وُلِدَ كميل بن زياد رضوان الله عليه قبل الهجرة النبويّة بعدّة سنين في اليمن. وكانت عائلته واحدة من أكبر العائلات المعروفة باليمن، قدَّمت هذه القبيلة خدمات جليلة للإِسلام، فمالك الأشتر، وهلال بن نافع، وسوادة بن عام، وغيرهم كلّهم من قبيلة كميل بن زياد .
سكن معظم أفراد هذه القبيلة بعد الإِسلام في الكوفة. يعتبر كميل بن زياد من التابعين، ومن خلص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يسجّل التاريخ بأنّ كميل كانت له فعّاليّات في عهد الخلفاء الثلاثة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن ورد بأنّ الحجّاج قتله بتهمة الاشتراك في قتل عثمان.
لقد بدأت حياة الصحابي الجليل كميل الجهاديّة المشرقة في عهد الإِمام عليه السلام وقد أُعتبر من كبار أنصاره ومؤيّديه خلال فترة خلافته. لقد بلغ قرب كميل من الإِمام عليه السلام إلى درجة أنّه كان يخرج معه في جوف اللّيل للمناجاة، وبثّه بعض الحِكَم والأسرار .
وعندما بويع الإِمام عليه السلام وتقلد زمام أمور المسلمين، عزل بعض الولاة والقادة غير المؤهّلين، وعيّن مكانهم من هو أهل لهذه المناصب، وضمن سلسلة التعيينات هذه، عيّن الإِمام علي عليه السلام كميل بن زياد والياً وحاكماً على مدينة هيت العراقية التي تقع على نهر الفرات في العراق، وطلب منه أن يقف بحزم في وجه أطماع معاوية .
وقد بلغت ثقة الإِمام علي عليه السلام بـهذا الصحابي المؤمن كميل بن زياد إلى درجة أنّه كتب إلى كاتب بيت المال ــ عبيد الله بن أبي رافع ـــ يقول فيه سيصلك عشرة من الثقاة لإِجراء تصفية الحسابات الخاصّة والمتعلّقة ببيت المال، فلمّا استفسر عبيد الله عن أسمائهم، سمّاهم الإِمام علي كرم الله وجهه و عليه السلام وكان كميل بن زياد رضوان الله عليه أحدهم، وكان لفترة مسؤولاً عن بيت المال.
كما كان على مستوى رفيع من العلم والمعرفة والفضيلة، مع زهد، وعبادة، وحيطة في كلّ أُموره لا سيّما في عقيدته ودينه، وكان كثير السؤال من الإِمام علي عليه السلام في شتّى الأمور، وكان الإِمام عليه السلام يجيبه عنها ويهتمّ بها لا سيّما بأسئلته العلميّة والفقهيّة ضمن سلسلة من المواعظ والحِكَم، على مسمع من الحاضرين ليستفيدوا منه.
إنّ تعليم الإِمام علي عليه السلام الدعاء المشهور باسمه والمسمى بـ (دعاء كميل) الذي فيه من الثواب والفضل ما لا يصيه الا الله، وما جاء فيه من رفيع الأدب، وفنون التهجّد والعبادة، لدليل على ما كان يتمتّع به الصحابي المؤمن كميل رضوان الله عليه من المعرفة العالية، والمنزلة الرفيعة والقابلية الفذّة التي تستوعب ذلك، وكان دائم الحضور في مجلس الإِمام علي عليه السلام أيّام تواجده في الكوفة.
دفن الصحابي كميل بن زياد في العراق بمنطقة تسمى (الحنانة) تقع بين الكوفة والنجف.
رزقنا الله زيارته في الدنيا وشفاعته في الاخرة انه من المقربين والحمد لله رب العالمين..