|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
موسوي البحراني
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 24-05-2012 الساعة : 06:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
نعرض لكم تعليق آخر ذكره سماحة الشيخ السيد أمين , حول ما طرحه الأخ الفاضل موسوي البحراني بخصوص مسألة مشكوك الأسلام والكفر ..
نتمنى لكم الفائده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أثابكم الله ونَفَعَ بكم، وبارك لكم مولد المولى عليه الصلاة والسلام.
بالنسبة للسؤال المذكور فهو من المسائل التي وقع فيها أخذ ورد بين أهل العلم، ووقع فيها اختلاف كبير "فنياً" و"فتوىً"، فلم يستقر الرأي فيها على وجه، والمسألة عقائدية من جهة وفقهية من جهة أخرى، إلا أنه بالإمكان أن نستعرضها كما يلي بأن نفترض للشك هنا –من غير ما ذكرنا في الجواب السابق- شكلين كالتالي:
الشكل الأول:-
هو أن نقول بأن الشخص غير معلوم الكفر والإسلام مع عدم توفر حالة متيقَّنة سابقة له، وبتعبير آخر:
نشك بأن الشخص هل هو مسلم أو كافر ولا حالة سابقة له؛ وهذا بالتالي يمتنع معه إجراء الاستصحاب؛ لانهدام أحد أركانه، وهو عدم توفر يقين سابق، بل وعدم توفر شك لاحق؛ إذ أن الشك هنا شك ابتدائي.
الشكل الثاني:-
أن نشك بأن الشخص هل هو مسلم أو كافر، لكن له حالة سابقة بحيث كنا نعلم ونتيقن بأنه كان في فترة مؤمناً، وفي أخرى كافراً، ولكن لا نعلم ما المتقدِّم منهما وما المتأخِّر؛ أي هل كان كفره قبل إسلامه أم إسلامه قبل كفره؟ فنحن نشك من هذه الجهة؛ وبالتالي يتعذر إجراء الاستصحاب أيضاً؛ لانهدام ركن اليقين السابق فيه وحلول يقين مختلط نفسه بالشك.
وعلى كلا الحالتين نريد أن ننظر في الأصول العملية الثلاثة الباقية من غير الاستصحاب، إذ الأصول العملية المعروفة بين العلماء أربعة؛ البراءة، والاحتياط، والاستصحاب، والتخيير؛ وقد امتنع الاستصحاب كما رأينا، فبقي أن ننظر في الثلاثة الباقية، وذلك كما يلي:
وقبل بيان الأمر على هذه الأصول يجب أن نفرِّق في بين أمرين من البحث؛ (الأول) هو أن حكم هذا الشخص ما هو؟ هل حكمه بأنه كافر أو مسلم؟ والجواب استباقاً هو أن حكمه التّوقف، فلا نحكم عليه لا بالكفر ولا بالإسلام.
(الثاني) هو أنه بعد الحكم بالتوقف نتساءل ما هي الأحكام الجزئية لهذا الشخص؟ فمثلاً بالنسبة لطهارته وتزويجه وقتله أو أسره في ظروف الحرب وأحكام موته وتركته وإرثه ما شاكل، ما هو الحكم؟ فهل نقول بأنه طاهر أم نجس -طبعاً فيما لو كان الشك في أنه كافر بالكفر المحض يَجحد الله تعالى ولا يؤمن بكتاب سماوي-؟ وهل نحكم بجواز تزويجه من المسلمة أم لا، سواء أكان كافراً محضاً أم كافراً كتابياً؟ وكذا هل يجوز قتله وأسره في الحرب –بظروف معيَّن له- أم لا؟ وهل تجب الصلاة عليه وتغسيله وتكفينه عند موته، وما نجري عليه من أحكام المسلمين من جهة الميراث؟ ..
إذن؛ البحث تارة يكون عن حكمه رأساً، وأخرى يكون عن أحكامه الجزئية من طهارة وما شاكل، ومن الواضح أن كلامنا في الاستصحاب أعلاه كان في الجهة الأولى؛ أما الجهة الثانية –الأحكام الجزئية- فالحكم يختلف من جزئية لأخرى؛ لذا سنتكلم أولاً في (البحث الأول) منها من جهة الأصول الثلاثة المتبقية، ومن ثم نتناول (البحث الثاني) منها من جهة الأصول الأربعة بنفس الطريقة، علماً أنه –كما أشرنا- في المسائل الجزئية كل مسألة لها حكمها الخاص، فليست كلها محكومة لأصل معيَّن كالبحث الأول، وبعبارة أخرى:
البحث الأول بنفسه مسألة مستقلة في مثل هذه الحالة من الشك عند الحكم فيها بالتوقف، وكذا المسائل الجزئية فكل منها مسألة مستقلة أيضاً؛ نعم لو تم الحكم في البحث الأول بطرف معين من طرفَي الشك، فقيل بإسلامه أو كفره؛ فالمسائل الجزئية تتبع للكبرى المنتهَى إليها في ذلك البحث الكبروي لها.
