بالفرشاة بدأت أمزج ألواناً أعبر بها عن هدوء بداخلي، أرسم تناغم الأمواج وهي تداعب حبات الرمال..
وإذا بأصواتٍ وحشية تقتحم مسمعي لتحول جمال البحر لإعصار دمِ متدفق من جسدٍ ميتٍ مزقته أنياب الوحوش!
خِلتُ نفسي في غابةِ دامية أخفت أشجارها أحقاداً دفينة!
بدأت إحداهن بطعن الفريسة فتجمهرن حولها مسننات الأنياب بخناجرهم..
يرددون بحناجر ملأتها البغضاء:
كم هي مغرورة..
وليتها تملك ما يدفعها للغرور..
ألم ترين كم هي بدينة وسيئة المظهر؟؟
بل وبلهاء! لا أدري لِمَ يحمل لها الجميع النعوت وهي لا تستحق..
وهل هي أفضل منا أم أعلا شأناً؟؟
لا أطيقها أبداً.. لا أستسيغها.. ثقيلة الظل!!
أدهشني ذاك الحديث الساخن بما احتوى من أمراض القلوب، تركتُ فرشاتي وأخذت أتأمل ما يُقال، وإذا بهن في تزايد كعرض سيركٍ يجدذب المارة إليه!
لستُ أدري أي الأمور أحق بالحديث، أأنعى قلوباً أحرقتها نيران الحسد فأطفأت غليلها بالطعن! أم أندب ألسنةً ابتليت، كتب عليها الشقاء في أفواهٍ متلذذة بلحوم البشر..!
مرت بذهني كلمات أنزلها الإله، تنذر المغتاب وتقبّح فعله، حاولت تحريك مِقوَدِ حديثهم نحو اتجاهٍ سوي فأبين إلا أن يتممن هذا الحديث، وكأنما احتوى من اللذة ما لا يستشعرها إلا من قد غمر نفسه بها فجعلته ثملاً اختلت حواسه وجعلت القبيح فاتن الجمال!
فكرتُ ملياً في تلك الفريسة المسكيــ...
أوه.. عفواً أخطأت الحديث، أعني أنهم هم المساكين، فقد أغرتهم بلذتها وما علموا بالسم الناقع في لحم الجثث، التهموها بشراهة فأردى قلوبهم السم صرعى، لم يبقَ في الفؤادِ إلا الوباء يفتكهُ، فيبث في جسدهم الأحقاد بدلاً من الدماء، حيثُ لا حياة بعدها إلا في هوان.. في جحيم..!!
عذراً قلمي، فقد أكثرتُ بكَ ألفاظ الاستياء..
ولكن كيف لا أفعل وقد انتشر الوباء بين البشر..
غيبة، نميمة، فتنة، همزٌ ولمز، حسد..