العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الإجتماعي

المنتدى الإجتماعي المنتدى مخصص للأمور الإجتماعية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الإجتماعي
افتراضي الحقوق الأُسريّة
قديم بتاريخ : 23-08-2015 الساعة : 11:57 PM



الحقوق الأُسريّة
وضع المنهج الإسلامي حقوقاً وواجبات على جميع أفراد الأُسرة ، وأمر بمراعاتها من أجل إشاعة الاستقرار والطمأنينة في أجواء الأُسرة ، والتقيّد بها يسهم في تعميق الأواصر وتمتين العلاقات ، وينفي كل أنواع المشاحنات والخلافات المحتملة ، والتي تؤثّر سلباً على جوّ الاستقرار الذي يحيط بالأُسرة ، وبالتالي تؤثّر على استقرار المجتمع المتكوّن من مجموعة من الأُسر .
أَوّلاً : حقوق الزوج :
من أهمّ حقوق الزوج حقّ القيمومة ، قال الله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) (1).
فالأُسرة باعتبارها أصغر وحدة في البناء الاجتماعي بحاجة إلى قيّم ومسؤول عن أفرادها ، له حقّ الإشراف ، والتوجيه ، ومتابعة الأعمال ،
ـــــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 34 .
والممارسات ، وقد أوكل الله تعالى هذا الحق إلى الزوج ، فالواجب على الزوجة مراعاة هذا الحق المنسجم ، مع طبيعة الفوارق البدنية والعاطفية لكلٍّ من الزوجين ، وأن تراعي هذه القيمومة في تعاملها مع الأطفال وتشعرهم بمقام والدهم .
ومن الحقوق المترتبة على حق القيمومة حق الطاعة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدّق من بيتها شيئاً إلاّ بإذنه ، ولا تصوم تطوعاً إلاّ بإذنه ، ولا تمنعه نفسها ، وإن كانت على ظهر قتب ، ولا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه... ) (1) .
حتى إنّه ورد كراهة إطالة الصلاة من قِبل المرأة ؛ لكي تتهرّب من زوجها ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا تُطوِّلنّ صلاتكنّ لتمنعنَّ أزواجكنّ ) (2) .
ويجب عليها إحراز رضاه في أدائها للأعمال المستحبة ، فلا يجوز لها الاعتكاف المستحب إلاّ بإذنه (3) ، ولا يجوز لها أن تحجّ استحباباً إلاّ بإذنه ، وإذا نذرت الحج بغير إذنه لم ينعقد نذرها (4) .
ومن أجل تعميق العلاقات العاطفية ، وإدامة الروابط الروحية ، وإدخال السرور والمتعة في نفس الزوج ، يستحب للمرأة الاهتمام بمقدمات ذلك ، فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( جاءت امرأة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالت : يا رسول الله ، ما حقّ الزوج على المرأة ؟ قال : أكثر من ذلك ،
ــــــــــــــــــ
(1) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 277 .
(2) الكافي 5 : 508 .
(3) الكافي في الفقه : 187 .
(4) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 191 .
فقالت : فخبّرني عن شيء منه فقال : ليس لها أن تصوم إلاّ بإذنه ـ يعني تطوعاً ـ ولا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه ، وعليها أن تطّيّب بأطيب طيبها ، وتلبس أحسن ثيابها ، وتزيّن بأحسن زينتها ، وتعرض نفسها عليه غدوةً وعشية ، وأكثر من ذلك حقوقه عليها ) (1) .
ويستحب لها كما يقول الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( .. إظهار العشق له بالخِلابة ، والهيئة الحسنة لها في عينه ) (2) .
وفي رواية جاء رجل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : إنّ لي زوجةً إذا دخلت تلقّتني ، وإذا خرجت شيّعتني ، وإذا رأتني مهموماً قالت : ما يهمّك ، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك ، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( بشّرها بالجنة ، وقل لها : إنّك عاملة من عمّال الله ، ولك في كلِّ يوم أجر سبعين شهيداً ) .
وفي رواية : ( إنّ لله عزَّ وجلَّ عمّالاً ، وهذه من عمّاله ، لها نصف أجر الشهيد ) (3) .
ويحرم على الزوجة أن تعمل ما يسخط زوجها ويؤلمه ، في ما يتعلق بالحقوق العائدة إليه ، كإدخال بيته مَن يكرهه ، أو سوء خُلقها معه ، أو إسماعه الكلمات المثيرة وغير اللائقة .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها ، لم يُقبل منها
ـــــــــــــــــ
(1) الكافي 5 : 508 .