والكلام فعلاً في تتميم البحث الأول من جهة الأصول العملية الثلاثة المتبقية كما يلي:
طبعاً الكفر والإسلام هما من الأمور العارضة الزائدة على طبيعة الإنسان، لا أنهما من ذاتياته وتكوينه، فالإنسان مثلاً إذا تشهد الشهادتين عَرَض عليه الإسلام وحُكِمَ بأحكامه، وإلا لو كان الإسلام من ذاتياته وأصل تكوينه؛ لما احتاج للتشهد بالشهادتين للدخول فيه، بل ولما أمكن أن يَتبدَّل الكافر مسلماً والمسلم كافراً؛ إذ أن الذاتيات يستحيل تبدّلها في الذات المعيَّنة، وهذا بالتالي يعني أن الإسلام والكفر حيثيتان وصفتان زائدتان على الإنسان لا أنهما من ذاتياته؛ من هنا نعرف بأنه لا مجال لإجراء أصالة البراءة عن كفره أو إسلامه حال الشك؛ إذ الكفر والإسلام على وتيرة ودرجة واحدة بالنسبة لمورد المسألة؛ لذا لا يعامل معاملة الشك البدوي بإجراء البراءة فيه من رأس.
وكذا الأمر بالنسبة لأصالة التخيير، فلا يمكن الحكم بالتخيير في ذلك بالحكم عليه بالإسلام أو بالكفر كيفما نشاء؛ إذ ذلك ترجيح بلا وجه مصحِّح له؛ وهو قبيح، خصوصاً وأن المسألة لها آثار شرعية وعملية وعوائد اعتقادية.
بهذا بقي أصل الاحتياط، فيَتعيَّن، ومفاده التوقف في الأمر، بعدم الحكم على ذلك الشخص لا بالإسلام ولا بالكفر، فينتهي الأمر بعد التوقف إلى النظر في المسائل الجزئية مسالةً مسألة.
هذا والمسألة من جهة (البحث الأول) تحتاج للبحث من جهتين أيضاً؛ الأولى "ثبوتية أولية"، والثانية "إثباتية ثانوية"؛ أما الثبوتية فهي ما تقدم، وأما الإثباتية فقد يُدَّعَى أنّ في الشرع مرجِّحات وأمارات يمكن من خلالها الحكم بأحد الأمرين في المورد، ومن ذلك مثلاً ادّعاء الإسلام بلا تشهده، أو كون أبويه كافرَين، أو المكان المتواجِد فيه نفس الشخص، إذ تارة يكون في بلاد المسلمين ونشك في كفره وإسلامه، وأخرى يكون في بلاد الكفر فنشك في كفره وإسلامه، وثالثة يكون في بلاد لا تُـحْكَم بأنها بلا المسلمين ولا تحكم بأنها بلاد الكافرين، تماماً كما لو وجِد في أحد قُطبَي الأرض أو في بلد يختلط فيها الكفار والمسلمين بدرجةٍ سواء.
وعليه؛ إن استُفيدَ وجود مرجِّحات وأمارات شرعية من هذا القبيل، وتمَّت حجّيّتها، بأن قيل مثلاً: عند كون الشخص المشكوك كفره وإسلامه في بلاد المسلمين يحكم بإسلامه؛ فعندها يرتَّب عليه حكم المسلم "ظاهراً"، و"يُـلْحَـق" بالمسلمين من باب حكومة الحكم الثانوي على الأولي وتوقُّف حكم العقل –الأولي- على عدم مجيء حكم شرعي رافع له ومقدَّم عليه؛ أما حال عدم استفادة هذه المرجحات من طريق الشرع فيبقى الحكم الأولي العقلي ثابتاً؛ وهو كما تقدَّم الاحتياط بالتوقف بلا إجراء أحد الـحُكمين –الكفر أو الإسلام- عليه.
