الاخوة الاعزاء ,,
بعد طول عناء تمكنت اخيراً من تحميل المدونة و قراءة مافيها ,, و لا شك ان الكاتب كان موفقاً جداً في زج ما يلائم توجهاته الفكرية من احاديث المعصومين عليهم الصلاة و السلام و اظهارها على انها ( حكم المعصوم ) بناءاً على زاوية معرفته الذاتية ..
وقد تبين من خلال الطرح المتقدم للأخت (مشرفة منتدى الحوزة العلمية و علمائها) و خصوصاً من خلال العنوان انها تؤيد كاتب المدونة تأييداً كاملاً كما يظهر جلياً من خلال عنوان موضوعها (ما هو حكم القيام بالثورات عند الشيعة الإمامية ) فصورت للقراء ان ما طرحه كاتب المدونة من فهم للأحاديث المعصومة هو الحكم لدى الشيعة الامامية ..
و لكون هذا التوجه المحترم لدي ,, كمخالف له ,, على اعتباره رأي فقهي قد راح يذوب يوماً بعد يوم بعد نجاح الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه و بعد انتصار حزب الله في معركة الوجود و المصير بعد تشكيله منذ عقود ,,
فأنني لا اجد ضرورة ملحة في محاولة النقاش فيه ليس من ناحية الذوق الفقهي بل من ناحية الواقع الموضوعي حيث ان الزمن القريب كفيل بأن يقوده رويداً رويداً الى خانة التراث الاسلامي الذي نعتز به كثيراً فيصير جزءاً مجيداً من تأريخ الامة الاسلامية ويصبح عصراً قد مضى ,, شأنه شأن عصر الاخباريين الذي لطالما اوردوا ادلة قد تبعد المكلف عن دائرة التقليد ( مثلاً ), و غيرهم ..
و لسوف اكتفي بالتعليق البسيط :
المعروف ان هنالك اختلافاً كبيراً بين فقهاء الامامية في علم الحديث و علم الرجال فمنهم من ضعف الراوي الفلاني و منهم من رفعه و منهم من اسقطه كذلك تعاطيهم مع متون الاخبار تختلف بحسب زوايا المعرفة التي يمتلكها الفقيه فظهر الاختلاف ( دون الخلاف ) ,, لذا فقد اجمعوا على ان الاحكام الفقهية هي احكام ( ظنية لا قطعية) ..
و عليه ففي مسألة حكم الثورات و الموقف منها نجد انفسنا امام مسارين ,,
مسار يمثل الاكثرية من الفقهاء قد ملأوا المكتبات كتباً و اثاراً علمية كثير منها متوارث بين اجيالهم غير ان كل اثارهم الكريمة الثرة لم تستطع في يوم من الايام منذ غيبة الامام الثاني عشر ( ارواحنا لتراب مقدمه الفدا ) و الى اليوم من ان تحول ولو ورقة واحدة من كتبهم الى رغيف خبز يطعم الجائع و لا قطعة قماش تستر العاري و لا حمىً يجير المظلوم و لا قوة تردع الظالم ,, و لا اتصور ان في قولي هذا تعدٍ او تجنٍ على احد معاذ الله
و مسار يمثل الاقلية ( كما اشار بعض الاخوة ) و هم لم يكثروا من زعيق الاقلام و لا من متاهات التنظير بل هم اصحاب الواقع عمدوا الى النظرية الاسلامية المحمدية الاصيلة فراحوا يفرضونها كنظام حياة و يطبقونها كدستور عمل و منظومة بناء مدني حضاري فبنوا كياناً للشيعة يحفظ دماءهم و اعراضهم و اموالهم و يطعم جائعهم و يستر عراتهم و يضرب بيد من حديد رأس من يعتدي عليهم فتحول الشيعة على ايديهم من ضحية مهزوم مغلوب على امره الى قوة مرهوبة الجانب ترهب اعداء الله ورسوله بما اتاهم الله سبحانه من قوة ..
فعليه مادمنا امام هذين المسارين من الاحكام ( الظنية لا القطعية ) فلماذا نختار مسار الذل و الهوان و العبودية للطواغيت و نقبل بأن تمتهن دماؤنا و اعراضنا و اموالنا وفق ( حكم ظني) في حين هنالك (حكم ظني آخر) يأمرنا بالكفر بالطواغيت و الوقوف بوجوههم و معارضتهم و مقاطعتهم بحسب الامكانات و الظروف المتاحة وبناء دولة متمدنة حضارية تجعل من المسلم المحمدي الاصيل قوة جبارة لا ترهب من الاعداء لا يعيبها سقوطها بعد حين فحتى دول الانبياء زالت من بعدهم و حكم بعدهم الطواغيت دون ان يعيب تجاربهم ذلك ولعل اوضح مثال هو تجربة الحكومة الالهية التي اقامها رسول الله صلى الله عليه و آله بل على العكس يكون الخوف من السقوط بيد حكم الطواغيت دافعاً لبذل المزيد من اجل الحفاظ على كيان الامة التي يحكمها شريعة الله سبحانه و رجالاته ؟؟..!!!!
و لعله من التناقض ان يأت اتباع المسار الاول المفتخرون بأكثريتهم ( الظرفية ) فيندبون الامام الحسين صلوات الله و سلامه عليه و منهم من يطبر رأسه فيدخل مهرولاً الى الحرم الاطهر الاقدس و دماؤه تتناثر على جدرانه و ارضيته المتفردة طهراً و قداسة مدعياً مواساته للثورة الحسينية في حين ان حكم القيام بالثورات محرم بحسب طرحهم .. بل ان باب الجهاد قد لا تجده في ما يتداولونه في رسائل فقهية عملية حتى بعدما احتل الكفار الحربيون الاميركان بلاد المسلمين خصوصا العراق بلد الحوزة العلمية ..
ووفق كل ما تقدم ...
و لكوني احترم عقلي كثيراً فهو الحجة الكامنة في داخلي و به يعاقبني الله و به يثيبني فأرى انه من حقي ان اعلن (كفري) بكل دين يأمرني ان ابقى عبداً ذليلاً خاضعاً خانعاً لطاغوت كصدام المجرم و عفالقته الانجاس و قد امرني كتاب الله مراراً و تكراراً ان اكفر به و لي في الحسين صلوات الله عليه اسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الاخر و ذكر الله كثيرا فكتاب الله و سنة الحسين التي لا يمكن ان تخضع لسلسلة الرواة و وثاقتهم لكونها قد استقرت كحقيقة مطلقة يمنعني ان اتقبل الظلم من الظالم و اصبر مع القدرة على الثورة و الرد أو ان يمتهن على يديه النجسة دمي و عرضي و مالي أو ارضى ان يقف ابنائي طوابيراً ليتوارثوا من بعدي الذل و المهانة و امتهان الدم و العرض و المال.
و الحمد لله الذي من علينا بدين الاسلام المحمدي الاصيل دين العزة و المنعة و الكفر بالطواغيت.