(2) تحف العقول : 239 .
(3) مكارم الأخلاق : 200 .
صرفاً ، ولا عدلاً ، ولا حسنةً من عملها حتى ترضيه ) (1) .
وقال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ ، لم تُقبل منها صلاة حتى يرضى عنها ، وأيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها ، لم تُقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها ، كغُسلها من جنابتها ) (2) .
ويحرم على الزوجة أن تهجر زوجها دون مبرّر شرعي (3) ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أيّما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة ، حُشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون ، في الدَرك الأسفل من النار ، إلاّ أن تتوب وترجع ) (4) .
ومن أجل الحيلولة دون تمادي الزوجة غير المطيعة في ارتكاب الممارسات الخاطئة ، التي تخلق أجواء التوتر في الأُسرة ، جعل الإسلام للزوج حق استخدام العقوبات المؤدّبة لها ، إذا لم ينفع معها الوعظ والإرشاد ، وتندرج العقوبة من الأخف أَوّلاً ثمّ الأشد ثانياً ، حسب حال المرأة ، ومقدار نشوزها ، وإعراضها ، وعدم طاعتها ، بعد بذل النصيحة والموعظة ، قال الله تعالى : ( ... وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ... ) (5) .
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مكارم الأخلاق : 202 .
(2) الكافي 5 : 507 .
(3) جواهر الكلام 31 : 201 . ومنهاج الصالحين ، المعاملات : 103 .
(4) مكارم الأخلاق : 202 .
(5) سورة النساء : 4 / 34 .
فتجوز له العقوبة إذا منعته من نفسها ، وتسلّطت عليه بالقول أو الفعل ، فيبدأ بوعظها وتخويفها من الله تعالى ، فإن أثّر ذلك وإلاّ هجرها بالإعراض عنها في مدخله ، ومخرجه ، ومبيته ، من غير إخلال بما يحفظ حياتها من غذاء ولباس ، فإن أثّر ذلك وإلاّ ضربها ضرباً غير مبرّح ، وإن خرجت من منزله بغير إذنه أو بإذنه وامتنعت عن الرجوع إليه فله ردّها ، وإن أبت فله تأديبها بالإعراض عنها وقطع الإنفاق (1) .
وأكّدت الروايات على مراعاة حق الزوج ، واتّباع الأساليب الشيّقة في إدامة أواصر الحبّ والوِئام ، وخلق أجواء الانسجام والمعاشرة الحسنة داخل الأُسرة ، فجعل الإمام الباقر ( عليه السلام ) حُسن التبعّل جهاداً للمرأة فقال ( عليه السلام ) : ( جهاد المرأة حُسن التبعّل ) (2) .
ولأهمية مراعاة هذا الحق ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا تؤدي المرأة حقّ الله عزَّ وجلَّ ، حتى تؤدي حقّ زوجها ) (3) .
وذكر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طاعة الزوج في سياق ذكره لسائر العبادات والطاعات ، التي توجب دخول الجنة ، حيث قال : ( إذا صلّت المرأة خَمسها ، وصامت شهرها ، وأحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ، فلتدخل من أيّ أبواب الجنة شاءت ) (4) .
ووضع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأهل بيته ( عليهم السلام ) منهجاً في العلاقات بين
ــــــــــــــــــ
(1) الكافي في الفقه : 294 .
(2) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 278 .
(3) مكارم الأخلاق : 215 .
(4) مكارم الأخلاق : 201 .
الزوجين ، يعصم الحياة الزوجية من التصدّع والاضطراب ، فأكّد على الزوجة أن لا تكلّف زوجها مالا يطيق في أمر النفقة ، وهو أمر يسبّب كثيراً من المتاعب في الحياة الزوجية ، ويضرّ بصفوها وانسجامها .
قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أيّما امرأة أدخلت على زوجها في أمر النفقة وكلّفته ما لا يطيق ، لا يقبل الله منها صرفاً ، ولا عدلاً ، إلاّ أن تتوب ، وترجع ، وتطلب منه طاقته ) (1) .
وحثّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المرأة على إصلاح شؤون البيت ، واستقبال الزوج بأحسن استقبال فقال : ( حقّ الرجل على المرأة إنارة السراج ، وإصلاح الطعام ، وأن تستقبله عند باب بيتها فترحّب به ، وأن تقدّم إليه الطشت والمنديل ... ) (2) .
ويستحب للزوجة أن تكسب رضا الزوج وتنال مودته ، قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( خير نسائكم التي إن غضبت أو أُغضبت قالت لزوجها : يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى عني ) (3) .
وجعل الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) رضا الزوج على زوجته شفيعاً لها عند الله تعالى ، فقال : ( لا شفيع للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجها ، ولمّا ماتت فاطمة ( عليها السلام ) ، قام عليها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال : اللهمّ إنّي راضٍ عن ابنت نبيك ، اللهمّ إنّها قد أوحشت فآنسها ) (4) .
ـــــــــــــــــ
(1) مكارم الأخلاق : 202 .
(2) مكارم الأخلاق : 215 .
(3) مكارم الأخلاق : 200 .
(4) بحار الأنوار 103 : 257 .
ومن أجل التغلّب على المشاكل المعكّرة لصفو المودّة والوِئام ، يستحب للزوجة أن تصبر على أذى الزوج ، فلا تقابل الأذى بالأذى والإساءة بالإساءة ؛ لأنّ ذلك من شأنه أن يغمر أجواء الأُسرة بالتوترات الدائمة ، والمشاكل التي لا تنقضي ، والصبر هو الأسلوب القادر على إيصال العلاقات إلى الانسجام التام ، بعودة الزوج إلى سلوكه المنطقي الهادئ ، فلا يبقى له مبرّر للإصرار على سلوكه غير المقبول ، قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغَيرته ) (1) .
ومن آثار مراعاة الزوجة لحقوق الزوج في الوسط الأُسري ، أن تصبح له مكانة محترمة في نفوس أبنائه ، فيحفظون له مقامه ، ويؤدّون له حق القيمومة فيطيعون أوامره ، ويستجيبون لإرشاداته ونصائحه ، فتسير العملية التربوية سيراً متكاملاً ، ويعمّ الاستقرار والطمأنينة جوّ الأُسرة بأكمله ، وتنتهي جميع ألوان وأنواع المشاحنات والتوترات المحتملة .
ثانياً : حقوق الزوجة :
وضع الإسلام حقوقاً للزوجة يجب على الزوج تنفيذها وأداءها ، وهي ضرورية ؛ لإشاعة الاستقرار والاطمئنان في أجواء الأُسرة ، وإنهاء أسباب المنافرة والتدابر قبل وقوعها .
ومن حقوق الزوجة على زوجها : حق النفقة ، حيث جعله الله تعالى من الحقوق التي يتوقف عليها حقّ القيمومة للرجل ، كما جاء في قوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا
ــــــــــــ
(1) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 277 .

مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) (1) .
فيجب على الزوج الإنفاق على زوجته ، وشدّد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على هذا الواجب ، حتى جعل المقصّر في أدائه ملعوناً ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ملعون ملعون مَن يضيّع مَن يعول ) (2) .
والنفقة الواجبة هي الإطعام ، والكسوة للشتاء والصيف ، وما تحتاج إليه من الزينة حسب يسار الزوج (3) .
والضابط في النفقة القيام بما تحتاج إليه المرأة من طعام ، وأداء ، وكسوة ، وفراش ، وغطاء ، وإسكان ، وإخدام ، وآلات تحتاج إليها لشربها ، وطبخها ، وتنظيفها (4) .
ويقدّم الإطعام والإكساء على غيره من أنواع النفقة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( حقّ المرأة على زوجها أن يسدَّ جوعتها ، وأن يستر عورتها ، ولا يقبّح لها وجهاً ، فإذا فعل ذلك أدّى والله حقّها )(5) .
والنفقة هي ملك شخصي للزوجة ، فلو دفع لها الزوج نفقتها ليوم ، أو أسبوع ، أو شهر ، وانقضت المدة ، ولم تصرفها على نفسها بأن أنفقت من غيرها ، أو أنفق عليها أحد بقيت ملكاً لها (6) .
ـــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 34 .
(2) عدّة الداعي / أحمد بن فهد الحلي : 72 ـ مكتبة الوجداني قم .
(3) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 285 .
(4) مهذّب الأحكام 25 : 298 . والصراط القويم : 215 .
(5) عدّة الداعي : 81 .
