لكي ننهل من علوم اهل البيت عليهم السلام والحفاظ على مجتمع يسوده الفضائل والاخلاق المحمدية كما انه لابد من التخلق بها على كل فرد ينتسب الى المدرسة المحمدية كذلك لابد من الحفاظ على ما اكتسبه من هذه المناهل والفضائل ولان افساد الشيء اسرع من اصلاحه .وهنا لابد من الرجوع الى اصحاب الاختصاص واهل الفن في هذه الامور حتى نرى كيف يكون ذلك وما هي الطرق التي تكون اساس الحفاظ على المكارم الاخلاقية . وإن ابدع ما كتب في هذا العلم (علم الاخلاق) هو كتاب جامع السعادات للمولى المحدث الكبير النراقي رحمه الله . وان العلماء يرجعون اليه ويوصون بالرجوع اليه والاستلهام من مناهله الروية
قد تقرر في الطب الجسماني أن حفظ الصحة بإيراد المثل وملائم المزاج، فيجب أن يكون حفظ اعتدال الفضائل أيضا بذلك. وإيراد المثل لحفظ اعتدالها يكون بأمور:
" منها " اختيار مصاحبة الأخيار، والمعاشرة مع أولي الفضائل الخلقية، واستماع كيفية سلوكهم مع الخالق والخليقة، والاجتناب عن مجالسة الأشرار وذوي الأخلاق السيئة، والاحتراز عن استماع قصصهم وحكاياتهم وما صدر عنهم من الأفعال ومزخرفاتهم، فإن المصاحبة مع كل أحد أقوى باعث على الاتصاف بأوصافه، فإن الطبع يسترق من الطبع كلا من الخير والشر.
والسر: أن النفس الإنسانية ذات قوى بعضها يدعو إلى الخيرات والفضائل وبعضها يقتضي الشرور والرذائل، وكلما حصل لأحدهما أدنى باعث لما تقتضيه جبلته مال إليه وغلب على صاحبه إلى الخير، ولكون دواعي الشر من القوى أكثر من بواعث الخير منها، يكون الميل إلى الشر أسرع وأسهل بالنسبة إلى الميل إلى الخير، ولذا قيل: إن تحصيل الفضائل بمنزلة الصعود إلى الأعالي، وكسب الرذائل بمثابة النزول منها. وإلى ذلك يشير قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ".
" ومنها " أن يستقصي في طلب خفايا عيوب نفسه، وإذا عثر على شئ منها اجتهد في إزالته. ولما كانت النفس عاشقة لصفاتها وأفعالها، فكثيرا ما يخفى عليها بعض عيوبها، فيلزم على كل طالب للصحة وحافظها أن يختار بعض أصدقائه ليتفحص عن عيوبه ويخبره بما اطلع عليه، وإذا أخبره بشئ منها فليفرح وليبادر إلى إزالته حتى يثق صديقه بقوله، ويعلم أن إهداء شئ من عيوبه إليه أحسن عنده من كل ما يحبه ويهواه، وربما كان العدو في هذا الباب أنفع من الصديق، لأن الصديق ربما يستر العيب ولا يظهره، والعدو مصر على إظهاره، بل ربما يتجاوز إلى البهتان، فإذا أظهر الأعداء عيوبه فليشكر الله على ذلك وليبادر إلى رفعها وقمعها.
ومما ينفع في المقام أن يجعل صور الناس مرايا لعيوبه ويتفقد عيوبهم، وإذا عثر على عيب منهم تأمل في قبحه، ويعلم أن هذا العيب إذا صدر عنه يكون قبيحا ويدرك غيره هذا القبح، فليجتهد في إزالته. وينبغي أن يحاسب نفسه في آخر كل يوم وليلة، ويتفحص عن جميع ما صدر من الأفعال فيهما، فإن لم يصدر عنه شئ من القبائح والذمائم فليحمد الله على حسن تأييده، وإن صدر عنه شئ من ذلك فليعاتب نفسه ويتوب، ويجتهد في ألا يصدر عنه بعد ذلك مثله.
قانون العلاج في الطب الروحاني
" تنبيه " قد تبين أن للطلب الروحاني أسوة بالطب الجسماني. والقانون في معالجة الأمراض الجسمانية أن يعرف جنس المرض أولا، ثم الأسباب والعلامات، ثم يبين كيفية العلاج. والعلاج فيه إما كلي يتناول جميع الأمراض، أو جزئي يختص بمرض دون مرض، فكذلك الحال في الطب الروحاني.