172 - محب (الموقع الخاص): لماذا الانبياء والائمة عليهم السلام لم يتخفوا, لكن الامام المهدي يتخفى؟ ولماذا الانبياء والائمة عاشوا وماتوا, والامام المهدي حي لم يمت؟ ألا تتناقض هذه العقيدة التي اخترعها المجلسي الاصفهاني(اصفهان؟) مع نص القرآن الكريم: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} كل من عاش قبل محمد المصطفى صلى الله عليه واله ماتوا في زمانهم {افئن مت أفهم الخالدون} كل من يأتي بعده سيموت حتما. اننا لو تمسكنا بماقاله فلان وفلان من الرجال وتمسكنا بآراءهم وكأنه جزء من كلام المعصوم لن نهتدي للحقيقة أبداً، ويكون حالنا حال اولئك الذين قالوا: {انا وجدنا آباءنا على امة وانا على آثارهم مهتدون} اللهم اهدنا للحق .. ربنا إهدنا لنقرب من أمرنا رشداً
الجواب: هناك جملة من الملاحظات على كلامكم، وأولها أن عقيدة غيبة الإمام صلوات الله عليه لم يخترعها العلامة المجلسي رضوان الله عليه، فالعلامة المجلسي من علماء القرن الحادي والثاني عشر، بل هي مما ورد في حديث أهل البيت صلوات الله عليهم قبل ولادة الإمام روحي فداه نفسه، والروايات في هذا الأمر كثيرة جداً، والواقع التاريخي يثبتها لتواتر من تحدثوا عن رؤيته بعد ولادته ثم غيبته، وهذا ما يحتاج إلى تفصيل تجده في الكتب المختصة، ولو شئت لتوسعنا في حديث منفصل.
ولا أدري وجه تاكيدك على وصف العلامة المجلسي بالأصفهاني، فإن كان الغرض التعريض بأعجميته، فهو معيب جداً لأنه ليس من خلق الإسلام ولا القرآن، وإنما هو للجاهلية أقرب منه إلى أي شيء آخر، بالرغم من أنه لم يك أعجمي اللسان بل كان أستاذ العربية في زمانه، وهو من حيث الأصل عربي من جهة أمه سليلة جبل عامل، ولا قيمة لكل هذه الأمور فلعمري كان أبو لهب وأبو سفيان وأبو جهل من لبّة العرب، ولم يتوان القرآن من نعتهم بالجاهلية، وكان سلمان الفارسي وبلال الحبشي وغيرهم من الأعاجم، وما توانى الرسول الأكرم صلوات الله عليه من نعتهم بالمحبب من النعوت، وما دخل الأعجمية والعربية أو غيرها في تقييم العلماء؟ ففي كل قوم عالم وسفيه، وفي كل قوم تقي وفاجر، فدعها عنك أخي الكريم وتخلّق بأخلاق دينك الذي نهى عن مثل هذه الأفكار، وتمسك بكل حكيم وإن كان من الصين، واترك كل سفيه وإن كان من أهل بيتك.
وثانيها: أنك تجمع ما بين الغيبة والخلد، فتجد أن الغيبة متناقضة مع نصوص قرآنية، وهذا وهم منك أخي الكريم فالغيبة لا تعني الخلد بل لا علاقة لها بالخلد، وإنما تعني اختفاء الشخص عن الأنظار لمدة زمانية تطول وتقصر حسب طبيعة الغائب، ولا تجد أحداً من الشيعة يتحدث عن أن الأئمة خالدون في الحياة الدنيا، بل إن قتلهم وشهادتهم بأبي وأمي بما فيهم الإمام المهدي صلوات الله عليه هو من المتسالم عقائدياً عندهم.
وفي حال الإمام صلوات الله عليه ينبغي أن يكون الكلام في أمرين أولهما يتعلق بما إذا كان هو أول من غاب؟ والثاني يتعلق بما إذا كان طول غيبته المستلزمة لطول عمره الشريف تدخل ضمن المعقولات القرآنية؟ لأن الإنكار لهذه الغيبة مبني على هذين الأمرين، وقبل أن نجيب على ذلك يجب التنبيه على الملابسة التي وقع فيها الأخ الكريم والتي خلط فيها بين الغيبة ولربما قصد طول العمر وبين الخلد الذي نفاه القرآن الكريم، وعقائدنا بالتبع للقرآن الكريم تنفي الخلد عن أي أحد نبياً كان أو إماماً، بل رواياتنا تؤكد أن الإمام صلوات الله عليه يقتل بأبي وأمي، ولكن طول العمر شيء آخر وسيأتي الحديث حوله.
ومن الواضح قرآنياً أن العديد من الأنبياء والأولياء عليهم السلام غابوا عن أقوامهم بمدد تطول وتقصر، فالكثير من علماء أهل السنة يتحدث في تفسير قوله تعالى عن إدريس عليه السلام: {ورفعناه مقاماً علياً}[1] بأنه لم يمت وإنما رفعه الله إليه، ونفس الأمر يسري على عيسى عليه السلام، ومن قبله الخضر عليه السلام، كما وأن غيبة إبراهيم عليه السلام عن قومه حين نزوحه إلى واد غير ذي زرع هو نمط من أنماط الغيبة، ومثله غيبة موسى عليه السلام، وكذلك غيبة يوسف عليه السلام في الجب، هذا ناهيك عن غيبة عيسى عليه السلام وهكذا عشرات الأمثلة التي يمكن إطلاق مصطلح الغيبة عليها بنحو من الأنحاء، هذا إذا فسرنا الغيبة بعدم تواجد الغائب في قومه، أو اختفائه عن أنظارهم، ولذلك فإن الكلام لا ينبغي أن يكون في أصل الغيبة، لأن هذا الأمر إنما هو أمر طبيعي جداً، وإنما يجب ان يكون الكلام في مسألة طول العمر، وفي هذه المسألة لو تمعنت فيها بشكل جيد فستجد أن معيار رفضها ذوقي ومزاجي اكثر مما هو علمي وقرآني، فلقد اعتاد الناس أن ينظرون إلى بقيتهم ضمن معدل عمري معين، ولكن الواقع التاريخي والمنطق القرآني والواقع العلمي لا يوقف هذا المعدل عند حد معين، لأن من الواضح أن التجربة البشرية تؤكد أن هذا المعدّل لا أساس علمي له، فقد ينتهي العمر قبل هذا المعدل، وقد يمتد لما هو أكثر من ذلك، ونحن وإن ناقشنا هذا الأمر بصورة مطوّلة في الجزء الأول من كتابنا علامات الظهور، ولكن لا يمنع من إعادة التذكير بالأمور التالية:
