|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 68078
|
الإنتساب : Sep 2011
|
المشاركات : 127
|
بمعدل : 0.03 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
شيرازي للأبد
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 25-09-2011 الساعة : 06:08 PM
رمقت الأنظار بنت رسول الله التي أنّت أنّه وهي تقول: (وامحمداه! واحبيباه! وأباه! وا أبا القاسماه! وا أحمداه! واقلة ناصراه! واغوثاه! وا طول كربتاه! وا حزناه! وا مصيبتاه! واسوءَ صباحاه)!
وأجابها الأول: إن صباحك لصباح سوء!!
ووقفت الزهراء على جوار قبر أبيها (صلى الله عليه وآله) وخاطبت القوم قائله: (خلوا ابن عمي، فو الذي بعث محمدا أبي بالحق، إن لم تخلوا عنه لأنشرنّ شعري، ولأضعن قميص رسول الله على رأسي، وأصرخنّ إلى الله تبارك وتعالى، فما صالح بأكرم على الله من أبي، ولا الناقة بأكرم مني، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي).
وشاهد من كانوا في المسجد أساس حيطانه تقتلع من أساسها!! حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها لنفذ!! هنا خاطب أمير المؤمنين الزهراء، ودعاها لأن تعود إلى خدرها المنتهك! وطلب الأمير من سلمان رضوان الله عليه أن يأخذها ويرافقها (فو الله لو فعلت لتنطبق السماء على الأرض)!!
والتزمت الزهراء بوصية أبيها وبعلها، ورافقت سلمان إلى الدار، وبينما هي كذلك، يقول سلمان: (رجعت الحيطان حتى صعدت الغيرة من أسفلها، فدخلت في خياشيمنا)!!
وسمع الثاني نداءً من الزهراء يقول: (أما والله يا ابن الخطاب! لولا أني أكره ان يصيب البلاء من لا ذنب له، لعلمت أني سأقسم على الله ثم أجده سريع الإجابة)! فارتعد الثاني خوفا وفزعا!!
ويبقى أمير المؤمنين صلوات الله عليه في المسجد، وقياديو الانقلاب يحاولون إجباره على البيعة فيأبى، وعندها يقوم الأول بإمرار يده على يد أمير المؤمنين المقبوضة، ويوهم نفسه والانقلابيين أنه قد بايعه!! وتبدأ أبواق السلطة بإشاعة هذا الأمر في كل مكان، فيصيح الموجودون: قد بايع علي!! قد بايع علي!!
ويكتب أزلام السلطة بذلك إلى رؤساء القبائل والعشائر، وإلى جيش أسامة بن زيد الذي كان في الشام لقتال الروم، ويذكرون أن عليا (عليه السلام) قد بايع أبابكر! فيستغرب الناس في بداية الأمر، لكنهم يقبلون به بعد ما رأوا أنه قد شاع والنتشر حتى توهموا أنها الحقيقة عينها، فيظنون أن الخليفة الشرعي قد تنازل لخليفة آخر، وبهذا حصل النظام الجديد على شرعيته وبقى إلى يومنا هذا! ليس بشكله العيني، وإنما بأشكال مختلفة هنا وهناك!!
وبعد هذا؛ هم يلوموننا الآن!
يلوموننا لأننا - حسب دعواهم - ننبش تاريخا قد مضى! يلوموننا لأننا - بزعمهم - نخلق فتنة لا حاجة لنابها! يلوموننا لأننا - في منطقهم - نستحضر قضايا عفا عنها الزمن لنؤجج بها نار الشقاق! يتهموننا ويرشقوننا بوابل من السهام بدعوى أننا نمزق وحدة الأمة!
كل هذا لأننا أبينا أن نسكت على تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ولم نتناساها، وأبينا إلا أن نكشف مظلومية البتول وندافع عن حقها ونفضح أعداءها، أعداء الله ورسوله. وصرنا بذلك؛ مثيري الفتن ومؤججي نار التعصب وممزقي شمل الأمة!
فليكن! فإنما موقفنا يستتبع موقف الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، التي كانت في نظر الزمرة الحاكمة الظالمة، مصدر شق عصا الطاعة والتأليب على خرق الجماعة؟
إن الزهراء صلوات الله وسلامه عليها؛ بمواقفها الشجاعة وكلماتها الإبائية؛ ترد على هؤلاء الذين يزعقون اليوم، ويرموننا بصنوف التهم. إنها رفضت التنازل عن حق أو إلغاء مبدأ في سبيل وحدة وهمية، كان يمكن لها أن تسكت وترضى، وكان يمكن لبعلها أن يبايع ويقبل، حرصا على (الوحدة)التي تشدق بها أهل السقيفة كما يتشدق بها الجهلاء هذه الأيام. إلا أنهما صلوات الله عليهما سجلا درسا علّم الأجيال أن الوحدة لا تعني الرضوخ للظلم، أو السكوت عن الحق، أو إمضاء الباطل، أو القبول بالأمر الواقع. فما هذه بوحدة حقيقية، إنما هي وحدة وهمية هلامية بنيت على أرضية هشة، هي أرضية المصالح الدنيئة.
