بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلّى الله على علّة الوجود النبيّ الأعظم محمّد وعلى أهل بيته الطّاهرين ولعنة الله تعالى على جاحدي إمامتهم ومبغضيهم ومنكري فضائلهم ومخالفيهم إلى قيام يوم الدّين لا سيّما صنمي قريش وابنتيهما وأتباعهم.
- روى الصفّار والكليني (رضي الله عنهما) بسنديهما عن الثمالي عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال:
"أوحى الله إلى نبيّه صلّى الله عليه وآله: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال: إنّك على ولاية عليّ، وعليّ هو الصراط المستقيم"(1).
- شرح العلّامة المجلسي (رضي الله عنه) هذه الرواية الشّريفة، بقوله:
الأخبار في تفسير الصّراط بالأئمّة عليهم السّلام وولايتهم كثيرة، والصّراط ما يؤدّي النّاس إلى مقصودهم، وهم صراط الله المستقيم الذي لا يوصل إلى الله وطاعته وقربه ورضوانه إلّا بولايتهم، والقول بإمامتهم وطاعتهم، وصراط الآخرة صورة هذا الصراط فمن استقام على هذا الصراط في الدنيا يجوز صراط الآخرة آمناً إلى الجنّة كما روى الصّدوق في معاني الأخبار بإسناده عن المفضل قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصراط فقال: هو الطريق إلى معرفة الله عزّ وجل، وهما صراطان: صراط في الدنيا، صراط في الآخرة؛ فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم).
فقوله تعالى:"فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ" أي بجميعها الذي عمدتها ولاية عليّ وسائر الأئمة عليهم السّلام، فإن بها يتم ويعرف ما سواها قولاً وعملاً وتبليغاً، فإنّك على الدّين الحقّ الذي عمدتها الولاية فلا تقصر في تبليغها ودعوة الناس إليها خوفاً من المنافقين.
قال ابن شهرآشوب (ره) في المناقب بعد إيراد هذه الرواية:
معنى ذلك أن علي بن أبي طالب الصراط إلى الله كما يقال فلان باب السلطان إذا كان يوصل به إلى السلطان، ثم الصراط الذي عليه علي عليه السلام يدلك وضوحا على ذلك قوله: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ)، يعني نعمة الإسلام، لقوله: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) والعلم: (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) والذرية الطيبة: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً). الآية، وإصلاح الزوجات لقوله: (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) فكان عليّ عليه السّلام في هذه النعم في أعلى ذراها(2).
- وقال الحافظ رجب البرسي رضي الله عنه:
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو حب عليّ (عليه السّلام)، ثمّ أكّد ذلك فقال: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) أي ادع النّاس إلى حبّ عليّ (عليه السّلام) لأنّه يدعو إلى الإيمان أولاً، ثمّ إلى الفرائض لأن الأصل مقدّم على الفرع، فلا فرائض إلّا بالإيمان، ولا إيمان إلّا بحبّ عليّ (عليه السّلام)، لأنّ التوحيد لا ينعقد إلّا به، فما لم يكن الإيمان فلا فرائض، وما لم يكن حب عليّ (عليه السّلام) فلا إيمان؛ فالإيمان والفرائض حبّ عليّ (عليه السّلام)؛ فالأصل والفرع حبّ عليّ (عليه السّلام) وولايته(3).
أخيراً:
نختم بحديث شريف رواه الشّيخ الصّدوق (رضي الله عنه) بسنده عن ثابت الثمالي عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما قال:
"ليس بين الله وبين حجته حجاب ولا لله دون حجته ستر، نحن أبواب الله، ونحن الصّراط المستقيم، ونحن عيبة علمه، ونحن تراجمة وحيه، ونحن أركان توحيده، ونحن موضع سرّه"(4).
فالحمد لله الّذي جعلنا من المتمسّكين بالصّراط المستقيم
ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام.
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد والعن صنمي قريش وابنتيهما وأتباعهم ،،،