أولاً: لا يوجد هناك أي دليل علمي ولا قرآني ولا تاريخي يمنع من امتداد عمر الإنسان إلى أزمان عديدة، فمن جهة عقائد القرآن الكريم فإن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، وكونه يتصف بالقدرة يستوجب أن استحالة وجود ما يحال دونها فقدرته جلّ شأنه لا تحول دونها القدرات، وبالتالي فإن إمكان الامتداد العمري لعمر الإنسان لا يحول دونه أي مانع عقائدي، بل ربما نتلمس من قوله تعالى: {أحسن كل شيء خلقه}[2] ما فيه دلالة على أن الإمتداد العمري هو الأصل، لأن خلقة الله لا يمكن أن تحمل سر فنائها بذاته مما يجعل تلف الخلقة لعارض خارجي، وهذا العارض ليس ذاتياً، فالخلقة خلقت من جمال الله تعالى فكانت حسنة في كل شيء، ولكن قد يطرأ عارض من خارجها كأن يأتيها الأجل الإلهي، أو أن يأتيها من بيئتها ما يجعل الخلايا الداخلية تتآكل وتموت، ويمكننا ان نتلمس في قوله تعالى لآدم عليه السلام: {إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأُ فيها ولا تضحى}[3] ما يؤكد ما ذهبنا إليه، فهذا الكلام لا يختص بآدم عليه السلام، وإنما بكل من تواجدت فيه مواصفات آدم التقوائية، لأنه سبحانه وتعالى اشترط أن لا يأكل آدم وزوجه من خارج طاعة ما أمره الله تعالى، ولعل قرن أكل هذا النمط من المأكولات بظهور سوأتهما، ما يشعر بأن الشجرة التي أكلا منها تؤدي إلى وجود فضلات في داخل الجسم الإنساني فيضطر لطرحها، لا كما توهّمه الكثير من المفسرين ـ إن لم يك غالبيتهم بل جميعهم ـ بأن ما ظهر لهما من السوأة هو عورتهما، إذ أن ذلك من سخيف القول، فما يطلق عليه بعورة الإنسان هو جزء أصيل من خلقتهما، وكيف يمكن تصوّر أن الخلقة الآدمية لم تتيسر لهما إلا بعد معصيتهما؟ وأن يطرح الإنسان من جسمه شيئاً يعني أن يدخل فيه شيئاً، مما يفسح المجال للمؤثر الخارجي على داخله، هذا بالرغم من أن القرآن لم يصف لنا طبيعة الطعام الذي يسّره الله تعالى بحيث أعطى لآدم وزوجه كل مواصفات البقاء والإمتداد العمري، ولكنه تحدّث عن نمط من شأن الاكتفاء به أن يصدّ الإنسان عن المؤثرات الأربعة التي من شأنها أن تقتل الخلية الإنسانية من الداخل، والمتمثلة بجوع وعري وعطش وتيبس هذه الخلية، مما يكون القرآن الكرم قد طرح عبر هذا النموذج التاريخي في الخلقة عن وجود نظام للتغذية يصد الإنسان عن المؤثر الخارجي الذي من شأنه أن يميته من الداخل، ولا يذهب بك الوهم بأن هذا الأمر متعلق بالجنة، فجنة آدم غير جنة الخلد التي وعدها الله سبحانه الأتقياء من خلقه، لوضوح ان جنة الخلد من يدخلها لا يخرج منها، ولكونها لا يمكن ان تستوعب مثل إبليس عليه لعائن الله، كما وأنها تخلو من الأوامر التشريعية سواء كانت من النمط الإرشادي أو المولوي، بل هي جنة من جنان الدنيا، ومن سخف بعض المفسرين تفسيره لكلمة الهبوط الواردة في آيات آدم بأنها النزول من الجنان العليا إلى الأرض، لأن كلمة الهبوط تعني فيما تعني الإنتقال من مكان إلى آخر، كما في قوله تعالى: {اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم}[4]، وعليه فإن الحديث الإلهي عن آدم عليه السلام كان في جنة من جنان الأرض، وهو ما تشير إليه روايات أئمة الهدى عليهم السلام كما في رواية الحسين بن ميسر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جنة آدم عليه السلام؟ فقال: جنة من جنان الدنيا، تطلع فيها الشمس والقمر، ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً.[5]
وبناء على كل ذلك فإن من شأن العثور على هذا النظام الذي ذكره القرآن الكريم أن يخرج الإنسان من مسألة القصر العمري إلى الطول الزمني لعمره، وهو نظام لا علاقة له بالمعجز الإلهي، وإنما هو نظام دأب الإسلام على طرح مثيله مع كل الأنظمة المادية المعتمدة على السبب والمسبب، فلقد طرح القرآن كشفاء مع أن الدواء هو النظام المادي للشفاء من الداء، وطرح النقل الخارق للأشياء من مكان لآخر كما في قصة عرش بلقيس بطريقة تخرج عن عالم الجاذبية والحركة، وهو العالم الذي اعتاد عليه الإنسان كي ينقل به الأشياء ويحركها، وطرح صلاة الإستسقاء كطريق لنزول المطر مع أن الطريق المادي لا علاقة له بالصلاة، وطرح أداء النوافل سبيلاً للرزق مع أنه لا علاقة للنظام المادي للرزق بها، وهكذا كل الأمور التي أراد الله سبحانه وتعالى للإنسان أن يجد أن هناك أنظمة في دنياه أقوى تأثيراً من الأنظمة المادية التي تجره للغرور والتكبر ونسيان قدرة الله تعالى، وحينما يتم إيكال هذا النظام لمن لديه علقة مع الله سبحانه وتعالى، فما أسهل أن نربط ذلك بالإمام المنتظر عجل الله فرجه والذي أجمعت الأمة على أنه أفضل من نبي الله عيسى عليه السلام، والأفضلية هنا تنجر على الأفضلية من كل ما لدى عيسى من إمتيازات ما عدا النبوة، والتي نسخت بدين محمد صلوات الله عليه وآله، إذ من الواضح أن عيسى عليه السلام لن يأتي حينما يعود إلى عالم الدنيا بعنوانه نبياً وإنما بعنوانه مسلماً كبقية المسلمين لوضوح أن نبوته انتهت بنبوة الرسول الخاتم صلوات الله عليه وآله.
ولم يكتف القرآن بطرح المسألة عند هذا الحد، وإنما راح يتحدث عن طول العمر الخاص بنوح عليه السلام بعيداً عن الإعجاز، وهو هنا يطرح نموذجاً تاريخياً رآه الناس وعايشوه، وهذا الطول مثل ما صلح لنوح عليه السلام يمكن أن يصلح لأي إنسان لأن ذلك من خصوصيات الخلقة الإلهية.
أما من الناحية العلمية فمن الواضح أن العلم لا يعارض حالة الطول العمري للإنسان، بل هو لا يتمكن من التحدث عن حد قطعي للعمر ينتهي عنده، إذ من الواضح علمياً أن ذلك خارج إختصاصه، ولكن لو أخذنا مثال جنة آدم عليه السلام المتقدم لوجدنا أن العلم يعلل فناء الخلية بهذه العناصر الأربعة ولا يتعداها، ولهذا فإن جهده من أجل المعالجة الطبية للإنسان يقوم في جوهره على الحفاظ على هذه العناصر، أو تخفيف الضرر عنها.
