|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.84 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
مشهد ما قبل الولادة
بتاريخ : 25-07-2010 الساعة : 12:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
سامرا.. مشهد ما قبل الولادة
البلاط في مطلع عام 253ه تقوده قدره غامضة مؤلفة من أم الخليفة المعتز (قبيحة) وهي زوجة الخليفة الذي لقي مصرعه في انقلاب سنة 247ه، يعاونها الوزير النصراني الاصل ابن اسرائيل وأبو نوح وهو غلام نصراني كانت له علاقة قوية بالمتوكل واستطاع الفرار عشية مصرع المتوكل.
كانت سياسة المعتز تنهض علي أساس تصفية أعداء والده وخصومه أيا كانت اتجاهاتهم، ولذا قام بترقية الضباط المغاربة الذين اصبحوا عماد حرسه الخاص.
فيما عمّت موجة من الاعتقالات بغداد وسامراء طالت عشرات العلويين أو ممّن تُشمّ فيهم رائحة الولاء لاهل البيت: وكان في طليعة من اعتقل أبو هاشم الجعفري بأوامر شخصية من المعتز بذريعة أن البلاط يفكرّ في ارساله الي(طبرستان) للتفاوض مع الثائر العلوي (الحسن بن زيد) وتهدئة القلاقل هناك، فنقل مخفوراً إلى سامراء وزجّ به في سجن خاص في تلك الفترة كما قلنا وصلت السيدة نرجس سامراء واستقبلت من قبل الإمام الذي ارسل وراء اخته حكيمة واطلعها علي وصول الفتاة وطلب منها أن تأخذها إلى منزلها لتعلّمها شريعة الإسلام.
ومكثت الفتاة في منزل السيدة حكيمة شهوراً ويراها الإمام الحسن في أخريات عام 253ه أو مطلع عام 254ه وتورد الروايات تفاصيل عن لقاء غير عادي بين سيدنا الحسن عليه السلام والسيدة نرجس.
وتستأذن السيدة حكيمة أخاها في اجراء مراسم الزواج في منزلها وبعد أيام يصطحب الإمام الحسن زوجته الرومية إلى منزل والده الكبير.
ونستطيع أن نحدس موقف البلاط من العلويين من خلال تعيين ابن أبي الشوارب رئيساً لسلطة القضاء وهو رجل معروف بموقفه العدائي التقليدي للعلويين.
في 25 جمادي الاخرة توفي الإمام علي الهادي وحضر مراسم العزاء نائباً عن الخليفة طلحة بن المتوكل الذي عرف بالموفق منذ سقوط بغداد بعد حصارها سنة251ه وطلحة سيكون هو الحكم العسكري العام منذ مصرع المهتدي في سنة 256هوسيتولّي ابنه الخلافة وسيعرف فيما بعد ب (المعتضد) سنة 279 والاخير هو الذي ذكرته مدوّنات الإمامية بتنظيمه حملتين لاعتقال أو اغتيال من يوجد في بيت الإمام الهادي.
افرزت الحرب الاهلية وضعاً قلقاً متوتراً في سامراء اتسم بالقلاقل التي عادة ما يثيرها الضباط الاتراك الذين شهدت جبهتهم انشقاقات خطيرة وتناحر من أجل أسلاب الحكم والمزيد من النفوذ.
وفي سنة 255 شهدت ميزانية الدولة عجزاً في صرف مرتبات الجيش ويعود هذا في الاصل إلى اختلاسات الطغمة الحكمة بقيادة زوجة المتوكل التي تعد الحكم الفعلي للبلاد يعاونها كما ذكرنا مجموعة من الاداريين الغامضين مثل ابن اسرائيل وأبي نوح عيسى بن ابراهيم الذي ظل مصرّاً علي نصرانيته.
في جمادي الاخرة سنة 255ه قام صالح بن وصيف بعملية انقلابية وسيطرت قواته علي قصر الخليفة المعتز الذي نقل إلى مكان مجهول فيما فرض الحصار الشديد على قصر والدته الثرية جدّاً.
وعقد صالح بن وصيف تحالفاً مع ضابط تركي قوي هو (بايكبك) وفي تلك الفترة انتشرت في أوساط الشيعة شائعات قوية عن نيّة السلطات في اصطحاب الإمام الحسن إلى الكوفة واغتياله في الطريق.
