بقلم : جعفر ملا المندلاوي
محرم 1435
مِسْكٌ مِنَ الطُفِ سَرَى == فَاحَ شَذَاهُ السُــبُلا
وَضَوْعُهُ مِلئُ المَدَى == لِلعَرْشِ أَسْـرَى اَوَلا
مِنْ قُدْسِـــهِ طُهْرُ نَمَا == مَغْرِسَــهُ فِي كَرْبَلا
رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ جَرَى == مِنْ رَوضَةٍ قَدْ هَطَلا
أم طِيبُ عَدْنٍ عَبِقٍ == يَنْشِرُ عِطْراً مُرْسَلا
بَلْ كَوْكَبٌ مُشَعْشِعٌ == أضَاءَ عُمْقَ الزُحَلا
وَفـي ثَــرَاهُ هَيـبـَةٌ === لَـهَا يَخْـرُ الجَـبَـلاَ
يَنْصَـدِعُ مِن خَشْــيَةٍ === كَالذِكْرِ لَمّـا نُـزِلاَ
وَفِي الجِنَانِ رَمْسَهُ == نُورٌ تَسامى وَاعْتَلى
دَمُ الحُسَينِ هَا هُنَا = وجُهُ الدُجَى مِنهُ اِنْجَلى
بِكَفّهِ لَــمَّا رَمَى == نَحْوَ السَـمّاوَاتِ العُلـَى
فَـمَا اُعِـيدَ لِلْثـَرَى == بَلْ كَحَلَتْ عَيْنُ المَلا
تَلَقَفَتْ ذَاكَ الـدَمُ === أمْـلاكُ رّبّي جَحْفَـلا
تَرْفَعُــهُ نَاحِبَــةً === وَتَـبـْكِي عِــزًّاً أَفَــلاَ
فَنَافَحَـتْ عَـنْ رَدِّهِ === خِـيفَةَ أنّ تُـزَلْزَلا
أفْلَاكُهَا وَمَا حَوَتْ = والأرضُ وَالكَوُنُ فَلا
تَرْقِّاُ ، مَـا لَوْ نَزْفُهُ === الى الثَرَى تَسَلَلَاَ
تَـدَكْدَكَتْ أقْـطَابُهَا === وَحَـلَّ الـوَانُ البِلَى
لَكِنمّا العَرْشُ إحْتوَى == تِلْكَ الدِمَاءِ مَنْزِلاَ
كَيْمَــا تَعـُـودُ ثَانِـيَّاً == تـَثـْأَرُ مـِمَـنْ قـَتَـلا
مِمَنْ طَغَوَا وَانْتَهَكُوا == آَلَ النَبِيِّ الفُضَلا
فِي الحَشْرِعِنْدَ المَوقِفِ= يَفْصِلُ رَبّاً أَعْدَلاَ
فالوَيلُ وَاللّعْنٌ لهُم == وَفِي الجَحِيمِ مَوْئِلا
كَمْ آيَـةٍ مِنْـه بَدَتْ == اَذْهَـلَتْ لُـبَّ العُقَـلا
قَدْ أخْبَرَالصَحْبَ بِمَا= يَجَرَي وَقُرْبَ الأَجَلاَ
كُلٌّ أرَاهُ مَضْجِعَهْ === وَاَيْنَ سَوْفَ يُقْتَلا
وَصَبْـرُهُ مُعْجِــزَةٌ === وَنَحْـرُهُ ذِكْـرٌ تَـلاَ
وَالشَمسُ لَما ارْتَفَعَتْ= مِنَ حَرِّهَا قَدْ ظُلِّلا
وَجَحْفَلَيْنِ فِي السَمَا == لِنَصْرِهِ قَــدْ نَزَلاَ
للِسِبْطِ لَمَّا نَظَرُوا= قَالَ ارْجِعُوا قَالُوا بَلى
عَهْدٌ مِنَ اللهِ مَضَى == وَالفَوْزُ آتٍ آجِلا
آلافُهُم قَدْ حَضَرُوا= يَرْمُونَ نَصْرَاً عَاجِلا
فَاسْتَرْجَعُوا لَمّا رَاَوا = سَيْلَ الدِمَاءِ هَطَلا
مِنْ قَلْبِهِ الزَاكِي هَمَى =عَلَى الرِمَالِ جَدْوَلا
وَطِفْلُهُ لَمَّـا بَقِيْ = وَالضَعْنُ عنهُ ارْتَحَلا
رَأسُ الشَـهِيدِ صَوبَهُ = يَرْمُقُهُ مُنْشَــغِلا
فَافْتَقَدوهُ سَــاعةً == حَتَى أتَاهُم مُـقْبِلا
ورَاهِبُ الدَيرِرَأى= نُورٌمِنَ الرَأسِ اعْتلى
فابتَاعَ مِنهم لَيْلَةً === يَنْظُـرُهُ مُنْـذْهِـلاَ
يَبْكِي لِسِبطِ الخَاتَمِ = وَيَشْكِي ظُلْمَاً ماثِلا
فَأســلمَ مِنْ لَيلِـه === مُكَــبِرّا مُهَــلَلاَ
وإذْ اتَىَ زَيْنُ الوَرَى = لِدَفنِ أجْسَادَ الاُلى
سَبْعٌ وَسَبْعُونَ قَضَوَا=وَالأهلُ منهُم اُثْكِلا
نَادَاه صَوتُ المَنْحَرِ= أيْنَ رَضِيعِي سَائِلا؟
وَسِّـدْهُ جَنْبَ أضْلُعِي == تَـرَكْتُـهُ مُرَمَــلاَ
وَالسَهْمُ في أودَاجِهِ = وَجُرحُهُ مَا اندَمَلَا
وَهَاكَ بَلِّغْ شِيعَتِي == عَنِّي سَلاَماَ وَاصِلا
وليَنْدِبُونيِ كُلّمــا == رَأوُا ذَبِيحَاً أَعْزَلا
أوْ عَذْبَ ماءِ شَرِبُوا== فَليَذكُرُوني قُبُلا
فَذَا وَرِيدِي ضامِئٌ = والنَحْرُ مِنِّي ذَابِلاَ
فَحَسـبِيَ الله لِمـَا == أصَـابَني بِمَا غَلا (1)
أَحْمَدُهُ مِنْ مُنْعِمٍ == سُبْحَانَ رَبِي وَعَلا
(1): غَلاَ : جاوز الحدَّ .