ثانياً: أما من الناحية التاريخية فإن من المسلّم ولادة الإمام محمد بن الحسن صلوات الله عليه في حياة والده الإمام العسكري صلوات الله عليه، وهذا التسالم مدعّم بالكثير من الوثائق التاريخية لدى مؤرخي الشيعة وأهل السنة على حد سواء،[6] غاية ما هنالك أن من انكر من هؤلاء لم ينكر ولادته بل أنكر غيبته بل وتهكّم بها، وليس مهماً ما تمّ نكرانه من قبل مذهبيي أهل السنة فإن ذلك مرتبط بالنفي الذوقي والمزاجي والطائفي وليس نفياً علمياً كما بيّنا، فهو نكران من أجل النكران ليس إلّا، إذ أن من المسلّم أن أهل بيت الرجل هم أصحاب الشهادة العليا على وجوده وعدمه، وطالما أن أهل البيت عليهم السلام قد تحدّثوا عن ذلك وتحدّث المؤرخون عن ذلك، أما بقيته وامتداد عمره فإن ذلك تفصيل قد بيّناه فيما سبق.
والعجيب أن بعضهم يعدّ ابن صائد هو الأعور الدجال، ويتحدثون عن أن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله قد ذهب إليه في بيته بمعية مجموعة من صحابته،[7] مما يعني ان عمره أكبر من عمر الإمام المنتظر عجل الله فرجه، وهم يتحدثون عنه بعنوانه من أشراط الساعة، مما يعني انه سيبقى لما بعد الإمام المنتظر روحي فداه، وهؤلاء حينما يقبلون بمثل الأعور الدجال بهذه الشاكلة يرفضون أن يكون الإمام المنتظر بأبي وأمي بعمر أقل منه؟ مع أن ذاك من أولياء الشيطان، والإمام من أولياء الرحمن، ولو عشت لأراك الدهر عجباً!!
173 - ياسر الربيعي (الفيسبوك): ورد في دعاء أو زيارة الامام الرضا للمهدي عليه السلام عبارة: وعلى الائمة من ولده أو بعده، وأيضا عبارة: من سلالة أوصيائك ما تفسيرها؟ وكيف تتفق مع أفكار دجال البصره؟
الجواب: ورد هذا النص في ما رواه الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد وسلاح المتعبد ضمن صلاة طويلة رواها أبو الحسن الضراب الأصفهاني على أهل البيت صلوات الله عليهم بإدعاء أنها بتوقيع الإمام روحي فداه، وفيها: وصل على وليّك وولاة عهدك والأئمة من ولده ومدّ في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة. [1] ومنه أخذت بقية المصادر، لذلك فهي وردت في موضع واحد، وبالتالي فإنها من أخبار الآحاد.
وقد ورد نصّه أيضاً عن يعقوب بن يوسف الضرّاب الغساني في منصرفه من أصفهان كما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة، قال: حججت في سنة إحدى وثمانين ومائتين وساق الحديث بطوله إلى أن أورد هذا النص في خاتمته.[2]
وفي هذا النص نلاحظ عليه أولاً أنه جاء عن طريق رجل مجهول لا يعرف، مما يخرجه من ناحية الاعتبار سلفاً.
وثانياً: إن هذا الرجل يورد توقيعاً عن الإمام صلوات الله عليه في زمن السفير الثاني محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي، ولم يأت التوقيع عن طريق السفير الثاني رضوان الله عليه، مما يجعل عدم قبوله والتعبّد به أولى، فهو بالإضافة إلى مجهوليته عند علماء الرجال، فإن يورد توقيعاً كانت الشيعة مأمورة أن تأخذ تواقيع الإمام صلوات الله عليه عن طريق سفرائه.
وثالثاً: ولو ابتعدنا عن مسألة التوثيق جدلاً، فإن النص في ظاهره متعارض مع المتسالم عليه من الأخبار الصحيحة من أن الإمام بأبي وأمي لا عقب له منها ما رواه الحسن بن علي الخزاز قال: دخل علي بن أبي حمزة[3] على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقال له: أنت إمام؟ فقال: نعم، فقال له: إني سمعت جدك جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: لا يكون الإمام إلا وله عقب، فقال له: أنسيت يا شيخ أو تناسيت؟ ليس هكذا قال جعفر عليه السلام، إنما قال جعفر عليه السلام: لا يكون الإمام إلا وله ولد، إلّا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي عليهما السلام، فإنه لا عقب له، فقال: صدقت جعلني الله فداك، هكذا سمعت جدك يقول.[4]
ويؤكده ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام عن أبي الجارود قال: قال لي أبو جعفر عليه السلاما الأمر إلا في أخملنا ذكراً وأحدثنا سنّاً.[5]
ومن الواضح أن خمول الذكر له مصاديق متعددة أبرزها أن لا يكوون له عقب يذكر به، ويبدو لي أن ما ذكره الشيخ النعماني رضوان الله عليه بتعليل خمول الذكر بالغيبة ليس دقيقاً، لوضوح أن الإنسان الغائب لو كان له عقب وعمل يُشار به إليه لما كان منسياً، وما ذهبنا إليه من تفسير ذلك بالعقب ينسجم مع رد الإمام الحسن عليه السلام على معاوية عليه لعائن الله بعد استمام أمر البيعة لمعاوية في الكوفة وخطبة معاوية فيها والتي نال فيها من أمير المؤمنين عليه السلام ومن الإمام الحسن صلوات الله عليه فقال الإمام الحسن: أيها الذاكر علياً .. إلى أن قال: فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرّنا قدماً.[6]
ومن المعلوم أن معاوية أنه كان خامل الذكر من حيث ولده، إذ أن نسله قد انقطع بعد حفيده خالد بن يزيد.
ورابعاً: لو افترضنا جدلاً أن للإمام روحي فداه ولداً على طريقة فرض المحال ليس بمحال، إلا أننا نجد أن مثل هذا الدعاء مخالف لما دأب عليه أئمة الهدى صلوات الله عليهم في الحديث عن أولادهم، ليس من طبيعة الأئمة أن يطلقوا في أدعيتهم مثل هذه الإطلاقات، إذ أن مثل هذا الدعاء يستلزم السلامة العقائدية والتقوائية الشاملة لجميع من ينضوي تحته، ولو قلنا بالتغليب دون التعميم على الجميع، فإنه ولا شك لن يكون كاشفاً عمن لم يخصّهم هذا الدعاء، مما يفسح المجال لإدعاءات عدّة، ولأن تاريخ الأئمة صلوات الله عليهم كشف لنا أن بعضاً من أولادهم كان منحرفاً عن مسيرتهم وهديهم، وليس أدل على ذلك من زيد النار أخو الإمام الرضا عليه السلام، وعين الأمر وجدناه في عم الإمام روحي فداه وابن الإمام الهادي صلوات الله عليه وأعني بذلك جعفر بن علي المعروف بالكذاب، ولذلك فإن مثل هذا الاطلاق سيفسح المجال إما للمدّعين ليتعكّزوا على مثل هذا الدعاء، أو سيضلل الناس في شأنهم، مما يحرفهم عن المسار العقائدي السليم، وهذا ما لا يمكن للأئمة صلوات الله عليهم أن يفعلوه، خاصة وأن تأريخ بقية الأئمة صلوات الله عليهم لا يكشف وجود دعاء من هذا القبيل لأولادهم.