سنحاول متابعة تفاصيل هامّة منذ يوم 26 رجب 255ه، فقد انفجرت أزمة خطيرة هددت حكومة المعتز بسبب العجز والتسويف في دفع مرتبات قطعات من الجيش واستنجد المعتز بوالدته التي امتنعت من دفع مبلغ 000/ 50 دينار وتذرّعت بأنها لا تملك هذا المبلغ، وتعللت بأن أموال الدولة لم تصل بعد من الاقاليم، لكنها في الحقيقة كانت قد ارسلت رسالة مستعجلة إلى موسى بن بغا في وقف العمليات الحربية في ايران والعودة بأقصى سرعة لمعالجة الوضع الخطير المتفجّر في سامراء.
وقبل أن يصل موسى بن بغا كان الوضع قد تدهور والقي القبض على المعتز وتعرّض للتعذيب والاهانة ثم وقع وثيقة التنازل عن الخلافة بكياً.
وتم تنظيم المحضر باشراف رئيس سلطة القضاء ابن أبي الشوارب..
وتضمنت الوثيقة تعهداً من الضباط الاتراك بالحفاظ علي حياته وحياة والدته وشقيقته.
وضرب الحصار علي قصر (قبيحة) ورابطت قوة من الجنود الاتراك على بوابات القصر.
واعلن في الثاني من شعبان عن وفاة الخليفة المخلوع وقبل الاعلان كان قد تم تسمية محمد بن الواثق خليفة.
وعندما صدرت الاوامر باقتحام قصر قبيحة لمصادرة ممتلكاتها فوجئ الجميع باختفائها وفرارها عبر نفق.
وهكذا اختفت عن الانظار، فانتشر رجال الشرطة للبحث عنها كما رصد تجوائز مغرية لمن يدلّ عليها أو يقدّم معلومات تفيد في القبض عليها، وأُنذر الذين يساعدونها في الاختباء بأقسي العقوبات.
علي أن الشبهات كانت تحوم حول منزل تقطنه احدي زوجات القائد العسكري موسى بن بغا فوضع المنزل تحت المراقبة، ولكن القائد وصيف كان يتهيب اقتحام المنزل خوفاً من خطوة انتقامية يقوم بها القائد موسى بن بغا الذي قد يصل سامراء بين لحظة وأخري.
وانفجرت أزمة الجيش مرّة أخري بسبب عجز صالح بن وصيف عن دفع مرتبات الجنود، ولذا أقدم القائد العسكري الذي يحكم البلاد بقوّة بتعريض ابن اسرائيل وأبي نوح وابن مخلد للتعذيب فانهار الاخير واعترف بوجود خطة لاغتيال صالح بن وصيف باشراف قبيحة وابن اسرائيل وأبي نوح (عيسى بن ابراهيم) وشاء القدر أن يتقدم أحدهم ليدلي بمعلومات حول وجود كنوز سرّية تعود لقبيحة فعثر عليها ووجدت أموال أسطورية دفعت صالح بن وصيف للتصريح قائلاً:
ـ قبّح الله قبيحة عرّضت ابنها للقتل في خمسين الف دينار وعندها هذه الاموال في خزانة واحدة من خزائنها!
وتم تنفيذ حكم الاعدام بحق ابن اسرائيل وأبي نوح فيما قرّرت قبيحة الظهور وارسلت من مخبئها وسيطاً للتفاوض مع صالح بن وصيف.
ونسجّل هنا عدّة حوادث منها اندلاع ثورة الزنج في أهوار العراق واقتحام مدينة البصرة، وتقدّم قوّات الصفّار باتجاه العراق، واستمرار الاشبكات مع قوات الحسن بن زيد العلوي الذي أسس دولة طبرستان في الشمال الايراني.
وقام الخليفة المهتدي (محمد بن الواثق) باجراءات لكسب التأييد الشعبي منها ترحيل المطربين والمطربات إلى بغداد واعدام بعضهن. وطرد الكلاب وتعطيل الملاهي، كما ترأس بنفسه محكمة الاستئناف وقد برّر كل ذلك بانه غيرة على العباسيين لانه لا يوجد بينهم من يسير بسيرة عمر بن عبد العزيز.