نحن نتساءل: هذا الزخم الهائل من النصوص، الواردة عن أهل بيت الوحي والعصمة صلوات الله عليهم في التبرؤ من الظالمين ولعنهما، ألا يدلل على حقيقة ما؟! ألا يكشف عن أن الله تعالى بنص المعصوم، يدعونا لأن نفضح هذين وننال منهما لما ارتكباه بحق الزهراء والعترة؟! أليس الله أعرف بمصلحة الأمة منا؟! ولو كان في السكوت والتغاضي والتواري مصلحة لكان قد قررها الشارع المقدس، ولكن الشارع أمرنا بأن نستمر في منهجية التبري، الذي هو ركيزة من ركائز الدين، بغيرها لا يستقيم.
إنهم يقولون: هذه قضايا قد انتهت ولا داعي لذكرها الآن! والمطلوب منا أن ننظر إلى المستقبل وأن نحرص على الوحدة مع الفريق الآخر الذي يعتقد بهذين ويجلهما ويقدسهما!
ونحن نقول: إن هذه القضايا لم تنته! فنحن اليوم، بما نعيشه من فرقة، وبما نتجرعه من آلام الظلم والجور من السلاطين والحكام، وبما نراه من مظاهر الفساد والإفساد، إنما جاء على خلفية ذلك اليوم الذي ظلمت فيه الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، واستبيحت حرمتها، وأزيح بعلها عن الخلافة الشرعية، ولو كان كل ذلك لم يقع، لكنا الآن في نعيم، نعيش تحت ظل حكم آل محمد صلى الله عليهم أجمعين، لا جور ولا ظلم ولا استبداد ولا أباطيل ولا تخاريف ولا رجعية ولا جهل!!
إن آثار السقيفة وإسقاطاتها لم تنته، وهي باقية إلى اليوم، وهاهي الأمة تعيش في خبط ومآسي بسببها، ولو أردنا تغيير حالنا فيتوجب علينا أن نقتلع رمزية الانقلابيين من الأذهان، حتى لا تكون هذه الرمزية سببا في استمرار انتهاج المنهج الذي خطوه لنا، والذي تدفع الأمة - بسبب انقيادها له - ثمنا باهظا أوقعها في ما وقعت فيه الآن.
يؤكد سماحة المرجع الديني الأعلى الإمام الشيرازي دام ظله الوارف في كتابه (من فقه الزهراء عليها السلام - الجزء الثالث - المجلد رقم 123 من موسوعة الفقه الكبرى) على ضرورة بيان مظلومية الزهراء وأهل البيت عليهم السلام والنيل من أعدائهم، وهو يرد على من يعتبرون ذلك إشغالا للأمة في الفتنة واستحضارا لأحقاد قد مضت، فيقول حفظه الله: (يجب إحياء ظلامة السيدة الزهراء عليها الصلاة والسلام حتى تكون على مر الأيام غضة طرية لا يعفي عليها الزمن كمصيبة سيد الشهداء عليه الصلاة والسلام.. لا يقال: ذلك تاريخ قد انقضى! لأنه يقال: التاريخ هو الذي يصنع المستقل، والحاضر تاريخ المستقبل، ومن لا تاريخ له لا جذور له، ولذلك ذكر الله تعالى في كتابه الحكيم قصة هابيل وقابيل، وغيرها من القصص. قال سبحانه: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب). ولذلك سجلت عليها السلام ظلامتها بقولها: (ونصبر منكم على مثل حز المدى ووخز السنان في الحشا). ولذلك كان (نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح وهمه لأمرنا عبادة) ولذلك ورد: (من أبكى أو بكى أو تباكى وجبت له الجنة)... فالدعوة إلى إلغاء التاريخ تعد عند العقلاء سفاهة وجهلا إن لم تعد مخططا خبيثا لقطع الأمة عن جذورها ليسهل للمستعمر ابتلاعها... فلماذا نسمع همسات من هنا وأصوات من هنالك تنادي بطمس أهم ملامح التاريخ وأهم منعطف تاريخي وأهم محور في معادلة الصراع الكبرى بين قوى الجاهلية والإيمان، حيث تقول الآية القرآنية الشريفة: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)؟!!
