بين المرأة والرجل علاقة مُعقَّدة. وهذه مسألة أصبحنا ندركها كلنا، بدءاً من أبسط إنسان وصولاً إلى المتخصصين في دراسة العلاقة بين الرجل والمرأة.
المشكلة في علاقة الرجل بالمرأة، سواء أكانت العلاقة عامة في الحياة، أم خاصة في الفراش، إنّ الاثنين لا يعرفان إن كان سلوك كلّ منهما هو سلوك فطري بحت، أم أنّه سلوك مكتسَب فيه قدر من غسيل الدماغ.
وغسيل الدماغ هذا، مَن صَنعهُ؟ هل هو المجتمع، أم الأهل، أم ظرف خاص؟ وإلى أي درجة يُدرك الرجل والمرأة أنّ ما يشعران به هو من تأثير الآخرين؟ وإن شعرا بذلك، إلى أي درجة يدركان حجم التأثير؟ وإلى أي درجة هما قادران على التحكم؟ وإلى أي درجة هما مقتنعان؟ وإلى أي درجة يمارسان تأثيرهما الخاص؟ وإلى أي درجة يستفيدان أو يتضرران من هذا التأثير؟ إلى ما هنالك من أسئلة.
وبعد ذلك، ما هي خبراتهما وثقافتهما الخاصة في إحداث تغييرات في سلوكهما؟
لنُركِّز حديثنا اليوم على الخشونة والليونة في العلاقة، ولنركز في حديثنا اليوم على خشونة ورقّة الرجل مع المرأة، عاطفياً وجنسياً. من أين جاء هذا الوهم الذي جعل الرجل يقتنع بأنّه من الأفضل أن يكون خشناً، جلفاً؟
دعونا من التربية. فنحنُ نَعَلم الآن أنّ الوراثة تلعب دوراً كبيراً. فما نرثه من صفات جسدية، كشكل الأنف ولون البشرة والطول.. إلخ، هذه الموروثات ليست كل شيء نأخذه من أهلنا، بل إننا كذلك نرث طباع أهلنا. فإن كان أهلنا فيهم تاريخ رجال يؤمنون بأنّ القوة هي الطريق الصحيح للتعامل مع المرأة، فإننا نجد هذا الميراث يتجلّى عند الأبناء الشباب، بمن فيهم أولئك الذين يحاولون مقاومته. ففي النهاية يتجلّى الطبع الأساسي في معاملة المرأة بالعنف.
وأحياناً، إذا كان العنف لا يظهر على المرأة في حياتها العامة، فإنّه يظهر في الحياة الخاصة، بمعنى أنّ الرجل قد يكون لطيفاً مع زوجته في العَلَن، ولكنه قاسياً معها في الخفاء.
وأحياناً نزعَة العنف يُعبّر عنها فقط في الحياة السرّية، كأن يكون الرجل رائعاً مع المرأة في حياته العامة، ولكنه في الخفاء، وبسرية، قد يدفع لنساء حتى يضربهنّ ويمارس عليهنّ العنف. ولكن، بالطبع الجينات تورث فقط الإستعداد وليس السلوك. فالسلوك قرار الرجل، وربّما أيضاً قرار تربيته، فمَن رأى أباه عنيفاً، تشرَّب ذلك وأصبح هو الآخر عنيفاً.
بقي أمرٌ جدير بالإنتباه، وهو ألا نُهمل دَور الجينات الرجالية في العنف، وعلى رأسها "التيستوستيرون"، هُرمون الرجولة، هذا الذي يُعتبَر مسؤولاً عن كل صفات الرجولة الجسدية والسلوكية، بما فيها الإندفاع، ومنها الإندفاع العدائي، أي العنف ضد الأضعَف.. أي ضد المرأة.