(6) مهذّب الأحكام 25 : 305 .
ولو مضت أيام ولم ينفق الزوج عليها ، اشتغلت ذمته بنفقة تلك المدة ، سواء طالبته بها أو سكتت عنها (1) .
ولضرورة هذا الحق جعل الإسلام للحاكم الشرعي ـ وهو الفقيه العادل ـ صلاحية إجبار الزوج على النفقة ، فإن امتنع كان له حق التفريق بينهما (2) ، قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( إذا أنفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة ، وإلاّ فرّق بينهما ) (3) .
ولا تسقط النفقة حتى في حال الطلاق ، فما دامت المطلّقة في عدّتها فعلى الزوج الإنفاق عليها ، وتسقط نفقتها في حال الطلاق الثالث ، قال الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) : ( إنَّ المطلّقة ثلاثاً ليس لها نفقة على زوجها ، إنّما هي للتي لزوجها عليها رجعة ) (4) ، إلاّ الحامل فإنّها تستحقُّ النفقة بعد الطلاق الثالث (5) .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إذا طلّق الرجل المرأة وهي حبلى ، أنفق عليها حتى تضع .. ) (6) .
وتسقط النفقة في حال عدم التمكين للزوج ، ولا تسقط إن كان عدم التمكين لعذر شرعي أو عقلي ، من حيض ، أو إحرام ، أو اعتكاف ، واجب ، أو
ــــــــــــــــــ
(1) مهذّب الأحكام 25 : 304 .
(2) مهذّب الأحكام 25 : 305 .
(3) وسائل الشيعة 21 : 512 .
(4) الكافي 6 : 104 .
(5) المقنعة : 531 .
(6) الكافي 6 : 103 .
مرض (1) .
وتسقط النفقة إن خرجت بدون إذن زوجها ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أيّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها ، فلا نفقة لها حتى ترجع ) (2) .
وحثّ الإسلام على اتخاذ التدابير الموضوعية ؛ للحيلولة دون وقوع التدابر والتقاطع ، فدعا إلى توثيق روابط المودّة والمحبة ، وأمر بالعشرة بالمعروف ، قال الله تعالى : ( ... وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) (3) .
ومن مصاديق العشرة بالمعروف حُسن الصحبة ، قال الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في وصيته لمحمد بن الحنفية : ( إنَّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، فدارِها على كلِّ حال ، وأَحسن الصحبة لها ، فيصفو عيشك ) (4) .
ومن حقها أن يتعامل زوجها معها بحسن الخلق ، وهو أحد العوامل التي تُعمّق المودة والرحمة والحب داخل الأُسرة ، قال الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته ، وهي : الموافقة ؛ ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ، وحسن خلقه معها واستعماله ، استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها ، وتوسعته عليها .. ) (5) .
ـــــــــــــــــ
(1) مهذّب الأحكام 25 : 292 .
(2) الكافي 5 : 514 .
(3) سورة النساء : 4 / 19 .
(4) مكارم الأخلاق : 218 .
(5) تحف العقول : 239 .
ومن حقها الإكرام ، والرِفق بها ، وإحاطتها بالرحمة والمؤانسة ، قال الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( وأمّا حقُّ رعيتك بمِلك النكاح ، فأن تعلم أنّ الله جعلها سكناً ، ومستراحاً ، وأُنساً ، وواقيةً ، وكذلك كلّ واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ، ويعلم أنّ ذلك نعمة منه عليه ، ووجب أن يُحسن صُحبة نعمة الله ، ويكرمها ويرفق بها ، وإن كان حقك عليها أغلظ ، وطاعتك بها ألزم ، فيما أحبّت وكرهت ما لم تكن معصيةً ، فإنّ لها حقّ الرحمة والمؤانسة ، وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابدّ من قضائها .. ) (1) .
وقد ركّز أهل البيت ( عليهم السلام ) على جملة من التوصيات ؛ من أجل إدامة علاقات الحب والمودّة داخل الأُسرة ، وهي حق للزوجة على زوجها .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( خيّركم خيّركم لنسائه ، وأنا خيّركم لنسائي ) (2) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( مَن اتخذ زوجةً فليكرمها ) (3) .
وقال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته ) (4) .
وجاءت توصيات جبرئيل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، مؤكدّة لحق الزوجة قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أوصاني جبرئيل ( عليه السلام ) بالمرأة ، حتى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها ،
ـــــــــــــــــ
(1) تحف العقول : 188 .
