في هذه الأيام …أيام الإمام الحسين ع أيام لها أكثر من معنى للخلود وهدف انتصار الدم على السيف أيام أثرت في تغيير مجرى الحياة، أثرت على إعادة الإيمان إلى القلوب، وإرجاع صورة الإسلام كما ارادها الرسول ص نقيآ أُعيد من أيد حاولت هذه الأيدي الآثمة طمس وتغيير النور المحمدي ، هي أيام تضعك في الميزان أمام اتجاهاتك وتصوراتك الفكرية لتضعك أمام تساؤلات بعيدة المدى في التاريخ والعقيدة والإيمان الراسخ وأمام ثقافتك لتتجه نحو هذا الكم من التساؤلات في مواجهة عقلية وسلوكية وحسب ما وصل لنا في فهمنا ومستوانا الفكري بتحدٍ نحو قوة الفكر العقائدي عندنا وكأنه جدار شامخ أمام أي تيار جارف !! إن هذه القضية هي كبيرة الفهم لمستوى الإرادة واليقين الروحي في قلب كل مؤمن بقضيته لتجعل منها في النهاية أسلوب حياة ومصادق عقول وطبيعة سلوك حسب ما تعلمته وأضافته على هالة العقول الناضجة وحسب ما يعطيك إياه الكم الهائل من النضج في الاتزان لشخصياتنا وأنماط حياتنا المختلفة ..
فيوم عاشوراء هو اليوم الذي يعلمنا كيف نصحح طريق حياتنا ومسيرتنا في هذه الحياة، ونجعلها مطابقة بقدر الإمكان لسيرة الإمام الحسين وطريقته في التعاطي مع مبادئ قريبة من منهجنا ومتطلبنا الوظيفي في استمرار إنسانيتنا وحياتنا المعاصرة وان كانت مختلفة مع نمط الحياة وشخصية المتغير هنا إلا إن عمق الإنسان مهما تغيرت ظروفه ومتغيراته يظل نموذجا كبيرآ لعقيدته كما
هو الإمام الحسين ع لم تغيره أو تلونه الزخارف للحياة أو منعطفاتها ..
حينما نتطرق في عمق القضية الحسينية كجهد حواري نجد أن لها أكثر من بعد واكتر من اتجاه بتأكيد البحث كمنهج ورؤية إسلامية
1 – البعد التاريخي الذي يجب أن نضعه في محصلة وعينا التاريخي وما دار فيه فمن الملاحظ أن القضايا التاريخية بما لها من رابط وثيق مع الحاضر الذي تبدأ منه التحولات في الاتجاه السياسي ليخلق من قضية الإمام محور تغييري نحو أفق الصح والخطأ ونحو متغيرات السلطة التي ارادها أل أمية نمطا محصلة لخدمة أهدافهم وسياستهم المرتبطة نحو الإرادة في السيطرة والطمع بخشونة الصحراء وقسوة
متغيراته وما نجده في وقتنا الحالي من متغيرات غير ايجابية في التوافق فهو نتاج للرصيد التاريخي بما له من سمات وبصمات مؤلمة على الواقع البشري سواءآ في العلاقات الاجتماعية بين الإفراد أو الأنماط المعيشية كلها تصب اخيرآ في أهداف لايرتضيها العقل البشري إذا ما قيست في مدارات الصح او الخطأ في المنهجية والرؤية السليمة ، تعرض سماحة الإمام الشيرازي (قدس سره) إلى قضية الإمام الحسين بما لها من أثر كبير في كشف الحقائق التاريخية. وترسيخ المبادئ المحقة في تناقص المتطلعين للحق..
2 – البعد الروحي الأكثر تحديآ لإرادة التاريخ والسلطة بنتيجة مؤكدة انتصار الروح على المادة وأنصار المبادئ على كل نمط مراد في تلك الفترة …الحسين كان يقول: «أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر أسير بسيرة جدي وسيرة أبي علي بن أبي طالب..» انه كان يريد أن يُخرج الأمة من المنكر إلى المعروف، كان يريد أن يضع حداً للمنكر، وهو ما حاول أن يثبته كهدف سعى الى تحقيقه مع ما كان ماثلا من عدم التكافؤ بين الاتجاهين( اتجاه الخط الإلهي والاتجاه الدنيوي ) حينها كان يرى أن الدين على وشك أن يُحرَّف، فأراد أن يعيد الدين غضاً طرياً كما أعده الرسول ص بالتمسّك بصفوة الله، والاستنارة بهذا المصباح الإلهي فمن الطبيعي حينئذٍ أن يكون هداية في الدنيا، ونجاة في الآخرة﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾
إن تضحية الإمام الحسين بنفسه وأصحابه وخروجه مع أهله أثر على إعادة الإيمان إلى القلوب من خلال هذين البعدين لذا فإن انطلاقنا ووقفتنا بتمعن في وعي هذين المجالين يجعلنا أمام تحدي يجب علينا فيه أن نفهم ونعي القضية التي من أساسها ناضل الحسين وجاهد ليجعل من الحياة ومن الإنسان رمز وقيمة ومعنى وهدف سامي في وجوده الراسخ لخلافة الأرض وتعميرها ( وإذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة ) وتعبده لله سبحانه بوحدانيته الخالصة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ، والذي أراد من خلالها إعلاء كلمة حق في وجه كيان باطل برفع شأن الإنسان المؤمن بالتأكيد على التمسك بمبادئه وخلقه الأصيل ..