بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
النجف الأشرف مدينة تاريخية مقدّسة ، وحاضرة علمية ودينية عريقة ؛ نشأت حول مرقد الإمام عليّ عليه السلام في ظهر الكوفة عند إظهاره في أواخر القرن الثاني ، ثمّ ورثت الكوفة مكانةً وسكاناً ، وهي اليوم إحدى كبريات المدن العراقية ومراكز المحافظات فيها.
تقع مدينة النجف على حافة الهضبة الصحراوية الغربية من العراق جنوب غرب بغداد على بعد 160كم .. على خط طول44 درجة و 19دقيقة ، وعلى خط عرض 31 درجة و 59 دقيقة، وترتفع فوق مستوى سطح البحر بـ 70م .. يحدّ مدينة النجف من الغرب منخفض بحر النجف متصلاً بناحية الشبكة وبالحدود السعودية ، ومن الجنوب والجنوب الغربي مدينتا الحيرة وأبي صخير على بعد 18كم ، ومن الشرق الكوفة ، وتبعد مسجدها (المركز) بـ 10كم … ويحدّها من الشمال ناحية الحيدرية (خان الحماد) على بعد 30كم … وتبلغ مساحة مدينة النجف 1328كم .. أمّا حدودها الإدارية كمحافظة فهي كالتالي : من الغرب والشمال الغربي المملكة العربية السعودية ومحافظة الأنبار ، ومن الشمال الشرقي محافظة كربلاء ، وبين الشرق والجنوب الشرقي محافظتا بابل والقادسية .وتتألف من ثلاثة أقضية وسبعة نواح وتبلغ مساحتها 494/27كم .. ولا يعنينا الحديث عنها في حديثنا عن تاريخ المدينة. أسماؤها ومناشئها: للنجف عدد من الأسماء أخذت من الموقع والواقع ؛ فأسم النجف عند أهل اللغة يعني التل والمكان الذي لا يعلوه الماء المستطيل المنقاد. قالوا: والنجف بظهر الكوفة كالمسناة تمنع ماء السيل أن يعلو منازل الكوفة ومقابرها .
ومن أسمائها الغري: وهو الحَسِن من كلّ شيء . والغري أيضا : المطلي بالغراء ، مفردها الغريان: وهما بناءان كالصومعتين مشهوران بظهر الكوفة بناهما بعض ملوك الحيرة أمثال (المنذر بن ماء السماء)
قال الحموي: ويجوز أن يكون اسم الغري مأخوذاً من كلّ واحد من هذين .
وللنجف عدة أسماء أُخرى منها : المشهد ؛ وهو ما ذكره ابن جبير وابن بطوطة في رحلتيهما ، وهو تسمية للكلّ باسم البعض الأظهر والأشرف فيها ، وهو مشهد القبر المقدس ، وما زال هذا الاسم متداولاً حتّى الآن لدى سكانها ، فيقال: مشهدي في النسبة ، والمشاهدة .. وللنجف الموقع أسماء أُخرى منها ما كان معروفاً تأريخياً ، ومنها ما ورد في أحاديث الأئمة من أهل البيت عليهم السلام كـ : بانقيا ، والجودى(4) والغربي ، واللسان ، والربوة ، والطور ، وظهر الكوفة. تاريخها ما قبل الإسلام ، وما قبل التمصير: ورد في أخبار الأئمة من أهل البيت عليهم السلام : أنّ في بقعة النجف قبرا آدم ونوح عليهما السلام ، وإنّ الإمام دفن عندهما بإعلامه ووصيته ، وأنّ فيها أيضاً وعلى مسافة 1كم قبرا هود وصالح ، وأنّ مرتفعهما بقايا جبل قديم هو جبل الذي قصده ابن نوح في قوله تعالى: (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله) ( .
وكان متصلاً بالشام فأنهار الجبل وساخ.. ووردت أخبار أُخرى لم يتحقق من صحتها من الخارج والداخل ولكن مضمونها واحد هو التأشير إلى قدّسية هذه البقعة وشرفها قديماً .
