نبذة عن شيخ الأنصار حبيب بن مظاهر الأسدي للشيخ فوزي ال سيف
بتاريخ : 03-08-2022 الساعة : 09:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
اليكم نبذة عن شخصية ناصر سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام وهو سيدنا حبيب بن مظاهر للشيخ المحقق فوزي آل سيف
كتابة الأخت إيمان - البحرين :
قال تعالى: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"
من هذه الآية المباركة ننطلق في الحديث عن أحد أصحاب الإمام الحسين(ع) وهو حبيب بن مظاهر الفقعسي الأسدي، والجدير بالذكر أن الإمام الحسين عليه السلام تمثل بالآية المباركة عندما كان يؤبّن مسلم بن عوسجة الأسدي ومعه حبيب بن مظاهر، فالتفت الإمامُ الحسين إلى مسلم وهو ينازع في لحظاته الأخيرة، فتلا هذه الآية: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ= مشيرا إلى مسلم، وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ= مشيرا إلى حبيب، والجامع المشترك بينهما: وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا.
حبيب بن مظاهر الأسدي:
أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله كما جاء في كتاب الإصابة لابن حجر العسقلاني في مدرسة الخلفاء، والذي يعتبر من أعاظم علمائهم حتى أنهم يشبهونه بشيخ الطائفة الطوسي عند الإمامية، كيف أن شيخ الطائفة الطوسي عند الإمامية له هذه المكانة والموقعية، ويُعتبر من المؤسسين في الثقافة الدينية عند الإمامية لكثرة كتبه ونظرياته، كذلك هو الحال في ابن حجر العسقلاني والذي هو شافعي المذهب وتوفي سنة 825 هـ، وله كتب كثيرة، من جملتها كتاب الإصابة في معرفة الصحابة، ذكر في الكتاب اسم حبيب بن مظاهر الفقعسي الأسدي الذي استشهد مع الحسين في كربلاء بعنوان: ممن أدرك رسول الله (ص)، وهذا بناءً على التعريف العام للصحابة وصحبة رسول الله، يكون من أصحاب النبي، بناءً على هذا التعريف.
ذكرنا في ليلة مضت قضية الصحابة، والنظرية التي جعلت على أساس هذا العنوان، وعندنا نعنون بعض أصحاب الحسين بأنهم من صحابة رسول الله، هذا لا يعني أننا نعطي لنهضة الحسين قيمة إضافية وشرعية لأن صحابة النبي شاركوا فيها، وإنما العكس هو الصحيح، فمن كان شهيدا مع الحسين من أصحاب رسول الله، هذا ما يعطيه الفضل، وهذه المواقف هي التي تعطيه القيمة، ولكن ضمن التصنيف عندما يُذكر بعض الأصحاب، يذكر أنهم من أصحاب النبي، وقد طبقوا ما سمعوه ووعوه من رسول الله فأدركوا كربلاء، وهذا ما أعطاهم قيمة وميزة.
فحبيب بناءً على ما سبق، يكون ممن أدرك رسول الله (ص) لكن دوره الأكبر وشخصيته المتبلورة أكثر كانت في زمان أمير المؤمنين عليه السلام، فقد كان من جملة الأشخاص القلائل الذين اختصهم الأمير بعلم المنايا والبلايا..
علم المنايا والبلايا:
تشير الروايات للآل الكرام أن من جملة الامتيازات التي يمتلكونها هي أن عندهم علم المنايا والبلايا، وتعددت الروايات في ذلك عن الباقر والصادق والرضا وعدد من الإئمة، حيث كانوا يشيرون لوجود هذا العلم لديهم، وعلم المنايا والبلايا هو نافذة على عالم الغيب، فالله له علم الغيب الشامل العام بكل شيء، وفي كل الموارد. قد يختص الله بعض خلقه من الأنبياء والأوصياء بنافذة من نوافذ الغيب، بوابة تشرف على عالم من الغيب محدودا وليس كاملا، بل ضمن دائرة معينة: "عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ"، وهذا الإطلاع على عالم الغيب له آثارا عقائدية، مثل أن الناس عندما يرون شخصا قد أطلعه الله على جزء من الغيبيات، يثقون بأن لديه منزلة خاصة عند الله، ولو ادّعى النبوة والإمامة إذا أتى بما يناسبهما، يُقبل قوله، حيث أن عنده علم لا يوجد لسائر الناس، فيطلع الله بعض خلقه من أنبياء أو أوصياء، ليس بشكل كيفي أو مطلق، وإنما هو تبع الحكمة وحدودها، فقد تكون مسألة غيبية واحدة وقد تكون أكثر.