(2) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 281 .
(3) مستدرك الوسائل / النوري 2 : 550 .
(4) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 281 .
إلاّ من فاحشة مبيّنة ) (1) .
ونهى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن استخدام القسوة مع المرأة ، وجعل من حق الزوجة عدم ضربها والصياح في وجهها ، ففي جوابه على سؤال خولة بنت الأسود حول حق المرأة قال : ( حقكِ عليه أن يُطعمك ممّا يأكل ، ويكسوكِ ممّا يلبس ، ولا يلطم ولا يصيح في وجهكِ ) (2) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( خير الرجال من أُمّتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ، ويحنّون عليهم ، ولا يظلمونهم ) (3) .
ومن أجل تحجيم نطاق المشاكل والاضطرابات الأُسريّة ، يستحسن الصبر على إساءة الزوجة ؛ لأنّ ردّ الإساءة بالإساءة أو بالعقوبة يوسّع دائرة الخلافات ، والتشنّجات ، ويزيد المشاكل تعقيداً ، فيستحب الصبر على إساءة الزوجة قولاً كانت أم فعلاً ، قال الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) : ( مَن احتمل من امرأته ولو كلمةً واحدة ، أعتق الله رقبته من النار ، وأوجب له الجنّة ) (4) .
وحثّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الزوج ، على الصبر على سوء أخلاق الزوجة ، فقال : ( مَن صبر على سوء خلق امرأته ، أعطاه الله من الأجر ما أعطى أيوب على بلائه ) (5) .
ولقد ورد في سيرته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أنّه كان يصبر على أذى زوجاته ، وغضبهنّ
ــــــــــــــــــ
(1) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 278 .
(2) مكارم الأخلاق : 218 .
(3) مكارم الأخلاق : 216 ـ 217 .
(4) مكارم الأخلاق : 216 .
(5) مكارم الأخلاق : 213 .
عليه ، وهجرهنّ إيّاه ، فحري بنا أن نقتدي بسيرة سيّد البشر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؛ لكي نتجنّب كثيراً من حالات التصدّع والتفكك في حياتنا الزوجية ، ونحافظ على سلامة العلاقات داخل محيط الأُسرة .
عن عمر بن الخطاب قال : غضبت على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت : ما تنكر من ذلك ! فو الله إنّ أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليراجعنه ، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل(1) .
وقال عمر لحفصة ابنته : أتغضب إحداكنّ على النبي ( صلى الله عليه وآله ) اليوم إلى الليل ؟ قالت : نعم (2) .
وكانت سيرة أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، مثالاً لسيرة جدهم المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، في كل مفردات العقيدة والسلوك ، وهكذا كانت في مسألة الصبر على أذى الزوجة ؛ لأجل تقويم سلوكها وإصلاحها ، فعن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) قال : ( كانت لأبي ( عليه السلام ) امرأة ، وكانت تؤذيه ، وكان يغفر لها ) (3) .
ومن حقوق الزوجة حق المضاجعة ، فإذا حرمها الزوج من ذلك ـ كما هو الحال في الإيلاء ، بأن يحلف أن لا يجامع زوجته ـ فللزوجة حق الخيار ، إن شاءت صبرت عليه أبداً ، وإن شاءت خاصمته إلى الحاكم الشرعي ، حيث يمهله لمدّة أربعة أشهر ؛ ليراجع نفسه ، ويعود إلى مراعاة حقها ، أو يطلّقها ، فإن أبى كليهما حبسه الحاكم ، وضيّق عليه في المطعم
ــــــــــــــــــــ
(1) الدر المنثور 6 : 243 .
(2) المعجم الكبير 23 : 209 .
(3) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 279 .
والمشرب ؛ حتى يرجع إلى زوجته ، أو يطلّقها (1) .
وإذا تزوجت من رجل على أنّه سليم ، فظهر أنه عنّين انتظرت به سَنة ، فإن استطاع مجامعتها فتبقى على زوجيتها ، وإن لم يستطع كان لها الخيار ، فإن اختارت المقام معه على أنّه عنّين لم يكن لها بعد ذلك خيار(2) .
ولا يجوز إجبار المرأة على الزواج من رجل غير راغبة فيه ـ كما تقدّم ـ .
وإن كان للرجل زوجتان ، فيجب عليه العدل بينهما (3) .
