العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 51  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 29
قديم بتاريخ : 03-07-2013 الساعة : 09:50 AM


من قال أنّ في الغرب حرية؟ إن الشعوب الغربية تتعرض لأنواع الضغوط. إنهم يُدفَعون و يساقَون رغما على إرادتهم إلى كثير من الأعمال والنزعات وحتى الأفكار والقناعات، حتى وإن كانوا على غير علم بهذا الإجبار. كيف تُمنَع الفتيات المحجبات في فرنسا من لبس الحجاب وستر شعرهن، مع أن الدستور الفرنسي يحكم بحرية الناس في اختيار زيّهم؟ فأية حريّة هذه؟ تعيش الشعوب الغربيّة تحت قصف الدعايات والضغط النفسي ولكن يلقون إليهم بأنهم أحرار. الولاية هي المصدر الوحيد الذي يمنح الاستقلال والحرية النفسية للناس. فإن اتجه الناس في الحكومة الولائية إلى الله، قد اتجهوا بأنفسهم، أما في الحكومات الغربية إذا اتجه الناس صوب الخلاعة، لم يتجهوا وحدهم بل دُفِعوا إلى هناك.
الولاية هي القوّة الوحيدة التي لا تفرض قوّتها على هوية الناس واستقلالهم وأفكارهم بشكل مطلق ولا تفرض عليهم شيئا. الفرق بين الولاية وباقي الحكومات هي أن الولاية ليست ممن يفرض رأيه بالقوّة، بينما باقي الحكومات فيفرضون آراءهم بشكل أو بآخر، فبعضهم يفرضون رأيهم بالعنجهية والقوة القهرية، وبعض عن طريق وضع القوانين المتشددة، وبعض آخرون عن طريق أساليب الدعاية والحرب النفسية. فمتى ما أدركت الشعوب هذه الحقيقة وهي أن يفرض عليها كل شيء من الرؤى والرغبات والأفكار وأسلوب الحياة وأرادت أن تتحرّر من هذه الهيمنة، عندها تحدث المعركة الأخيرة، وهي الحرب بين يدي إمام العصر(عج).
أكثر دور الولاية هو السيطرة على القوى لا العقول والأفكار والمشاعر. فكما مرّ ذكره سابقا بما أن في خضمّ النظام التسخيري تتبلور قوى مختلفة، تأتي الولاية كقوة مركزية كي تسيطر على هذه القوى ولا تسمح بظهور التعاملات الظالمة في داخل هذا النظام التسخيري. ليس دور الولاية هو مراقبة الناس، بل الناس أحرار، وحريتهم أكثر بكثير مما يصوّر في الغرب. كما أن في القرآن الكريم لم يكن الله عدوا للمذنبين، بل هو عدوّ للظالمين الذين يسوقون الناس إلى الفساد والذنوب.
التلقي الخاطئ الذي يحمله كثير من الناس تجاه الولاية اليوم هو أنهم يتوقعون منها أن تمارس الأعمال الخدمية، في حين أن هذه الأعمال ليست في نطاق وظائفها. ما أريد من الولاية هو أن تكون على رأس هرم القوى كقوة مركزية لتمنع من قصد الاعتداء على الآخرين في المجال السياسي أو غيره. أما الخدمات الأخرى فهذه مسؤوليتنا وشأننا في المجتمع. الخدمة التي تقدمها الولاية لنا إنما هي المحافظة على الحرية في أجواء المجتمع.

الفصل الرابع: مظلومية الولاية

عندما يجري الحديث عن الولاية، ينتقل الذهن مباشرة إلى أبرز مصاديق الولاية وهم النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار(عليهم السلام). ومن جانب إن حياتهم قد ملئت بالظلامات التي تجرعوها في مختلف مراحل حياتهم. من هذا المنطلق لعلّ أحد المفاهيم التي لا تنفكّ عن مفهوم الولاية في ذهن الإنسان هو مفهوم «المظلومية». نحن في هذا الفصل نصوّر بادئ ذي بدء كيفية ظلامة الولاية مع كونها في موقع القوة المركزية، بعد ذلك ننتقل إلى دور خواص المجتمع في تحمل هذه الظلامة، وفي النهاية سوف نقف عند أسباب مظلومية الولاية إن شاء الله.

مظلومية الولاية في موقع القوة المركزية

عندما تقع القدرة المركزيّة بيد أولياء الله، تراعى كرامة الناس في مقام فرض القوة بأروع صورها كما تؤخذ هداية الناس بعين الاعتبار في مقام تحديد الغاية من القوة؛ الأمر الذي يتسبب بطبيعة الحال إلى مظلومية الحكومة الولائية وغربتها. وهذه تمثل إحدى أروع صور الولاية. إن كون الإنسان قادرا على دفع المظلومية عنه ولكنه لا يستخدم قوته مراعاة لكرامة الناس فيستقبل الظلامات بإرادته، فهذه من أروع صور الولاية التي يعجز الكثير من الناس حتى عن تصورها.
لو كان أهل المدينة يعرفون أن عليّا(عليه السلام) هو الرجل الوحيد الذي يستطيع أن يأخذ بأيديهم ويوصلهم إلى الغاية، للتفّوا حوله ولاستلمها أبو الحسن(عليه السلام)، ولكن عندما جهلوا هذه الحقيقة وأعرضوا عنه لم يستخدم العنف في سبيل هدايتهم.
وفي زمن النبي(صلى الله عليه وآله) أيضا كانت أمثال هذه المظلوميات. قد يتصور البعض أنه بما أن النبي(صلى الله عليه وآله) قد نجح في مشروع تشكيل الحكومة واستلم القوة المركزية في إدارة المجتمع الإسلامي كما أنه نشر الإسلام إلى خارج نطاق جزيرة العرب ودعا حكام إيران والروم ومصر إلى الإسلام، إذن لم يتعرّض لأية مظلوميّة. في حين أن تشكيلة الحكومة الولائية تقتضي أن لا تنفك عنها المظلومية. يعني إذا أراد ولي المجتمع الديني أن يلتزم بقواعد وأصول الحكومة الولائية فلابد له من أن يُظلَم. إذ إن أساس الحكومة الولائية هو كرامة الناس ولم يبلغ الناس إلى هذه البصيرة إلا في زمن حكومة الإمام المهدي(عج) العالمية حيث إنهم سوف لا يسببون مظلومية وليهم حتى وإن بالغ في مراعاة كرامتهم.

