( الزّهراء (ع ) أوّل مظلومةٍ في الإسلامْ )
بقلم / السيد بهاء آل طعمه
فاطمةُ الزّهراءْ (ع) كنــــيتها أمّ أبيها، وأشهر ألقــــابها الزهراء والبـتول( ومعنى البتول..أي البنت البالغة التي لا يحصل لها ممّا يحصل لباقي النساء في القضية الشهرية المعروفة.. ومعناها أيضا الطاهرة المطهرة ) والصديقة والمُحدّثة والفهمة والعاملة الغير معلّمة والقدّيسة وأمّ الحسنين والحوراء الإنسية وأمّ السّبطين وسيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنّة والفاضلة والتقية والنقيّة والمغصوب حقّها والمظلومة والشّهيدة والممتحنة والعليمة .. ، ولدت بمكة يوم الجمعة العشرين من جمادى الآخرة بعد المبعث بخمس سنين. أبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمها خديجة أول امرأة أسلمت، وأفضل أزواج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعن ابن عباس:قال قال النبيّ ( محمد (ص. وآله) أفضل نساء الجنة أربعة: خديجة بن خويلد، وفاطمة الزهراء بنت محمد، ومريم ابنة عمران وآسية ابنة مزاحم زوجة فرعون.) وتقسم حياة الزهراء في مرحلتين: مرحلة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومرحلة ما بعد (صلى الله عليه وآله وسلم). عاشت مع أبيها ثمانية أعوام في مكة، وعشرة في المدينة وأقامت بعد الرسول (ستة أشهر أو ثمانية على أصح الروايات ).يعني كان عمرها الشريف حينذاك.( ثمانية عشر عاماَ ) وفي الثامنة من عمرها هاجرت إلى المدينة مع مجموعة من النساء المسلمات سمّين بـ (الفواطم). مناقبها: ورد في فضلها أحاديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من الفريقين،منها ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: "فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني"، وهذا النص ورد في غيره من الصحاح والكتب. وكذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن الله عزَّ وجلَّ ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"، وروى الحاكم في المستدرك عن ابن عمر: "أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أول الناس به عهداً فاطمة"، وروى مثله في مسند أحمد بن حنبل، وروى أيضاً عن عائشة أنها قالت: "( ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً من فاطمة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه) قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". وفي الاستيعاب بسنده عن عائشة: ( ما رأيت أحداً أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي والدها (صلى الله عليه وآله وسلم). والقرآن الكريم وإن لم يذكر اسمها صريحاً، إلا أن بعض آياته تتحدث عن أهل البيت (عليهم السلام)، ومنهم فاطمة، وقد اختصت بعضها بها، نشير لبضع هذه الآيات، منها آية التطهير: { إنما يريد اللهُ ليذهب عنكمُ الرجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيراً)، والآية الشريفة باتفاق المُفسّرين نزلت في عليّ وفاطمة وابنيهما وهل تدل على عصمتهم. ومنها آية المباهلة حيث أن المراد من (نسائنا) الزهراء (عليها السلام) كما ذكرالمفسرون، كما أن المراد من (أنفسنا) الإمام عليّ (عليه السلام)، ومن (أبنائنا) هما الحسن والحسين (عليهما السلام). ومنها آية المودة: { و.. قلْ لا أسألكُمْ عليه أجراً إلا المودّة في القربى }، حيث فرض المودة لهم جزاء أتعابه في رسالته، ولكن ماذا فعلوا بأهل بيته من بعده ..؟ وآية الإطعام: { ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً}، وآية الكوثر: { إنا أعطيناك الكوثر}، حيث نزلت في فاطمة (عليها السلام) وأنها الكوثر، أي الخير الكثير، والحوض في الحشر . حيث أن سلالتها تملأ الدنيا. وخطبها أشرافُ العرب، ولكن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) زوجها بالإمام علي (عليه السلام)، فعن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غشيه الوحي، فلما أفاق: "قال جاءني جبرئيل من عند صاحب العرش وأمرني أن أزوّج فاطمة من علي"، وكان مهرها خمسمائة درهم، وهو مهر السنة، وهي تبلغ ثلاثمائة وخمسين مثقالاً من الفضة. وقال في الاستيعاب إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لها: زوّجتك سيداً في الدنيا والآخرة، وأنه لأول أصحابي إسلاماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً. وأما جهازها عند زفافها فكان متواضعاً جداً كما نقله التاريخ. ومن أخلاقها: الزهد والعبادة، قال الحسن البصري: "ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة"، وكانت تعمل في البيت