السيّدة أسماء هي أُخت السيّدة ميمونة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد تزوّجت أوّلاً من جعفر بن أبي طالب ، الملقّب بجعفر الطيّار ، وهاجرت معه إلى الحبشة ، وبعد أن استشهد جعفر في معركة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة ، تزوّجت من أبي بكر ، وبعد وفاة أبي بكر تزوّجها الإمام علي ( عليه السلام ) .
أولادها :
عبد الله ومحمّد وعون من جعفر بن أبي طالب ، ومحمّد من أبي بكر ، ويحيى من الإمام علي ( عليه السلام ) .
مكانتها :
كانت أسماء من الرائدات في الإسلام ، ومن أصحاب النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) والإمام علي ( عليه السلام )
ومن الثابتات على حبّ أهل البيت ( عليهم السلام )
فمنذ أن قدمت المدينة أصبحت للزهراء ( عليها السلام ) كالأُم الحنون التي تثق بها ، وتفشي لها أسرارها ، حتّى أنّ السيّدة أوصتها بإعداد تابوت لها لا يبدو من خلاله حجم بدنها ، كما أنّها أعانت الإمام علياً ( عليه السلام ) في تغسيل السيّدة الزهراء ( عليها السلام ) بوصية منها .
وأسماء هي ممّن شهد في قضية فدك على كذب حديث : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة ) ، إلاّ أنّ أبا بكر لم يقبل شهادتها .
أقوال الأئمة ( عليهم السلام ) فيها : نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( رحم الله الأخوات من أهل الجنّة ) فسمّاهن فكانت أسماء بنت عميس أولاهن (1) .
2ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( الأخوات المؤمنات ... وأسماء بنت عميس امرأة جعفر ) (2) .
3ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( كان النجابة ـ لمحمّد بن أبي بكر ـ من قبل أُمّه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها لا من قبل أبيه ) (3) .
ممّن روت عنهم : نذكر منهم ما يلي :
النبي الأكرم ، السيّدة الزهراء ، أسماء بن يزيد الأنصارية .
الراوون عنها : نذكر منهم ما يلي :
ابنها عبد الله بن جعفر ، حفيدها القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، حفيدها أم جعفر وأم محمّد ابنتا محمّد بن جعفر ، السيّدة زينب والسيّدة فاطمة ابنتا الإمام علي ( عليه السلام ) ، الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، فاطمة بنت الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، عبد الله بن عباس .
هجرتها :
هاجرت السيّدة أسماء مع زوجها جعفر إلى الحبشة ، وتحملّت الأذى في سبيل الله من القريب والبعيد .
وعندما عادت من أرض الحبشة إلى المدينة المنوّرة قال لها عمر : يا حبشية ، سبقناكم بالهجرة ، فنحن أحق برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منكم ، فغضبت وقالت : كذبت يا عمر ، كلاّ والله ، كنتم مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم ، وكنّا في أرض البعداء البغضاء في الحبشة ، وذلك في الله وفي رسوله ، وأيم الله لا أطعم طعاماً ، ولا أشرب شراباً حتّى أذكر ما قلت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ... .
فأتت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأخبرته بمقالة عمر ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) لها : ( ليس بأحق بي منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان ) (4) .
حزنها على زوجها جعفر :
قالت أسماء بنت عميس : أصبحت في اليوم الذي اصبب فيه جعفر وأصحابه ، فأتاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فدخل عليّ وكنت قد أخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم ، قال : ( يا أسماء أين بنو جعفر ) ؟ فجئت بهم إليه ، فضمّهم وشمّهم ثم ذرفت عيناه فبكى ، فقلت : يا رسول الله لعلّه بلغك عن جعفر شيء ؟ قال : ( نعم إنّه قتل اليوم ) ، فقمت أصيح واجتمع إلي النساء ، فجعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( يا أسماء لا تقولي هجراً ، ولا تضربي صدراً ) .
ثم خرج عنّي حتّى دخل على فاطمة ( عليها السلام ) وهي تقول : ( وا ابن عمّاه ) ، فقال : ( على مثل جعفر فلتبك الباكية ) ثم قال : ( اصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم ) (5) .
ورثت أسماء بنت عميس جعفر بهذه الأبيات :
يا جعفر الطيار خير مضرب ** للخيل يوم تطاعن وتشاح
قد كنت لي جبلاً ألوذ بظلّه ** فتركتني أمشي بأجرد ضاحي
قد كنت ذات حمية ما عشت لي ** أمشي البراز وأنت كنت جناحي
وفاؤها للزهراء ( عليها السلام ) :
روي في تزويج فاطمة ( عليها السلام ) : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمر النساء بالخروج فخرجن مسرعات إلاّ أسماء فقد تأخّرت ، فدخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) تقول أسماء : فلما خرج رأى سوادي ، فقال : ( مَن أنتِ ) ؟ ، فقلت : أسماء بنت عميس ، قال : ( ألم آمرك أن تخرجي ) ؟!! فقالت : بلى يا رسول الله ، وما قصدت خلافك ، ولكن كنت حضرت وفاة خديجة فبكت عند وفاتها ، فقلت لها: تبكين وأنت سيدة نساء العالمين ، وزوجة رسول الله ، ومبشّرة على لسانه بالجنّة ؟!! فقالت : ما لهذا بكيت ، ولكن المرأة ليلة زفافها لابد لها من امرأة ، وفاطمة حديثة عهد بصبا ، وأخاف أن لا يكون لها مَن يتولّى أمرها ، فقلت لها : يا سيّدتي ، لك عهد الله عليّ إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامكِ في ذلك الأمر .
فبكي ( صلى الله عليه وآله ) وقال : ( فأسأل الله أن يحرسك من فوقك ، ومن تحتك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك ، من الشيطان الرجيم ) (7) .
وفاتها :
توفّيت السيّدة أسماء ( رضي الله عنها ) عام 40 هـ .