وخامساً: بالرغم من أننا سبق أن فنّدنا قصة وجود أولاد للإمام صلوات الله عليه، لأنه يتنافى مع معطيات الغيبة، فالإمام بأبي وأمي ما غاب إلا لكي لا يكشف له أمراً، ومن يفعل ذلك لا بد من أن لا يترك أي أثر له، والأولاد واحدة من أهم الآثار التي تترك من وراء الرجل، وحيث أن التاريخ الطويل لم يكشف أي أثر لهم، فإن الحديث عن ذلك إما أن يكون منتفياً لانتفاء موضوعه، وإما أن يكون أمر هؤلاء ظل مخفياً عن الناس، ولو قدّر أن أمرهم بقي مخفياً طوال هذه الفترة، فإنهم ولا شك سيبقون خارج إطار احتلال المقامات الربانية المعنية بالمنتظرين، ومع أنه لا يوجد أي نص معتبر يمكن اعتماده في مجال وجود هذه المقامات، إلا أن من البديهي القول بأنه حتى لو كان هناك نص، فأن المنتظرين لا يمكن أن يتعاملوا مع المجهول، إذ أن كل نص، لا بد له من منصوص عليه، وكل منصوص عليه لا بد من توفر مواصفات له شخصية كانت أو موضوعية لكي تكون كاشفة له ومبيّنة لأمره، وحيث أن الروايات الشريفة خلت عن كل ذلك، لذلك فإن الجدل في شأن وجودهم مما لا طائل له.
أما القول بأن مقاماتهم ستأتي من بعد ظهوره بأبي وأمي، فمع خلو الروايات من ذلك اللهم إلا رواية ضعيفة جداً تتناقض مع الكثير من متسالمات الروايات وهي رواية حديث الوصية الذي يرددها دجال البصرة المنحرف المسمى بأحمد بن الحسن، إلا أن القدر المتيقّن والذي يبتنى على الروايات الصحيحة المتعددة فهي ان المقامات الربانية من بعد الإمام المنتظر صلوات الله عليه ستكون لبقية أئمة الهدى عليهم السلام إذ سيرجعون إلى الحياة الدنيا، وأول الأئمة الراجعين هو الإمام الحسين صلوات الله عليه، ليؤدي الدور المهدوي بعد أن منعتهم الظروف الاجتماعية والسياسية التي أحاطت بهم عن اداء هذا الدور.
ولا أدري ما ربط هذه الروايات ـ صحّت أو لم تصح ـ بدعوى دجال البصرة، فلو قلنا بوجود أولاد للإمام صلوات الله عليه فلماذا يظهرون الآن ولم يظهروا قبل ذلك؟!
ولو قيل بأن الإمام صلوات الله عليه قد ظهر، وبالتالي فإن أولاده قد ظهروا أيضاً كما يروّج هؤلاء المنحرفين، فالأسئلة البديهية التي يجب أن يواجه بها هؤلاء أولاً ستتعلق بالتالي: أين هو الإمام الظاهر؟
متى ظهر؟!
من الذي استدلّ على ظهوره؟!
أين أيامه الموعودة؟
أين دولته العادلة؟
أين حروبه الظافرة؟! وعشرات من نظير هذه الأسئلة.
لأن كل ذلك سابق لظهور الأولاد، فأين مقدمات وجودهم لكي نقفز على ما يليها؟
ولو سلّمنا جدلاً بكل ذلك، فما دخل هذا الدجال بكل هذه الأمور؟ فهل أن كل دعي يدّعي الإنتساب إلى الإمام صلوات الله عليه يجب علينا ان نصدّقه؟ وهب أن الرواية الضعيفة التي تسمي ابنه بأنه أحمداً صحّت فما دخل هذا الدجال بذلك؟ وكيف تم حيازة الرواية إليه، فهل كل من اسمه أحمد له حق باستحقاقات هذه الرواية؟ وها هي الدنيا مليئة بالأحمدين فلماذا لا نصدق بغيره إذن؟ مع أن نسبه لا علاقة له بأهل البيت عليهم السلام لا من قريب ولا من بعيد وعائلته وعشيرته معروفة وقد تبرأت عشيرته من دعواه هذه وأنكروه وأنكروها.
ولا يسعني في الأخير إلا أن أشير إلا أن هذا الرجل ليس أكثر من دجال يغرر بعواطف الناس ويستغل جهلهم وعدم معرفتهم بالروايات ومنطقها ومستلزماتها، وهو ليس بأول دجال ولن يكون آخر رجل من هذا النوع وإني لأحسب أنه هو المعني بما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: ويخرج دجال من دجلة البصرة، وليس مني، وهو مقدمة الدجالين كلهم.[7]
174 - عارف الجياشي (جامع براثا): هل من مقاربة بين الضربة الصهيونية لدمشق وبين التفجير النووي الذي سيطال دمشق وفق ما تحدثتم عنه كثيرا؟، علما أن الكثيرين ممن سمعوا لم ينظروا إلى تحليلكم بارتياح.
الجواب: ليس مهما أن يرتاح البعض لهذا التحليل أو ذاك، وأنا أعرف أن الكثيرين وقفوا حائرين أو مشككين أو مكذّبين للتحليلات التي تحدثت بها منذ اكثر من سنتين لا سيما في مسألة التفجير النووي الذي سيحصل في الشام، ومع أني كنت أتوقع مثل ردات الفعل هذه، إلا أني وجدت أن المكذّبين والمشككين رهنوا أنفسهم لأمزجتهم الشخصية وقدراتهم التحليلية التي عادة ما تعتمد مفردات بسيطة من مفردات الأوضاع السياسية، ولم يعتمدوا على رؤية شمولية أكثر، وكنت قد نبهت كراراً ومراراً إلى أن لا تخدعكم الصور الأولى للأحداث وإنما عليكم أن تتوغلوا بين سطور ما تقرأون وخلف كواليس ما ترون لكي تروا الصورة على حقيقتها، والآن حينما ينتهي التحليل الميداني إلى يقين بأن إسرائيل قد استخدمت في ضربهتا لجبل قاسيون في سوريا قنبلة نووية من النوع المسيطر عليه بالفعل، ترى كيف سيشعر أولئكم المشككون والمكذّبون؟ وهم ينظرون إلى حقيقة ميدانية قد حصلت أمام أعين ومرأى العالم وقد قرّبت صورة ما تحدثنا عنه وأعطتنا صورة أكثر تكاملاً لما يجب ان نحلل به.
