قمر بني هاشم
أريقَ الماءُ , فانكشفَ الحِجابُ
وَعَانقَ عِطرَ كفـَّيكَ الغيَابُ
أريقَ النور , فانتبَهَتْ سَماءٌ
تـُصَافِـحُها دموعٌ , وَارتيابُ
تـَعانقتِ الجهاتُ , وَضجَّ مَوتٌ
عِصَاميٌ , فمَا نـَطقَ العذابُ
وَصَافحتَ الفراتَ وَكنتَ أنقى
فـَمَا أغرَاكَ - عن عَطش ٍ- شَرَابُ
دَعتـْكَ مَكارمٌ فسَلـلتَ قلبـًا
حسينيـًا تـُقبـِّلـُهُ الحِرابُ
وَأوقفتَ الزمَان فصِرتَ وحيًا
إلهيًا يُـرَتـِّلـُهُ الكتابُ
بربـِّكَ أيُّ موتٍ كان كفئـًا
لقلبٍ لا تـُحرِّكـُهُ الصعابُ
إذا مَا قيلَ عَبـَّاسٌ تراءى
وَنتْ عن حمل ِ أرؤسِها الرقابُ !
وَهل للسيفِ يا حُلـُمَ العَطاشى
شَجَاعة ُ من تـُوزِّعُهُ الذئابُ
فرفقًا بالسيوفِ إذا استبَاحَتْ
أكفًا لا يُجاريها الشهابُ
أرادتْ أن تـُقبِّلها برفق ٍ
وَجانبَ ما أرادتـْهُ الصوابُ
تصولُ على نفوس ٍ من ظلام ٍ
وتـُطرقُ حين يَهمسُكَ العتابُ
وَمَا أطرقتَ من خوفٍ ولكن
عَطاشى الكون يَستـُرها الترابُ
تسيلُ عيونـُهم عطشًا وكبرًا
لينهلَ منْ مكارمِها السحابُ
تـُخيِّرُهمْ مروءتـُهم : فطرفٌ
على نهرٍ , وسيفٍ لا يَهابُ
وفيهم خشية ٌ - وسواكَ يدري -
على قمر ٍ سيخطفهُ الذهابُ
تمنتـْكَ الشهادةُ فاستـُجيبتْ
مطامحُها ومثلكَ يُستجابُ
كأنكَ إذ أحاطتـْكَ الرزايا
شعاعٌ ليس يكتمهُ الضبابُ
كأنَّ على ذراعيك ائتلاقًا
تـَجَنـَّبُهُ - على البعدِ - الصعابُ
دموعُ النهرِ يا عبَّاسُ , ثكلى
لها من حزن عينيكَ انسكابُ
وأمواجُ الفراتِ لهنَّ وقعٌ
بعاشوراء تسمعُهُ الهضابُ
قدمتُ وقائدي حزنٌ قديمٌ
يُلازمُني وتحرسُهُ القبابُ
يُكبِّلـُني فتهمُسُني الرزايا
- بلا ملل ٍ - وينشُرني العذابُ
ولمْ أرَ مثلَ حزنِكَ حين أغفو
على وجعي يرتـِّلـُهُ السرابُ
أتيتـُكَ والدموعُ مخضباتٌ
كأنَّ الدمعَ - من ألم ٍ - خضابُ
وجئتُ أصوغ من حُرَقي جبالا ً
بكفِّ النهر يُفحمُها المصابُ
ويا ألقَ الضياء , أتاكَ يسري
نشيدُ الأرض تـُطلقهُ الشعابُ
فخذ من عطر هذي الأرض لحنـًا
موالياً وأنت لهُ الجوابُ
****
ولكم خالص دعائي
شاعر عراقي