ووضع الإسلام حدوداً في العلاقات الزوجية ، فلا يجوز للزوج أن يقذف زوجته ، فلو قذفها جُلد الحدّ (4) .
ثالثاً : حقوق الوالدَينِ :
للوالدينِ الدور الأساسي في بناء الأُسرة ، والحفاظ على كيانها ابتداءً وإدامةً ، وهما مسؤولان عن تنشئة الجيل ، طبقاً لموازين المنهج الإسلامي ؛ لذا حدّد الإسلام أُسس العلاقة بين الوالدينِ والأبناء ، طبقاً للحقوق والواجبات المترتّبة على أفراد الأُسرة تجاه بعضهم البعض ، فقد قرن الله تعالى في كتابه الكريم وجوب برّ الوالدين والإحسان إليهما بوجوب عبادته ، وحرّم جميع ألوان الإساءة إليهما صغيرها وكبيرها ، فقال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ
ــــــــــــــــ
(1) المقنعة : 523 .
(2) المقنعة : 520 .
(3) المقنعة : 516 .
(4) المقنعة : 541 .

الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ) (1) .
وأمر بالإحسان إليهما ، والرحمة بهما ، والاستسلام لهما ، فقال تعالى : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) (2) .
وقرن الله تعالى الشكر لهما بالشكر له ، فقال : ( ... أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) (3) .
وأمر تعالى بصحبة الوالدينِ بالمعروف ، فقال : ( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ... ) (4) .
وتجب طاعة الأبناء للوالدينِ ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ... ووالديك فأطعهما ، وبرهما حيّين كانا أو ميتين ، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل ، فإنّ ذلك من الإيمان ) (5) .
وقرن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) بر الوالدين بالصلاة والجهاد ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : قلت : أي الأعمال أفضل ؟ قال : ( الصلاة لوقتها ، وبرّ الوالدين ، والجهاد في سبيل الله عزَّ وجلَّ ) (6) .
ومن حقوق الوالد على وَلده ، كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا يسمّيه
ـــــــــــــ
(1) سورة الإسراء : 17 / 23 .
(2) سورة الإسراء : 17 / 24 .
(3) سورة لقمان : 31 / 14 .
(4) سورة لقمان : 31 / 15 .
(5) الكافي 2 : 158 ، كتاب الإيمان والكفر ، باب البر بالوالدينِ .
(6) الكافي 2 : 158 / 4 .
باسمه ، ولا يمشي بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسبّ له ) (1) .
ومعنى ( لا يستسبّ له ) أي لا يفعل ما يصير سبباً لسبّ الناس له .
وقدّم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) برّ الوالدة على برّ الوالد ؛ لأنّها أكثر منه في تحمّل العناء من أجل الأولاد ، في الحمل ، والولادة ، والرضاع ، عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، قال : ( جاء رجل إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله ، مَن أبرُّ ؟ قال : أُمّك ، قال : ثمّ مَن ؟ قال : أُمّك ، قال : ثمّ مَن ؟ قال : أُمّك ، قال ثمّ مَن ؟ قال : أباك ) (2) .
وكانت سيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قائمةً على تكريم مَن يبرّ والديه ، فقد أتته أُخته من الرضاعة ، فلمّا نظر إليها سرَّ بها ، وبسط ملحفته لها فأجلسها عليها ، ثمّ أقبل يحدّثها ويضحك في وجهها ، ثمّ قامت وذهبت وجاء أخوها ، فلم يصنع به ما صنع بها ، فقيل له : يا رسول الله ، صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل ؟! فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لأنّها كانت أبرَّ بوالديها منه ) (3) .
وقدّم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طاعة الوالدين على الجهاد ، ففي رواية جاءه رجل وقال : يا رسول الله ، إنّ لي والدَينِ كبيرينِ ، يزعمان أنّهما يأنسان بي ويكرهان خروجي ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( فقرّ مع والديك ، فوالذي نفسي بيده لأُنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سَنة ) (4) .
وورد في الحديث أنّه يجب برّ الوالدين وإن كانا فاجرين ، قال الإمام
ــــــــــــــــ
(1) الكافي 2 : 159 / 5 .
(2) الكافي 2 : 159 ـ 160 / 9 .
(3) الكافي 2 : 161 / 12 .
(4) الكافي 2 : 160 / 10 .