نعم؛ عند القول بأن الكفر والإسلام وإن لم يكونا من ذاتيات الإنسان، إلا أنهما ليسا على وزان ودرجة واحد كما ذكرتم، وإنما أحدهما من لوازمه الفطرية المستفادة ولو من الشرع، والتشهد مجرّد كاشف ظاهري كما أن إلحاقه بحكم أبويه الكافرَين مجرد كاشف ظاهري، بحيث يكون الإنسان من أَزَلِه وعند ولادته مولداً على الفطرة التوحيدية الطاهرة كما في الحديث النبوي: ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو يُنصّرانه أو يمجِّسانه؛ فإن قيل ذلك فعندها يمكن للقائل به أن يدَّعي إجراء "الاستصحاب الأزلي" باستصحاب حالة ما قبل وعند الولادة؛ لكن بالنسبة للشكل الأول من أشكال الشك لا الشكل الثاني المرتبط بحالة الشك في المتقدم والمتأخر عند التيقن بهما معاً؛ إذ أن من أركان الاستصحاب ما هو غير متحقِّق، فاليقين السابق –وهو اليقين الأزلي في المقام- قد انهدم وتَعقَّبه يقين آخر مختلِط ومتزلزل بالشك.
والكلام فعلاً في تتميم البحث الأول من جهة الأصول العملية الثلاثة المتبقية كما يلي:
طبعاً الكفر والإسلام هما من الأمور العارضة الزائدة على طبيعة الإنسان، لا أنهما من ذاتياته وتكوينه، فالإنسان مثلاً إذا تشهد الشهادتين عَرَض عليه الإسلام وحُكِمَ بأحكامه، وإلا لو كان الإسلام من ذاتياته وأصل تكوينه؛ لما احتاج للتشهد بالشهادتين للدخول فيه، بل ولما أمكن أن يَتبدَّل الكافر مسلماً والمسلم كافراً؛ إذ أن الذاتيات يستحيل تبدّلها في الذات المعيَّنة، وهذا بالتالي يعني أن الإسلام والكفر حيثيتان وصفتان زائدتان على الإنسان لا أنهما من ذاتياته؛ من هنا نعرف بأنه لا مجال لإجراء أصالة البراءة عن كفره أو إسلامه حال الشك؛ إذ الكفر والإسلام على وتيرة ودرجة واحدة بالنسبة لمورد المسألة؛ لذا لا يعامل معاملة الشك البدوي بإجراء البراءة فيه من رأس.
وكذا الأمر بالنسبة لأصالة التخيير، فلا يمكن الحكم بالتخيير في ذلك بالحكم عليه بالإسلام أو بالكفر كيفما نشاء؛ إذ ذلك ترجيح بلا وجه مصحِّح له؛ وهو قبيح، خصوصاً وأن المسألة لها آثار شرعية وعملية وعوائد اعتقادية.
بهذا بقي أصل الاحتياط، فيَتعيَّن، ومفاده التوقف في الأمر، بعدم الحكم على ذلك الشخص لا بالإسلام ولا بالكفر، فينتهي الأمر بعد التوقف إلى النظر في المسائل الجزئية مسالةً مسألة.
هذا والمسألة من جهة (البحث الأول) تحتاج للبحث من جهتين أيضاً؛ الأولى "ثبوتية أولية"، والثانية "إثباتية ثانوية"؛ أما الثبوتية فهي ما تقدم، وأما الإثباتية فقد يُدَّعَى أنّ في الشرع مرجِّحات وأمارات يمكن من خلالها الحكم بأحد الأمرين في المورد، ومن ذلك مثلاً ادّعاء الإسلام بلا تشهده، أو كون أبويه كافرَين، أو المكان المتواجِد فيه نفس الشخص، إذ تارة يكون في بلاد المسلمين ونشك في كفره وإسلامه، وأخرى يكون في بلاد الكفر فنشك في كفره وإسلامه، وثالثة يكون في بلاد لا تُـحْكَم بأنها بلا المسلمين ولا تحكم بأنها بلاد الكافرين، تماماً كما لو وجِد في أحد قُطبَي الأرض أو في بلد يختلط فيها الكفار والمسلمين بدرجةٍ سواء.