يتبع إن شاء الله...


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الصورة الرمزية الباحث الطائي
الباحث الطائي
بــاحــث مهدوي
رقم العضوية : 78571
الإنتساب : Jun 2013
المشاركات : 2,162
بمعدل : 0.52 يوميا

الباحث الطائي غير متصل

 عرض البوم صور الباحث الطائي

  مشاركة رقم : 52  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 03-07-2013 الساعة : 10:47 AM


السلام عليكم . بارك الله بك اخي الاستاذ الرحيق المختوم . موضوع بل بحث مهم ومتعوب عليه من جنابكم اذا كنتم الباحثين ومثابين ان كنتم الناقلين . وموفقين لمثل هكذا بحوث مهمة وعميقة في الفكر الاسلامي .
ولو اني حين اكتب هذه السطور كنت اول مرة اطلع على هذا المبحث وقد تنقلت بين صفحاته اقرأ منها قليلا هنا وقليل هناك . الا انه اتمنى لو انكم وفي بداية هذا البحث الفكري ( الولاية ) تطرقتم كما هو معمول به غالبا في البحوث الاختصاصية او حتى غيرها الى البدء بتعريف الولاية . تعريفها لغتا ومعنا دينيا او اجتماعيا عرفيا . ثم لو كان هناك مثلا توضيح لاسس الولاية التي تبتني عليه . ثم الدخول في مباحثها التفصيلية بالطريقة التي ترونها مناسبة . وعلى كل حال موفقين وسنتابع ونقرأ المبحث من جديد وعلى مهل . وان تحبون ان تفتحوا ملحق يعنون الامور التي اشرنا اليها نكون ممتنيين لزيادة الفهم والاستفادة وشكرا لجهودكم .

توقيع : الباحث الطائي
لا اله الا اللـه محمــــد رســــول الله
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

( الاسلام محمدي الوجود . حُسيني البقاء . مهدوي الغاية )

*
*

الباحـ الطائي ــث
من مواضيع : الباحث الطائي 0 القراءة السياسية والعلامتية لاحداث مصر
0 متى يخرج السفياني لغزو العراق
0 في أي فصول السنة يظهر القائم ع
0 الفتنة الشرقية الغربية وعلو بني إسرائيل الثاني
0 قراءة جديدة في رواية اذربيجان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 53  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-07-2013 الساعة : 09:42 AM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الباحث الطائي [ مشاهدة المشاركة ]
السلام عليكم . بارك الله بك اخي الاستاذ الرحيق المختوم . موضوع بل بحث مهم ومتعوب عليه من جنابكم اذا كنتم الباحثين ومثابين ان كنتم الناقلين . وموفقين لمثل هكذا بحوث مهمة وعميقة في الفكر الاسلامي .
ولو اني حين اكتب هذه السطور كنت اول مرة اطلع على هذا المبحث وقد تنقلت بين صفحاته اقرأ منها قليلا هنا وقليل هناك . الا انه اتمنى لو انكم وفي بداية هذا البحث الفكري ( الولاية ) تطرقتم كما هو معمول به غالبا في البحوث الاختصاصية او حتى غيرها الى البدء بتعريف الولاية . تعريفها لغتا ومعنا دينيا او اجتماعيا عرفيا . ثم لو كان هناك مثلا توضيح لاسس الولاية التي تبتني عليه . ثم الدخول في مباحثها التفصيلية بالطريقة التي ترونها مناسبة . وعلى كل حال موفقين وسنتابع ونقرأ المبحث من جديد وعلى مهل . وان تحبون ان تفتحوا ملحق يعنون الامور التي اشرنا اليها نكون ممتنيين لزيادة الفهم والاستفادة وشكرا لجهودكم .

شكرا أخي العزيز على مشاركتكم الطيبة واقتراحكم الصائب وأعتذر عن التأخير في الجواب.
إن هذه الأبحاث هي تنقيح وتبويب وتعديل لمحاضرات سماحة الأستاذ الشيخ بناهيان أحد أشهر الخطباء في الجمهورية الإسلامية في إيران، قام بعض الإخوة بصياغتها وتبويبها وقمت أنا بترجمتها.

أما بالنسبة لما تفضلتم به فلعله كان من الأفضل أن يتم تعريف دقيق علمي مجزأ لمفردة الولاية، وإن كان معناها يتضح تماما من خلال مواطن استعمالها في هذه الأبحاث وهي الرئاسة بشكل عام ورئاسة القائد الشرعي المنصوب من قبل الله بشكل خاص.

في محاضرة ألقاها الشيخ بناهيان في جامعة طهران قال هناك ما ترجمته: "إذا دققتم في معنى الولاية تجدون أن الولاية تعني اتصال شيئين. هذا هو أصل معناها اللغوي. مثلا إذا جلس اثنان جنبا إلى جنب يقال جلس فلان ويليه فلان. هذا هو أصل معناها. ويقال إن الوِلاية والوَلاية بمعنى واحد. واستعمل "الولي" و"المولى" كلاهما بمعنى اسم الفاعل واسم المفعول. عندما تستخدم مادة "ولي" في العلاقات الإنسانية تعطي رائحة المحبة. وبعد ذلك تؤدي إلى بعض نتائج من قبيل التبعية، ولعل من هنا أخذ منها معنى القيمومة وولاية الأمر.
هنا أريد أن أشير إلى نقطة واحدة وهي أن أهم أنواع معاني الولاية التي محل نزاع ونقاش شديد هو معنى القيمومة وولاية الأمر..."