حيث كان عليّ (عليه السلام) يستقي ويحتطب، وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز وترقع، وكانت من أحسن الناس وجهاً. وعن علي (عليه السلام) حول فاطمة (عليها السلام): "أنها استقت بالقربة حتى أثرت في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها". وعن حياتها الزوجية،قال علي (عليه السلام): "فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان". وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لقيت فاطمة الكثير من المصائب والمحن، أضيفت لتألمها على فراق أبيها، منها غصب فدك منها، بعد أن أنحلها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته، وغصب الخلافة من زوجها (عليه السلام) وحرمان الأجيال والتاريخ من نور الهداية الإلهية، والهجوم على دارها وإحراقها، وغيرها الكثير من الحوادث المؤلمة التي ذكرت في مختلف المصادر، ولا شك بأن هذه المصائب أثّرت فيها واستشهدت بسبب هذه المحن والجروح التي أصابتهاوهي في الثامنة عشر من عمرها. وأمامدفنها فهو مجهول، لدفنها ليلاً استنكاراً ممّن أغضبوها وآذوها (ع) والذي يُـظهره للعالمين هو ولدها الحجة المنتظر (المهديّ) (عج) يوم ظهوره قريبا بإذن الله . وقبرها المقدّس إمّا في بيتها عند قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو في مقبرة البقيع، أو بين المنبر وقبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد على اختلاف الروايات. لذلك فإن كل من أغضبها يصدق عليه قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "من أغضبها فقد أغضبني"،وفي الصحاح وغيرها من مصادر أهل السنة، أنها رحلت وهي واجدة أو غاضبة على البعض ممّن آذاها ، ولست أدري أنّ من أغضب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والله تعالى هل يستحق حكومة المسلمين. وهل تكون مذاهبه حقّة، ثم أن من لم يتمسك بالقرآن والعترة كيف يكون آراءه وحكمه على حق..!!!! ولماذا ذهب ( الخليفتان ) ( أبو بكرٍ وعمر ) المنصّبين بالقوة والإغراء والباطل ... يعتذران لها وهي كانت مريضة في فراشها عليها السلام بعد الألم الشديد من ضربها بسياطهم.. وقد دخلا عليها لتغفر لهما على ما فعلا بها خاصّة بسرقة ( فدك ) إرثها الشرعيّ من أبيها النبي ( ص. وآله) ظلما وجبراً وكلّنا يعلم أنها لم ترضى عنهما إلى يوم القيامة واعتذارهما ذاك إنّما جاء لمصلحة دنيوية ضالة ورياءً ملحوظ.. ( ولأنهما يعلمان.. من هي فاطمة ..ع ) وقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "إني مُخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً"... وسيعلمُ الّذين ظلموا ( حقّ مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ ) أيّ مُنْقلَبٍ يَنْقلِبوُنْ ... والحمد لله ربّ العالمين وصلىّ الله على مُحمّد وآله الطاهرين. ويُشرفني ان أهدي لمولاتي فاطمة الزّهراء هذه القصيدة المتواضعة عسى احظ بنظرة منها لأمر ديني ودنياي وآخرتي ...
صِــدّيقَــــةٌ شَهِيــدَة
شعـر / السيد بهاء آل طعـمه
اهتزّ عرشُ اللّه وانشقَّ القَمَر
وكأنّمـا يَوْمَ القيامةِ قدحضرْ
جبريلُ يصرخُ باكياً ومُنادياً قد
غاب وجه اللّه من أرضِ البشرْ
فيقولُ يا خلقً انظروا ماذاجرى
حتى الشُّدادُ السّبع باتوا في خطرْ
وملائكةُ اللوح العظـيم يخاطبوا
بارئهم يستفـسروا ماذا صــدرْ
إذ كوّرت شمسُ الإله فأصبحتْ
حمْــراَ قانية تـُطالب ما الخـــبرْ
في الكون سُجّرت البحارُ وأرعدت
أمواجــها ما عـــاد فــيها مُســتـقـرْ
هـــبّت ريــاحٌ عاتــيات أقــــلعــت
ينـْعَ البساتين وأغــــصان الشّجرْ
والمـــلأ الأعلى جمــــيعاً يــسألوا
وكذا لأهل الأرض صرخة مُحتضرْ
فأجابهُمْ جـــبريلُ والدمــــعُ دماً
رحلتْ بتولُ اللّه فانشـقَّ القــمـرْ
فاطمة ُالـزّهراء ماتتْ حــسرةً
أعداؤهـــا يومــئذٍٍ أين المــفــرْ
ويلٌ لمنْ عاداكِ بنتَُ المُـصطفى
قد باء في غضب عـقيمٍ في سقرْ
أنت المُعــــزّى يا عليُّ بفاطمٍ
هل تطلبُ الثأر لها ممّنْ جــسرْ .؟
إذ هاجموا الدّار التي كانت بها
ولضلعها القُدسيّ منْ ذا قد كسرْ ..؟
قـُـــــمْ واشــهــــر السّـــيف الذي
به يـُستردُّ الحـقُ ممّنْ قـد كـفـــرْ
هــذي البتـولُ ومُهــــجة الهادي
أما .. آنَ الأوانُ لمـنْ فــجــرْ
هــــذا هُو الدّيْن عــليك فـردّهُ
للبضعة الزّهراء والدة الـدررْ
فلنجعــل الثـّـأر العظيم بــذمّة
الموعود فينا ذا إمامٌ منـتــظـرْ
كي يستعيد الحقّ منْ سُرّاقـه
ويقولُ هـذا قبرُ فاطمةٌ ظـهـرْ
السلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المُستودع فيها