في عقيدتنا أن الله أطلع بعض عباده على غيبه من الأنبياء والأوصياء، والتاريخ يشهد شهادات متكررة من أن الأوصياء والأئمة المعصومين كان لديهم إطلاع على الغيب بتعليم الله بمقدار معين، وطبقا للحكمة الإلهية، فعندما يكون لهذا الوصي علم غيب، قد يطلع بعض تلامذته وأتباعه على شيء من هذا العلم لحكمة معينة.
ما هو علم المنايا والبلايا؟
إنه علم المستقبل، فالإنسان في مستقبل حياته إما يتعرض إلى نعم، أو يتعرض إلى ابتلاءات، ثم يموت في آخر الأمر إما ميتة طبيعية، أو على ضلال أو على هداية، أي كيف يموت الإنسان، وعلى أي حال من الصلاح والطلاح، وعلم البلايا هو ما يبتلى به المعصوم من مشاكل وأمراض وغيرها، وهذا كان موجود عند المعصومين، ولحكمة ما أطلع الأئمة بعض أصحابهم على هذا الأمر، وهذا يبين أن المستوى العقلي والذهني والاستيعاب عند الشخص مستوى عالي جدا، فلا يطلع كل إنسان على هذا، وليس فقط علم المنايا والبلايا، بل أن بعض القضايا والأفكار إذا تطلع عليها شخص ما، يزداد إيمانا، وآخر يزداد ضلال، فعندما تتكلم مع شخص، أعطه بمقدار إنائه، فأمير المؤمنين يقول مخاطبا كميل بن زياد:"يَا كُمَيْل بْن زِيَادٍ، إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ (4) فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا". فشخص يستطيع تحمل بمقدار كأس، وآخر بمقدار بحر، فالذي يتحمل القليل إذا حُمّل مقدار أكبر منه، من الممكن أن يضل بها، والعكس.
إن الإمام لو أُطلع شخص على أمور كبيرة وعظيمة وغير طبيبعية، يتبين منها أن هذا الشخص له منزلة خاصة، وحبيب بن مظاهر واحد من الأشخاص الذين أطلعهم الأمير على بعض علم المنايا والبلايا، فالنبي الأكرم مثلا يقول:" إنّ عمّاراً جلدة ما بين عيني وأنفي" ولكن لا توجد إشارات أن الإمام قد علمه علم المنايا والبلايا، نعم علمه النبي عن طريقة مقتله وهذا أيضا مقام، فقد قال له آخر شرابك ضياح من لبن، وتقتلك الفئة الباغية، وقال أيضا: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية"، بينما سلمان عُلّم العلم الأكبر، وحبيب بن مظاهر أيضا.
الشاهد على علم حبيب:
فالشاهد هو ما يُنقل بعد شهادة الأمير(ع) من أن حبيب كان يمشي في الكوفة على فرس له، فالتقى بميثم التمار وظلا يتماشيان حتى اختلفت أعناق فرسيهما (لشدة قربهما من بعض) حتى قال حبيب له: لكأَنّي بشيخ أصلع ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الزُّرقِ، قد صُلِب في حبِّ أهل نبيّه، ويُبقر بطنه عليّ الخشبةِ (يقصد بذلك ميثماً) فأجابه ميثم التمَّار: وإنيّ لأعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان، يخرج لينصر ابنَ بنت نبيِّهِ فيُقتل، ويُجال برأسه في الكوفة ( يقصد حبيباً بن مظاهر ). سمع الحاضرون هذا الكلام، فقالوا: ما رأينا أكذب من هذين الرجلين، وهذا نتيجة عدم استيعاب وفهم الشيء المحيط من الحضور، فينسبون الكذب للرجلين بدل من الاعتراف بقصورهم في الفهم والمعرفة، وهذا ما يحصل لأغلبية الناس، فالروايات تقول: لا أدري نصف العلم، فما ليس لك به علم ليس من الخطأ أن تقول لا أدري به، فهذا علم لا جهل، وفي هذا المجال نذكر حادثة شخص أراد الدخول للدراسة الدينية وكان يريد أن يبين أنه في مراحل متقدمة من العلم، فسألوه هل أنت دارس من قبل؟ قال: بلى أعلم، فسأله الممتحن ما هو الحدث الأكبر؟ (مثل الجنابة الذي لا يطهره إلا الغسل، والحدث الأصغر كالبول الذي يطهّر بالوضوء)، فسُئل الشخص عن الحدث الأكبر، ففكر وفكر فقال ما هو الحدث الأكبر هذا الوقت؟ فقال ظهور الإمام الحجة هو الحدث الأكبر، فسكت الممتحن وقال لن يكمل الأسئلة (أي عرف أن هذا الشخص لم يدرس العلوم الدينية من قبل ولكنه لم يفصح بذلك)، والشاهد أن الحضور قالوا ما رأينا أكذب من هذين الرجلين، فجاء رشيد الهجري وهو أيضا من الأفذاذ، فسأل الحضور: هل مر عليكم ميثم؟ قالوا: بلى قد مر علينا ميثم ومعه حبيب، فقالا كذا وكذا، فقال رشيد: رحم الله ميثما فقد نسي أن يضيف: ويُحمل رأس حبيب، ويُزاد في عطاء حامل الرأس 100 درهم، فقال الحاضرون: هذا أكذب الثلاثةّ!!