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 54  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 30
قديم بتاريخ : 15-08-2013 الساعة : 10:49 AM


إن مشاهد وصور مظلومية نبينا الأعظم(صلى الله عليه وآله) في أوائل أيام بعثته وحتى في أوائل سنيّ هجرته من الكثرة والشهرة بمكان بحيث قد لا نحتاج إلى ذكرها. ولكنه كان لم يزل يتلقى الظلم حتى في آخر عمره الشريف وبعدما شكل حكومة إسلامية قوية وكان على رأس هرم القوة في المجتمع. فعلى سبيل المثال في السنة السادسة بعد الهجرة التي خرج فيها النبيّ من المدينة بقصد أداء العمرة، لم يتيسّر له الذهاب واضطرّ إلى إمضاء معاهدة «صلح الحديبية» مع مشركي قريش، فاعترض بعض الأصحاب على النبيّ ما أدى إلى تشكيك بعضهم في رسالته(صلى الله عليه وآله) كما ورد في التاريخ.[1] أفلم يعلموا أن بعد ما يأمر النبي(صلى الله عليه وآله) بأمر، ليس لمؤمن ومؤمنة أيّ سبيل بعد إلا التسليم وامتثال أمره.[2] أيّة ظلامة أكبر من أن يخالف البعض أمر النبي(صلى الله عليه وآله) بل يشكّك في رسالته مع أن الله قد أمر صريحا بطاعته.
كما يمكننا أن نستشهد بمحاولة اغتيال النبيّ(صلى الله عليه وآله) التي أشرنا إليها في الأبحاث السابقة. أليست من المظلومية أن يحاول بعض من انتحل عنوان صحابة النبيّ لاغتياله وقتله، ولكنه لم يستطع أن يصرّح باسمهم ويفضحهم أمام الناس مراعاة لكرامتهم؟ مع الأسف إن أمثال هذه الأحداث كثيرة في تاريخ الإسلام و التي اضطر النبي(صلى الله عليه وآله) فيها إلى تحمّل المظلومية في سبيل رشد الناس وتكاملهم. ولعلّ ظلامات النبي(صلى الله عليه وآله) أكثر إيلاما من ظلامات أمير المؤمنين(عليه السلام).

دور الخواص في تقليل مظلومية الولاية

إذا أرادت الولاية أن تراعي كرامة الناس ومع هذا تستقيم دعائم حكومتها، لابدّ لخواص المجتمع وأصحابها المقرّبين أن يتلقوا مظلومية الولاية بأنفسهم. يعني أن لخواص ومقربي الولاية في الحكومة الولائية دورا مهمّا جدا في الحفاظ على كيان الحكومة وازدياد قوتها.
هذا هو السبب الذي جعل كثيرا من المسلمين في زمن الرسول(صلى الله عليه وآله) يحقدون على علي(عليه السلام).[3] كان ذنب علي(عليه السلام) هو أنه أدّى وظيفته كجندي بأحسن وجه. فأي طعنة أرادوا أن يوجّهونها للنبي(صلى الله عليه وآله) كانوا يوجهونها لعليّ(عليه السلام) وكان عليّ يستقبلها برحابة صدر. كان ذنب علي(عليه السلام) هو أنه كان ينفّذ حديث النبي(صلى الله عليه وآله) ببالغ الدقّة حيث كان يهدّد سلوكه هذا سمعة باقي الأصحاب الذين لم يمتثلوا كلام الرسول(صلى الله عليه وآله) بهذا الشكل.
ففي سبيل نفض غبار المظلومية عن وجه وليّ الله، يتعيّن على أنصاره ومقربيه أي خواصّ المجتمع أن يجعلوا نفسهم كبش الفداء تجاه الولاية. في أوائل الثورة الإسلامية في إيران كان الشهيد بهشتي يتلقّى بنفسه كل ما كان يتوجّه للإمام من مظلومية وغربة. كانت مظلومية الشهيد بهشتي من الشدة بمكان بحيث كان يهتف بشعار «الموت لبهشتي» حتى بعض أنصار الثورة ومقلّدي الإمام(ره). ولهذا قال الإمام(ره) في حقه بعد استشهاده: «إن سبب لوعتي على هذا الرجل شيء يهون عنده استشهاده، وهو مظلوميته في هذا البلد».[4]
لابدّ لخواصّ المجتمع أن يتقوّون على تحمّل المظلومية. لابدّ لهم أيضا أن يتحمّلوا المظلومية بالرغم من قدرتهم وقوتهم. ويعني هذا أن لا ينبغي لهؤلاء أن يستخدموا أدواة القوة بلا حدود. وأحد أسباب لوعة مظلومية خواص المجتمع هو أنهم قادرون على ردع الظلم عن أنفسهم عبر الأساليب التي في متناولهم، بيد أنهم يدعونها ولا يستخدمونها حفاظا على كرامة الناس.
فعلى سبيل المثال كان المنازع السياسي الرئيس للشهيد بهشتي، رئيس الجمهورية الحين يعني السيد بني صدر. ولكن لم يكن يسمح لأحد في الجلسات أن يغتاب بني صدر، حتى كان يشجع الآخرين بصراحة أن يشيروا إلى إيجابيات رئيس الجمهورية ولا يعدلوا عن الإنصاف في نقده.[5] فبعدما قرّر بني صدر على الهروب من إيران وكان متواريا في ملجأ، وبينا أن كان يبحث قوات الثورة عن بني صدر، ألقوا القبض على زوجه فبشّروا الشهيد بهشتي بأنا ألقينا القبض عليها وهذا ما سيضطرّ بني صدر إلى التسليم. فبالرغم من كل التهم الذي افتراها بني صدر على الشهيد بهشتي، ارتعد الشهيد غضبا وقال: «لا یحقّ لنا أن نلقي القبض على امرأة بريئة وليس لها ذنب سوى أنها زوج بني صدر وزوجها ملاحق بسبب خيانته للبلد». فأمر بإطلاق سراحها فورا.[6]

يتبع إن شاء الله...