ولعل أبلغ رد على هؤلاء الانهزاميين التراجعين، الذين يريدون منا أن نسكت على جرائم الظالمين بحق آل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، هو ما كتبه سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي دام ظله في كتابه (في السجن.. كانت مقالات) وهو الكتاب الذي ألفه في زنزانته عندما سجنوه ظلما وعذبوه جورا!!
يقول السيد المرتضى بعد عرضه لعدد من النصوص الواردة عن الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام في أهمية وضرورة لعن الجبت والطاغوت وأعداء أهل البيت عليهم السلام: (...وربما تعتري الكثيرين حالة حيرة بل تعجب واستغراب، بل ومضات ريب وشك، وربما تطفح على السنة بعضهم تساؤلات، او تنعكس عبر اقلامهم علامات استفهام حقيقي أو استنكاري: أفهل يعقل ذلك؟ أهل يمكن أن يعطي الله لمن يقول كل يوم مرة واحدة: (اللهم العن الجبت والطاغوت)، سبعين ألف حسنة ويمحوعنه سبعين ألف سيئة ويرفع له سبعين ألف درجة؟!
أهل يمكن أن يعطي الله لمن قرأ زيارة عاشوراء: مئة مليون درجة؟ وما معنى ذلك؟
وربما يزيد بعض المتنورين)! و(المثقفين)! لماذا (نتعمد) شحن النفوس بـ (العداوة والبغضاء)؟ لماذا نزرع في ضمائر الناس (الإحن والحزازات) ثم نسقيها ونغذيها لتنفجر براكين ثائرة وتتحول إلى أعاصيرها مدمرة؟ لماذا لا نحل (الألفه والرأفة والاخوة والمحبة والصفاء) محل كل ذلك؟ لماذا نؤجج أحقادا تاريخية دفينة؟ ولماذا لا (نتحد) ونكون يداً واحدة على جحافل الأعداء، وجيوش الشرك والضلالة، والاستعمار والاستعباد؟ (...) بادئ ذي بدء نقول: هل في ذلك (تأجيج أحقاد تاريخية، وإثارة أحداث بالية هي بمعزل عن حياتنا الراهنة وعن مآسينا الحاضرة)؟ أم انه (تحديد لـ (قادة الأمة) الحقيقيين، وتعريف بـ (الأسوة والقدوة) التي تطبع بصماتها على حياة الأمم على مر الأزمنة والأعصار)؟ هل في ذلك حديث ممل ومكرر عن (أشخاص من التاريخ الغابر، عاشوا فترة زمنية محددة، وما توا بعدها، ومات معهم كال شيء) أم أنه حديث استراتيجي عن (منهج وفكر وسلوك، ومدرسة متكاملة، تجسدت في هذه الشخصية التاريخية أو تلك)؟ هل أولئك الأفراد أضحوا، مجرد أسطورة تاريخية، و(شخصيات محنطة في متاحف التاريخ ومجاهيله)، أم انهم لا يزالون - عبر أقوالهم وسيرتهم - ملء سمع الناس وأبصارهم وعقولهم، يعايشونهم في حياتهم الشخصية والعائلية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها؟! وهل كان القران الكريم مجانبا جادة الصواب - وأعوذ بالله حتى من مجرد التفكير في ذلك - عندما ركز العدسات على (أئمة الضلال) و(أئمة الهدى والرشاد) وعندما صب لعناته الخالدة على فرعون وقارون وهامان والسامري وقوم لوط وقوم هود وقوم صالح وقابيل ونظائرهم من قبل؟ لماذا ذكر الله (أبا لهب) في القرآن الكريم، وهو الكتاب السرمدي الذي جعله الله منارا ومصباحا لكل الشعوب والأمم على مر التاريخ، و (أبو لهب وامرأته) لم يكونا إلا شخصين متحددين بفترة زمنية خاصة ثم أكل دهر عليه وشرب؟! ولماذا نجد القرآن الكريم يسلط الأضواء على قادة وكبراء وسادة معسكري والإيمان الكفر والهدى والضلال على مر التاريخ وبكثافة؟
ولماذا نجده - وهو الوسيط بين الرب والخلق - يقوم بعملية دمج لـ (الأشخاص والمناهج) وبعملية تعريف للمنهج عبر الأشخاص وللأشخاص عبر المناهج والربط بينهما؟ (...) إن (بلورة القيم الإنسانية ومعاني الخير والصلاح) في عقول الناس وأنفسهم وعواطفهم ومشاعرهم وضمائرهم وزوايا حياتهم وجوانبها، يتم ويتكامل عبر التركيز على مشاعل الهداية الذين تجسدت فيهم تلك المثل العليا والمعاني السامية، وان استدراج الناس نحو مهاوي الباطل والضلال يتم عبر تسليط الأضواء على أبطال وهميين أو حقيقيين، تمثلت فيهم معاني الشر والضلال. وان (أسوة صالحة) واحدة تصنع أكثر مما يصنعه ألف كتاب وحكمة وعظة. وان (أنموذجا مثالياً فاضلاً) يقود الأمة أو الأمم نحو مدارج الكمال اكثر من عشرات الدراسات والبحوث والخطب! وكان لذلك أن قرن الله تعالى الرسالة بالرسول، والكتاب بالأنبياء والأوصياء، وكان لابد من (القرآن الناطق) إلى (جوار القرآن الصامت) كما قال مولى الموحدين عليه صلوات المصلين. والعكس بالعكس تماما.. فان (عالما ضالا) و(حاكما جائراً) و(فناناً فاسداً)، يؤثر تأثيره الكبير الكبير وربما على حياة أمم على مر الأعصار... وفي الحديث: (إذا فسد العالِم فسد العالَم). ولذلك نجد في عالم اليوم ذلك السيل الجارف من الإعلام وتلك المليارات المتزايدة أبدأ من الأموال والتي تبذل لـ (صناعة ابطال) و(تحت شخصيات) و(مكيجة وجوه) لتسطع. في أعين جمهور البسطاء. شموسا مضيئة، أو الفن والثقافة، أو حتى (عالم الإنسانية). وبذلك، يسهل علينا تفسير تلك التعبيئة الرهيبة التي يقوم بها الاستعمار الشرقي أوالغربي على مرالتاريخ لتسليط مالا يحصى من العدسات والأضواء ولعقد مئات المؤتمرات، ولنصب النصب التذكارية والتماثيل والصور اللامعة حتى على أوراق النقد وطوابع البريد ولكتابة مالا يعد من البحوث والدراسات عن شخصيات من أمثال: جمال عبد الناصر بطل القومية العربية! واتاتورك بطل التقدم والعلمانية! ومحمد رضا بهلوي بطل القفزة الحضارية! ودارون بطل أصالة القرد وحالة البهيمية! ولينين بطل الاشتراكية وحقوق الطبقة الكادحة! ومحمد عبد الوهاب ومحمد علي الباب وكسروي والوردي ونظائرهم. بدرجة! أوباخرى. أبطال المذاهب الضالة والفرق المبتدعة. بل إنهم بدأوا ينحتون للشعوب أبطالا وشخصيات وقدوات من أمثال: هذه المرأة الفاتنة أو ذاك المطرب والموسيقار وغيرهم، من أبطال الأهواء والشهوات والملاهي! إن كل ذلك ما هو إلا عملية (عزل) ذكية وماهرة وحضارية لـ (الشعوب الساذجة الغافلة) عن كل ما يدفعها للتحرر والانطلاق وعن كل ما يشدها للوجه المشرق النقي الروحاني من تاريخها! ولذلك أيضا كان معاوية قد أمر بلعن الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) على سبعين ألف منبر!! ولذلك أيضاَ كان ذلك الحشد الكبير من الأحاديث والروايات والكلمات الدالة تصريحا وتلويحا، وتفسيراً وتأويلا، وباطناً وظاهراً على الموقع الذي يحتله الأول والثاني في تاريخ الحركة الإسلامية، وعلى الدور الذي اضطلعا به، وعلى الزلزال الذي أحدثاه في قلب عالم الرسالة، وعلى الثورة المعاكسة التي قاداها لتحطيم حركة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في الصميم، وعلى منهج الظلم والجور والطغيان والاستبداد الذي أرسيا دعائمه، وعلى إحياء (الجاهلية) على انقاض الدين الوليد.
ولذلك، كانت اللعنات المتواترة عبر مئات الروايات من الله والرسل والنبي الأعظم وأئمة آل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) على الجبت والطاغوت..
على الأول والثاني.. على اللذين حللا حرام الله، وحرما حلاله، وهدما بيت النبوة وردما بابه ونقضا أركانه.
ولذلك كان (التبري) واجبا وفريضة إلهية كبرى من الذين أحيوا وجسدوا دور فرعون وهامان ونمرود وكافة الطغاة الجبابرة على مر التاريخ. لذلك، كانت عملية (الفضح والتعرية) واجبة للذين أنعشا آمال أبي سفيان وأبي لهب، وحققا أهداف الجاهلية، وقادا بذكاء ثورة كثورة السامري على النبي موسى (عليه السلام). إن الأول والثاني و(كذا الثالث وكذلك معاوية ويزيد...) لم يعودا شخصين تاريخيين فحسب، بل انهما كانا ولا زالا تجسيداً حياً وممثلين أكفاء ونماذج استثنائية فريدة، لـ (الاستبداد) و(الأثرة) و(التمايز الطبقي) و(الكذب والدجل والخداع) و(الجهل بأحكام الله بل (تحريف أحكام الله) و(سفك الدماء) و(قتل الأنفس المحترمة) و(مصادرة الأموال) و(هدر الحقوق) و(التجسس) وقبل كل ذلك (محاولة إطفاء نور النبوة وغصب حق من عينه الله والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وتشريد شيعة آل البيت عليهم السلام وقتل رموزهم وقادتهم وأئمتهم) و.. و...
وذلك أيضا هو السرفي قوله (عليه السلام): اشتد غضب الله.
وهو السر أيضاً في مجيء السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام يوم القيامة بتلك الهيئة.
وهو السر أيضا فيما ذكره الإمام الجواد (عليه السلام) حيث شوهد وهو ينظر إلى السماء باكيا منتحبا، فعند ما سئل قال: (أما والله لأخرجنهما ثم لأحرقنهما ثم لأنسفنهما في اليم نسفا).
وهو السر أيضاً في النقمة الإلهية التي ستحل بهما بأمر الله عبر خاتم الأوصياء الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف حيث انه صلوات الله عليه سينبش قبرهما ثم يصلبهما ثم يحرقهما حرقاً و...
ولكن لماذا (ثم يحرقهما حرقا)؟ لماذا الإحراق؟ والى م يرمز؟ وعلى م يدل؟
... إن عملية (الإحراق) هذه، هي إحراق ونسف لكل تلك الضلالات التي جسداها، ولتلك الفتن التي أضرما نارها، والظلامات التي ورّثاها. أنها أولا وقبل كل شيء إحراق لفكر شيطاني ومنهج جور وظلم، ومدرسة تحريف، وليس مجرد إحراق لهيكل مادي بال.
وعندما نتوقف قليلا لنفكر في السر الكامن وراء خلق اله الكون للنار واحراقه المجرمين والجبابرة بنار جهنم، نستكشف ان (الاحراق) هو ذلك العقاب الإلهي العادل للعصاة والطغاة وان ذلك هو ما شروه لأنفسهم في الحياة الدنيا، وربما يكون هو (الأثر الوضعي والعقاب الرباني على احراق باب دار فاطمة الزهراء صلوات الله عليها.
وإذا عرفنا ذلك عرفنا القيمة الكبرى والدلالات الخالدة والضرورة المصيرية التي تدعو إلى تكرار (اللعن) و(التبري) كل يوم وتركيزهما في الأنفس، حتى تتحول إلى جزء لا ينفك من وجود الإنسان المؤمن وعقله وتفكيره وعواطفه وكوامن ذاته وإذا كان ذلك كذلك، عرفنا السبب الذي يكمن وراء تلك الرواية السجادية الرائعة: (من قال.. اللهم العن الجبت والطاغوت على كل غداة مرة واحدة كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع الله له سبعين ألف درجة).
ونعرف السبب أيضا وراء العشرات من الروايات الأخرى التي تشهد بأكبر المثوبة على (اللعن والتبري) وهان عندنا هضم وإدراك ان (زيارة عاشوراء) تسبب أن يمنح الله لقارئها مائة مليون درجة وان الله سيكتب لزائره (عليه السلام) بهذه الزيارة ثواب زيارة جميع الرسل والأنبياء عليهم السلام.
إن التبري من أعداء آل بيت الرسالة ولعنهم هو تبرٍ من (أئمة الضلال) وممن (أسس أساس الظلم والجور) ومن (أعمالهم وأقوالهم ومناهجهم وسيرتهم وسلوكهم) - كما سبق - فلا يهولنّ القارئ الكريم بعدها ذلك الأجر العظيم الذي أعد الله للاعنهم والمتبريء منهم.
أوليس الله تعالى هو الذي لا تنفد خزائنه؟
أوليس جل وعلا قد أعد من الثواب الهائل على الكثير من الأعمال التي لا ترقى إلى مستوى (التولي) و(التبري)؟
أوليس في الجنة (مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)؟
أوليس عطاء الله سبحانه وتعالى عطاء بغير حساب، وفضلاً لا يمكن لعقولنا المحدودة أن تدرك أبعاده وحدوده وان تسبر أغواره؟
وإذا كان الله قد منح أحد أنبيائه عطاءاً وسمح له بـ (فامنن أو أمسك بغير حساب).
وعبارة (بغير حساب) صادرة عن الله الكبير المتعال اللامتناهي المطلق، تستوقفنا عندها كثيراً، فما بالك به جل وعلا إذا اراد أن يثيب على (كلمة) نعم (كلمة) إلا إنها تعبر عن منهج، و (جملة) كجمله (اللهم العن الجبت والطاغوت) لكنها تكشف عن موقف استراتيجي يجعلك في معسكر الشيطان أو في جبهة الرحمن؟
إن هذه الكلمة ككلمة (لا اله إلا الله) التي هي (خفيفة على اللسان، ثقيلة، في الميزان).
إنها المقياس الذي رسمه الله لنا.. وكل الصلاة والصيام والحج و... في جانب، والالتزام بمحتوى هذه الجملة ونظائرها في جانب آخر، بل لا قيمة لتلك دون هذه. أو ليس إبليس قد عبد الله ألاف السنين، ووعد الله أن يعبده ألوفا اخرى، لكنه هوى إلى الحضيض لمجرد أن (رفض) أمراً إليها بالسجود لآدم(عليه السلام) ولو ثانية واحدة! إن التبري من أعداء أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم كالتبري من أعداء الرسول (صلى الله عليه وآله)، وان موالاة الأول والثاني والثالث، ومعاوية ويزيد كموالاة أبي سفيان وابي لهب وهبار - ضارب زينب بنت النبي وقاتل سبطه.
وكما إن عبادة الله ولو لألف سنة لا تنفع ذرة واحدة إذا انطوى القلب على حب،أو قدر من حب أعداء رسل الله، كذلك عبادة الله ولو ألف سنة لا تنفع إذا انعقد الضمير على محبة أعداء أوصياء رسل الله. أوليس (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار)؟ و: (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)؟ وأليس علي (عليه السلام) هو نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) بشهادة آية المباهلة وغيرها؟ وأليس الله يرضى لرضا فاطمة ويسخط لسخطها؟ وأليست تلك اليد الأثيمة الخبيثة التي أمتدت لتصفع بحقد لا نظير له، ذلك الوجه الطاهر لبضعة رسول رب العالمين والتي لا يزال دويها يملأ آفاق السماء ويطبق أجواء الأرض، ويغمد قلوب أولياء الله بأسى وحزن لا يحد ولا يوصف. ثم تلك العصرة الشرسة لابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الباب والجدار حتى أسقطت محسنها وظلت تعاني من الجراح والآلام حتى توفاها الله إليه شهيدة راضية مرضية بعد خمسة وسبعين أو تسعين يوما من شهادة أبيها...
وأوليست تلك الجرائم امتداداً تاريخيا لجريمة قتل قابيل هابيل ولقتل الجبابرة والطغاة أنبياء الله ورسله وأوصياءه على مر التاريخ حتى قتل النبي الأعظم بالسم؟! ألم يسجل الله تعالى في القرآن حادثة قتل قابيل هابيل ثم كثيراً من الأحداث الأخرى؟ لماذا لكي نفرز بين معسكر الكفر ومعسكر الإيمان، بين أئمة الهدى وأئمة الضلال، ولكي نتبرأ من هؤلاء ونلعنهم كما لعنهم الله ونتولى أولئك ونتخذهم أسوة كما امرنا الله. وإذا كانت هاتان القضيتان استراتيجيتين في منطق القرآن الكريم، فلماذا يصعب علينا هضم عظيم ما أعد الله على ذلك من الأجر؟ ولماذا (نجتهد) في قبال (النص) وندعو لـ(نسيان الماضي) و(إسدال الستار على جرائم أكبر طغاة شهدهم التاريخ) و(الاحتياط في لعن من لعنهم الله)؟ إن القرآن الكريم مشحون بـ (لعن) العصاة والطغاة والمجرمين والمردة والجبابرة وأئمة الضلال على مر التاريخ، وان الكثير من الآيات ينطبق على الأول والثاني، بشهادة التاريخ ومتواتر الروايات وهذه نماذج سريعة.
قال تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون. واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين).
(والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).
(ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون).
(لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورؤنك فيها إلا قليلا. ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا. سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا).
(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
(إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والأخرة وأعدلهم عذابا مهينا).
(والشجرة الملعونة في القرآن).
وإذا كانت اللعنة الإلهية تحل بواحد ممن تميز بإحدى تلك الخصال و الأعمال فما بالك بمن أصبح مجلي ومركزاً لأكثر تلك المواصفات؟ والأول والثاني والثالث ومعاوية ويزيد و... تنطبق عليهم أكثر تلك المواصفات بشهادة التواريخ - من مصادر العامة والخاصة - وبشهادة متواتر الروايات من طرق الخاصة والعامة أيضاً.
