كثير: يقول تعالى مخبراً أنه وهب لداود سليمان أي نبياً كما قال عز وجل: " وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ" أي في النبوة وإلا فقد كان له بنون غيره فإنه قد كان عنده مائة امرأة حرائر. قال قيادة والكلبي: كان لداود تسعة عشر ولداً ذكراً فورث سليمان من بينهم نبوته، ولو كان المراد وارثة المال لم يخص سليمان بالذكر لأن جميع أولاده في ذلك سواء، وكذا قال جمهور المفسرين، فهذه الوارثة هي وارثة مجازية كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء" قال القرطبي : قال الكلبي : كان لداود صلى الله عليه وسلم تسعة عشر ولداً فورث سليمان من بينهم نبوته وملكه . ولو كان وراثة مال لكان جميع أولاده فيه سواء ، وقاله ابن العربي ، قال : فلو كانت وراثة مال لانقسمت على العدد ، فخص الله سليمان بما كان لداود من لحكمة والنبوة ، وزاده من فضله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده . قال ابن عطية : داود من بني إسرائيل وكان ملكاً وورث سليمان ملكه ومنزلته من النبوة ، بمعنى صار إليه ذلك بعد موت أبيه فسمي ميراثاً تجوزا.
2 - قال تعالى :{ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً }( 6 ) سورة مريم .
قال القرطبي في تفسيره : حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ فَهَبْ لـي مِنْ لَدُنْكَ وَلِـيًّا يَرِثُنِـي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ قال: يرث نبوّتـي ونبوّة آل يعقوب.
قال ابن كثير : فإن النبي أعظم منزلة وأجل قدراً من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده، وأن يأنف من وراثة عصباته له ويسأل أن يكون له ولد فيحوز ميراثه دونهم هذا وجه. وأنه لم يذكر أنه كان ذا مال بل كان نجاراً يأكل من كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالاً ولا سيما الأنبياء، فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا وأنه قد ثبت في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا نورث، ما تركنا فهو صدقة»
وفي رواية عند الترمذي بإسناد صحيح «نحن معشر الأنبياء لا نورث»، وعلى هذا فتعين حمل قوله {فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِى }[مريم:5، 6] على ميراث النبوة، إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة، إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أن الولد يرث أباه، فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها، وكل هذا يقرره ويثبته ما صح في الحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة».
قال مجاهد : كان وراثته علماً، وكان زكريا من ذرية يعقوب، وروي عن أبي صالح أنه قال: قد يكون نبياً كما كانت آباؤه أنبياء، وقال الحسن يرث نبوته وعلمه، وقال السدي: يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب. وعن أبي صالح قال: يرث مالي ويرث من آل يعقوب النبوة، وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره.
قال ابن كثير : وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يرحم الله زكريا وما كان عليه من ورثة ماله، ويرحم الله لوطاً إن كان ليأوي إلى ركن شديد». وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا جابر بن نوح عن مبارك هو ابن فضالة، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رحم الله أخي زكريا ما كان عليه من وراثة ماله حين يقول: هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب» وهذه مرسلات لا تعارض الصحاح، والله أعلم.
قال النسفي : أي هب لي ولداً وارثاً مني العلم ومن آل يعقوب النبوة ومعنى وراثة النبوة أنه يصلح لأنه يوحى إليه ولم يرد أن نفس النبوة تورث .
قال البغوي : واختلفوا في هذا الإِرث، قال الحسن: معناه يرث ما لي ويرث من آل يعقوب النبوة والحبورة. وقيل: أراد ميراث النبوة والعلم. وقيل: أراد إرث الحبورة، لأن زكريا كان رأس الأحبار. وقال الزجاج: والأولى أن يحمل على ميراث غير المال لأنه يبعد أن يشفق زكريا وهو نبي من الأنبياء أن يرث بنو عمه ماله، والمعنى: أنه خاف تضييع بني عمه دين الله وتغيير أحكامه على ما كان يشاهده من بني إسرائيل من تبديل الدين وقتل الأنبياء، فسأل ربه ولداً صالحاً يأمنه على أُمّتِهِ، ويرث نبوته وعلمه لئلا يضيع الدين. وهذا معنى قول عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما. { وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً }، أي بَرّاً تقياً مرضياً.
قال الثعالبي : قال ابنُ العربي في «أحكامه»: ولم يخف زكريا وارثَ المالِ، وإنما أَراد إرْثَ النبوءة، وعليها خاف أَن تخرج عن عَقِبه .
قال البيضاوي : والمراد وراثة الشرع والعلم فإن الأنبياء لا يورثون المال. وقيل يرثني الحبورة فإنه كان حبراً، ويرث من آل يعقوب الملك، وهو يعقوب بن إسحاق عليهما الصلاة والسلام. وقيل يعقوب كان أخاً زكريا أو عمران بن ماثان من نسل سليمان عليه السلام.