[1]سیرة الحلبية، باب صلح الحديبية، ج2، ص706.

[2]«وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبيناً»(احزاب،36)

[3] قال الإمام الحسن(عليه السلام) في حضور معاوية وجمع من أتباعه عبر ذكر مناقب أمير المؤمنين(عليه السلام): «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ(ص) فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ(ص) فَقَالَ عَلِيٌّ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ يُبْكِينِي أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ لَكَ فِي قُلُوبِ رِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي ضَغَائِنَ لَا يُبْدُونَهَا لَكَ حَتَّى أَتَوَلَّى عَنْک؟» [احتجاج علی أهل اللجاج، ج1، ص273].

[4] صحیفه امام، ج14، ص519.
[5] «حزب الجمهورية الإسلامية، أقوال، حوارات ومقالات» الكتاب باللغة الفارسية تحت عنوان «حزب جمهوری اسلامی؛ گفتارها، گفتگوها، نوشتارها»، ص 112.
[6] مركز آثار وأفكار الشهيد الدكتور بهشتي، نقلا عن آية الله موسوي الأردبيلي: www.beheshti.org


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 55  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 31
قديم بتاريخ : 25-08-2013 الساعة : 11:38 AM


عوامل مظلومية الولاية

مع أن السبب الرئيس في مظلومية الولاية هو مراعاة كرامة الناس واحترام إدراكهم وإحساسهم، بيد أنه يمكن إضافة عوامل أخرى تتسبّب إلى مظلومية الولاية أو أنها تشدّد مظلوميّتها. فنضيف في هذا القسم خمسة عوامل مع إمكان إضافة عوامل أخرى.

1ـ قلة الأنصار من خواصّ المجتمع

كما ذكرنا سابقا، إذا أرادت أن تحكم الحكومة الولائيّة دون أن يتعرض وليّ الله للظلم، لابدّ أن يعمل الخواصّ وأنصار الولاية بوظيفتهم بأحسن وجه. ولكن المشكلة الموجودة في هذا المسار هي قلّة وجود الأنصار من الخواصّ في المجتمع الولائي. بعبارة أخرى، بما أن موقع الخواصّ في المجتمع الولائي له اقتضاءاته الخاصة من التضحية والمعرفة العالية، لذلك لا يرغب بهذا الموقع كثير من الناس. طبعا قد يُحسب بعض الناس من خواصّ المجتمع ولكنّهم لا يقومون بوظيفتهم، فلا نعتبرهم ضمن الخواصّ في هذه النظرة. الخواصّ في المجتمع الولائي هم أولئك الذين يعملون بتكليفهم تجاه الولاية.
وعلى مرّ التاريخ كان الأولياء الربانيّون يعانون من قلّة الأنصار والمضحّين من الخواصّ والمقرّبين. فحسبنا أن نلقي نظرة إلى حياة أولي العزم من الأنبياء حيث كانوا خير عباد الله في زمانهم. ولكن مَن منهم كان يحظى بأنصار خلّص يتلقّون الظلامات بدلا عنه؟ وحتى في زمن نبينا(صلى الله عليه وآله) كم من أصحابه كانوا يعملون بوظيفتهم مثل ما كان أمير المؤمنين(عليه السلام) لرسول الله(صلى الله عليه وآله)؟
وكذلك كانت هذه الحقيقة ظاهرة في زمن أمير المؤمنين(عليه السلام). فكم كان لأمير المؤمنين رجال من أمثال مالك الأشتر وعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر؟ فلو كان أمثال طلحة والزبير قد سعوا لتعزيز دعائم حكومة أمير المؤمنين(عليه السلام) بدلا عن معاداته، لتغيّر مجرى التاريخ بأسره.
لا يستطيع كلّ واحد أن يدخل في زمرة خواصّ المجتمع الولائي. فمن خلال بعض الروايات نفهم أن الإمام الحجة(عج) سوف يتشدّد مع فئتين من الناس؛ الفئة الأولى هي أعداؤه والفئة الثانية الخواصّ وأنصاره المقربون[1] فبالرغم من أن الإمام سوف يتشدّد على أنصاره المقربين كثيرا ولكن مع ذلك سوف يحظى بثلاثمئة وثلاثة عشر ناصرا مضحيا يمتثلون أوامره كالأمة المطيعة لسيدها.[2]
إن نتيجة قلة الخواص في المجتمع الولائي هي مظلومية الولاية بطبيعة الحال. ففي حال عدم وجود أنصار يتلقون ويستقبلون جميع الظلامات التي توجّه للولاية بتضحيتهم، سوف لا تجد الولاية بُدّا إلا أن تتلقى كل هذه الظلامات بنفسها دون أن تشكوا لأحد معاناتها. فلابدّ للخواص أن يفدوا بأنفسهم كيما يحموا الولاية عن المظلومية. كما كان أمير المؤمنين(عليه السلام) لرسول الله(صلى الله عليه وآله). فإذا كان لابدّ من أن يسقط أحد من أعين الناس وتمجّه القلوب، كان أمير المؤمنين(عليه السلام) هو الذي يسبق الرسول(صلى الله عليه وآله) لأداء هذا الدور ويكفيه المؤونة. وكما فعلت الزهراء(سلام الله عليها) من أجل علي(عليه السلام). فما قامت به الزهراء(سلام الله عليها) في واقع الأمر هو أنها فدت بروحها حفاظا على حرمة علي وعزته(عليه السلام).

