|
عضو ذهبـي
|
رقم العضوية : 15998
|
الإنتساب : Jan 2008
|
المشاركات : 2,894
|
بمعدل : 0.47 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
فمالي أراك لا تبكِ أيها الرجل
بتاريخ : 16-06-2009 الساعة : 01:28 AM
عفوا فرسالتي هذه المرة لا أريدها إلا لمعشر الرجال
لا أرض إلا أن أكون أخا للرجال
تقبل مني هذه الرسالة..و بعناية انتبه لما فيها من مقالة
أيها الرجل مالي أرى مصابيحك قد أطفئت
أظمآت
أرضك حتى أقحلت
قد تكون أنت الذي تجرأت يوما فبكيت و سالت دموعك جارية على خديك
فإذا بصرخة مدوية إقتحمت عليك أنسك لتخطف قلبك بين جنبيك
أخمدت جهلا أو تجاهلا أنفاس تلك القطرت
و أورثت عنوة في القلب منك الحسرات
عندما قيل لك لا تبك فأنت رجل
و البكاء للنساء و البنات
أعلم أن سحابة في سماء قلبك قد غطته يوما.. بلطف مشفق و حنت عليه برفق
حركت أغصانه و هزت
جذوره أنبتت أ زهارا في أرضه بثباث و عمق
و شدت عليه باحتضان محب.. حتى أمطرت على أرضه الخصبة النقية
بأمطارها العذبة الطاهرة فسالت دموعك الصافية الندية
فإذا بضحكات تهكم و استهزاء و نظرات سخرية تقتحم تلك الأجواء
فأذبلت أزهار قلبك التي نمت على أرضه
و أحرقتها لينتفض الرماد
فيحجب الرؤيا
و يخنق الأنفاس الطاهرة في سمائه
عندما قيل لك إن الرجال لا يبكون
لا تبك و كن رجلا صلدا صلبا
قد تكون أنت ممن ربيت على أن تحرق مشاعرك
أن تجفف بحرارة و تحمل و إصطبار ينبوع دمعك
أن
تجعل أرض قلبك صلبة قوية و لو بقتال نفسك
أن تنكر وجود الأزهار في أرضك
كل ذلك بدعوى الرجولة و النضج
أ سفي إن كانت أجواء عشتها و أحضانا تربيت فيها علمتك القسوة بقسوة
أخمدت العواطف و تبلدت عندك
المشاعر و فقدت الإحساس بالألم
و على أيام فرح أو لحضات طاعة لم يدغدغ مشاعرك فيهما الحلم
أو حتى معصية أو دنب لم تعرف بعدهما الحسرة أوالندم
و لكن أما آن لك أن تدرك حقيقة الطريق
أما آن لك أن تفيق من سباتك العميق
أما آن لمصابيح
قلبك أن تضيئ
أصبح البكاء عندك إشكالية معقدة
روح ميتة و نفس عاجزة مقعدة
أسفي أن قسا قلبك و ضاقت مذاهبك
حتى أصبحت عن حديث البكاء ثقيل
السمع
و مع كل فرحة أو ترحة عصي الدمع
لم تنتهي مقالتي بل بدأت
و ما فات مما ذكرتك به قد فات
فلا يفوتنك بعد ذاك خير ما هو آت
و مع ذلك فلا تقل أسدل الستار و أطفأت
الأنوار
بل شد الهمة لتنفرج هذه الأزمة و تزول عنك الغمة
توكل على الله و اطلب عونه وانتظر الإمداد
فالهداية ثمرة من ثمرات المجاهدة و الجهاد
تعال نرجع سويا إلى رعيل خرج من بين ظهرانيهم الهاشمي العربي
ألم تسمع أو تقرأ بأنه كان كثير البكاء ذاك خير الخلق النبي الأمي
ألم يكن من ربى أجيالا على التوحيد بمنهج الله و أدبهم بأداب رب
السماء
عرف روعة المناجاة ممزوجة بلذة البكاء بين يدي الله
و ما يثمره من حلاوة و ما يضفيه على القلب من طراوة
تحيطه بركات صداه و تطعمه نعيم هداه
فاستعاذ من قلوب لربها لا تخشع ..و عيون رجاء وخوفا منه لا تدمع
فلماذا تحرم خطاك إقتفاء أثر نبيك بأن تحرم نفسك لذة الأنس بالبكاء
و لماذا تحرم قلبك من مصابيح قد تجعله مضيئا و تعلقه برب السماء
ثم لماذا تحرم جسدك من أن يستظل تحت ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله
ألا تذكر أئمتنا الاطهار عندما تعلقت قلوبهم بمليكها حتى شغفت بحبه
و
تشوقت أرواحهم للرحيل من هذه الدار لملاقاته
كيف كانت دموعهم و كيف كان حالهم مع البكاء
ذاك أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام
كان من شدة بكائه و هو يتلو كتاب رب العزة
لا يستطيع أن ينتقل من آية إلى أخرى دون أن يمسح الدموع فيبكي كل من يسمعه
أم ذلك السجاد عليه السلام
الذي أبيضت عيناه من شدة البكاء
خوفا من ربه و طمعا في رحمته و رجاء لمغفرته
فمالي أراك لا تبكِ أيها الرجل
فرب دمعة تغسل قلبك غسلا ينقى من كل دنس
أما هزت عواصف القلب دمعات شوق للكريم المنان
أما اشتقت لوطنك الأصلي موطن أباك و أمك في أعلى الجنان
أما هيجت فيك البكاء مصائب أمتك
ألم تبكي
يوما من شدة الفرح
ألم تبكي يوما لبكاء الأخرين
إن البكاء في حقه عاطفة من أسمى العواطف
و دمعات صادقة أنقى من السحب تنزل من قلب يرجف
و نفس نهتف و روح تطير خوفا و طمعا و رجاء و حبا لله
لتقع عند الله بمكان عظيم يغسل بها قلبك غسلا
و تمنحك بهجة تصل بأغوار النفس لتفيض بأثر
أنوارها على جوارحك
ابكي و اعمد إلى اخفاء دمعاتك و اجعلها سرا دفينا بينك و بين مليكك
ابكي بصدق بين يدي خالقك قبل أن يأتي يوم لا ينفعك فيه البكاء
|
|
|
|
|