القيمة في مثل هذه الأمور أحبتي لا تكمن في اني حللت بطريقة مبكرة، والآخرون حللوا بصورة مغلوطة، فلا أنا من يجب عليه أن يشعر بالنشوة، ولا هم من يجب عليهم أن يشعروا بالخجل، ولكن القيمة الحقيقية في أن نتعلم من ذلك طرق قراءة الاحداث بصورة أوعى ونعتمد لاستشراف المستقبل طرقا أدق، فالمهمة كبيرة والتحديات المترتبة عليها في غاية الخطورة وأي إرتباك في تحليل الموقف وتقديره سيؤدي إلى كوارث قد يصعب تفاديها وقد يكون الحديث في وقتها عن العلاج مجرد خرافة.
بطبيعة الحال أنا لم أتحدث عن ذلك من فراغ وإنما كانت بين يدي عشرات الروايات وكان جمع أوصال هذه الروايات وربطها هي التي أعطتني صورة متكاملة، ولكن هذه الروايات حينما كانت بيد غيري لم يستطع ان يوصلها ببعضها فالتجا إلى تفسيرها بطرق بعيدة تماماً عن ذلك، والسر يبقى كامناً في طبيعة القدرة على رؤية ما خلف سطور الروايات وما يكمن في منطقها، عندئذ لن يبقى شيئاً عصياً على تفكيك رموزه.
لا بد لي من بعد كل ذلك أن أشير إلى أن ما جرى في اليوم الخامس من شهر آيار عام 2013 الحالي في جبل قاسيون من استهداف صهيوني لمواقع للجيش العربي السوري لا ينطبق على ما تحدثت به الروايات بمعنى أن التفجير المنتظر لا زال في طي الأيام القادمة، ولو حصل فإن على المؤمنين المنتظرين أن يتيقنوا ان التوقيت الدقيق لظهور الإمام روحي فداه لن يكون عصياً عليهم ولا صعبا من بعد ذلك.
175 - سلام العراقي (جامع براثا): ما صحة رواية ظهور يد في السماء بعنوانها علامة من علامات الظهور الشريف؟
الجواب: بين يدينا عدة روايات تتحدث عن ذلك، وقد وردت في طرق الشيعة والسنة، وبألفاظ مختلفة، وهذه الروايات قسم منها أشار إلى وقت محدد قريب جداً من الظهور الشريف، وقسم منها أشار إلى الحدث دون قرنه بوقت محدد، ومما لاشك أن بعض هذه الروايات صحيح من الناحية السندية، وللحديث عن ذلك هناك مطلبان الأول في طبيعته الروائية، وهو أمر فصلناه في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور ص357، وكذلك في كتابنا راية اليماني الموعود ص 223، ولكن لا بأس بذكر بعض من هذه الروايات وأول هذه الروايات نجد فيها أن الإمام الرضا صلوات الله عليه يحدد وقتاً محدداً لها، ففي صحيحة الحسن بن محبوب رضوان الله عليه يقول الإمام الرضا عليه السلام في معرض ذكره لثلاثة ومضات ملكوتية في شهر رجب قال: والثالث: يرون يداً بارزا مع قرن الشمس.[1]
وفي رواية داود بن سرحان، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: العام الذي فيه الصيحة قبله الآية في رجب: قلت: وما هي؟ قال: وجه يطلع في القمر، ويد بارزة.[2]
ومراده بالصيحة هنا هو الصيحة الجبرائيلية، مما يعني أن هذه العلامة تكون في رجب الذي يأتي من بعد خروج السفياني عليه لعائن الله بسنة واحدة.
وفي رواية عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قبل القائم خمس علامات: السفياني واليماني والمرواني وشعيب بن صالح وكفّ تقول كذا وكذا.[3]
وبعض هذه الروايات وردت بدون إشارة إلى زمن محدد كما هو الحال في رواية زياد بن مروان القندي عن غير واحد من أصحابه عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: وكف تطلع من السماء من المحتوم.[4]
ومثل هذه الروايات وردت أيضاً في كتب العامة فلقد روى نُعيم بن حمّاد بسنده لسعيد بن المسيب وهو من رواة حديث الإمام زين العابدين عليه السلام قال: تكون فرقة واختلاف حتى يطلع كفّ من السماء.[5]
وكذلك روى الزهري عن أسماء بنت عميس رضوان الله عليها قولها: إن إمارة ذلك اليوم أن كفّاً من السماء مدلّاة ينظر إليها الناس.[6]
وما من ضرورة ليكون شكل الكف من سنخ الكف الآدمية ولونها، بل يمكن أن نتعامل مع كل التقديرات التي تدخل ضمن طبيعيات النظام الفلكي، إذ أن أغلب الظن أن هذه الأمور ستأخذ مجرى التشكّلات الكونية ومن دون الحاجة إلى منطق المعاجز، ليكون الحديث المبكّر عنها وقبل حصولها هو الذي يعجز العقل البشري الاعتيادي.
ولو صحّ ذلك فإن ما كشفته وكالة الفضاء الأمريكية (NASA) من صور لما عبّر عنه باليد الكونية يقدّم لنا مقاربة لما يمكن أن يحصل يومئذ، وخلاصة الخبر أن النجوم النيترونية ونتيجة لحركتها المغزلية الشديدة تطلق طاقة هائلة تتشكل وفق هياكل متعددة، وكان آخرها ما رصده مرصد تشاندرا للأشعة السينية وهو أن نجمة نيوترونية أطلقت طاقة تشكل منها مجال مغناطيسي هائل أخذ رونقه على شكل كف يدوية بلون أزرق وكأنها صورة لكف من تحت الأشعة (X Ray) وكان حجم هذه الكف ما يقدّر ب150 سنة ضوئية. (http://www.nasa.gov/multimedia/image...ture_1323.html)
لا شك أن ما تحدّثت عنه وكالة الفضاء الأمريكية لا يتحدث عن الروايات التي زامنت بروز هذه اليد في شهر رجب الذي يأتي من بعد خروج السفياني بعام، لوضوح أن السفياني لا زال لم يخرج بعد، ولكن يمكن للروايات التي لم تقرن بروز هذه الكف بهذا الزمن أن نجد لها تجلياً واضحاً فيما أشارت إليه وكالة الناسا، ومهما افترضنا فلا شك أن ما كشفته الناسا قدّم لنا مقاربة علمية واضحة لما يمكن أن يجري في تجسيد هذه العلامات.