شرطة الخميس:
فما مرت الأيام حتى رأى هؤلاء المكذبين لكلام الثلاثة، رأوا ميثم التمار بعد شهادة الحسن عليه السلام، رأوا ميثما مصلوبا على نخلة وقد ابتدر بطنه ومات، ورأوا بعد مدة من الزمن، أن حبيب التحق بالحسين وقتل، ومن جاء برأسه، زيد في عطائه 100 درهم، وهذا الموقف يشير إلى أن مثل حبيب ومسلم ورشيد كان لديهم علما استثنائيا خاصا من أمير المؤمنين، ربما لا يوجد هذا العلم عند أصحاب الأمير المقربين، وهذا يدل على أن قابلياتهم الفكرية عالية وكبيرة، هذا فيما يرتبط بالجانب النظري والعلمي، وفي نفس الفترة التي كان فيها أمير المؤمنين، يُعدُّ حبيب بن مظاهر من شرطة الخميس، والخميس تعني الجيش وليس اليوم المعهود، حيث سمي الجيش بالخميس لأنه يقسم لخمسة أقسام، وخمسة كتائب، ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة ووسط أو ساقة، وفي الشعر:
ولاقى خميساً يملأ الزحف جيشه، أي لاقى جيشاً..
شرطة الخميس أشبه بالشرطة العسكرية التي تحت السلاح دائماً، فإذا كان هناك حرب وقتال، هذه تضبط الشيخ ويعتمد عليها في الحركة والتحشيد في الحرب، ويذهب باقي العمال لأعمالهم العادية، ولكن هؤلاء يبقون تحت السلاح، فإذا صارت أي مسألة ومعركة، يطلب من شرطة الخميس وليس كل الناس، وهؤلاء لهم شروط خاصة في إيمانهم ومعرفتهم، وكان حبيب من جملة شرطة الخميس، وشارك مع الأمير في معركة الجمل وصفين والنهروان، وبقي في الكوفة حتى بعد ماغادرها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، حيث كان الإمام في المدينة وبويع فيها، وأول ما خرج لقتال أهل الجمل في البصرة، وعند انتهاء المعركة رجع، ولكن ليس للمدينة، بل بقي في الكوفة واتخذها عاصمة، ولحق به من حوله من بني هاشم وأبنائه، وقبلهم قبائل ذهبت للكوفة التي أنشأت سنة 17 هـ، وتوافد الناس عليها على دفعات، وقصدها كثير من الشيعة بعد نزول الأمير فيها في عام 35أو 36 هـ، وحبيب بن مظاهر والبعض من الناس لم يكونوا كوفيين ولكن التحق بالإمام فسكن الكوفة، وبحكم علمه ومعرفته، وإيمانه، وموقعه مع الأمير ثم الحسن ثم الحسين تحول إلى زعيم من زعماء الكوفة، وهذا يتضح في قضية كربلاء، حيث هو ممن راسل الحسين عندما كان في مكة، وكانت الرسائل مختلفة المصادر وكان من أفضلها الرسائل التي جاءت من كبار شيعة الآل الكرام: مثل سليمان بن صرد الخزاعي، ومسيب بن نجبة الفزاري، ورفاعة بن شداد، ومسلم بن عوسجة، وحبيب بن مظاهر الذين اشتركوا في ما يشبه الرسالة الواحدة، وكانوا معروفين بصدقهم وولائهم للآل.
