اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الابرار.
رقى من العلياء خير مرتقى ... أبو الإباء وابن بجدة اللقا
سلالة الجلال والجمال ... ذاك أبو الفضل أخو المعالي
ومن يشابه أبه فما ظلم ... شبل علي ليث غابة القدم
علماً وحلماً شرفاً وسؤددا ... صنو الكريمين سليلي الهدى
مجموعة الفضائل النفسيّة ... وكيف لا وذاته القدسيّة
فإنّه قطب محيط الدائرة ... عليه أفلاك المعالي دائرة
ما جلّ أن يخطر في الخواطر ... له من العلياء والمآثر
كالروح من نقطة باء البسملة ... وكيف وهو في علوّ المنزلة
تمّت به دائرة السعادة ... وهو قوام مصحف الشهادة
فإنّه عنقاء قاف الهمّة ... وهو لكلّ شدّة ملمّة
والفرد في الخلقة والخليقة ... وهو حليف الحقّ والحقيقة
حتّى بدا سرّ الوجود الزاهر ... وقد تجلّى بالجمال الباهر
تكاد أن تغلب نور الطور ... غُرّته الغرّاء في الظهور
بالحقّ يدعى قمر الأقمار ... رقى سماء المجد والفخار
كالقمر البازغ في السماء ... بل في سماء عالم الأسماء
جلّ جلال اللّه في إبداعه ... بل عالم التكوين من شعاعه
(الشيخ محمد حسين الاصفهاني(قدس))
في الرابع من شعبان سنة ست وعشرين من الهجره بزغ القمر الهاشمي في سماء البيت العلوي , ذلك البيت المزدحمة الملائكة في فنائه والأشراف على أعتابه حيث الوحي والتنزيل والمعارف والتأويل , والأخلاق أعظمها , والمناقب أنبلها , والعناصر أكرمها ...فانطلق السبط العظيم والوصي الكريم شقيق المجتبى ودرة الزهراء وريحانة المصطفى مبشرا أبيه حجة الله المرتضى بهذا المولود المبارك الذي خلقه القدوس لنصرة وصي الأوصياء وفرع الازكياء وريحانة النجباء وخامس أصحاب الكساء , فانعم وأكرم بحامل اللواء وساقي عطاشى كربلاء المتفرع من الشجرة الطيبة والارومه الطاهرة الباذخة الشرف والسؤدد , فأي استعداد وقابل منحه الله لهذا العبد الصالح ليتلقى العلوم وأسرار اللاهوت من منبعه الأصيل فالشموس الالهيه تحيط به من كل جانب ومكان , ففي المأثور عن المعصومين(ع) [: " إنّ العبّاس بن علي زُقَّ العِلمُ زقاً ".(أسرار الشهادة 324)],ففي مرحلة الطفولة قال له مولى الموحدين وأمير المؤمنين:ـ[(" قل واحد! فقال: واحد، فقال له: قل إثنين! قال: استحي أن أقول إثنين باللسان قلت واحداً إثنان )
(مستدرك الوسائل15,215)],نعم إن مولانا أبا الفضل(ع) أسس للأبطال منهاجا في الفروسية في مواقف قل نظيرها في الوجود فلا يشرب الماء وقائده عطشان ولاتهمه المغريات في أصعب الأزمان ...فما أنبله وما أشجعه وما أجمله وما أحلمه وما أبهاه ...كيف لا اوليس هو من أنفس ذخائر المعصومين(ع), المرفوع ذكره في عليين , فسلام الله عليك ياباب الحوائج يوم ولدت ويوم استشهدت عطشانا وقد قطعت كفيك وفقئت عينك بسهم العدى وسلام الله عليك يوم تبعث حيا شهيدا مرملا بدمك الطاهر الزكي , وهنا أتشرف بذكر هذه الحادثة التي نقلها سيدنا عبد الرزاق المقرم في كتابه القيم (العباس (ع))قال(قدس):ـ [ حدّثني الشيخ العلاّمة ميرزا محمّد علي الأُردبادي، عن حجّة الإسلاّم السيّد ميرزا عبد الهادي آل سيّد الأُمة الميرزا الشيرازي (قدس سره)، عن العالم البارع السيّد ميرزا عبد الحميد البجنردي، أنّه شاهد في كربلاء المشرّفة رجلاً من الأفاضل قد اغترّ بعلمه، وبلغ من غلوائه في ذلك أنّه كان في منتدى من أصحابه وجرى ذكر أبي الفضل، وما حمله من المعارف، الإلهية التي امتاز بها على سائر الشهداء، فصارح الرجل بأفضليته على العبّاس! واستغرب من حضر هذه الجرأة، وأنكروا عليه، ولا موه على هذه البادرة، فطفق الرجل يبرهن على تهيئته بتعداد مآثره وعلومه، وما ينوء به من تهجّد وتنفل وزهادة، وقال: إن كان أبو الفضل العبّاس يفضل بأمثال هذه فعنده مثلها، والشهادة يوم الطفّ لا تقابل ما تحمله من العلوم الدينية وأُصولها ونواميسها.