176 - عبد العزيز ـ الإحساء (البريد الخاص): لو افترضنا جدلاً ان الاحداث الجارية في سوريا الان هي الولادة الحقيقية لعصر الظهور المقدس لصاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء , فهل نستطيع أن نتنبئ بأن الضربة النووية القادمة كما عبرتم عنها هي من إسرائيل لفك الضغط عن الارهابيين المتواجدين في سوريا خصوصاً، وأن القوات السورية ما زالت قوية رغم كثرة تواجد الزمر الارهابية وتدفقها على سوريا من كل جانب؟ وهل يمكن القول ان الرئيس الحالي بشار الاسد سوف يصله بطريق أو بآخر علم بهذه الضربة مما يجعله يتحول الى منطقة اللاذقية بجانب القاعدة الروسية ليكون في مأمن من هذه الهجمة؟ وعلى افتراض صحة هذا السيناريو للأحداث فكم تاخذ هذه الفترة (حالة المخاض) في سوريا حتى تتحقق الضربة النووية ويتحقق نزول الترك ارض الجزيرة؟ واذا ما تمت الضربة هذا العام او العام الذي يليه فهل نستطيع الجزم عيناً بأن الظهور المقدس قد تحقق؟
الجواب: لا يوجد في رواياتنا ما يمكن أن يشار به إلى من سيستهدف سوريا، ولكن هناك رواية عامية تشير إلى الرومان في هذا المجال، ولربما يساعد عليها رواية وردت في كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي رضوان الله عليه يشار فيها إلى نار تخرج من قعر عدن تضاء لها أعناق الإبل في بصرى، ولو تطابقت هذه الرواية مع حدث التفجير النووي، فسيكون المستهدِف لسوريا هو الأسطول الأمريكي في المحيط الهندي جنوب عدن، لكني لم أجد قطعاً في مجال التطابق هذا بعد ولذلك لم أشر لها في كتابنا علامات الظهور، ولا قيمة للقول بأن قعر عدن هي المنطقة الموجودة فعلاً في عدن والتي يوردها العامة بأن النار التي ستخرج منها ستكون من أشراط الساعة، فلو صحت فهي شيء آخر.
أما هل نستطيع أن نقارب بينها وبين ما يجري فعلا على الأرض السورية، فإن أوجه تقريب لها يمكن ان نراه في الضربة الإسرائيلية الأخيرة لجبل قاسيون، فهي وإن كانت نووية مصغرة، ولكنها ترفع عنا الكثير من الإشكالات التي كانت تحوم حول أصل الضربة وجدواها ويمكنكم متابعة ذلك في جواب السؤال: 174 في الرابط التالي: http://www.sh-alsagheer.com/index.php?show=news&action=article&id=1078
وكيفما يكن فإن الحديث عن الضربة النووية الوارد في الروايات يشير إلى قضيتين أولهما أنه سيحصل في منطقة لا يوجد فيها أحد من المؤمنين لأن المقتولين فيها وصفوا بأنهم من الكافرين ولا يراد بالكفار هنا الملاحدة، بل الكفار بالولاية، والقضية الثانية أن عدد القتلى ينبأ عن أن هذه الضربة ستكون بواسطة تفجير منضبط بحيث لا يؤدي إلى انتشار واسع في الإشعاع النووي او أنها ستكون من صنف القنابل التي يستخدم فيها اليورانيوم غير المنضب مما يعني ان نسبة الإشعاع فيها لن تكون نسبة عالية إلا في منطقة الهدف وما يحيط به مما يجعل دويلة الصهاينة في مناى من ذلك.
أما ما المدة بينها وبين غيرها من العلامات فالروايات لا تتحدث إلا عن حراك سريع للكثير من العلامات من بعدها خصوصاً في مسألة الإنفصال الكردي السوري ومسألة الزلزال الذي سيعصف بدمشق ومسألة الحرب العالمية، ولكن المهم فيها أن رجب الذي يليها سيكون فيه خروج السفياني، مما يعني أن المدة التي تبقى لظهور الإمام روحي فداه لن تزيد على حمل ناقة من بعد شهر رجب أي في شهر رمضان في السنة التي تلي خروج السفياني عليه لعائن الله. وعليه فإن حيان موعد الضربة لا يعني حيان موعد الظهور، ولكن حيانها يمكن بموجبه ان نوقّت للظهور الشريف.
177 - عماد الخفاجي ـ كربلاء المقدسة (الموقع الخاص): ورد عن أبي منصور البجلي قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن اسم السفياني. فقال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كور الشام الخمس ...... الى آخر الحديث.[1]
ولدي هنا سؤالين بخصوص المقطع الشريف: (الاول) : هل من الممكن أن تقرأ كلمة (ملك) بصيغة المجهول وتشديد اللام باعتبار وجود رواية تشير الى أنه يأتي متنصراً يعني مدعوم من دول نصرانية، أو قد تكون كلمة (متنصراً) مصحّفة عن كلمة (منتصراً) وهي تؤدي نفس الغرض. كذلك استخدام لفظة (ملك) بحد ذاتها بدلا من (سيطر) فيها دلالة على التمليك بمعونة جهات خارجية.
(الثاني): استخدم لفظ (ملك كور الشام الخمس) ولم يستخدم لفظ (الشام) الجامع لكل تلك المناطق المذكورة في الحديث، أليس فيه دلالة على تقسيم الشام الى أقاليم، وأن السفياني يأتي إلى الشام وهي مقسّمة الى أقاليم فيجمع تلك الأقاليم بدولة واحدة.
الجواب: حسب الظاهر فإن انصراف قراءة كلمة ملك بصيغة المجهول مما لا قرينة تساعد عليه، بل القرائن شاهدة على أنه هو الذي يتملك هذه المناطق لا أن يتم تمليكه إياها من قبل غيره، فالحديث عن أنه سيبقى من يوم خروجه إلى يوم تملّكه لهذه الكور وبهذه المدة الزمانية (6 أشهر) يؤكد على أنه هو الذي سيباشر هذا الأمر بنفسه، خاصة وأنه خلال هذه الفترة سيصفّي الصراع في بلاد الشام من راية الأبقع أولاً ثم من راية الأصهب ثانياً، وهذه التصفية إنما تكون من خلال السيطرة على مناطقهما، والسيطرة كمصطلح لا يستخدم في لغة القرون المتقدمة، بل الاستخدام المألوف هو التملّك، وبالتالي فهما في معنى اصطلاحي واحد.
أما بالنسة إلى التنصّر فهي صحيحة ولا وجود للتصحيف فيها لوجود قرينة في عنقه صليب التي تأتي في الرواية.
