قصة حب حاربها المأمون فمن أنصفها ؟؟؟
ما لذي دهى ذلك الرجل ؟..
ماذا دهاه ؟ يكاد لا يبصر خطاه .. لكأن أزقة المدينة متاهات يضيع فيها القلب الذي ينبض بالحب ..
فؤاده يخفق ,يكاد يحطم قضبان القفص الصدري ليتحرر من هذا السجن ليستحيل إلى طائر أبيض يحلق بين الغيوم .
الذين يعرفون ذلك العلوي الشاب ,يعرفون حكاية حبه ..وأصعب شئ على المحب أن يهوى حبيباً لا يستطيع له وصلاً .. الذين يعرفونه يعرفون سرّه ..سرّ حبّه لتلك الجارية الوضيئة ..لقد خفق قلبه لها ,وهو لا يستطيع أن يملكها .. ليس في حوزته مالاً يكفيه لقد حطم هارون الرشيد حياة العلويين ,فالعلوي نخلة معطاء فإذا منعت الماء قوت تموت لكنها تموت واقفة ولا يكتشف المرء ذلك إلا فجأة .. لكأنه سليمان يموت واقفاً ولا يكشف عن موته سوى دابّة الأرض تأكل منسأته ..
كانت سياسة هارون أن يجوع أبناء علي حتى الموت أن يجوعوا فلا همّ لهم إلا رغيف الخبز يتأودون به ,وأن يعروا حتى لا يجدوا ثوباً يسترون به أجسادهم وأن لا يتزوجوا حتى ينقطع نسلهم ..
فمن أين لذلك العلوي ما يمكنه أن يملك تلك الفتاة التي دخلت روحه وخفق لها قلبه ؟
وفيما كانت قصور الخلافة في بغداد تموج بالجواري الحسان كان ذلك الشاب قد خفق قلبه لجارية لا يستطيع أن يتزوجها لأنه لا يستطيع أن يملكها فيعتقها كان يمر في ذلك الزقاق كل يوم وربما تعلل بما يجعله ينظر نظرة منها أو إليها ثم يعود أدراجه ليذهب مرة أخرى ..
ولكن ماذا دهاه ذلك الأصيل إنه لا يكاد يبصر طريقه ..
لقد أظلمت عليه الدنيا ..اهكذا يفعل الحب في النفوس ,فإذا غاب وجه الحبيب انطفأت الشمس , و انكدرت النجوم وأفل القمر ؟!
ماذا حصل ..هل وقع لها مكروه ؟..لم يكن هناك مفر من أن يسأل الجيران .
قالوا له :لقد بيعت .
وخفق قلبه كطبل مجنون :
-من اشتراها ؟!
-لا نعرف
و غامت المرئيات أمام عينيه ,ماذا يفعل ؟ وأين يبحث عنها ؟وقادته قدماه إلى منزل في المدينة ..فيه قلب ينبض بالحب حب الناس جميعاً .
هتف عندما رآه :
-لقد بيعت!!
كانت صرخة تلخص مأساته كلها , وابتسم محمد قائلاً:
- هل تدري من اشتراها؟
قال العاشق بحزن مرير :
- كلا .
قال الإمام الشاب :
هلمّ معي .
فانطلقا .. حتى إذا وصلا بستاناً مليئاً بالظلال الوارفة دخلاه فإذا منزل منيف في وسطه .. منزل يشبه محارة في الشاطئ .
ومضى الإمام باتجاه القصر الجميل .. ظن المحب أن هذه الدار هي لسيد الجارية الجديد .. فقال :
- وكيف أدخل داراً وهي ليست لي ولم يؤذن ؟!
- ادخل !
قالها الإمام بحزم ..
ودخل .. كان المنزل هادئاً , وحانت منه التفاتة فإذا فتاة جالسة كلؤلؤة وخفق قلبه لها وقال الإمام وقد أشرقت في محياه ابتسامة :
أتعرفها ؟
وأطرق العاشق :
نعم يا سيدي
قال الإمام سعيداً:
هي لك .. والقصر أيضا وحتى البستان والغلّة التي فيه ..بل وجميع ما في القصر ..فأقم هنا .
واهتز المحب .. كمن يخرج من الظلمات إلى النور .. من اليأس القاتل إلى الأمل بالحياة السعيدة هتف من أعمق نقطة في قلبه :
ما اخطأ الذي دعاك جواداً
ومضى الإمام خارج القصر وقد تفجرت ينابيع السعادة في المكان .
----------------------------------
ستسألون : ومن أين للإمام أن يشتري قصراً وجارية ؟؟!!
كان المأمون داهية كما قرّب منه الامام الرضا ثم قتله بالسم دون ان يدري أحد ..قرّب إبنه الجواد وزوجه ابنته وصار يعطيه خمسة ألاف كدخل شهري ...
الامام الجواد لم يغير نمط حياته بل صرف امواله في خدمة الناس ..
ياترى في ناس تحس وتساعد اليوم ؟؟!!! وتؤمن بشي اسمه مشاعر ؟؟
ربما ................؟؟؟؟
الجواد هو الإمام التاسع من أئمة أهل البيت عليهم السلام ..هو محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام
المأمون حاكم عباسي ظالم ولكن التاريخ يشهد له ولأبيه هارون بالذكاء والحكمة والدهاء وقد استخدموه لمصالحهم الدنيوية
لقد أصبحت حياة الناس مرتبطة بما يرضاه الحاكم ومالايرضاه!!! فعجباً كل العجب من كل زمان
القصة مقتبسة من رواية " وكان تقياً " للكاتب كمال السيد
تحياتي : عاشقة نصر الله