براثا هو جامع إسلامي كان ديرا نصرانيا في الماضي ويحوي مقبرة، ويقع في بغداد على جانب الكرخ في منطقة العطيفية حاليا في بداية الطريق بين بغداد ومدينة الكاظمية. تبعد براثا حوالي 10 كم عن مركز المدينة.
براثا أصلا هو اسم باني الدير ومعنى براثا بالسريانية (ابن العجائب) وفي اللغة العربية تعني (الأرض الرخوة الحمراء).
تضم منطقة براثا في الوقت الحاضر مسجداً كبيراً في أعلاه مئذنتان بنيتا سنة 1375 هـ ومكتبة قديمة وحرم للصلاة مع صحن واسع وبئر يعرف باسم بئر الإمام علي ومقبرة قديمة. يتناقل المؤرخون بأن لهذا الموقع أهمية تاريخية خاصة أنه يقال أنه قد زاره العديد من الأنبياء والصالحين ومنهم إبراهيم الخليل والنبي دانيال ذو الكفل كما زاره الإمام علي (ع)عندما عاد من قتال الخوارج في معركة النهروان، وحصل تحاور بين الراهب المسؤول عن الدير ويسمى حباب كانت نتيجته إشهار الراهب إسلامه وتحويل الدير إلى مسجد.
عن محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: (صلى بنا علي عليه السلام ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة ونحن زهاء مائة ألف رجل، فنزل نصراني من صومعته فقال: من عميد هذا الجيش؟ فقلنا: هذا، فأقبل إليه فسلم عليه فقال: يا سيدي أنت نبي؟ فقال: لا، النبي سيدي قد مات، قال: فأنت وصي نبي؟ قال: نعم، ثم قال له: اجلس كيف سألت عن هذا؟ قال: أنا بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بهذا الجمع إلا نبي أو وصي نبي وقد جئت أسلم، فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة، فقال له علي عليه السلام: فمن صلى ههنا؟ قال: صلى عيسى بن مريم عليه السلام وأمه فقال له علي عليه السلام: أفأ خبرك من صلى هاهنا؟ قال: نعم، قال: الخليل عليه السلام )
ومسجد براثا واقع في محلّة براثا طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محوّل، وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية،ويسموه أهل بغداد والعراقيون (المنطكة) مرّ بها علي بن أبي طالب عليه السلام لقتال الحروريّة الخوارج بالنهروان وصلّى في موضع من الجانب المذكور، وتعرّض هذا المسجد عدّة مرّات للهدم، لاجتماع قوم من الشيعة فيه، هدمه الراضي بالله حتّى سوّى به الأرض، ثمّ أمر بجكم الماكاني أمير الأمراء ببغداد بإعادة بنائه.
كانت مدرسة الكوفة تزدهر بمختلف النشاطات العلمية عندما كانت بغداد عاصمة الخلافة ، ولمّا دبّ الضعف في السلطة العباسية وصارت السلطة بيد البويهيين تنفّس علماء الشيعة في أكثر مناطق العراق ، فأُسّست مدرسة رابعة للشيعة في العاصمة أنجبت شخصيات مرموقة تفتخر بها الإنسانية نظير : الشيخ المفيد (336 ـ 413هـ ) تلك الشخصــية الفـذّة الـذي اعترف المؤالف والمخالف بعلمه ، وذكائه ، وزهده ، وتقواه ، وكان شيخ أساتذة الكلام في عصره الذي شهد قمة الجدل الفكري والعقائدي بين المدارس الفكرية المختلفة ، وكان ـ ـ عظيم الشأن رفيع المنزلة ، له كرسي للتدريس في مسجد براثا في بغداد ، يقصده العلماء والعوام للاستزادة من علمه ، وله أكثر من (200) مصنّف في مختلف العلوم .
السيد المرتضى علم الهدى (355 ـ 436هـ ) ، قــال عنـه الثعالبي في يتيمته (1 : 53) قد انتهت الرئاسة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم والأدب والفضل والكرم .