وعليه؛ إن استُفيدَ وجود مرجِّحات وأمارات شرعية من هذا القبيل، وتمَّت حجّيّتها، بأن قيل مثلاً: عند كون الشخص المشكوك كفره وإسلامه في بلاد المسلمين يحكم بإسلامه؛ فعندها يرتَّب عليه حكم المسلم "ظاهراً"، و"يُـلْحَـق" بالمسلمين من باب حكومة الحكم الثانوي على الأولي وتوقُّف حكم العقل –الأولي- على عدم مجيء حكم شرعي رافع له ومقدَّم عليه؛ أما حال عدم استفادة هذه المرجحات من طريق الشرع فيبقى الحكم الأولي العقلي ثابتاً؛ وهو كما تقدَّم الاحتياط بالتوقف بلا إجراء أحد الـحُكمين –الكفر أو الإسلام- عليه.
والآن ننتقل للبحث في الجزئيات في ظل التوقف الذي تم ثبوته، وهنا سنتناول -إيجازاً- مسألة الطهارة –مثلاً كجزئية ابتلائية حال تحقق المورد- بلحاظ كل من شكلَي الشك، وذلك كما يلي:
أحكام الجزئيات: * الطهارة والنجاسة:-
أ- بالنسبة للشكل الأول من الشك:
فالحكم في هذا الفرض –كما عن بعض العلماء- هو طهارة ذلك الشخص؛ إذ الأصل في الأشياء الطهارة، ونحن هنا نشك من رأس في أن هذا الشخص كافر أم مسلم؛ فنجري البراءة عن نجاسته ونحكم بطهارته؛ بل قد يدَّعى وجود أمارة شرعيّة في خصوص هذا المورد تحكم بالطهارة في جزئيةٍ منه، وذلك فيما لو كان الشخص المشكوك يعيش في بلاد المسلمين، فيجرى عليه حكم المسلمين من هذه الجهة ظاهرياً.
هذا وفي قِبال هذا الرأي قد يقال بأن الحكم هنا هو الاحتياط، فيكون التعامل معه كتعامل المرأة في حيضها المشكوك بالجمع بين تروك الحائط وأفعال المستحاضة؛ ذلك لأن هذا هو مقتضى التوقّف الثابت في البحث الأول الثبوتي، فنَتمسَّك به هنا ولا نرفع اليد عنه بالحكم بالبراءة والطهارة ما دام لا يوجَد رافع؛ نعم إلا أن توجَد أمارة شرعية مرخِّصة ومطهِّرة في حالة خاصّة –كما ذُكِر أعلاه- فنجريها في المورد ونرفع اليد على الاحتياط.
وأما أصل التخيير فساقط كما هو واضح؛ لاستلزامه الترجيح بلا وجه، وقبح ذلك؛ مثله الاستصحاب في السقوط؛ ذلك لعدم توفر جميع أركانه، والتي منها اليقين السابق.
ب- بالنسبة للشكل الثاني من الشك:
فالحكم في هذا الفرض هو الاحتياط؛ إذ أن المورد ليس من موارد إجراء أصالة الطهارة، فالشك هنا ليس شكاً بدوياً من رأس، وإنما شك مختلط بيقين على أنه متقدِّم ومتأخّر.
أما لماذا لا نجري الاستصحاب أو أصل التخيير؟ فالجواب اتضح جليّاً مما تقدم في أكثر من موردٍ من كلامنا.
هذا ومن المسائل المهمة في المقام ما سبق أن أشرنا له كـ: مسألة التزويج، والقتل والأسر في الحرب بظرف خاص له، والموت وتكاليفه من تغسيل وتكفين وصلاة عليه ودفن، والإرث أخذاً منه وتركاً منه، فكل مسألة من هذه لها حكمها الخاص، فمنها ما قد تتواجد له أحكام شرعية خاصة، ومنها ما يَتبع حكمه لحكم الأصل الجاري فيه من الأصول الأربعة.
طبعاً المسألة تارة تعود للاجتهاد وأخرى للتقليد؛ لذا على كل مقلد أن يراجع فتوى من يقلِّد أو أن يعمل بالاحتياط في الموارد التي يمكن فيها الاحتياط؛ أما الموارد التي لا يمكن فيها الاحتياط في المسألة كحالة الحرب والقَتل العسكري والأَسر مثلاً، فهنا عليه أن يرجع لفتوى الفقيه أو أن يكون مجتهداً متوفِّراً على مَلَكَة الاجتهاد وشرائطه.
والحمد لله ربِّ العالمين أولاً وآخراً، والصّلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمد وآله الطاهرين.
أمين السعيدي-30جمادى2 /1433هـ
قم المقدسة
|
|
|
|
|