عندما أتى مسلم بن عقيل للكوفة نزل عند بني أسد، واختلف المؤرخون في هل نزل في أول أمره عند مسلم بن عوسجة الأسدي، والبعض يقول نزل عند حبيب بن مظاهر، فتطورت الأوضاع وانتقل لمنزل هانئ بن عروة، ولكن أول نزوله عند الأسديين في حي بني أسد، وإن كان يقول البعض أنه نزل عند المختار لكن الأمر في أنه نزل في حي الأسديين..
مسلم بن عوسجة من أبناء عمومة حبيب بن مظاهر، اختفيا معاً عن مجيء عبيد الله زياد، ثم خرجا معاً إلى كربلاء وكان في هذه الفترة مسلم بن عوسجة يأخذ البيعة لمسلم بن عقيل، وحبيب بن مظاهر بمثابة المعاون لمسلم بن عقيل، وتطورت الأحداث بعد مجيء بن زياد وانكسرت هذه الحركة، واستشهد مسلم بن عقيل وهانئ، وشاع جو من الخوف والترقب، وكثير من شيعة الآل والكبار سجنوا في تلك الفترة، فحبيب ومسلم بن عوسجة على أثر ذلك اختفيا في قبيلتهما؛ لأنهما لو خرجا للساحة من الممكن أن يقتلا أو يسجنا على يد ابن زياد، فانساقوا لكربلاء بالرغم من البوابات كانت مغلقة والطرق محروسة، إلا أنهما وجدا طريقاً لكربلاء.
منزلة حبيب تتضح في موقفين عظيمين:
عندما نأتي لكربلاء نجد أن حبيب بن مظاهر، كان يتعامل بأنه أشبه بالناطق عن الحسين (ع) وهذا يبين جانبا من منزلته، وهناك أمثلة:
1. الموقف الأول: عندما خطب الحسين خطبته المعروفة أمام بني أمية وجيشهم: أيها الناس: انسبوني من أنا، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، وانظروا هل يحل لكم قتلي، وانتهاك حرمتي، ألست ابن بنت نبيكم، وابن وصيه وابن عمّه، وأوّل المؤمنين بالله، والمصدّق لرسوله بما جاء من عند ربّه؟ أو ليس حمزة سيّد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الطيار عمّي؟.... فلما وصل فيها إلى نقطة التأُثير قام شمر بن ذي الجوشن فقال: إنه (أي شمر) يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول، أي ما الغرض من القول؟ فالغرض هو تشتيت التأثير من قول الحسين (فلو كان يتكلم شخص ويؤثر في الناس، فيقوم شخص يريد إفساد تأثير هذا الكلام في الناس، فيقول لا نعلم ماذا تقول أو ماذا تريد منا، ما الذي تتحدث عنه؟؟ فيتشوش الباقي ويتشتت فيقول: هل من المعقول أنا فهمت خطأ؟؟ هناك قام حبيب بن مظاهر كي يرد عليه كلامه فقال: نعم إنك والله لتعبد الله على سبعين حرف، وأشهد أنك صادق فيما تقول، وأنك لا تفهم مايقول لأنك بهيمة، فرد كلامه تماما، أولا أنك إنسان تعبد الله على الشهوات والأهواء ولست ثابتا ومستقيما، وتعبد الله سبعين حرف وليس حرف واحد، ولو قلت لا تفهم فأنت فعلا لا تفهم لأنك بهيمة لا عقل لديك، والمقصود هو أنكم لا تصبحون مثله حيث أنكم فهمتم قول الحسين وهو لم يفهمه، فهذا الموقف يحفظ لحبيب في أنه صان كلام الحسين من أن يشتت ويُفقد تأثيره.