وأشرف المساجد المسجد الحرام والصلاة فيه بمائة ألف، ثم مسجد النبي ، والصلاة فيه بعشرة آلاف، وفي كل من المسجد الأقصى في الشام ومسجد الكوفة بألف، وفي مسجد الجامع بمائة، وفي مسجد القبيلة بخمس وعشرين، وفي مسجد السوق باثنتي عشرة، ومن المساجد المحثوث على الصلاة فيها مسجد براثا ببغداد، ومسجد المباهلة ، ومسجد الفتح ، ومسجد قبا وهذه في المدينة، وفي المنزل واحدة.وكان الشيعة يقيمون صلاة الجمعة حتى أواسط القرن الخامس الهجري وخاصة في مسجد براثا في بغداد .
وهذا هو البئر الذي يسمى بئر الأمام علي(ع) ويشرب منه الناس للتبرك والشفاء
كذلك يحتوي المسجد على صخرتين شهيرتين تسمى الأولى صخرة التنطيق وهي صخرة سوداء ملساء في وجهها العلوي تجويف بسيط يوضع فيه الماء ومن ثم يشرب ويذكر الناس بانها تساعد في تحسين قدرة القدرة على الكلام لمن يعاني مشاكل في النطق والاستشفاء ببركة الماء الذي في الصخرة.
هنا وضعت مريم(الصخرة الثانية)
بعد أن نبع الماء وشرب القوم وتوضئوا للصلاة ـ كما في الرواية المتقدمة ـ أشار الإمام علي(عليه السلام) إلى موقع قريب وقال لأصحابه: (احفروا هاهنا سبعة أذرع).. فعندما حفروا وجدوا قطعة من حجارة بيضاء تعود في قدمها إلى ما قبل الإسلام، فقال(عليه السلام): (هاهنا وضعت مريم عيسى) أي على تلك الصخرة البيضاء وهذا مما يدلل على قدم جامع براثا وقدسيته.
وهذه القطعة من الرخام الأبيض التي تعد من أنفس الذخائر المتحفية والقطع الأثرية، لم تزل موجودة حتى يومنا ويقصدها كل داخل إلى المسجد للدعاء عندها والتبرك باستلامها. وقد نقش على جوانبها بخط بارز آية الكرسي وأسماء المعصومين الأربعة عشر(عليهم السلام).
وصورة أخرى للصخرة التي لم يستطع حملها عدد كبير من الرجال ورفعها أمير المؤمنين(ع) وحده وطلع الماء الذي يسمى الآن بئر الأمام علي
ملتقى الأديان
يؤكد السيد ضياء حسن علوان أحد السدنة في جامع براثا أن هذا المكان المهيب ما انفك يستقبل العديد من المسيحيين وبعض أبناء الملل والديانات الأخرى إلى جانب إخوانهم المسلمين. وبهذا فهو يعد أكبر مركز لتلاقي الأديان وبخاصة الإسلام والمسيحية. ويصل عدد زواره من مختلف الشرائح والأعمار ذكورا وإناثا، كبارا وصغارا إلى حوالي أربعة آلاف زائر يوميا.
منزل العظماء
وفي الأخبار أنه صلى في براثا سبعون من الأنبياء والأوصياء منهم إبراهيم وعيسى ودانيال ويوشع وإلياس وأمير المؤمنين(سلام الله عليهم أجمعين)، وأن فيه قبر أحد أنبياء الله، وأنه يحشر في هذا المكان عشرون ألف ومائة شهيد.
وتضمنت أرض براثا رفات العديد من رجالات عصرنا وعظماء بلادنا أمثال المؤرخ والأديب الشهير المرحوم الدكتور طه باقر والأستاذ الناقد المعروف المرحوم الدكتور علي جواد الطاهر والأستاذ اللغوي القدير المرحوم الدكتور مصطفى جواد وعالم الاجتماع الكبير المرحوم الدكتور علي الوردي وآخرين..
وهذا صحن الجامع
والصورة تمثل محراب الجامع
محطة مضيئة
وقد قرأت في أحد المقالات نقلاً عن الصحفي كاتب المقال في موسوعة ويكيبديا الحرة ((بينما كنت أتجول بعدستي بين أرجاء الجامع وأطرح أسئلتي على كل من أصادفهم في طريقي تناهى إلى سمعي خبر إسلام الأستاذ خوشابا بنيامين دولفس البالغ من العمر 36 عاماً وإعلانه ذلك على الملأ الأسبوع الماضي فقط. وعندما سئل عن الموضوع أجاب باختزال شديد مفاده أن ما شاهده من كرامات في جامع براثا كانت هي السبب في إجابته دعوة الإسلام واعتناقه دينا رسميا))