|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.84 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 24-03-2010 الساعة : 07:51 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
اُمومة بديهيات العقل في المعرفة:
نعم، لو قلبت المقاييس وألغينا العقل أمكن كون أعوان وأنصار الأئمّة من المفضولين والجهّال...
ولكن كيف ذلك؟ فإذا كان الله تعالى يستدل على ألوهيته بأنه ليس بظلام للعبيد أي كأنه يقول استشرفوا واستكشفوا الوهيتي بعدالتي وعدم مخالفتي لبديهيات العقل! فكيف نلغي العقل ونعمل خلاف الموازين العقلية في اختيار وانتخاب أنصار وأعوان الأئمّة عليهم السلام في نشر دين الله تعالى؟!, وإلاّ فإنّ جعل أعوان الإمام عليه السلام من غير الفقهاء بأن يكونوا جهّالاً هو عين المخالفة لبديهيات العقل, إذ العقل حاكم بوجوب تقديم العالم وأهل الاختصاص والخبرة والنخبة ووجوب الاعتماد على الفقهاء في نشر الفقه.
من هنا نفهم سذاجة البعض المتشبّث بمتشابه دلالة الروايات والتي لا سند لها، حيث يقول بأن المهدي المنتظر عليه السلام عندما يظهر يقتل الفقهاء والعلماء...(1) فهو ظن في ظن وتخبط لعدم معرفة الحجج، وبالتالي فهو زيغ وضلال.
كما يتضح اندفاع توهم المتوهم بأنه مع ظهور الإمام عليه السلام لا تبقى حاجة ولا دور للفقهاء ولا للاستنباطات الظنية لأنه يمكن حينئذٍ للناس تحصيل العلم بالأحكام الواقعية من الإمام عليه السلام مباشرةً, لاسيّما وأن الإمام عليه السلام يقوم بإكمال عقول وعلوم الناس فلا يبقى هناك جهل؟
أنه مع تكامل علوم الناس وعقولهم فذلك لا يعني كونهم أنبياء كما لا يعني أن الطريق الذي يتلقون منه العلم هو قناة الوحي كما لا يعني صيرورتهم في مستوى علمي واحد, بل يبقى بينهم تفاوت وفوارق في المستوى العلمي والعقلي حتّى مع حصول تطور علمي وتكنلوجي هائل وتوفر وسائل الاتصال السريعة بحيث يكون بامكان كل شخص الاتصال بالإمام مباشرةً ليأخذ الحكم الشرعي القطعي الواقعي منه, فإنّه مع كل ذلك تبقى الفوارق العلمية والعقلية بين الناس, ومن ثَمَّ لا يكونون كلهم بدرجة حواريي وأصحاب الإمام عليه السلام الـ (313) وإذا وجدت الفوارق العلمية والعقلية بين عموم الناس فبالتالي يحتاجون إلى من هو أعلم منهم وأكثر إحاطة ليرجعوا إليه فيما قد جهلوه, أي ليكون واسطة بينهم وبين الإمام عليه السلام لايصال الأحكام ونحوها.
كما أن السُنّة التكوينية لقيام دولة الظهور ودولة الرجعة ليست قائمة على إيصال العلم لعموم الناس عبر قناة واحدة, بل تبقى القنوات الظنية على حالها ويبقى الدور المناسب في كل مجال لأهل التخصص والخبرة, وبالتالي يرجع الأقل علماً إلى من هو أكثر علماً، وهذا هو معنى رجوعهم إلى الفقهاء.
وبعبارة أخرى إن قوله تعالى: ((وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ))(2) لا يطرأ عليها النسخ، فهي تبين ترسيماً من الله تعالى لكيفية جهاز عمل المعصوم بعد قوله تعالى: ((وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ))(3) ، فلا بدَّ للإمام من جهاز عمل وواسطة بينه وبين الناس, وإلاّ بمقتضى طبيعة البشر لا يمكن اتصال ملايين الناس بشخص واحد على درجة واحدة من الارتباط والفهم والتلقي, نعم تحدد قنوات تشعبية تنازلية الأكثر علماً في الأعلى ثمّ الأقل فالأقل ويكون الإمام عليه السلام على رأس الهرم, وهذا التنظيم في الشريعة لا ينسخ حتّى عند ظهور الإمام عليه السلام لاسيّما أن مفاد آية النفر في سورة التوبة متطابق مع مفاد آية الحكم: ((إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذينَ أَسْلَمُوا لِلَّذينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتي ثَمَناً قَليلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ))(4). في سورة المائدة كما تقدم بيان ذلك.
كما أن أصل حكم رجوع الجاهل للعالم يحكم به العقل ويشير إليه قوله تعالى: ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ))(5) فإنّ مفاد هذه الآية أشار إلى نفس هذا الحكم العقلي الفطري.
فإنّ الناس بالتالي يأخذون من الفقهاء الأحكام والتي تكون ظاهرية بلحاظ علم الإمام عليه السلام لأن ما عند الإمام عليه السلام أكثر واقعية، وقد ثبت في محله من علم الأصول أن الحكم وإن كان في رتبته واقعياً ولكنه بلحاظ حكم واقعي أكبر يكون ظاهري(6).
فما يعطيه ويبينه الفقهاء حينئذٍ حكم واقعي في رتبته ولكنه ظاهري بلحاظ ما عند الإمام عليه السلام, وهكذا من جهة كونه ظنياً أو يقينياً فإنّه تقدم أن اليقيني بلحاظ يقيني أعلى يكون ظناً _ كما أن الحس يقيني واعتبره القرآن ظناً في قبال المعجزة في فتنة بني إسرائيل والنصارى _ فما يبينه الفقهاء حينئذٍ هو حكم يقيني في مرتبته ولكنه ظني بلحاظ ما عند الإمام عليه السلام.
فما دام هناك تفاوت وفوارق في استقاء العلم فلا محالة يبقى لأهل التخصص والاختصاص دور وشأن، وهذا من ضروريات طبيعة الحياة والنظام الاجتماعي والنظام المعيشي البشري في عيشه العلمي والمعلوماتي.
وما هذه الشبه والإشكالات على الفقهاء ودورهم إلاّ لأجل استهدافهم وبالتالي استهداف النخبة في الدين لتحصل الفوضى فيه وهو مراد الأعداء, إذ من الطبيعي أن استهداف أيّ مجال من مجالات الحياة إنما يكون بالنيل من المتخصصين فيه لتحصل الفوضى حينئذٍ بذلك الاستهداف, فمثلاً من يريد النيل من مجال الطب لتعم الفوضى فيه وبالتالي يستغل الموقف في تحقيق مآربه إنما يبدأ باستهداف الأطباء الماهرين وبذلك يكون الطب فوضى, وهكذا في مجال الهندسة لمن يريد أن تحصل الفوضى فيها وذلك بالنيل من المهندسين الماهرين, وهكذا الكلام في بقية المجالات, لأنه في كل مجال من هذه المجالات هناك ترتب ونظم متسلسلة، وبمقتضى هذا النظم والتراتبية تحصل الحماية من التسويف واللصوصية والتدجيل.
فإنّ الرجوع لأهل الخبرة والاختصاص في كل مجال هو من فطرة البشر وضمن حدود معينة, وإلاّ فالبديهيات محافظ عليها في كل المجالات.
وعليه فاستهداف الفقهاء إنما هو من هذا القبيل، إذ يسلك الأعداء هذا الطريق لتحصل الفوضى في الدين والمناصب الدينية ليكون بإمكانهم الدجل والاختراق والتلصص في مناصب الدين, لذلك نجد أن أهل البيت عليهم السلام وضعوا قوانين خاصة وضوابط في تحديد المرجعيات والمناصب الدينية لا يمكن تجاوزها إذا حافظنا على أصول ثقافة الدين بالشكل الصحيح ونشر هذه الثقافة بين أتباع أهل البيت، وإلاّ فمن البساطة جدّاً التدجيل على الجهال وخداع السذج.
|
|
|
|
|