2ـ وهن أتباع الولي من عامة الناس

إن الوليّ يتشدد على نفسه في الدين بيد أنه لا يتشدد على الناس.[3] ولهذا فلا ينبغي لعامة الناس أن يكدروا علاقتهم مع الوليّ الرباني وبذلك يمهّدوا أرضية مظلوميته. ولكن ما يجري في الواقع هو أن لعامة الناس دورا كبيرا في مظلومية الولاية. أساسا إذا حظى الناس جميعا بالوعي الصحيح تجاه مفهوم الولاية وموقعها بعد ذلك لا يسمحوا لخواص المجتمع بأن يتهاونوا بتكليفهم تجاه الولاية. إن مطالبتهم الشعبية تدفع خواص المجتمع إلى أداء ما عليهم بشكل صحيح.

يتبع إن شاء الله...

[1].لا حاجة بشرح شدة إمام العصر(عج) مع أعدائه، أما في شدته مع أصحابه وأنصاره فهناك روايات وردت في هذا المعنى. ومن جملتها هي الروايات التي تشير إلى جواب أئتمنا(عليهم السلام) لأصحابهم حينما كانوا يأملون الظهور والفرج، فكانوا يشيرون إلى مصاعب ذاك الزمان وشدة المعاناة التي تفرض على أصحاب الإمام آنذاك. فعلى سبيل المثال: «عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) بِالطَّوَافِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَ قَالَ لِي يَا مُفَضَّلُ مَا لِي أَرَاكَ مَهْمُوماً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ نَظَرِي إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ وَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ هَذَا الْمُلْكِ وَ السُّلْطَانِ وَ الْجَبَرُوتِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمْ لَكُنَّا فِيهِ مَعَكُمْ فَقَالَ يَا مُفَضَّلُ أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا سِيَاسَةُ اللَّيْلِ وَ سِيَاحَةُ النَّهَارِ وَ أَكْلُ الْجَشِبِ وَ لُبْسُ الْخَشِنِ شِبْهَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِلَّا فَالنَّارُ فَزُوِيَ ذَلِكَ عَنَّا فَصِرْنَا نَأْكُلُ وَ نَشْرَبُ»(الغيبة للنعماني، ص287)
[2].قال الإمام الصادق(عليه السلام): هُمْ أَطْوَعُ لَهُ مِنَ الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا».(بحار الأنوار، ج52، ص308).
[3]. إشارة إلى كلمة السيدة الزهراء (س) عندما زرنها نسوة المدينة وقد مرّ ذكرها في الفصل السابق.(احتجاج علی اهل اللجاج، ج1، ص108)




من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 56  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 32
قديم بتاريخ : 26-08-2013 الساعة : 10:09 AM


