قوانين الإلهية والسنن الكونية ثابتة غير قابلة للتبديل أو التغيير، ومن أخذ بها والتزم بقواعدها سعد وفاز في الدين والدنيا والآخرة.. بينما ستحل لعنة التاريخ والأجيال على من يحيد عن خط هذه السنن.. ناهيك عن خزي الآخرة (إنك من تدخل النار فقد أخزيته) ولم يستثن من هذه القاعدة أي مبدأ أو قانون وضعي، أو سماوي محرّف، وبما أنّ الشريعة الإسلامية هي الأخرى ثابتة لا تبديل عليها أو تحويل لأنّ هناك من يحفظها ويرعاها.. أما الذي يسقط فهم القائمون على هذا المشروع والذين أخذوا على عاتقهم تنفيذ بنوده ثم يحاولون الأخذ بآرائهم القاصرة، تاركين ما أمر الله به وراء ظهورهم، وهذا هو السبب الرئيسي لتفاقم حالة السـقوط التي حلت بأغلب البلدان الإسلامية وجعلها عرضة للتخلف والانحطاط والتبعية.
والمشروع الإسلامي، مشروع حيوي قابل للعودة إلى الحياة طارحاً برنامجه بقوة ومحاولة انتشال المسلمين ـ إن أرادوا ذلك ـ وعودة الحضارة الإسلامية من جديد.
كل هذا يطرحه كتاب (سقوط بعد سقوط) الذي يأخذ فيه المؤلف بيدنا إلى هذه الحيوية الكامنة في القانون الإسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان، ويثبت أن هذا التراجع الذي حصل ما هو إلا نتيجة إعراض المسلمين عن تبني تطبيقاته، حيث يبين المؤلف الأسباب الحقيقية لهذا الانكماش الذي جرى للأمة الإسلامية بسبب الابتعاد عن الدين أولاً، وكذلك بسبب قلة الوعي في فهم الحياة، وقد ميّـز سماحة المؤلف بين نوعين من السقوط الذي انتاب كيان الأمم بصورة عامة والأمة الإسلامية بالخصوص، فيعتبر السقوط الديني وهو النوع الأول مقدمة حتمية للسقوط الدنيوي، موضحاً ذلك بأمثلة عصرية، وستنبئنا فصول هذا الكتاب عن دراية عميقة لمشاكل المسلمين وعوامل نهضتهم من جديد والتي أطلق عليها الكاتب (اسباب النهوض)، عبر تفكيك هذه المشاكل وطرحها على أرض الواقع، بحيث يبين الأسباب والنتائج بطريقة بحثية عملية واقعية..