أفضليّة الإمام عليّ عليه السّلام على الصحابة ضمن عدّة أُمور، ومن خلال روايات أهل السنّة!
وبغضّ النظر عن العصمة والعلم الحضوري
الذي يمتلكه الإمام أو المعاجز والكرامات التي كانت تظهر على يديه، دون غيره، يبقى علي عليه السّلام بقدراته وعلومه وصفاته الأفضلَ من الصحابة، حتّى على فرض مقياس مدرسة الخلفاء التي تنظر للإمام عليّ عليه السّلام كصحابيٍّ ليس إلاّ.
من هنا سنتناول موضوع أفضليّة الإمام عليّ عليه السّلام على الصحابة ضمن عدّة أُمور، ومن خلال روايات أهل السنّة!
الأمر الأوّل: مظاهر من شخصية الإمام عليّ عليه السّلام:
إنّ سلوك الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وملامحه الربّانية تشكل النموذجَ الإلهيّ والقدوةَ الحسنة.
ولا يمكن أن نتوصل إلى الأعماق والأسرار التي يحملها هذا النموذج عبر انتقاء بعض مظاهره العلمية أو السلوكية.
لكن المشاهِد حتّى لو وقف على بعض مظاهره لكفاه دليلاً على أفضلية الإمام عليه السّلام على الصحابة، لا في ميدان محدّد، بل في كل الميادين، بحيث لا يبقى مع ذلك أدنى شك أن الإمام عليّاً عليه السّلام لا يضاهيه أحد من الصحابة، وإليك بعض مظاهر شخصيته عليه السّلام:
1 ـ مظاهر شخصية الإمام عليّ عليه السّلام في الجانب العلميّ:
من الثابت أن الإمام عليّاً عليه السّلام كان أعلمَ الصحابة، وقد بلغ الكمال العلمي عند الإمام عليّ عليه السّلام إلى درجة حتّى قال عنه الرسول صلّى الله عليه وآله: « أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها »(1
ولم يقل الرسول صلّى الله عليه وآله مثل هذا القول لأحد من الصحابة.
ويؤكد ذلك قولُه عليه السّلام: « علّمني رسولُ الله صلّى الله عليه وآله ألفَ باب من العلم، يُفتَح لي من كلّ بابٍ ألفُ باب »(2).
وتفوّقُ الإمام علي عليه السّلام بعلمه الإلهيّ الذي اختُصّ به دعاه أن يقول: « لو كُشِف ليَ الغطاء ما ازددتُ يقيناً »(3).
وتصريحه عليه السّلام بأن العلم الذي يحمله كبير لا يقوى على حمله أحد من الصحابة: « ها إنّ ها هنا لَعِلماً جَمّاً، لو أصبتُ له حَمَلة!
ـ وأشار إلى صدره ـ »(4).
فهذه الأقوال تدل بكل وضوح على أن الإمام عليّاً عليه السّلام بلغ من العلم مرتبة لا يمكن لأحد من الخلق أن يبلغها سوى رسول الله صلّى الله عليه وآله.
وإلى هذا أشار عليه السّلام بقوله: « بل اندمجتُ على مكنون علمٍ لو بُحتُ به لأضطربتمُ آضطرابَ الأرشية في الطوى(5)
البعيدة »(6).
وعن أبي الطفيل قال: شهدت عليّاً يقول: « سَلُوني، والله لا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتُكم، وسلوني عن كتاب الله، فواللهِ ما مِن آيةٍ إلاّ وأنا أعلمُ أبِليلٍ نزلت أم بنهار، في سهلٍ أم في جبل »(7).
وعن سعيد بن المسيب أنه قال: « سلونيلم يكن أحد من صحابة رسول الله يقول:، إلاّ عليّاً »(8).
وقد شهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وفي أكثر من مرّة بأفضليّة « الإمام عليٍّ عليه عليه السّلام » وتفوّقه العلمي على كلّ الصحابة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لفاطمة الزهراء عليها السّلام: « أما تَرضينَ أن أُزوّجكِ أقْدمَ أُمّتي سِلماً، وأكثرَهم عِلماً، وأعظمَهم حِلْماً »(9).
وقال صلّى الله عليه وآله: « أعلمُ اُمّتي من بعدي عليُّ بن أبي طالب »(10).
وقال صلّى الله عليه وآله: « عليٌّ وعاء علمي، ووصيّي، وبابيَ الذي أُوتى منه »(11).
وقال صلّى الله عليه وآله: « عليٌّ باب علمي، ومبيّنٌ لأُمّتي ما أُرسِلتُ به مِن بعدي »(12).
وقال صلّى الله عليه وآله: « أعلم اُمّتي بالسنّة والقضاء بعدي عليُّ بن أبي طالب »(13).
وقال صلّى الله عليه وآله: « أنتَ تُبيّن لأُمّتي ما آختلفوا فيه بعدي »(14).
وقال صلّى الله عليه وآله: « لِيُهنكَ العلمُ أبا الحسن، لقد شربتَ العلمَ شُرباً، ونهلتَه نهلاً »(15).
1 ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم 126:3 و 127، تاريخ بغداد للخطيب البغداديّ 49:11 و 50، جامع الاُصول لابن الأثير 473:9 / ح 6489، أُسد الغابة لابن الاثير 22:4، البداية والنهاية لابن كثير 372:7. وقد رواه الترمذي في سننه 637:5 بلفظ: « أنا مدينة العلم وعليٌّ بابُها ».
2 ـ تفسير الرازي 21:8 ـ عند تفسير قوله تعالى: « إنّ اللهَ آصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيم... » آل عمران:23، وكنز العمّال للهنديّ 114:13 / ح 36372.
3 ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب، 38:2، إرشاد القلوب للديلميّ 14:2، بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 153:40.
4 ـ نهج البلاغة، قصار الحكم:147.
5 ـ الأرشية: جمع رشاء بمعنى الحبل، والطوى جمع طوية وهي البئر البعيد العميقة.
6 ـ نهج البلاغة: الخطبة5.
7 ـ فتح الباري لابن حجر 459:8 سورة الذاريات، كنز العمال 165:13 / ح 36502، الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازيّ 192:6، تهذيب الكمال للمزّيّ 487:20، واُسد الغابة 22:4، الرياض النضرة للمحبّ الطبريّ 167:3. ـ ترجمة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام / الترجمة رقم 4089.
8 ـ الرياض النضرة 166:3، وينابيع المودّة:286، ذخائر العقبى للمحبّ الطبريّ 83.
9 ـ مسند أحمد بن حنبل 26:5.
10 ـ المناقب للخوارزميّ 49 ـ تحقيق المحمودي، والمتّقي في كنز العمال 614:11 / ح 32977.
11 ـ كفاية الطالب لللگنجيّ 70 و 92.
12 ـ كنز العمال 614:11 / ح 32981.
13 ـ الرياض النضرة 194:2، وتفسير النيسابوريّ في سورة الأحقاف، والمناقب للخوارزميّ 48، وتذكرة خواص الأمّة لسبط ابن الجوزيّ 87، وفيض القدير لمحمّد بن عبدالرؤوف المناويّ 257:4.
14 ـ رواه الحاكم في المستدرك 122:2.
15 ـ المناقب لابن المغازليّ 420، وتاريخ ابن عساكر 498:2.