فقام الجماعة من المجلس والرجل على ذلك الغرور والغلواء، غير نادم ولا متهيب.ولمّا أصبحوا لم يكن لهم هَمّ إلاّ معرفة خبر الرجل، وأنّه هل بقي على غيّه أو أنّ الهداية الإلهية شملته؟ فقصدوا داره وطرقوا الباب، فقيل لهم: إنّ الرجل في حرم العبّاس، فتوجّهوا إليه ليستبروا خبره، فإذا الرجل قد ربط نفسه في الضريح الأقدّس بحبل شدّ طرفه بعنقه والآخر بالضريح، وهو تائب نادم ممّا فرط. فسألوه عن شأنه وخبره؟ فقال: لمّا نمت البارحة، وأنا على الحال الذي فارقتكم عليه، رأيت نفسي في مجتمع من أهل الفضل، وإذا رجل دخل النادي وهو يقول: إنّ أبا الفضل قادم عليكم، فأخذ ذكره من القلوب مأخذاً حتّى دخل (عليه السلام) والنور الإلهي يسطع من أسارير جبهته، والجمال العلوي يزهو في محيّاه، فاستقرّ على كرسي في صدر النادي، والحضور كُلّهم خاضعون لجلالته، وخصتني من بينهم رهبة عظيمة، وفرق مقلق، لما أتذكّره من تفريطي في جنّب ولي اللّه، فطفق (عليه السلام) يحيّي أهل النادي واحداً واحداً حتّى وصلت النوبة إليّ.ثُمّ قال لي: ماذا تقول أنت؟ فكاد أن يرتجّ عليّ القول، ثُمّ راجعت نفسي وقلت: في المصارحة منتدحاً عن الارتباك وفوزاً بالحقيقة، فأنهيت إليه ما ذكرته لكم بالأمس من البرهنة.
فقال (عليه السلام): أمّا أنا فقد درست عند أبي أمير المؤمنين وأخوي الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، وأنا على يقين من ديني بما تلقّيته من مشيختي من الحقائق ونواميس الإسلاّم، وأنت شاكّ في دينك، شاك في إمامك، أليس الأمر هكذا؟ فلم يسعني إنكار ما يقوله.
ثُمّ قال (عليه السلام): وأمّا شيخك الذي قرأت عليه، وأخذت منه فهو أتعس منك حالاً، وما عسى أن يكون عندك من أُصول وقواعد مضروبة للجاهل بالأحكام، يعمل بها إذا أعوزه الوصول إلى الواقع، وإنّي غير محتاج إليها، لمعرفتي بواقع الأحكام من مصدر الوحي الإلهي.
ثُمّ قال (عليه السلام): وفيّ نفسيات كريمة، وأخذ يعددها: من كرم، وصبر، ومواساة، وجهاد إلى غيرها، ولو قسّمت على جميعكم لما أمكنك حمل شيء منها.
على أنّ فيك ملكات رذيلة من حسد، ومراء، ورياء، ثُمّ ضرب بيده الشريفة على فمّ الرجل، فانتبه فزعاً نادماً، معترفاً بالتقصير، ولم يجد منتدحاً إلاّ بالتوسل بهِ، والإنابة إليه، صلوات اللّه عليه وعلى آبائه].
فالحمد لله رب العالمين وشكر له على تشريفنا بمعرفة وموالاة هذه الأنجم الزاهرة والأقمار المنيرة ومنهم مولانا ومقتدانا أبو الفضل العباس (ع) الذي قال فيه إمامنا الصادق(ع):[ " كان عمّنا العبّاس نافذ البصيرة، صلب الإيمان ".(سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخار)] وأسال العطوف بحق الكفين القطيعين قرب نهر العلقمي أن يمن علينا بالفرج الشريف والطلعة البهية لمولانا ومقتدانا صاحب الزمان (ع) وان لايستبدل بنا غيرنا انه على كل شيء قدير ونعم المولى ونعم النصير .