قال تعالى: (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون). فهل نحن من اللاعنين؟ أم إننا من المعرضين؟ أم إننا أكثر حرصا على (الوحدة) من الله؟ أم إننا أعرف وأخبر لـ (مصالح الأمة) من الله والملائكة والأنبياء عليهم السلام؟
أم إن علينا أن نزرع (المحبة والمودة والألفة) في كل مكان أراد الله منا أن نغضب حيث غضب، ونلعن حيث لعن وننتقم كما أراد؟! ولنا أن نرجع عدداً من التساؤلات السابقة على كثير من المعترضين، خاصة الذين رفعوا منهم راية معارضة الحكام الجائرين والطغاة المستبدين كجمال عبد الناصر والسادات والبكر وصدام و شاه ايران ونظائرهم، فلماذا لا (نتفق) مع الحكومة؟ أولنسكت على الأقل ونقبع في زايا بيوتنا؟ ولماذا نقوم بعملية (شق الصف) و(شحن قلوب الناس بالعداوة والبغضاء)؟ ولماذا لا نزرع (المحبة والألفة والاخوة محل (الصراع والشجار والمواجهة)؟ لماذا نفارق (جماعة المسلمين)؟ وقبل كل ذلك لماذا نقوم بعملية (فضح وتشهير عالمية) وفي الأوساط الدولية وعلى مرأى ومسمع من المشركين والملحدين والصهاينة وكبراء معسكري الشرق والغرب، (فضح وتشهير لمن؟
وفي الجهة الأخرى نجد عملية (مكيجة) رهيبة تجري في الظلام - بل وفي وضوح النهار - للطغاة والجبابرة حتى يظهروا في براءة الطفل وروعة الملائكة.
نعم هكذا وبهذه الصورة الرائعة والسيرة المشرقة، تظهر - وعلى شاشات التلفزيون وعبر أمواج الراديو وعلى صفحات الجرائد وفي ألف مكان و مكان - شخصية (الحاكم)، (الطاغوت)، (الصنم) وما أحبها من وسيلة، وما أمضاها من أسلحة بيد الطغاة لركوب الموج و(استعمار) الشعب و(استغفاله) ولكي يبقى الحاكم أولا وأخيراً متربعاً على كرسي السلطنة، متوجا بتاج العظمة، ويبده الصولجان والى جانبه أحيانا مسبحة!
وإذا كان (حكام هذا الزمن وطواغيت هذا العصر) على هذه الشاكلة، فلماذا نغتر بعدها بـ (أبواق) سلاطين الأزمنة الغابرة؟
كيف نطمئن إلى أقلام مرتزقة لـ (طغاة) حكموا ثلاثة أرباع البسيطة؟
كيف نركن إلى (علماء) أو (أشباه علماء) على أبواب السلاطين، تملأ أفواههم مدائح أسيادهم وفضائلهم؟ من بعد أن ملأت عقولهم الدنانير ومخيلتهم القصور وا احلامهم المناصب والولايات!
كيف نستند إلى كلمات أمثال (أبي هريرة، أبي الدرداء، شريح القاضي)، وألف شخص وشخص في التسبيح بحمد الأول والثاني والثالث ومعاوية ويزيد؟! أوليس التاريخ يعيد نفسه؟ أليست تلك سنة الله في الحياة؟ ألم يقل تعالى: (أتواصوا به بل هم قوم طاغون)؟
ألا يوجد هناك ملايين من البسطاء المغترين بـ (الدعايات البراقة والإعلام المركز) و(عمليات غسيل المخ) الرامية إلى (مكيجة وجود طواغيت هذا العصر)؟ فلماذا لا يكون طواغيت الزمن الغابر كذلك؟! ولماذا لا يكون بغضنا بالنسبة لهم كبغضنا بالنسبة لحكام اليوم)؟!
...
أيها الناس! أيها العالم!
إنه لا يمكن لأحد أن يحاسب المظلوم على دفاعه عن نفسه، ويتهمه بأنه بذلك يريد الشقاق والفتنة!
إن الزهراء مظلومة! ولئن كان ظالموها عند البعض مقدسين، فإنهم لا قداسة لهم عندنا! ولو علم هذا البعض ما ارتكبوه وما اقترفوه بحق النبي وآله الأطهار صلوات الله عليهم: لكانوا السباقين إلى لعنهم والتبرؤ منهم، ولكن العيب في بعضنا الذي يخاف من كشف حقيقتهم للناس، ويحشى من أن نعريهم ونبين وضاعتهم!
نحن لسنا من هؤلاء الذين يدعون أنهم موالين للزهراء بينما تراهم لا يكتفون بالتغاضي عن جرائم الانقلابيين، وإنما يهاجمون من يتصدى لهذه المهمة! ويرمونه بأقذع أنواع الرمي وأسوئه، تقودهم في ذلك انهزاميتهم التي طالما عهدناها من أمثالهم!