ولا ننسي أيضاً انه باشرافه وبمباركته صودرت كل ممتلكات قبيحة وابنائها والمقرّبين منها وتم ترحيلها إلى مكة وقد سجل الطبري صرخاتها الهستيرية وهي تودّع سامراء دون رجعة:
ـ اللهم اخز صالح بن وصيف كما هتك سترى وقتل ولدي وبدّد شملي وغرّبني عن بلدي، وركب الفاحشة مني.
والي جانب هذه الاجراءات قام المهتدي بخطوات احترازية لتثبيت حكمه منها ابعاد بعض الشخصيات العباسية في طليعتها طلحة بن المتوكل الذي كتسب لقب (الموفق) منذ احتلال بغداد في الحرب الاهلية سنة 252ه.
كما قام باعتقال الإمام الحسن وزجّه في سجن خاص مع تكيدات بمعاملته معاملة قاسية، وقد سلّم صالح بن وصيف الإمام إلى علي بن أوتامش المعروف بفظاظته وقسوته وعدائه للعلويين.
وقد تعرّض صالح بن وصيف إلى الانتقاد بعد أن وصلت القصر تقارير حول معاملة طيبة للامام فقال القائد التركي:
ـ وماذا تريدوني أفعل لقد سلّمته إلى رجل ليست في قلبه رحمة، ولكن ابن أوتامش لا يرفع الان رأسه اجلالاً له.
في ذي القعدة ساد التوتر سامراء بعد انباء عن اجتياز موسى بن بغا وقواته مرتفعات همدان في طريقه إلى سامراء.
وتزامن ذلك مع توقيف ابن أبي الشوارب رئيس سلطة القضاء بتهمة الفساد.
ومع ان مدونات الإمامية تذكر تاريخ 15 شعبان 255 هجرية كاحدي التواريخ التي ولد فيها المهدي عليه السلام لكن الدارس لتلك الحقبة العاصفة يستبعد ذلك لان الإمام كان معتقلاً وقد نقل عنه حديثه مع أحد السجناء.
فقد سأل الإمام السجين:
ـ هل رزقت ولداً؟
ـ لا
ـ اللهم ارزقه ولداً يكون له عضداً فنعم العضد الولد.
ثم تمثّل بقول الشاعر:
من كان ذا ولد يدرك ظلامته ان الذليل الذي ليست له عضد
ويسأل السجين الإمام:
ـ ألك ولد؟
ـ اي والله سيكون لي ولد يملا الأرض قسطاً، فأما الان فلا.
ويبدو أن الإمام قد اعتقل سنتين ولم توجه له اتهامات واضحة كما وجهت لوالده الراحل.
ومن المؤكد ان اخبار المهدي الذي سيولد قد انتشرت وافرزت هواجس للمؤسسة الحكمة.
ونري أن المهتدي يطلق تهديدات تتوعد الشيعة بالفناء.
وقد تعرّضت مدينة قم وهي مركز شيعي ناشط لحملة اضطهاد دفعت بأهلها إلى ارسال صيحات استغاثة للامام.
ومن الاضاءات المفيدة أيضاً أن نذكر وصول قوات موسى بن بغا سامراء وتقدمها لاحتلال قصور الخلافة قد زاد من اربك الاوضاع، ولا ننسي ان قوات الصفار ما تزال تواصل تقدّمها وأن ثورة الزنوج باتت تشكل تهديداً خطيراً بسبب سرعة انتشار لهيب الثورة سيّما وأن قائدها أراد أن يضفي علي نفسه المزيد من البريق بادّعائه الانتساب إلى أهل البيت، اضافة إلى الهزائم التي لحقت بالدولة في صراعها مع الروم، وسنري أن مؤسسة الحكم تحرص على استصدار تصريح من الإمام لتكذيب هذا الادّعاء.
وفي يوم عاشوراء من سنة 256ه كانت سامراء اشبه بمدينة محتلّة في قبضة قوات موسى بن بغا فيما فضل صالح بن وصيف الاختفاء عن الانظار.
وليس من باب الاعتباط أن يؤثر عن الإمام الحسن عليه السلام حرز تعكس كلماته خطورة الاوضاع التي عاشها الإمام ونجد فيه ما يدفعنا إلى التوقف مثل قوله:
ـ (احتجبت بحجاب الله النور الذي احتجب به عن العيون...
واحتطت علي نفسي وأهلي وولدي..).
|
|
|
|
|