لابدّ لعامة الناس أن يدركوا دقائق الأمور التي لابدّ للولاية من مراعاتها. فإذا ما عرف الناس ضرورة بعض الأعمال التي يمارسها وليّ الله في المجتمع، هذا بنفسه يشكل أرضيّة لمظلوميّة الولاية. وهذه كانت مشكلة الخوارج مع علي(عليه السلام). فقد اشتدّ خلافهم مع أمير المؤمنين(عليه السلام) لكونهم عرفوا أن الإمام كان على علم من خطأهم منذ البداية ولم يمنعهم، فأصروا عليه أن تب من خطيأتك. فكيف يفهمهم أمير المؤمنين(عليه السلام) بأني احترمتكم في موقفي هذا وراعيت كرامتكم وما أردت أن أفكر وأقرّر بدلا عنكم... . لقد قال الخوارج: «َ قَدْ كَانَتْ مِنَّا زَلَّةٌ حِينَ رَضِينَا بِالْحَكَمَيْنِ فَرَجَعْنَا وَ تُبْنَا فَارْجِعْ أَنْتَ يَا عَلِيُّ كَمَا رَجَعْنَا وَ تُبْ إِلَى اللَّهِ كَمَا تُبْنَا وَ إِلَّا بَرِئْنَا مِنْك‏» [1].ولكن رفض أمير المؤمنين(عليه السلام) أن يتوب من ذنب لم يرتكبه وهكذا حدثت معركة نهروان.
ليس من دأب الولاية أن تفكر بدلا عن الناس وتعالج جميع المشاكل بنفسها. كما لبعض الناس الآن توقعات لا مبرّر لها من الولي الفقيه. يقولون ألم يعلم السيد القائد بالمشاكل؟ ثم أليس قادرا على حلّها أو إصدار الأمر بحلّها؟ فلماذا لا يدخل الميدان بنفسه ولم يعالج المشاكل كلّها؟ فيتوقعون أن الوليّ الفقيه يفكر ويبرمج بدلا عن الناس ويعالج جميع المشاكل برمّتها. وهذا ما لم يقم به حتى النبي(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام).
يتوقع كثير من الناس أن تجلس الولاية في منصب الدكتاتور العادل وترتّب جميع الأمور بنفسها بشكل مباشر. بينما ليس من تكليف الوليّ أن يعالج مشاكل الناس التي سبّبوها لقلة بصيرتهم. فعلى سبيل المثال إن لم يبلغ الناس في مجتمعنا، هذا الوعي الذي يجعلهم ينتخبون أتقى الناس للنيابة في المجلس أو لمنصب رئاسة الجمهورية، وبعدم بصيرتهم هذه يعطون مناصب البلد لأشخاص غير أكفياء، لماذا يجب على الوليّ الفقيه أن يتحمل مسؤولية خطئهم ويدفع ثمنه؟
إن في أمر الولاية تعقيدا وغموضا كثيرا. إنها تحارب في موطن لا يعرف حكمتها أحد، وتصالح في موطن آخر لا يفهم السبب أحد. وهذا لا يعني أنها تقوم بما يخالف العقل والحكمة، كلا؛ ولكن باعتبار أن أكثر الناس يقفون على ظواهر الأمور فحسب، تخفى عنهم حكمة بعض مواقف الولاية. وعندما جهل أكثر الناس ضرورة بعض ما يقوم به الوليّ، سوف يعترضون عليه بطبيعة الحال أو يقدمون له النصائح والإرشادات عن شفقة وحرقة قلب، ما يؤدي إلى عدم امتثال أمره وهذا يعني مظلومية الولاية.
فعلى سبيل المثال كان إمامنا الراحل(ره) يتخذ بعض المواقف، فلو كان الناس على غير بصيرتهم وقتئذ، لكان ردّ فعلهم ما يؤدي إلى مظلوميّة الإمام. فبعد ما حكم الإمام(ره) بهدر دم سلمان رشدي، اضطرت الجمهورية الإسلامية إلى دفع ثمن باهض في ذلك الوقت. حيث فرضت البلدان الغربية بعد ذاك الحكم عقوبات اقتصادية واسعة على إيران. فماذا كان لو لم يعِ الشعب الإيراني ضرورة هذا الموقف من قبل الإمام وكانت تخرج احتجاجات الشعب من مختلف أرجاء البلد؟ هل كانت تؤدي إلى نتيجة غير مظلومية الإمام(ره)؟ أنا أعتقد أن كلّ التوفيقات والنجاحات التي عشناها في تاريخ الجمهورية الإسلامية كانت بسبب ثقة الناس بالولاية.
يتصور بعض الناس أن بمجرد أن يظهر الإمام صاحب الزمان(عج) سوف تضمحل جميع المشاكل تلقائيا. نعم، سوف تنهض في زمانه السماوات والأرض بنصرته وإعانته وسوف تنفض السماء والأرض بركاتها، ولكن إذا كان القرار هو أن يقضي الله مع وليّه على مشاكل العالم برمتها، فما الداعي من هذا الصبر والانتظار؟! ولو كان الأمر كذلك لكان المفروض أن يحسم الموضوع رسول الله(صلى الله عليه وآله) أو أمير المؤمنين(عليه السلام) منذ الأول. إن أحد أهمّ أسباب نجاح صاحب الزمان(عج) في حركته الإصلاحية العالمية في الواقع هو ازدياد وعي الناس وبصيرتهم.
ما هي جذور مظلومية أمير المؤمنين(عليه السلام)؟ وقوف عامة الناس عن مواكبته. كان قد أوشك أمير المؤمنين(عليه السلام) في معركة صفين على إنهاء حكومة معاوية، فمن الذي منعه وطالبه باسترجاع مالك؟ عامة الناس. من الذي ترك الإمام الحسن(عليه السلام) وحيدا؟ عامة الناس. من الذي قتل الإمام الحسين(عليه السلام)؟ عامة الناس. وهكذا فالإمام المنتظر(عج) قد صبر كل هذه السنين الطوال ليبلغ عامة الناس إلى البصيرة الكافية ما تجعلهم يواكبون الولاية أينما ذهبت. فمن هذا المنطلق إنّ زعْمَ أن سوف تخفّ عواتق عامة الناس في زمن الظهور عن الوظيفة والتكليف وليس عليهم وقتئذ سوى أن يقضوا أيّامهم تحت ظل صاحب العصر والزمان(عج) برغد وهناء، لزعْمٌ باطل تماما.
عندما يسمع كثير من الناس أبحاث الولاية عن بعد، يتصورون أنّ الولاية تتوقع من الناس أن يتبعوها اتباعا أعمى، كلا فإنها بحاجة إلى وعيهم وإدراكهم الصحيح. إذا عرف الناس حقائق الأمور سوف يتبعون الولاية تلقائيا. فإذا أراد الناس أن يتبعوا الولاية من دون فهم وتعقل، عند ذلك تحاول الولاية بسياستها وامتحاناتها أن يسقط غير أولي الفكر والبصيرة من الناس حتى وإن اتبعوا الولاية اتباعا أعمى.

يتبع إن شاء الله...

[1].وقعة صفین، ص514.


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 57  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 33
قديم بتاريخ : 27-08-2013 الساعة : 03:53 PM


3ـ مظلومية الولي في مواجهة طلاب السلطة

في خضمّ إدارة المجتمع على أساس منهج الولاية قد تقف فئات أخرى من الناس أمام ولي الله. إحدى هذه الفئات هي «طلّاب السلطة». إن طلّاب السلطة في الواقع هم أولئك الذين ينافسون الولاية في قوّتها المركزية حسدا.
كما أشار الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة وهي أن البعض يحسدون الناس لما آتاهم الله من فضله؛ (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظيماً).[1] فتشير هذه الآية إلى أن الله قد منح إبراهيم وآل إبراهيم النبوّة والإمامة على الناس من فضله، وقد حسدهم بعض الناس.
وقد وردت رواية عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال فيها: «نحن المحسودون».[2] كما روي نفس هذا المضمون عن الإمام الصادق(عليه السلام).[3]
عندما تمسك الولاية بزمام القوّة المركزية وتستلم مسؤولية هداية الناس صوب الكمال، يعارضها أولئك الذين يرون أنفسهم بمستواها في إدارة المجتمع، فيحسدونها على ما آتاها الله. وبما أنه ليس من منهج الولاية أن تستعمل ما في متناولها من أدوات على نطاق واسع لا حدود له، تضحى مظلومة بطبيعة الحال.