والمعروف تاريخياً : أنّ المنطقة في العهد الجاهلي كانت متنـزهاً لملوك الحيرة اللخميين.. وأنّها كانت مكانا تعمره الأديرة المسيحية التي يقوم على شؤونها القسيس والرهبان ، ومنها دير ابن مزعوق ودير مارت مريم ودير حنا ، وظلت هذه الأديرة قائمة في العهد الإسلامي حتّى بعد تمصير الكوفة سنة 17هـ ، فقد ذكروا أنّه كان يقصدها بعض مُجّان الكوفة وشعرائها للقصف واللهو…. وفي العصر الإسلامي، مرت على هذه المنطقة أحداث تاريخية هامة: ففي سنة 12هـ نزل النجف خالد بن الوليد بعد فتح اليمامة يريد الحيرة فتحصّن منه أهلها بالقصر الأبيض ، وقد حدثت فيها واقعة البويب.. وفي سنة 14هـ كانت النجف ساحة حرب يتبادل النـزال فيها المسلمون والفرس وفي منطقة (بانقيا) أحد أسمائها أخذت أوّل جزية في الإسلام من الفرس . لكن واقع طبيعتها السياحية الجميلة ، ومناخها المعتدل ، وجمال أوديتها ، ووفرة الصيد فيها وتلاعها ، والمنظر البحري بجانبها ظل قائماً حتّى عصر الخليفة الواثق وبدايات السكنى فيها يظهر ذلك من هذا الوصف الرائع لها في قصيدة لإسحاق بن إبراهيم الموصلي المتوفّى سنة 235هـ ، وكان قد خرج مع الواثق للتنـزه والصيد في المنطقة ، قال: ما أن أرى الناس في سهلٍ ولا جبلٍ أصفى هواءً ولا أغذى من النجفِ كأنّ تربته مسكٌ يفوح بـــه أو عنبر دافه العطار في صــدفِ حفّت ببرٍ وبحرٍ من جوانبهــا فالبرُ في طرفٍ والبحرُ في طـرفِ
وبين ذاك بساتين يسيحُ بهـــا نهرٌ يجيش بجاري سيله القصــفِ تلقاك منه من قبيل الصبح رائحة تشفي السقيـم إذا أشفى على التلف لوحله مدنف يرجو الشفاء بـه إذا شفاه من الأسقام والدنـــفِ .
تمصيرها وأسبابه: نزل الإمام عليّ أمير المؤمنين الكوفة بعد حرب الجمل ، واتخذها عاصمة لخلافته سنة 36هـ لعوامل سياسية وعسكرية تتصل بموقعها المهم وسط العالم الإسلامي ، واصبح ظهر الكوفة (الثوية) مقبرة للمسلمين في الكوفة ، وفيهم عدد كبير من الصحابة والتابعين.. وكان أوّل من دفن في النجف الصحابي الجليل خبّاب بن الأرت الذي صلّى عليه الإمام عليّ عليه السلام وذلك في سنة 37 هـ ، وفي سنة 40هـ اغتيل الإمام عليّ عليه السلام في محرابه في مسجد الكوفة في الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان . تحديد مكان القبر الشريف: قبل يوم استشهاده في اليوم الثالث أوصى أن يدفن في قبر أعدّه واشترى ما حوله في ظهر الكوفة يقع بعد الثوية(9) لمن يأتي من جهة الكوفة ، ووراء القائم قريبا من النجف(10) قريباً من النجف(11) يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة بين الذكوات البيض(12) قريبا من قبري هود وصالح جوار قبري آدم ونوح(13) .
ودفن علية السلام ليلاً خفية واحتياطا من أن تهتك حرمة القبر على يد الأُمويين والخوارج. وقد تولّى دفنه الإمامان الحسن والحسين (ع) وأخوهما محمّد بن الحنفية (رض) وعبد الله بن جعفر (رض) ، واتبعهما جماعة من خلص الشيعة وشاهدوا عند القبر كرامة باهرة تتصل بمنـزلة الإمام ومقامه.
