|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 480
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 18,076
|
بمعدل : 2.74 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
السيّدة فاطمة (عليها السلام) في أيامها الأخيرة
بتاريخ : 28-05-2007 الساعة : 04:41 PM
لم تبق الزهراء (عليها السلام) بعد أبيها سوى شهور معدودة قضتها بالبكاء والنحيب والأنين حتى عُدّت من البكّائين ، ولم تر ضاحكةً قطّ[4] .
وكان لبكائها أسباب ودوافع كثيرة ، أهمّها انحراف المسلمين عن الطريق المستقيم وإنزلاقهم في مهاو تؤدي إلى الاختلاف والفرقة وانهيار الاُمّة الاسلامية بالتدريج .
والزهراء (عليها السلام) التي عاشت انتشار الدعوة الإسلامية أيام أبيها (صلى الله عليه وآله) وضحّت من أجلها بكل نفيس كانت تتوقّع انتصار الإسلام وتشييد صرح العدل في ربوع الدنيا كلّها، ولكن غصب الخلافة والأحداث التي تلتها هدم صرح آمالها وأدخل الحزن على قلبها وروحها الطاهرة، فقد تحمّلت همّاً ثقيلاً فوق همّها وحزنها على أبيها النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) .
وذات يوم دخلت اُمّ سلمة على فاطمة (عليها السلام) فقالت لها : كيف أصبحتِ عن ليلتكِ يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قالت (عليها السلام) : « أصبحت بين كمد وكرب ، فقد النبيّ (صلى الله عليه وآله) وظلم الوصيّ (عليه السلام) ، هتك والله حجاب من أصبحت إمامته مقبضة على غير ما شرع الله في التنزيل أو سنّها النبيّ (صلى الله عليه وآله) في التأويل ، ولكنّها أحقاد بدرية وترات اُحدية»[5] .
وعن عليّ (عليه السلام) قال : « غسلتُ النبيّ (صلى الله عليه وآله) في قميصه ، فكانت فاطمة تقول: أرني القميص ، فإذا شمّته غشي عليها ، فلمّا رأيت ذلك غيّبته »[6].
وروي أنّه لمّا قبض النبيّ (صلى الله عليه وآله) امتنع بلال من الأذان قال : لا اُؤذّن لأحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنّ فاطمة (عليها السلام) قالت ذات يوم : «إنّي أشتهي أن أسمع صوت مؤذّن أبي (صلى الله عليه وآله) بلال » فبلغ ذلك بلالاً فأخذ في الأذان، فلمّا قال: الله أكبر الله أكبر ، ذكرت أباها وأيامه فلم تتمالك من البكاء، فلمّا بلغ إلى قوله : أشهد أنّ محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) شهقت فاطمة (عليها السلام) وسقطت لوجهها وغشي عليها، فقال الناس لبلال : امسك يا بلال ، فقد فارقت ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدنيا، وظنّوا أنّها قد ماتت ، فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة (عليها السلام) وسألته أن يتمّ الأذان فلم يفعل، وقال لها : يا سيّدة النسوان ، إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان ، فأعفته عن ذلك[7] .
وأخذت فاطمة (عليها السلام) بالبكاء والعويل ليلها ونهارها ، ولم ترقأ لها دمعة حتى جزع لذلك جيرانها ، فاجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالوا : يا أبا الحسن! إنّ فاطمة تبكي الليل والنهار فلا أحد منّا يتهنّأ بالنوم في الليل على فراشنا ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا ، وإنّا نخبرك أن تسألها إمّا أن تبكي ليلاً أو نهاراً .
فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) حتّى دخل على فاطمة (عليها السلام) فقال لها : « يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنّ شيوخ المدينة يسألونني أن أسألك إمّا أن تبكي أباكِ ليلاً أو نهاراً »، فقالت : « يا أبا الحسن ، ما أقلّ مكثي بينهم ، وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم » ، فاضطرّ أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى بناء بيت خلف البقيع خارج المدينة وسمّاه « بيت الأحزان » وكانت إذا أصبحت قدّمت الحسن والحسين(عليهما السلام) أمامها وخرجت إليه وهي تمرّ على البقيع باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) اليها ورافقها إلى منزلها[8] .
وعن أنس ، قال : لمّا فرغنا من دفن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أتيت إلى فاطمة (عليها السلام) فقالت : « كيف طاوعتكم أنفسكم على أن تهيلوا التراب على وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ » ثم بكت[9] .
وقال الصادق (عليه السلام) : «وحزنت فاطمة (عليها السلام) حزناً شديداً أثّر على صحتها ، والمرّة الوحيدة التي ابتسمت فيها بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله) عندما نظرت إلى أسماء بنت عميس وهي على فراش الموت وبعد أن لبست ملابس الموت، فابتسمت ونظرت إلى نعشها الذي عُمل لها قبل وفاتها وقالت : سترتموني ستركم الله»[10] .
|
|
|
|
|