|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 30365
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 1,092
|
بمعدل : 0.19 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
موقف الإمام (عليه السلام) من الخلافة والخلفاء
بتاريخ : 07-10-2010 الساعة : 11:43 PM
وقد تفرغ الإمام الصادق (عليه السلام) لأداء الرسالة العلمية، واستغنى عن طلب الرئاسة والسلطة السياسية(1، في حين أنه كان يحمل على عاتقه عبء الحفاظ على مكانة بني هاشم وعلى دمائهم، لأن الإمام (عليه السلام) كان أكبرهم منزلة. وفي سنة (125 هـ 743 م) قتل همه يزيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) في حرب بني أمية، وكان لها وقع شديد في نفس الإمام (عليه السلام)، وزاد موقفه حرجاً. وزاد ثقل العبء على كاهله، غير أنه استطاع بمقدرته ولباقته اجتناب غضب بني أمية بزهده في دنياهم واعتزاله في بيته ومدرسته، حيناً في المدينة وحيناً في الكوفة، منصرفاً إلى افادة طلاب العلم والعبادة.
ثمَّ جاءت الدولة العباسية، فظن البعض أن الغمة قد انجابت، فإذا ببني العباس أشدّ إلحاحاً في تعقب آل علي (عليه السلام) من بني أمية، فاستمر الإمام (عليه السلام) في عزلته وانصرافه إلى التعليم والافادة.
وكانت أيام السفاح (أول الخلفاء العباسيين) أربع سنين، وهي مدة غير كافية للقضاء على بني أمية قضاءاً مبرماً، ولا لبناء أسس الملك وترسيخ دعائمه. ولكنه مع ذلك لم يدع الصادق (عليه السلام) وشأنه، بل بعث إليه من يتعقبه من المدينة المنورة إلى الحيرة ليفتك به، وكان دافعه في الإِقدام على هذا العمل الشائن ضدَّ رجل اشتغل بالعبادة والتعليم والارشاد، فضلا عن كونه من أبناء عمومته، خوفه من أن يتجه القوم إلى الصادق (عليه السلام) ويعرفوا منزلته. وكانت الناس إلى ذلك العهد، ترى أن الخلافة جماع للسلطتين الروحية والزمنية، ولا تراها سلطاناً خالصاً مبتوت الصلة بالدين.
وبسبب هذه الخشية ترصد المنصور للصادق (عليه السلام)، فرأى الإمام (عليه السلام) منه ضروباً من الآلام والمكاره. قال ابن طاووس: إن المنصور دعا الصادق (عليه السلام) سبع مرات كان بعضها في المدينة والربذة حين حج المنصور، وبعضها يرسل إليه إلى الكوفة، وبعضها إلى بغداد، وما كان يرسل عليه مرة إلا ويريد فيها قتله(2).
وقال ابن حمدون: كتب المنصور إلى جعفر بن محمد (عليه السلام): (لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ فأجابه ليس لنا ما نخافك من أجله، ولا عندك من أمره الآخرة ما نرجوك له. ولا أنت في نعمة فنهنئك، ولا تراها نقمة فنعزيك بها، فما نصنع عندك؟).
قال: فكتب إليه: تصحبنا لتنصحنا.
فأجابه: من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك.
فقال المنصور: (والله لقد ميز عندي منازل الناس، من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة)(3).
نعم إن الإمام الادق، بزهده في دنياهم، وبحذره ولباقته ومقدرته استطاع أداء تلك الرسالة العلمية الخالدة، وقُدّر للشيعة أن ينتسبوا من بين الأئمة الإثني عشر إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وأن يشتهروا بالجعفرية بفضل ما ترك الصادق (عليه السلام) من التراث العلمي.
1 - يقول الشهرستاني انه (عليه السلام) ما تعرض للامامة قط. ولا نازع احد الخلافة، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط، ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حظ.
2 - بحار الأنوار 47: 185.
3 - بحار الأنوار 47: 184.
|
|
|
|
|