محمد الباقر ( عليه السلام ) : ( ثلاث لم يجعل الله عزَّ وجلَّ لأحد فيهنَّ رخصة : أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر ، وبرّ الوالدينِ برّين كانا أو فاجرين ) (1) .
وفي الآية المتقدمة ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلاّ برحمة ورقّة ، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ، ولا يدك فوق أيديهما ، ولا تقدَّم قدّامهما ) (2) .
وبرّ الوالدين لا يقتصر على حال حياتهما ، بل يشملهما حال الحياة وحال الممات ، قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ما يمنع الرجل منكم أن يبرَّ والديه حيّين وميّتين ، يصلي عنهما ، ويتصدّق عنهما ، ويحجّ عنهما ، ويصوم عنهما ، فيكون الذي صنع لهما ، وله مثل ذلك ، فيزيده الله عزَّ وجلَّ ببرّه وصلته خيراً كثيراً ) (3) .
ويجب على الولد الأكبر أن يقضي عن والده ما فاته من صلاة وصوم (4) ، أمّا بقية الأولاد فلا يجب عليهما القضاء عن والدهم ، بل يستحب للرواية المتقدمة .
وحرّم الإسلام عقوق الوالدين بجميع ألوانه ومراتبه ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( مَن أحزن والديه فقد عقّهما ) (5) .
ـــــــــــــــ
(1) الكافي 2 : 162 / 15 .
(2) الكافي 2 : 158 / 1 .
(3) الكافي 2 : 159 / 7 .
(4) منهاج الصالحين / السيد السيستاني ، العبادات : 248 ، 338 .
(5) بحار الأنوار 74 : 72 ، كتاب العشرة ، باب برّ الوالدين / 53 .
وعن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) قال : ( أدنى العقوق أُفّ ، ولو علم الله عزَّ وجلَّ شيئاً أهون منه لنهى عنه ) (1) .
وقال ( عليه السلام ) : ( ... ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما ) (2) .
وقال ( عليه السلام ) : ( مَن نظر إلى أبويه نظر ماقتٍ وهما ظالمان له ، لم يقبل الله له صلاة ) (3) .
وعقوق الوالدينِ من الكبائر التي تستلزم دخول النار ، قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( عقوق الوالدينِ من الكبائر ؛ لأنّ الله عزَّ وجلَّ جعل العاقّ عصياً شقياً ) (4) .
ولا يقتصر وجوب البرّ وحرمة العقوق ، على الجوانب المعنوية والروحية ، بل يتعداها إلى الجوانب المادية ، فتجب النفقة عليهما إن كانا معسرين (5) .
وتجب رعاية الوالدين رعايةً صحية ، عن إبراهيم بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إنّ أبي قد كبُر جداً وضعُف ، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة ؟ فقال : ( إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ، ولقّمه بيدك ، فإنّه
ـــــــــــــــــــ
(1) الكافي 2 : 348 كتاب الإيمان والكفر ، باب العقوق .
(2) الكافي 2 : 349 .
(3) الكافي 2 : 349 .
(4) بحار الأنوار 74 : 74 .
(5) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 286 .
جُنّة لك غداً ) (1) .
وخلاصة القول :
يجب طاعة الوالدينِ في جميع ما يأمران به ، إلاّ المعصية أو ما يترتب عليه مفسدة فلا تجب طاعتهما .
ومع جميع الظروف يجب على الأبناء إحراز رضا الوالدينِ بأيّ أُسلوب شرعي إن أمكن ؛ لأنّ رضاهما مقروناً برضا الله تعالى ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رضا الله مع رضا الوالدينِ ، وسخط الله مع سخط الوالدينِ ) (2) .
وبرّ الوالدين بطاعتهما والإحسان إليهما ، كفيل بإشاعة الودّ والحبّ والوِئام في أجواء الأُسرة ، وبالتالي إلى تحكيم بنائها ، وإنهاء جميع عوامل الاضطراب والتخلخل الطارئ عليها ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بالالتزام بالحقوق والواجبات المترتبة على أفرادها .
رابعاً : حقوق الأبناء :
للأبناء حقوق على الوالدين ، وقد لخصّها الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بالقول : ( وأمّا حق وَلدك ، فإنّك تعلم أنّه منك ، ومضاف إليك ، في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته به من حُسن الأدب ، والدلالة على ربّه عزَّ وجلَّ ، والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل مَن يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه ) (3) .