4ـ مظلومية الولي في مواجهته للنفعيّة

الفئة الأخرى التي تعارض الولاية هي «النفعيّة». إن هؤلاء لا يبالون إلا بمصالحهم. لا يهتمّ هؤلاء بالرئيس الحاكم في البلد، بل إنما يهتمّون بمصالحهم وحسب، وبما أنهم يرون الولاية حاجزا كبيرا بينهم وبين مصالحهم فيعادونها.
فعلى سبيل المثال لابدّ أن نحسب طلحة والزبير جزء من هؤلاء النفعية، فلأنهم شعروا بالخطر على مصالحهم في ظل حكومة أمير المؤمنين(عليه السلام) خرجوا عليه وناوءوه. وحتى معاوية كان من النفعيين أيضا. فلو كان أمير المؤمنين(عليه السلام) غاضّ الطرف عن معاوية وفاسح له مجال اللعب بالدنيا وأموالها في قصر الخضراء، لما همّ معاوية بتجهيز الجيش ضدّ أمير المؤمنين(عليه السلام) أبدا.
وحريّ بنا أن نشير هنا إلى الفرق بين طلّاب السلطة والنفعية. إن طلاب السلطة يطلبون الرئاسة والسلطة في المجتمع حسدا لأولياء الله، فلا يبالون كثيرا بالمصالح المادّية. فإن جاءكم خبر بعض الخلفاء أن كانت حياتهم حياة الزهد ولم ينالوا من بيت المال أكثر مما ناله سائر المسلمين فلا عَجَب. إنّ نفسيَة طلّاب السلطة هي أنّهم يحسدون أولياء الله على منصبهم ولا يبالون بعد ذلك بالمصالح المادّية، خلافا للنفعيّة الذين لا يبالون إلا بمصالحهم.
وكذلك اليوم فإن شاهدتم أحدا قد لزم حياة الزهد والاعتزال ولكنه يعادي الولاية، فليس عداؤه هذا من وحي النفعيّة بل إنما ذلك من منطلق طلب السلطة والحسد.


5ـ فقدان المعنوية

السبب الآخر من أسباب مظلومية الولاية هو سبب معنويّ بحت. ولا علاقة له بكون الإنسان من الخواصّ أم من العوام أو أنه حسود أو نفعي. إن عشق وليّ الله والحبّ الشديد له بحاجة إلى مستوى معنوي راق. إن أفول المعنوية في المجتمع مدعاة لانخفاض مستوى حب الناس وعشقهم للولاية، سواء أكان فقر المعنوية في المتدينين أو المتظاهرين بالديانة أو في غيرهم ممن لا يتظاهرون بالدين. من مؤشرات مستوى المعنوية في المجتمع هو مدى احترام الناس إلى غيرهم ومستوى حياة القيم الإنسانية في المجتمع، فإن هبط مستواها يهبط عشق الناس وحبهم للولاية، أو بعبارة أخرى يزداد مستوى الظلم لها.
ولا علاقة لهذا الأمر بالترف أو طلب السلطة أو النفعية، فعندما تنخفض المعنوية في قلب الإنسان، يحقد بعد ذلك على الولاية وكلّ ما يدور في فلكها. وكان عدد كبير من الخوارج من هذا النمط؛ كانوا متدينين ومتكبرين؛ كانوا يتلون القرآن ومعجبين بأنفسهم. فإن سمعتم أنّ عددا ممن ينادي بصاحب الزمان(عج) قُبَيل الظهور سوف يصبح من أعدائه بعد الظهور فلا عَجَب. إذ لعلّهم كانوا ينادون باسم إمام الحجة(عج) عن كبر وترفّع. يعني أنهم يتحدثون عن صاحب العصر(عج) لكونهم لا يعيرون اهتماما لأيّ أحد. ومن الطبيعي أن يصبح هؤلاء ممن لا يعير اهتماما للإمام المهدي(عج) بعد ظهوره.
إن حبّ الوليّ والوقوف إلى جانبه بحاجة إلى معنوية؛ سواء أكان الإنسان من الخواصّ أم من العوام. ومن هذا المنطلق لابدّ أن نعتبر أحد أسباب مظلومية الولاية هو فقر المعنوية في المجتمع. إن تحليل مدى علاقة فقر المعنوية بمظلومية الولاية بحاجة إلى مجال آخر ولكن في هذه العجالة نشير إلى هذه العلاقة بشكل موجز:

يتبع إن شاء الله...

[1] نساء،54.
[2] الاحتجاج علی اهل اللجاج، ج1، ص160.
[3] أصول الكافي، ج1، ص206.


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 58  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 34
قديم بتاريخ : 28-08-2013 الساعة : 09:19 AM


إن الله سبحانه وتعالى نور محض: (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْض)[1]. وكلّ ما يرتبط بالله فهو من جنس النّور. ولهذا لابدّ من عدّ «المعنویّة» و «الولاية» من نمط واحد بهذه النظرة. فإذا قلّت المعنوية، قلّ النور في الواقع، أو بالأحرى تأتي «الظلمة» مکان النور. وليس هناك أية علاقة بين الظلمة والنور بلا ريب. فبطبيعة الحال كلّما ابتعد الإنسان عن المعنوية، سوف يكره كلّ ما هو من نور، ولا سيما الولاية.