أما بالنسبة لموضوع الكور الخمسة، فنلاحظ أولاً ان الشام كلمة أعم من كورها الخمسة، ونلاحظ ثانياً أن التأكيد على هذه الخمسة يشير سلفاً إلى وجود مناطق شامية يتواجد فيها تلقائياً، في عين الوقت الذي يشير إلى أن المناطق الشامية كلها لن تكون بولاء واحد، ونلاحظ ثالثاً أن تخصيص هذه المناطق دون غيرها يُشعر بأنها انسلخت من حكم الشام أو ليست تحت سيطرة هذا الحكم، مما يفضي بنا إلى نتيجة حاسمة وهي أن الحكم في الشام لن يسقط، وإنما يتأثر بوقائع الصراع بين الأصهب والأبقع، هذه الوقائع التي تجعل هذه المناطق تخرج من حكم الشام، ونلاحظ رابعاً أن الرواية ذكرت مناطق واستثنت أخرى، وبمطالعة الروايات سنجد ان الخريطة الجيوسياسية للشام في يوم خروج السفياني ستكون هكذا:
أولاً: الكور الخمسة تخضع لتأثيرات السيطرة العامة وليست الخاصة لراية الأبقع، وهذه الكور هي بالتحديد دمشق وحمص وحماة وحلب وإدلب التي تسمى بقنسرين ودرعا التي يشار إليها بلفظ الأردن، والقنيطرة التي يشار إليها باسم فلسطين، من باب تسمية العام ويراد به الخاص، لوضوح أن فلسطين العامة ستكون تحت حكم الصهاينة إلى يوم تحريرها بيد الإمام روحي فداه.
وحينما نقول بأن هذه الكور فيها سيطرة عامة وليست خاصة لراية الأبقع عليه لعائن الله، فلأن الحديث عن استمرار الصراع بينه وبين الأصهب كاشف عن أن السيطرة ليست مطلقة لأحدهما في هذه المناطق، ولكن يمكن القول بأن معارك الكر والفر ستكون هي سيدة الموقف.
ثانياً: المناطق الحدودية المحاذية للعراق كمحافظة الحسكة ودير الزور ولربما أجزاء من محافظة الرقة ستكون بيد الأتراك يومها الذين سيحتلون هذه المناطق قبل مجيئ السفياني.
ثالثاً: هناك مناطق لا تذكر مطلقاً وعلى وجه التحديد محافظة السويداء التي يغلب عليها الوجود الدرزي، مما يوحي بأنها لا تدخل في الصراع العام، وتبقى في منأى منه، وبالتالي تبقى ضمن إطار حكم الأصهب.
رابعاً: المناطق التي تشكل حاضنة للأصهب، فرايته لا يمكن ان تكون خلية من مناطق ما غيرر هذه المناطق، وحينما يكون هذا الرجل هو المقتول الثاني بيد السفياني، فيعني أن قوته وسيطرته ستكون أكبر من الأبقع، مما يعطينا دليلاً على أن ما سوى هذه المناطق ستكون هي الحاضنة للأصهب، ويؤكد في نفس الوقت أن حواضن الأصهب هي نفسها حواضن السفياني، ويؤكده أن الروايات تشير إلى الأصهب بعنوانه السفياني الثاني، وإلى السفياني الموعود بأنه هو السفياني الثالث، ومن الواضح أن المناطق المتبقية هي المناطق الساحلية لسوريا، فتأمّل.
178 - عمار ـ البصرة (الموقع الخاص): سؤالى الاول هل يمكن الاستفاد من الحديث انه يوجد سفارة بعد الصيحة والسفياني؟ بقرينة ان الامام قال من ادعى المشاهدة قبل الصيحة والسفياني ولو كان لا يوجد سفير قبل الخروج لقال الامام قبل الخروج وليس قبل الصيحة، سؤالى الثاني اذا اتى شخص وقال انا سفير الامام المنتظر (ع) بعد الصيحة والسفياني فكيف نصدقه؟ وخاصة ان الحديث اوقف السفارة الى حين الصيحة والسفياني فالامام فتح الباب لهذا الامر
الجواب: بالنسبة للسؤال الأول فهو وإن نفى السفارة من بعد السفير الرابع رضوان الله عليه إلى حيان الصيحة، إلا انه لا يعني ان ما بعدها سيفتح باب السفارة بالصورة التي وجدناها في عهد السفراء الأربعة، وإنما قرن السفياني والصيحة ليكون وقتهما فاصلاً بين فترة الغيبة الكبرى وبين الظهور الشريف، أو قل: الصيحة هي الإعلان عن نهاية عهد الغيبة الكبرى، ولكن حينما يبزغ فجر الظهور الشريف فإن الإلتقاء بنور الله لن يكون مستحيلاً، والتبليغ عنه سيكون ضرورياً لأن تلك الفترة ستكون فترة استعداد جادة لخروجه بأبي وأمي.
أما كيف يمكننا التعرف على مصداقية من يتحدث عن الإمام صلوات الله عليه، فعلينا أولا أن لا نقلق من هذه الناحية لأن من سيرسله هو بنفسه صلوات الله عليه يعرف بأننا قلقون ولا توجد لدينا ثقة في كل من يتحدث عنه بأبي وأمي وبالتالي فإننا يمكن أن نفترض أنه روحي فداه سيزوّد من يررسله بسبل التيقن كما كان الأمر في عهد الإمام الهادي والعسكري عليهما السلام حينما كانوا يلزمون شيعتهم ان لا يأتمنوا احداً ممن يتحدث باسم الإمام صلوات الله عليه من دون أن يكشف لهم ما يجول في خواطرهم وأحاسيسهم ومثل هذه الافتراضات كثيرة فضلاً عن الوسائل الطبيعية التي تكشفها وسائل الإعلام وغيرها كالتصوير وما إلى ذلك.
179 - سالم (جامع براثا): تحدثتم عن وثاقة هذه الرواية:
عن معروف بن خربوذ ما دخلنا على أبي جعفر الباقر عليه السلام قط إلا قال: (خراسان خراسان سجستان سجستان كأنه يبشرنا بذلك)
وقد اطلعني احد الأخوة بأن فيها زياد القندي وهو مذموم جدا فكيف السبيل إلى صحة كلامكم؟
الجواب: زياد القندي هذا هو احد أهم وجوه الواقفة على الإمام الكاظم عليه السلام ومتسالم على ذمّه وسوء عاقبته، فقد كان وكيلاً معتمدا للإمام الكاظم عليه السلام، ولكنه قال بالوقف بمجرد أن استشهد الإمام الكاظم بأبي وأمي ولم يسلّم للإمام الرضا عليه السلام بالإمامة ولم يسلّم للإمام عليه السلام الإمانات التي كان موكلاً بها من قبل الإمام الكاظم عليه السلام وشاركه في ذلك ابن البطائني وعثمان بن عيسى الرؤاسي وكلهم كانوا من وكلاء ومعتمدي الإمام الكاظم صلوات الله عليه، ولكن ذمّهم مرتبط بوقفهم وما بعده لا على الفترة التي سبقت ذلك وإلا ما كانوا وكلاء للإمام صلوات الله عليه، ولهذا عملت الطائفة الشريفة بما رووه في حال سلامتهم العقائدية وتركوا ما رووه من بعد انحرافهم، ولذلك عبرنا بالوثاقة ولم نعبر بالصحة عن الرواية، فالوثاقة تعني وجود رجل أو أكثر ثقة في حديثه، ولكنه لا يتمتع بصحة في معتقده، بينما الحديث عن الرواية الصحيحة فإنه يقتصر على الرجال الثقات من ذوي العقائد الصحيحة، ولأن الرواية أعلاه تتحدث عن فترة إيمانه لا عن فترة انحرافه قلنا بالوثاقة، وهو أمر متسالم عليه في علم رجال الطائفة المحقة زاد الله في شرفها.