ـــــــــــــــــــ
(1) الكافي 2 : 162 .
(2) بحار الأنوار 74 : 80 .
(3) بحار الأنوار 74 : 6 .
ومن حقّ الأبناء على الآباء الإحسان إليهم ، وتعليمهم ، وتأديبهم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رحم الله عبداً أعان وَلده على برّه بالإحسان إليه ، والتآلف له ، وتعليمه ، وتأديبه ) (1) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رحم الله مَن أعان وَلده على برّه ... يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به ) (2) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أكرموا أولادكم ، وأحسنوا آدابهم ) (3) .
وتترتب على الوالدينِ جملة من الحقوق ، ينبغي مراعاتها من أجل ؛ إعداد الأبناء إعداداً فكرياً ، وعاطفياً ، وسلوكياً ، منسجماً مع المنهج الإلهي في الحياة ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بإشباع حاجات الأبناء الأساسية ، كالحاجة إلى الإيمان بالغيب ، والحاجة إلى الأمان ، وتوكيد الذات والمكانة بالمحبة والتقدير ، والحاجة إلى التربية الصالحة .
ويمكن تحديد أهم حقوق الأبناء بما يلي :
1 ـ ينبغي على كلِّ من الوالدين اختيار شريك الحياة على أساس الإيمان ، والتديّن ، والصلاح ، والسلامة من العيوب العقلية كالجنون والحمق ؛ لأنّ ذلك يؤثّر على تنشئة الجيل وسلامته .
وينبغي الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للأُمّ أثناء الحمل ؛ لكي يخرج الأبناء إلى الدنيا وهم يتمتّعون بالصحة الجسدية والنفسية ؛
ـــــــــــــــــ
(1) مستدرك الوسائل 2 : 626 .
(2) الكافي 6 : 50 .
(3) مستدرك الوسائل 2 : 625 .
لانعكاسها عليهم أثناء الحمل .
2 ـ يستحب تسمية الأبناء بأحسن الأسماء ، ورعاية الأُمّ رعايةً صالحة ، وتوفير حاجاتها اللازمة ؛ للتفرّغ إلى رعاية الأبناء في مهدهم ، ويجب على الوالد إشباع حاجات الوليد من الرضاعة ، وذلك بالاعتماد على حليب الأُمّ ، أو اختيار المرضعة الصالحة ، وإشباع حاجاته المادية والمعنوية في فترة الحضانة .
3 ـ يجب على الوالدينِ تعليم الطفل معرفة الله تعالى ، وتعميق الإيمان في قلبه وجوارحه ، وتعليمه سائر أصول الدين ؛ ليترعرع على الإيمان بالله ، وبرسوله ، وبالأئمة ( عليهم السلام ) ، وبيوم القيامة ، ليكون الإيمان عوناً له في تهذيب نفسه في الحاضر والمستقبل .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيكم ، وحبّ أهل بيته ، وقراءة القرآن ) (1) .
ويجب تربية الأطفال على طاعة الوالدين .
4 ـ ويجب الإحسان إلى الأبناء في هذه المرحلة وتكريمهم ؛ من أجل تعميق أواصر الحبّ بينهم وبين الوالدينِ ، وذلك ضروري في كمالهم اللغوي ، والعقلي ، والعاطفي ، والاجتماعي ، فالطفل يقلّد مَن يحبّه ، ويتقبّل التعليمات والنصائح والأوامر ممّن يحبّه .
والمنهج الإسلامي في التعامل مع الأبناء ، يؤكّد على التوازن بين اللين والشدة في التربية ، ويؤكّد على العدالة بين الأطفال في الحبّ والتقدير
ـــــــــــــــــــــ
(1) كنز العمال 16 : 456 /45409 .
وفي العطاء ، وإشباع الحاجات ؛ لكي يترعرعوا متحابين متآزرين ، لا عداء بينهم ، ولا شَحناء ، ولا تقاطع ، ولا تدابر .
ويجب على الوالدين وقاية الأبناء من الانحراف الجنسي ، والانحراف السلوكي ، وتنمية عواطفهم اتجاه الأعمال الصالحة ، وتوجيهها توجيهاً سليماً ، يقوم على أساس المنهج الإسلامي في التربية والسلوك .
ويجب الاهتمام بالطفل اليتيم ، ورعايته رعايةً حسنة ؛ لكي يكون رجلاً صالحاً في المستقبل .



من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 01:43 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية