إن الأحاديث التي تنفي الرؤية وتفند التجسيم والتشبيه التي استخرجت في كتب الشيعة صريحة وبينة ومعتبرة سندا ، بحيث إن علماء الشيعة ومتكلميهم اعتمدوا مضامينها وجعلوها أساسا وأصلا كبيرا من مباحثهم في علم الكلام ، وكل حديث ورواية تناقض هذه الأحاديث الصحيحة والصريحة في نفي التجسيم فإنها مردودة ومرفوضة علميا . ومن هنا فلا يبقى طريق وسبيل للإشكال عليهم .
أحاديث التوحيد عند الشيعة وإليك نماذجا من أحاديث الشيعة :
عن أبي بصير : عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ،
ولا حركة ولا انتقال ولا سكون ، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا
كبيرا . بحار الأنوار 3 : 330
عن داود الرقي قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل : ( وكان عرشه على الماء )
( هود : 7 ) فقال : ما يقولون ؟ قلت : يقولون : إن العرش كان على الماء والرب فوقه . فقال : كذبوا ، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ، ووصفه بصفة المخلوق ، ولزمه أن الشئ الذي يحمله أقوى منه. توحيد الصدوق : 319
عن يعقوب السراج قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إن بعض أصحابنا يزعم أن لله صورة مثل الإنسان ، وقال آخر : إنه في صورة امرئ جعد قطط . فخر أبو عبد الله ( عليه السلام ) ساجدا ثم رفع رأسه ، فقال : سبحان الله الذي ليس كمثله شئ ، ولا تدركه الأبصار ، ولا يحيط به علم ، لم يلد لأن الولد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ، ولم يكن له من خلقه كفوا أحد ، تعالى عن صفة من سواه علوا كبيرا . توحيد الصدوق : 103
عن يونس بن ظبيان قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) فقلت : يا ابن رسول الله ، إني دخلت على مالك ( مالك بن أنس أحد أئمة المذاهب الأربعة السنية ولد عام 93 ، وتوفي عام 179 ه ، ودفن في مقبرة البقيع ) وأصحابه ، فسمعت بعضهم يقول : إن لله وجها كالوجوه ، وبعضهم يقول : له يدان ، واحتجوا لذلك بقوله
تعالى : ( خلقت بيدي أستكبرت ) ( ص : 75) وبعضهم يقول : هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة ، فما عندك في هذا يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : وكان متكئا فاستوى جالسا وقال ( عليه السلام ) : اللهم عفوك عفوك ، ثم قال ( عليه
السلام ) : يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك ، ومن زعم أن لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله ، فلا تقبلوا شهادته ، ولا تأكلوا ذبيحته ، تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين ، فوجه الله أنبيائه وأوليائه ، وقوله :
( خلقت بيدي أستكبرت ) اليد القدرة كقوله : ( وأيدكم بنصره ) ( الأنفال : 26) . فمن زعم أن الله في شئ ، أو على شئ ، أو يحول من شئ إلى شئ ، أو يخلو ، منه شئ ، أو يشغل به شئ ، فقد وصفه بصفة المخلوقين ، والله خالق كل شئ ، لا يقاس بالقياس ولا يشبه بالناس ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، قريب في بعده ، بعيد في قربه ، ذلك الله ربنا ، لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبه بهذه الصفة ، فهو من الموحدين ، ومن أحبه بغير هذه الصفة ، فالله منه برئ ونحن منه براء. بحار الأنوار 36 : 403
عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، عن أبي إبراهيم ( عليه السلام ) : قال : ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا . فقال ( عليه السلام ) : إن الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل ، إنما منظره في القرب
والبعد سواء ، لم يبعد منه قريب ، ولم يقرب منه بعيد ، ولم يحتج إلى شئ ، بل يحتاج إليه ، وهو ذو الطول لا إله إلا هو العزيز الحكيم . أما قول الواصفين : إنه ينزل تبارك وتعالى ، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص ، أو زيادة ، وكل متحرك
محتاج إلى من يحركه ، أو يتحرك به ، فمن ظن بالله الظنون هلك ، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد تحدونه بنقص أو زيادة أو تحريك أو تحرك ، أو زوال أو استنزال ، أو نهوض أو قعود ، فإن الله جل وعز عن صفة الواصفين ،
ونعت الناعتين ، وتوهم المتوهمين ( بحار الأنوار 3 : 311 ) ، ( وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ) الشعراء : 217 - 219.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى آبائه)في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافضاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً وهب لنا رأفته ورحمته ودعائه وخير برحمتك يا أرحم الراحمين