صورة جويه لمدينة النجف اخذت في اذار 1918
مدينة النجف من البوابة الرئيسية(شارع الكوفة) - آذار 1911:
صورة نادرة لزائري الامام علي عليه السلام الى النجف مشيا على الاقدام اخذت في سنه 1911
صورة مرتفع "بحر النجف" وهو بقايا حوض المجرى القديم الجاف لنهر الفرات (بمحاذاة المدينة القديمة):
آذار 1911:
النجف الأشرف مدينة مقدسة ومركز مهم من مراكز العلم والزيارة وحاضرة الفكر الإسلامي خرّجت أجيالاً من العلماء والفقهاء وأصحاب الفكر الذين لا تزال آثارهم وأعمالهم تملأ مشارق الأرض ومغاربها وقد سمّيت بهذا الاسم لارتفاع موضعها وكونها كالمسناة لما حولها من المواضع وقيل إنه كان فيها بحر يقال له: (ني) ثم جف فقيل (ني جف) ثم خففت فصارت نجف وكذلك تسمى الغري نسبة إلى الغريين. وهي مدفن قبل أن تكون مسكناً لما ورد في جملة من الآثار من أن عذاب البرزخ يخفف عن المدفونين فيها وأن المبيت فيها عبادة كما ورد عن الإمام زين العابدين(عليه السلام). وقد اكتسبت أهمية عظيمة ونالت شرفاً لا يطاول بما ضمت من جسد أفضل شخصية عرفها التأريخ بعد رسول الله(ص) ألا وهو مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) كما زادها شرفاً وجود مشاهد ومواضع مشرفة لبعض الأنبياء(عليهما السلام) والأئمة الطاهرين(عليهما السلام) وبعض الصلحاء والموالين لأهل البيت(عليهما السلام) ونوجز في ما يلي أسماء المراقد والمشاهد المشرفة وهي:
مرقد الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)
الأول: مرقد الإمام أمير المؤمنين ووصي رسول الله وباب مدينة علمه إمام المتقين ويعسوب الموحدين وأبي الأئمة الطاهرين ووصي المصطفى الأمام المرتضى أبي السبطين الصديق الأكبر مولانا علي ابن أبي طالب(عليه السلام).
ولادته: في يوم الجمعة 13 رجب الأصب بعد عام الفيل(1)بثلاثين عاماً وكان مولده في البيت الحرام بمكة المكرمة سنة600 ميلادية وهو وليد الكعبة. وأبوه أبو طالب شيخ البطحاء ومؤمن قريش واسمه عبد مناف، وهو أخو عبد الله أبو النبي لأمه وأبيه، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، فهو أول هاشمي ولد بين هاشميين.ولقد كانت فاطمة بنت أسد لرسول الله(ص) بمنزلة الأم لأنه ربي في حجرها وهو ابن ثمان سنين وكفنها رسول الله(ص) بقميصه ليحفظها من ضغطة القبر. وسماه أبوه عليا ويكنى أبا الحسن وأبا الحسنين وأبا السبطين وأبا تراب (وهي أحب كناه إليه لكون النبي(ص) كناه بها مذ رآه ساجداً معفراً وجهه في التراب). وإن الرسول(ص) هو الذي رباه وأن علياً أول من أسلم.
علمه: قال ابن المسيب: (ما كان أحد يقول سلوني ،غير علي). وقال ابن عباس: (أُعطيَ عليّ تسعة أعشار العلم ووالله لقد شاركهم في العشر الباقي). وقال عمر بن الخطاب : (ما معضلة إلاّ ولها أبو الحسن).
الحروب التي شارك فيها: فقد شهد مع النبي(ص) بدراً وأُحداً والخندق وبيعة الرضوان وخيبر والفتح وحنيناً والطائف وسائر المشاهد إلا تبوك فإن النبي(ص) استخلفه على المدينة وقال له: ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبيَّ من بعدي).وله في جميع المشاهد آثار مشهودة.فقد قال
رسول الله (ص): ( لولا أموال خديجة وسيف علي لما استقام الإسلام).