ليس مهما.. فليهاجمونا! نحن لن نسكت! لا والله لن تذهب دماء الزهراء هدرا! فسنفضح ظالميها وسننتقم منهم ومن كل من يرضى بأفعالهم، ذلك تكليفنا وذلك واجبنا.
ذات مرّة؛ دخل أحد أصحاب الأئمة على الإمام الصادق (عليه السلام) وقال له: (جعلنى الله فداك يا ابن رسول الله، إني قد أخذتني الغيرة من شيء رأيته في الطريق فأوجع قلبي وبلغ مني)! فاستعلمه الإمام عن الأمر، فأجابه: (رأيت جلوازا (شرطيا)
يضرب رأس امرأة، ويسوقها على المحبس وهي تنادي با على صوتها، المستغاث بالله ورسوله، فلا بغيثها أحدا)!
فقال له الإمام (عليه السلام): (ولم فعل بها ذلك)؟ فأجابه الرجل وهو بشار المكاري: (سمعت الناس يقولون أنها عثرت فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة فسمعها الجلواز فضربها واقتادها إلى السجن)!!
احمرت عينا الإمام الصادق (عليه السلام) وبان عليه التأثر الشديد ونزلت من عينيه الشريفتين الدموع حتى ابتل منديله ولحيته وصدره: ثم قال: (يا بشار.. قم بنا إلى مسجد السهلة، فندعو الله عزوجل ونسأله خلاص هذه المرأة) وأمر الإمام بعض شيعته أن يتوجهوا ألى باب السلطان ولا يبرحوه حتى يأتيهم خبر المرأة.
وتوجه الإمام إلى مسجد السهلة، وصلى ركعتين، ورفع يده إلى السماء وقال: (أنت الله الذي لا إله إلا أنت) ثم خر ساجدا لا يسمع منه أحد شيئا إلا النفس. ثم رفع الإمام رأسه وقال: (قم يا بشار.. فقد أطلقت المرأة)!
وعاد الإمام إلى منزله، وبينما هو في الطريق إذ أتاه بعض شيعته الذين أرسلهم إلى باب السلطان، فسألهم الإمام: (ما الخبر)؟ فأجابوا: (قد أطلق عنها)! وسأل الإمام ثانية: (كيف كان إخراجها)؟ فأجابوا كنا واقفين على باب السلطان إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها: ما الذي تكلمت؟ فقالت: عثرت فقلت: لعن الله ظالميك يا فاطمة. ففعل بي ما فعل!
فأخرج الحاجب مئتي درهم وقال: خذي هذه واجعلي الأمير في حل!! فأبت أن تأخذها، فلما رأى الحاجب منها ذلك دخل وأعلم صاحبه (الأمير) بذلك، ثم خرج فقال لها: انصرفي إلى بيتك! فذهبت إلى منزلها).
وعند ما سمع الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام ذلك، أخرج سبعة دنانير وقال لأحد أصحابه: (اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير). فذهب هذا الرجل إلى المرأة وأعطاها الدنانير وأقرأها السلام، فقالت: (بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام)؟! فأجابها الرجل: (رحمك الله.. والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام). فشقت المرأة جيبها ووقعت مغشياً عليها!!
وصبر الرجل حتى أفاقت، فطلبت منه أن يعيد عليها ما قاله، فأعاد عليها، فغشي عليها ثانية! ثم أفاقت، وتكرر ذلك للمرة الثالثة!
بعدها قال الرجل: (أبشري.. خذي فهذا ما أرسل به مولانا إليك). عندها أخذت المرأة الدنانير وقالت: (سلوه أن يستوهب أمته من الله، فما أعرف أحدا توسل به إلى الله إلا وأجابه)!
فرجع الرجل إلى أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام، فأخبره بماطلبته المرأة، فبكى إمامنا صلوات الله عليه ودعا لها!!
فيامولانا وسيدنا يا أبا عبد الله الصادق.. يا ابن رسول الله.. يا ابن أمير المؤمنين .. يا ابن فاطمة الزهراء.. يا حجة الله على السماوات والأرضين.. إنّا نقول: (لعن الله ظالميك يا فاطمة) فهلا حميتنا من جلاوزة هذا الزمان؟! ومن ظلمة هذا الزمان؟! ومن الكائدين في هذا الزمان؟!
يا إمامنا وحبيب قلوبنا.. إنهم يريدون لنا التوقف لأننا نلعن ظالميكم! يريدون لهذا الصوت أن يخرس ويصمت! فهل تقبل بذلك يا سيدي؟!
حاشاك والله!! لا والله لن تذهب دماء الزهراء هدرا!!
ونسألكم الدعاء.
|
|
|
|
|