يتساءل كثير من الناس اليوم عن سبب الاهتمام بمادة الأوميغا 3؛ المادة الغذائيّة التي تتداول أخبارها وسائل الإعلام والكوادر الطبيّة والغذائيّة بشكل كبير مؤخراً. فما هو الأوميغا 3؟ وما هي منافعه؟ وهل يستحق كل هذه الضجة؟ وهل من آثار سلبية له؟ وفي أي الأغذية يوجد؟ وهل يوجد له بدائل؟
*ما هو الأوميغا 3؟
الأوميغا 3 هو أحد الأحماض الدهنيّة الرئيسيّة التي يحتاجها الجسم، يستقيها من مصادر خارجية (كالطعام)، ولا يستطيع تصنيعها بنفسه. وهو من الدهون غير المشبعة المفيدة للجسم. وقد نالت هذه المادة اهتمام الباحثين قبل حوالي 25 سنة؛ حيث وجدوا في أوائل الثمانينات أن أفراد مجتمع الإسكيمو هم أقل عرضة لأمراض القلب، بالرغم من غذائهم المشبع بالدهون المأخوذة من السمك. وبعدها وصلوا إلى نتيجة أن الأوميغا 3 الموجود في السمك هو المسؤول عن حماية القلب، إضافة إلى منافع أخرى.
*منافع الأوميغا 3
للأوميغا 3 منافع تطال أعضاء الجسم ووظائفه. وقد أشار عدد من الدراسات إلى أهمية الأوميغا 3 في الحماية من: أمراض القلب، السرطان، الربو، الالتهابات، النشاط المفرط عند الأطفال، وفي تحسين المزاج وغيرها... نشير بالتفصيل إلى بعض هذه المنافع:
1- حارسٌ للقلب
أ- يُعتبر الأوميغا 3 حارساً للقلب لأنّه يقلّل من خطر تجلّط الشرايين، فهو مسيّل للدم.
ب- يُخفّض ضغط الدم قليلاً.
ج- يقلّل معدل الكوليستيرول الإجمالي في الدم، وكذلك معدل الكوليستيرول السيّئ (LDL) ومعدل التريغليسيريد (TG).
د- إن تناول معدل سمكة واحدة في الأسبوع (أي 5،5 غ من الأوميغا 3 في الشهر)، يقلّل من خطر الإصابة بالسكتة القلبية إلى النصف بعد تصحيح المخاطر الأخرى.
وقد توصل المؤتمر العلمي حول الأحماض وعلاقتها بأمراض القلب والشرايين إلى ملخص يفيد أنّ الأوميغا 3 فعّال في الوقاية الأوليّة والثانويّة من أمراض القلب. لذلك، ولأسباب أخرى، وضعت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (HHS)، ووزارة الزراعة الأميركية (usda)، وجمعية القلب والغذاء العالمية، دليلاً حول استهلاك السمك؛ ونصحت بتناول ما لا يقلّ عن سمكتين في الأسبوع. وقد ورد في الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام: "ثلاثة يسمنّ، وثلاثة يهزلن، فأمّا التي تسمن: فإدمان اللحم، وشم الرائحة الطيبة، ولبس الثياب اللينة، وأما التي تهزل: فإدمان أكل البيض، والسمك، والطلع"(1). ويمكن الاستنتاج من هذا الحديث أن السمك قليل الدهون والسعرات الحرارية ويساعد على تخفيض الوزن. وهو ما أقرّه العلم الحديث، وبالتالي فهو يحمي من السمنة ومن أمراض القلب.
2- مضاد للالتهابات
يعتبر الأوميغا 3 مضاداً للالتهابات، حيث يقول البروفسور مارون من جامعة pittsburg إن كل الأمراض تشترك في كونها ناتجة عن التهابات، وتناول كميات كبيرة ووافية من الأوميغا 3 يقلّل من الالتهابات التي تؤدي إلى كثير من الأمراض المزمنة، ومنها الروماتيزم والتهابات الجهاز الهضمي. وقد أظهرت الدراسات على مدى عقدين من الزمن آثاراً إيجابية على مرضى الروماتيزم (وهو مرض ناتج عن التهاب المفاصل)، الذين تناولوا مكمّلات غذائية من الأوميغا-3.