مات شهيداً بعد ثلاث ليالٍ من ضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله في محرابه في مسجد الكوفة عند أداء فريضة الفجر وهو يوم 19 من شهر رمضان وتوفي بعدها ليلة أحدى وعشرين في الثلث الأول من الليل.ولما قبض(عليه السلام) غسلّه الحسن الحسين(عليهما السلام) ومحمد بن الحنفية يصب الماء ثم كُفِّن وصلى عليه ابنه الإمام الحسن(عليه السلام) ثم حمله الحسنان(عليهما السلام) ومحمد بن الحنفية وعبد الله بن جعفر وخواصه ودفن في (الغريين) من (نجف الكوفة) بأمر منه ودفنوه ليلاً، وعفوا موضع قبره بوصية منه خوفاً من الخوارج وبني أمية أن ينبشوا قبره. ولم يزل قبره مخفياً لا يعلمه أحد غير أهل بيت العصمة(عليهما السلام) وخواص شيعته حتى دلّ عليه الإمام جعفر الصادق(عليه السلام).
ما قيل في حقه(عليه السلام): روى ابن أبي الحديد وأبن عبد البر وغيرهم (أن معاوية بن أبي سفيان قال لضرار بن ضمرة صف لي علياً، قال: اعفني. قال لَتصفنه، قال: أما إذا كان لا بد من وصفه فإنه: كان والله بعيد المدى، شديد القوى يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، و تنطق الحكمة من نواجذه، وكان حسن المعاشرة، سهل المباشرة، يستوحش من الدنيا وزهواتها، ويأنس بالليل ووحشته، وكان غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلّب كفه ويحاسب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، كان فينا والله كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، ويدنينا إذا أتيناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له، فإذا تكلم فكأنه اللؤلؤ المنظوم، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله، وأشهدُ لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين ويقول: (يا دنيا غرّي غيري، بي تعرضتِ؟ أم إليَّ تشوقتِ؟ هيهات لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيها، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كبير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق). فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال حزن من ذبح ولدها في حجرها، فهي لا ترقأ عبرتها ولا تسكن حرّتها).
فضل زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام): في أماني المفيد(قدس سره) بإسناده عن الصادق(عليه السلام) قال: (من زار أمير المؤمنين(عليه السلام) عارفاً بحقه غير متجبر ولا متكبر كتب الله له أجر مائة ألف شهيد وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبُعِث من الآمنين وهوّن عليه الحساب واستقبلته الملائكة فإذا انصرف شيّعته إلى منزله فإن مَرِض عادوه وإن مات تبعوه باستغفار إلى قبره).
عن عبد الكريم بن طاووس بالإسناد عن أبي عامر عن الصادق(عليه السلام) عن أبيه(عليه السلام) عن جده الحسين بن علي(عليه السلام) عن علي(عليه السلام) عن رسول الله(ص) قال له : (والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن قلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها فقال لي: يا أبا الحسن إن الله تعالى جعل قبر ولدك بقاعاً من الجنة وعرصة من عرصاتها وان الله جعل قلوب نجباء من خلق وصفوة من عباده تحن إليكم وتحتمل المذلة والأذى فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقرباً منهم إلى الله ومودة منهم لرسوله أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي الواردون حوضي هم زواري غداً في الجنة. يا علي من عمر قبركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان ابن داود (عليه السلام )على بناء بيت المقدس ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه فأبشر وبشر أولئك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيّرون زوار قبوركم كما تعير الزانية بزناها أولئك شرار أمتي لا أنالهم الله شفاعتي ولا يردون حوضي).
المرقد الشامخ- الامام علي بن ابي طالب- من جهة باب القبلة
شارع الرسول
السوق الكبير في مدينة النجف الاشرف
هنيئا لزائريك سيدي
يسم الله الرحمن الرحيم
الاية الصريحه في القران الكريم بحق الامام علي عليه السلام
إنّما وليّكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون
صدق الله العلي العظيم
نور وشموخ وعلو ورفعه القبه والمنائر
يتبع