180 - مهند (الموقع الخاص): سؤال للشيخ حول الانفجار النووي في دمشق القطر التدميري هو 5 كم والبقية اشعاع وعصف هنا النداء من المعصوم عليه السلام بالتدّثر وسد الكوى ...الخ لمن؟
ثانياً: دمشق قريبة نسبياً من فلسطين المحتلة أي الاشعاع سيؤثر على المستوطنات الاسرائلية القريبة فهل يجازف الغرب أو الصهاينة بالضربة؟.
ثالثاً: دمشق ستبقى فيها الأشعة النووية لفترة طويلة جداً بعد الضربة كيف تتقاتل فيها ثلاث رايات مع وجود الاشعاع النووي القاتل.
الجواب: القنابل النووية مختلفة الأنواع، وتنتمي إلى أجيال مختلفة، وقد طوّر مصنّعوا هذا السلاح أنماطاً محدودة التأثير يمكن أن ترمي بها الدبابات في معركة متقاربة المسافات، وقياسكم الذي تحدثتم عنه يجري وفق نمط واحد من هذه القنابل، وهذا غير صحيح، لأنه ليس كل القنابل تترك مثل هذا الإشعاع، ومقادير العصف ومدياته تتوقف على طبيعة الهدف المضروب، فالهدف الجبلي أو ذو التضاريس المرتفعة ليس كالهدف الموجود في أرض سهلية، إذ نلاحظ هنا ان قنبلة هيروشيما التي استخدمها الأمريكيون عام 1945 كان تأثيرها فادحاً جداً بالقياس إلى قنبلة ناكازاكي مع أنهما من نفس النوع، والسبب يعود إلى التفاوت التضاريسي الموجود في المدينتين.
ولو لاحظنا الضربة التي وجهت إلى جبل قاسيون في يوم 5\5\2013 من قبل الطيران الإسرائيلي ولربما الأمريكي أيضاً لاكتشفنا أن هذه الضربة التي كانت نووية، قد تم استخدام اليورانيوم غير المنضّب فيها، وهو لا يترك تلك الآثار الإشعاعية التي تتشابه مع التأثيرات التي أوجدتها قنابل هيروشيما وناكازاكي، وقد سبق للأمريكيين أن استخدموا اليورانيوم غير المنضّب في كثير من القنابل التي ألقيت على ساحات المعارك في العراق قبل السقوط، وتأثيراتها الإشعاعية كانت محدودة قياساً إلى ما نألفه من القنابل التي تستخدم اليورانيوم المنضّب.
وفق هذا التحليل يمكن لنا أن نفهم أن الافتراضات التي افترضتموها يمكن معالجتها بطريقة مختلفة عما يجول في خاطركم.
أما لمن سيكون هذا النداء بالتدّثر وسد الكوى وما إلى ذلك، فله وجهان، وجه يتعلّق بكيفية التعامل مع هذا النمط من السلاح، ويمكن أن يستفيد منه كل من آمن بقول رسول الله صلوات الله عليه وآله أو وصل إليه، أما الوجه الآخر فيتعلق بكون هذا الحديث يستهدف تبيان حقيقة ما سيجري في وقت الاستهداف وحدوده.
181 - أبو هادي العاملي ـ لبنان (الفيسبوك): هل اليماني والخرساني رضوان الله عليهما قد أصبحا موجودان فعلياً على مسرح الأحداث برأيكم؟ وكيف سيتعرّف عليهما المسلمون وعامة الناس؟
الجواب: التحدث عن وجود هذين العبدين الصالحين مرتبط بطبيعة الأحداث المتعلقة بهما، وتشخيص الزمان بأنه زمان خروجهما، ومما لا شك أن الوقت لا زال مبكراً للتحدث عن أن هذا الزمان هو زمانهما، اللهم إلّا أن تفضي أحداث الشام المعاصرة إلى نفس ما أشارت إليه روايات أهل البيت عليهما السلام من علامات ممهدة لظهور السفياني الموعود، ولو حصل ذلك فإن وجودهما قبل الأحداث الخاصة بهما سيكون يقينياً، فهذه الشخصيات حينما يكون لها كل هذا التأثير في المعادلة الإقليمية، فإن من البداهة القول بأنها لن تاتي من فراغ، وإنما لا بد من ان تمتلك المواصفات الموضوعية للإضطلاع بهذه المهمة.
أما كيف نتعرّف عليهما فلطالما قلت أنه لا كاشف عنهما إلا الأحداث التي سيخوضون بها، ولئن وجدنا ان الروايات كشفت عن جانب من المواصفات الشخصية للخراساني، فإن من المؤكد أنها لم تفعل بالنسبة لشخصية اليماني، بل كان سبيلها الإبهام أكثر من سبيل الإفصاح عنه، وقد علّلنا ذلك في كتابنا (راية اليماني الموعود)، ومن المتيقن أن اليماني لن يستطيع ان يكشف عن هويته، ولربما حتى الخراساني، إذ لا دليل نصي عندهما يمكن أن يقدماه إلى المنتظرين، حتى لو امتلكا العلم اليقيني بأنهما المقصودين بذلك الذي قد ينشأ من احد طرق العلم اليقيني، ولكن هذا العلم سيكون خاصاً بهما وليس بغيرهما، وأي حديث منهما عن ذلك سيؤدي إلى وقوعهما في مشكل التوقيت، ولا توجد أي جهة غير المعصوم صلوات الله عليه بقادرة عن الإفصاح عن هاتين الشخصيتين، وحيث ان المعصوم صلوات الله عليه سيكون في فترة خروجهما فضلاً عما قبلها في إطار الغيبة، ولذلك فإن هذا الاحتمال يبقى بعيداً عن أن يكون جهة للتشخيص، مما يفضي بنا إلى القول بأنه لا سبيل للتعرف عليهما إلا من خلال مراقبة الأحداث والتثقّف على مواصفات الأحداث المتقدمة على خروجهما، أو الأحداث المتعلقة بهما بمعية رقيبهما الثالث وأعني بذلك ابن آكلة الكباد عليه لعائن الله.
ولا يوجد ما يمنع من القول بأنهما قد لا يعرفان أنهما المعنيان بما جاء في الروايات، وهما حينما يبرزان إلى ساحة الحدث فبسبب إلتزامهما بمسؤولياتهما الشرعية أو الأمنية والسياسية ليس إلا.