3- يحمي البصر
من فوائد الأوميغا 3 أنه يحمي البصر من التدهور، وفي دراسة لـ National Eye Institute على أشخاص بين الـ 60 و80 سنة أظهرت أن تناول السمك لأكثر من مرتين في الأسبوع يقلّل إلى النصف تحلّل البقعة الصفراء في العين (التي تؤدي إلى فقدان البصر بسبب الضرر الذي يلحق بالشبكة).
4- يحمي من الألزهايمر (داء الخرف)
إن الـ DHA وهو نوع من أنواع الأوميغا 3، هو من أكثر الأحماض الدهنية الموجودة في الدماغ، وفي النقاط العصبية، وهذا ما يبرز تحسّن عمل الدماغ عند تناول كميات كبيرة من الأوميغا 3 كما أظهرت دراسة Rush Institute for Healthy Aging، وقد راقبت هذه الدراسة تناول السمك عند 800 رجل وامرأة من أعمار 65 إلى 94 سنة، فوجدت أن أولئك الذين يتناولون السمك مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، كانوا أقل تعرّضاً لمرض الألزهايمر من أولئك الذين ابتعدوا عن تناوله.
5- يخفف مخاطر سن اليأس
وجدت دراسة أجريت على نساء في سن اليأس في الولايات المتحدة وفنلندا، أن اللواتي تناولن حصتين أو أكثر من السمك أسبوعياً، كانت أوعيتهنّ الدموية أسلم من اللواتي تناولن أقل من هذه الكمية. وكانت الإفادة أكثر عند اللواتي تناولن سمك التونا والأسماك الزيتية.
*أين يوجد الأوميغا 3؟
يوجد الأوميغا 3 في:
1- ثمار البحر: وخاصة الأسماك الزيتية كالسلمون، السردين، التونا الطازجة والإسقمري، بالإضافة إلى القريدس المصدر الأكبر للأوميغا 3.
ملاحظة: (الأسماك البحرية تحتوي على كمية أكبر بكثير من تلك النهرية).
2- بعض المكسّرات وزيوتها: الجوز- بذور الكتان والكيوي واللقطين- الخردل- الصويا، بالإضافة إلى زيت الكانولا.
3- المأكولات المدعمة بالأوميغا 3: زبدة الفستق- منتجات الصويا..
4- بعض أنواع الخبز المدعمة بالأوميغا 3 (كالخبز بالطحالب البحرية).
5- البيض.
*التوصيات والكميّة
توصي جمعية القلب الأمريكية بتناول 500- 1000 ملغ/ اليوم من الأوميغا 3، أو ما يعادل سمكتين في الأسبوع بالإضافة إلى إدخال أنواع الأطعمة الأخرى المشبعة بالأوميغا 3.
*لمن لا يحب السمك
نصيحة بالمحاولة لاكتساب المنافع العديدة. وإذا استعصى عليك الأمر، هناك أقراص الأوميغا 3 التي تعطي فائدة مقاربة للسمك. ويمكن تناول 1000 ملغ منها يومياً وعدم تعدّي هذا المقدار إلا بعد مراجعة الطبيب. ولكن عند دخولك الصيدلية، قد تجد أنواعاً عديدة من أقراص الأوميغا أمامك، منها: زيت السمك (fish oil)، زيت القريدس (krill oil)، زيت الطحالب البحرية (algal oil)، زيت كبد السمك (liver oil)، وزيت بذر الكتّان (flax oil). إلا أن الأفضل على الإطلاق هو زيت السمك. بل وإن لبعضها الآخر مخاطر ويؤخذ بوصفة طبية..
*نصائح للحصول على أكبر قدر من الأوميغا 3 من السمك وتجنّب الضرر
1- تناول السمك المشوي أو المطهو في الفرن، وتجنّب قليه، وذلك لأن قلي السمك يلغي فوائده، لأن الأوميغا 3 يتحوّل سريعاً أثناء القلي إلى نوع من الدهون الشبيهة بالدهون المشبعة الضارّة، التي تترسّب في الشرايين وتؤذيها.
2- انتق السمك الطازج، فالسمك كلّما تعرّض للأوكسجين أكثر تأكسد.
3- انزع جلد السمكة قبل تناولها لتقليل كمية الزئبق فيها.
سارة الموسوي (مجلة بقية الله العدد 268 السنة الثالثة والعشرون)