مقتل حبيب عليه السلام:
2. الموقف الثاني: عندما حان وقت الصلاة وقال كعب بن مالك بن ثمامة الصائدي، قال للحسين هذا وقت الصلاة قد حضر وأحب أن لا أقتل حتى أصلي هذه الصلاة معك، وهذا أشد التقدير للصلاة، حيث أننا في هذا الوقت عند حضور الصلاة وصلاة الجماعة ربما نؤخرها من أجل رسالة وتس أب نريد قراءتها أولا فنؤخر صلاة الجماعة أو الصلاة في أول الوقت، وكذلك في حال وجود صفقة تجارية يتمسكون بها ويقولون بأن الصلاة لن تشرد فلدينا متسع من الوقت، وهذا موقف، وموقف من قال نحن مقتولين مقتولين فيقول أحب أصلي أول الوقت، وجماعة معك، وهذا أشد التقدير، فالتفت الحسين للسماء وقال بلى هذا أول وقتها، فاسألوا القوم أن يوقفوا القتال حتى نصلي، ومن الذي بُعث للقوم؟ العباس بن علي عليه السلام وحبيب بن مظاهر، ويقال كان معهم عدداً من الرجال، فطلب منهم العباس إيقاف الحرب وقال أن الحسين يريد أن يصلي، ويسألكم إيقاف القتال، فقال الحصين بن نمير: فليصلي فإن صلاته لا تقبل، ولكن حبيب رأى نفسه ملزما بالرد، فقال له: صلاة بن بنت رسول الله، وتقبل صلاتك يا خمّار؟!!
الحصين بن نمير الخمار أو الحمار؟
نقلها البعض ومنهم تاريخ الطبري (وتقبل منك يا حمار) وهذا فيه تصحيف، حيث نقلت في بعض الروايات بالخاء، وثانياً لا معنى لوجود (حمار) في الموضوع، ولكن في الخمر أنسب حيث لا تقبل صلاة شخص وهو خمار، حيث أنهم عرفوا بشرهم للخمر، فتظاهر في عهد يزيد شرب الخمر، فقول حبيب بن مظاهر أنت الذي تشرب الخمر تقبل صلاتك وابن رسول الله لا صلاة له، وهذا معنى صحيح وهي أن أنت الذي تشرب الخمر لا تقبل صلاتك، حيث أن بين الجملتين تنافي (شرب الخمر مع الصلاة يتنافيان) أما قول الصلاة وكونه حماراً لا يتنافيان، فتقاتلا حبيب مع الحصين وضرب حبيب على وجه فرس الحصين، فألقى الفرس على الأرض، وجاء رجل من خلف حبيب فضربه على ظهره، فسقط حبيب على الأرض، وبناءً على هذا النقل فإن حبيب استشهد قبل موعد صلاة الجماعة، حيث كان يدافع عن حيثية وشخصية الحسين، ولم يتحمل كلمة نابية من قبل ذلك الرجل اللعين، فاستشهد صلوات الله وسلامه عليه بهذه الطريقة، حيث أبّنه الحسين عليه السلام وذكر فضائله وما كان من ختمه للقرآن، فيذكر بعض أرباب الخبر أنه عندما جاء حبيب بن مظاهر صارت حالة من الفرح والاستبشار في كربلاء من أهل المعسكر، وشعرت بذلك زينب عليها السلام فسألت علي الأكبر ماذا حصل؟ فقال لها علي الأكبر هذا عمي حبيب شيخ الشيعة في الكوفة قد أقبل، والناس مستبشرة، فقالت زينب عليها السلام أبلغه عني السلام، فجاء علي الأكبر وسلم عليه واعتنقه، وقال له عمتي زينب تبلغك السلام وتخصك بالتحية والإكرام، فلما سمع حبيب ذلك جاء لخيمتها ورفع صوته بالمناداة والسلام، اللهم ارزقنا جميعا الوقوف عند ضريحها والسلام عليها، فقال: السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام عليك يا بنت أمير المؤمنين، السلام عليك يا بنت فاطمة الزهراء، فانخفض عندها صوته وصاح آهٍ لوجدكِ يا زينب يوم تحملين على بعير ضالع، ردت عليه السلام: وعليك السلام يا حبيب، الله الله في نصرة هذا الغريب..
تألم حبيب من موقف زينب عندما تكون على النياق الهزل، فما حاله لو رأى بن زياد وقد سل سيفه من محزمه ليضرب زينب عندما ردت عليه كلامه، عندما قال الحمدلله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم، قالت له: إنما يفتضح الفاجر ويكذب الفاسق وهو غيرنا، ثكلتك أمك يا ابن مرجانة، فسل الصوت من محزمه وتقدم خطوات ليضرب العقيلة زينب.. " انتهى النقل