إن من الضروري تناول هذه المسألة بين فترة واخرى ، لانها من الملفات الساخنة في حياة المتزوجين ، كما كانت الانحرافات الاخلاقية هو الملف الساخن في حياة غير المتزوجين.. وذلك ليكون هذا الحديث بمثابة الصيانة لهذا البناء المقدس ، اضافة الى أن هنالك مستجدات دائما ، سواء في جانب : المشاكل او في جانب الحلول.. واعتقادنا أن بذور الخلاف موجودة في كثير من الاسر ، إلا انها تنتظر الاجواء الملائمة للاستنبات .. وقديما قالوا : الوقاية خير من العلاج.
نتمنى من كل من يسمع هذا الحديث ، أن لا يحاول التقاط نقاط الادانة للطرف الاخر ، وإلا اصبح الحديث غير فاعل في تغيير الواقع الذي ينبغي تغييره .. بل اننا نطرح نقاطا للتأمل بين الزوجين ، ليكون التفكير منصبا على تغيير الواقع ، لا في حبس الآخر في قفص الاتهام.
إن المصيبة الكبرى في الخلاف الزوجي ، تكمن في الضمور التدريجي في الجانب الروحي لكلا المتنازعين ، اضافة الى اصابة الجهاز العصبي بالخلل والاضطراب ، وذلك لان البال الموزع على مشاكل الحياة ، لا يدع لصاحبه فرصة التفكير في الامور المرتبطة بالمبدأ والمعاد.
إن من الآثار المهلكة للخلاف ، هو تحقق ارضية الظلم والتعدي ، وهي بدورها تحقق ارضية الطرد من الرحمة الالهية ، بمقتضى قوله تعالى : { ألا لعنة الله على الظالمين }.. فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل ، وقد يصل العبد بعد مرحلة من المعصية الى هذه العاقبة الوخيمة التي وردت في قول المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) : ( يهوي بها ابعد من الثريا)..
إن الاولاد في السنين الاولى من اعمارهم ، ينظرون الى الابوين على انهما القدوة في الحياة ، فإذا اقترنت حياتهما بشيء من الظلم المتبادل ، مع ما يصاحبه من المعاصي القولية والفعلية ، فإنهم سيصابون بنكسة لا شعورية تجاه كل ما يرتبط بالدين واهله ، وذلك عندما تتهاوى في نظرهم تلك الرموز التي تمثل عندهم الدين ، ولو كانوا مشتبهين في المصداق .
إن دائرة الخلاف الزوجي لا تنحصر بين الزوجين فحسب ، بل تتعدى – ولو من دون قصد – الى عائلتيهما .. مما يسبب شرخا واسعا في المجتمع ، وهو بدوره يهيئ الارضية لمختلف المفاسد الاجتماعية من : الغيبة ، والنميمة ، والتشهير ، والتسقيط ، وغير ذلك مما نحسبه هيناً ، وهو عند الله عظيم.
إن العلاقة الزوجية ليست من قبيل المعاملة ، ليتسلط احدهما على الاخر تسلط المالكين ، وليست من قبيل العقود المؤقتة ، ليفكر احدهما بالتخلص من الاخر متى شاء ذلك.. بل تمثل قمة التمازج بين الروحين ، وهو معنى وصفهما بـ (الزوجية) .. فكما أن خصوصياتهما الفردية تندك في الخلية الاولى المخصبة ، والتي هي مقدمة لكائن بشري آخر ، فإنه ينبغي بموازاة ذلك ايضا ، أن يتخليا عن النوازع الذاتية داخل العش الزوجي .. وبذلك تتحول الام – بروحها – الى حاضن لروح الولد ، كما كانت - برحمها - في يوم من الايام حاضنة لجسمه .
تتجلى اهمية هذا البحث من خلال معرفة أن بركات الاسرة السعيدة ، لا تنحصر في هذه الحياة الدنيا ، بل تتعدى الى الاخرة بمقتضى قوله تعالى : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم }.. فهو استثمار لا يقاس به أي استثمار في الحياة الدنيا .. وقد روي عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في هذا السياق انه قال : ( اذا دخل الرجل الجنة ، سأل عن ابويه ، وذريته ، وولده .. فيقال: انهم لم يبلغوا درجتك وعملك ، فيقول: يا رب!.. قد عملت لي ولهم ، فيؤمر بالحاقهم).
__________________
الاخوات الفاضلات
ربيبة الزهـراء
الحيدرية
البحرانية
احسن الله لكن ووفقكن لما فيه الخير والصلاح في الحفاظ على اسركن وابنائكن
من كل وليجة شيطان رجيم انه سميع عليم
جزل الشكر لكن جميعا