لماذا سوف لا يكون الإمام الحجة(عج) مظلوما؟

كما مرّ سابقا، إن الولاية وبسبب مراعاتها لكرامة الناس تتعرض للظلم بطبيعة الحال. وهذا ما تؤيده تجربة التاريخ، فقد تعرض أولياء الله على مرّ التاريخ لأقسى وأشدّ حالات الظلم. هنا قد يتبادر سؤال وهو أنّه: لماذا سوف لا يتعرض الإمام الحجة(عج) للظلم مع أنه سوف يلتزم بقواعد الحكومة الولائية؟
من خلال استقراء أسباب مظلوميّة الولاية التي سبق ذكرها في هذا الفصل، يتضح سبب عدم مظلومية صاحب العصر(عج) مع أنه سوف يشكّل حكومة ولائية على نطاق واسع عالميّ. ولكن حري بنا أن نشير هنا إلى بعض الرؤى غير الصائبة تجاه حكومة المهديّ والتي تؤدي إلى تبلور رؤية خاطئة إلى القضية المهدويّة بشكل عام.
يتصور بعض الناس أن إمام العصر(عج) سوف يصلح كل الناس بين ليلة وضحاها بنَفَسه القدسي والرحماني. بعبارة أخرى إن إحدى الرؤى الخاطئة تجاه القضية المهدوية هي أن نتصور أن الإمام سوف يُصلح الجميع بالإعجاز وبمسح يده على رؤوس الناس. فلو كان المفترض هو أن يصلح الناس بنَفَسه القدسي لكان النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) أنسب منه بهذا الدور. فلماذا لم يستخدم النبي(صلى الله عليه وآله) هذا الأسلوب في سبيل إصلاح الناس في ذاك الزمان؟
وأساسا لو كان القرار هو أن يهدي إمام الزمان(عج) جميع الناس بالإعجاز، لورد إشكال جادّ في المقام. لو كان القرار أن تعالج جميع القضايا بعد الظهور بالإعجاز، لوجدنا غدا بعض الناس الذين يدّعون اليوم أن تعاليم الإسلام لا تنطبق مع الواقع وأنها غير كفوءة في ظروفنا الراهنة يقولون: «ألم نقل أن تعاليم الإسلام غير قابلة للتنفيذ، فحتى أن الله قد اضطر إلى معالجة القضايا عن طريق الإعجاز، فلو كانت أحكام الإسلام عمليّة وكانت قد فتحت طريقا لسعادة البشر، لما اقتضت الضرورة أن يستخدم الله الإعجاز». ولكان هذا الإشكال في محلّه.
بالتأكيد إن القضيّة المهدوية قد مٌزِجت بالإعجاز إلى حدّ كبير. فعلى سبيل المثال إن طول عمر الإمام هو بنفسه إعجاز. وبالإضافة إلى ذلك ستظهر على يده معاجز كثيرة بعد الظهور، ولكن ليس قرار الإمام هو أن يصلح بالإعجاز كل شيء. إذ يأبى الله أن يجري الأمور بغير أسبابها الطبيعيّة: «أَبَى اللَّهُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَشْيَاءَ إِلَّا بِالْأَسْبَابِ».[2] إن البرنامج الذي أعدّته الولاية للمجتمع قائم على أساس رشد الناس ومراعاة إدراكهم وإحساسهم. إذن صحيح أن الإمام الحجة(عج) صاحب نَفَس قدسي، ولكن إن لم يحصل الرشد وارتقاء البصيرة لدى عامة الناس، لن تؤثر أنفاسه، كما لم تؤثر أنفاس أمير المؤمنين(عليه السلام) على أمثال ابن ملجم.
وهناك من يتصور أن الإمام الحجة(عج) سوف يدير العالم بمعونة أنصاره الأوفياء الثلاثمئة والثلاثة عشر بمنهج دكتاتوري. يعني أنه سوف يحكم بالقوّة والدكتاتورية بين الناس قبل أن يبلغوا مستوى من النضج الفكري وقبل أن تتوفر له شروط معينة على الصعيد الدولي. يعني أنه سوف يأمرهم أن لا يتنفسوا ولا ينطقوا بكلام، ويقول لهم إنا نعرف كيف نديركم وكيف نُسعدكم!
وقد يتصوّر البعض أن منهج حكومة صاحب العصر والزمان(عج) وأخلاقه في التعامل مع الناس سوف تختلف عما كان عليه النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام). بمعنى أنهما كانا يصبران ويتنازلان في كثير من الأحيان، بيد أن إمام العصر(عج) سوف لن يصبر ولن يتنازل. نعم، صحيح أن الإمام سوف يتخذ مواقفه بقاطعية فريدة، وسوف يشهر سيفه في مواقف كثيرة، ولكن إشهار السيف يقتضي شروطا لو كانت متوفرة في زمن أمير المؤمنين(عليه السلام) لشهر سيفه وما تنازل عن مواقفه.
على أي حال، ونظرا إلى أسباب المظلوميّة التي أحصيناها، لابدّ أن نعتبر الدليل الرئيس في عدم مظلومية الإمام الحجة(عج) في الدرجة الأولى هو حضور الخواصّ الفدائيين والخلّص إلى جانبه، والذين هو يعملون بوظيفتهم بشكل جيّد، وفي الدرجة الثانية، تطور عامة الناس وازدياد بصيرتهم، وفي نهاية الأمر، العامل الآخر الذي يزيل أرضية مظلومية الإمام إلى جانب العاملين السابقين، هو ازدياد المعنوية في المجتمع.

والحمد لله رب العالمين على تسديدي وتوفيقي لإكمال الترجمة والسلام عليكم ورحمة الله.

[1].نور، 35.
[2]. بصائر الدرجات في فضائل آل محمد(ص)، ج‏1، ص6.



من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 07:51 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية