[عاشق القائم]

قال رسول اللهr : ( أبشركم بالمهدي يبعثعلى اختلاف من الناس وزلازل )(1). هذا الحديمن أظهر أخبار المهدي الدال على تعيين علاماتالمعرفة في زمن بعثه وعينه كذلك ، والمصطفى r لم يكتفي إلا بأن قرن ما بين هاتين العلامتين القدريتين على تعيين زمنه ، وفي هذا منتهى البيان والتعريف به على التحديد ، فهل أدرك الناس ذلك وأيقنوه لما حصل المخبر عنه على وجه المطابقة مع دلالة الخبر ؟ ، أبدا لم يكن ذلك بل ما زالوا في غفلتهم وضلالهم يعمهون .وفي هذا الفصل من بيان وجه الآيات في بعث المهدي سنوضح لقراء هذا الكتاب كيف حصل ذلك على الوجه الذي يقطع بصحة دلالته ويعرف بقوة حجيته الملزمة للناس بالتصديق وأن المكذب لذلك إنما يكذب خبر رسول الله r المصدق بفعل الكريم العليم سبحانه فهو جلت قدرته وعلت صفاته وتقدست أسمائه من في قدرته زلزلة الأرض متى ما شاء لا غيره ، ولما وقع تواتر الزلازل مزامنة مع اختلافات الناس الحاصلة في عصرنا وعلى وجه التواتر الغير مسبوق والإقتران بالزلازل الغير مسبوقه هي كذلك بتواترها ، ما يدل دلالة قاطعة على أن هذا ما كان يعنيه المصطفى r .هنا سأبين وجه هذه الدلالة العظيمة بما ييسر الكريم سبحانه لعل هناك من سينتفع بذلك ممن يقدر الله له الهداية بتصديق هذا الأمـر ، وحجة الله بالغة على رغم المكذبين ولو قل المصدقين ، والله تعالى يقول : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) .كانت بداية الأمر بتحقق هذه الرؤيا التي سبقتها رؤى أخرى عن مصطفى الله تعالى r ، لكن في هذه كان هذا الأمر لأصحاب المهدي عليه السلام بالهجرة لمدينة رسول الله r ، أنقل تفاصيل ذلك بما ورد في كتاب ( المهدية في إخساء الخالدية ) :قال الرائي : جاءني في منامي شيخي . . وقال : قم نذهب إلى رسول الله r ، فذهبنا فوجدناه في المسجد ومعه أصحابه وكان عليه رداء أبيض ، فقال له الشيخ : جئتك شاكيا يا رسول الله ، فذكر للرسول مـا كان مـن بعض تلاميذه حين شككوا بأن الرؤى ليست حقا ، فنزع النبي r رداءه وأدار ظهره للشيخ وأراه خاتم النبوة الذي في ظهره ، ثم أراه الخاتم الموجود في إصبع يده ، مكتوب عليه محمد رسول الله وهو يشير إلى صدره ويقول : أنا رسول الله . فقام الشيخ فسجد شكرا لله ثم قال النبي r : مـا دام هكذا فهجرتكـم بعد أربعين يوما اطلبوا العلم في الأربعين وقوموا الليل واقرؤوا القرآن وأكثروا الصيام اهـ . وأقسم أنا المهدي بالله العظيم الذي بعث محمدا بالحق ومن كَذَبَ في هذا أو كَذَّبَ به فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعـين ، أن هؤلاء الذين آمنوا بالرؤيا واستجابوا لها حين أرادوا الخروج لجزيرة العرب تحقيقا للأمر في الرؤيا ، أنه في نفس يوم خروجهم بعد انقضاء الأربعين ، وقع في ذلك اليوم زلزال القاهرة الذي وافق يوم خروجهم وهو يوم الاثنين الموافق ( 16 ربيع الثاني 1413 هـ 12/10/1992) وعد هذا الزلزال خارقا لعادة الزلازل في مصر وفي القاهرة خصوصا ، وقد ثبت كذلك تواتر الزلازل بعد ذلك وبشهادة أهل الاختصاص مـا لا ينكـره إلا جاهل أو مكابر ، فهل تدل هـذه الرؤيا وشهادة واقعة الزلازل على تحقق خـروج المهدي ؟! لقوله r : ( أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل )(2). ومع الأسف كم من مرة طرح هذا السؤال وتجاهل الناس الإجابة عليه إعراضا عن الحق وتجاهلا لبراهينه ما يعد خللا في دعوى تصديقهم لأخبار نبيهم عليه الصلاة والسلام .

وللفائدة هنا أنقل ما أوردته في كتابي ( رد فرية الجاني ) وفيه إثبات تحقق تواتر الزلازل بعد خروج اتباع المهدي لمدينة المصطفى r تحقيقا لأمره في الرؤيا المذكورة سابقا :هزة خفيفة تضرب جنوب إيران متزامنة ! مع موجة نشاط زلزالي في العديد من الدول الآسيوية . وكان أعلن أمس عن وقوع زلزال متوسط القوة في باكستان إضافة إلى زلزال آخر في اليابان وثالث في كشمير ( الوطن 27/10/94 ) .
قلت : وما زالت هذه الزلازل تهز الأرض في هذه السنوات الأخيرة كما نص على خبر هذا الأمر العظيم رسل الله تعالى على ما بينته سابقا عنهم . وليس أدل على هذا من النشاط الزلزالي الذي يحدث على شكل عواصف زلزالية !! ، كما حصل في خليج العقبة ما حير الخبراء وأثار مخاوف الناس . وكذلك النشاط الزلزالي في الكويت كما فصلت خبر ذلك قبل قليل . ولا تـزال الزلازل تعصف بإيـران حتى إنـها تعرضت لزلازل دامية في العام (97) ففي (10/5/97) ضـربها زلـزال بقوة (7.1) قتل فيه(1000) و (44) ألف جريح ودمر (80) قرية ، وهو الثالث من نوعه حتى تاريخ هذا الزلزال وسبقه في (28/2/ 97) ما أدى إلى أكثر من ألف قتيل وأكثر من ألفي جريح وشرد (35) ألفا . وليس أدل على كثرتها مـن هذا العنوان لجريدة القبس ( 22/1/95) ، الزلازل تضـرب يمينا ويسارا : تركيا وإندونيسيا وأثيوبيا.. تهتز ! . ويتساءل بعضهم فيقول : لقد ثبت تواتر الزلازل في السنوات الأخيرة للحد الذي لا ينكره عاقل ، كما أنه لا يمكن إنكار خبر رسول الله عن كثرة الزلازل آخر الزمان ، إلا أنه ما الموجب لإعتقاد أن هذا التواتر الزلزالي الشامل لكثير من البقاع هو الذي يتحقق عنده خروج وبعث خليفة الله تعالى المهدي المنتظر ؟ . فالجواب : هو أن رسول الله r جعل لتعيين زمانه الذي يبعث به الزلازل أمارة وبرهان ، ولتحقق خروجه بإذن الله الذي قدر الزلازل لدعوته حجة وسلطان ، فلا مهدي بحق وصدق ، يكفر بطاعة الشيطان ، ويأبى بيعة السلطان ، ويبعث بأمر من الرحمن إلا المهدي الذي تقترن بدعوته وخروجه كثرة الزلازل ، والحكمة في ذلك ، أن أمر المهدي لله تعالى جعله لنفسه ، حتى المهدي بنفسه لا يكون مهديا باجتهاده ولا يعرف بذلك ، ولا باجتهاد غيره مهما بلغ , وهذا هو سر اقتران الزلازل بخروجه التي هي من الأمور القدرية الكونية التي لا مدخل لإرادة البشر بتحققها ، ما يتعذر على الأدعياء تحقيقه لتصح دعواهم المهدية , وهذه حكمة جليلة يعز على العاقل إدراكها فكيف بالجاهل . ومصداق هذه الحقيقة هو أنه بعدما أنيط بالمشائخ العلم بخروجه وبعثه ، تتابعت بعد ذلك الزلازل ، وهم اليوم أعلم الناس بالأمرين , وعلى رأس هؤلاء التويجري رحمه الله ، وابن باز وابن جبرين وابن قعود والعبيكان وسلمان وسفر وناصر والقحطاني والعثيمين وغير هؤلاء , من أجل أن يعلم هؤلاء وغيرهم صدق هذه الدعوة ، ويتنبهوا بكثرة الزلازل على ذلك ، فيصح بعد ذلك أن يكون خروجه كما ورد في الحديث : ( يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل ) . وإمعانا في الإخبار بأن تحقق بعثه وخروجه سيكون عند هذه الزلازل المتواترة منه r أتى بالفعل المضارع وأتبعه بـ( على ) الحرفية التي معناها العلو ، وهذا آكد ما يكون إثباتا لتحقق خروجه قبل هذا النشاط الزلزالي ، ومن لم يؤمن بأن خروج المهدي قد سبق هذا النشاط الزلزالي الحاصل في هذه السنوات الأخيرة يعد من أجهل خلق الله في فهم أخبار رسول الله ومتنكب لتصديقه فيما أخبر .

هذا بخصوص الزلازل في تعيين زمان المهدي ، فكيف وقد اقترن بهذا اختلاف الناس وظهور الفتن وكثرة الظلم والجور ، وكل هذا مع ما أخبر عنه رسول الله ، وكذلك تقارب الزمان .وأجمع أيضا إلى ما سبق اضطراب الأنواء وكثرة المطر والسيول الجارفة وتساقط الثلوج ، وهبوب الرياح العاتية وغيره مما يتعلق بمناخ العالم مما نص على ذكره وأنه من علامات خروج المهدي جمع من أنبياء بني إسرائيل كما مر معنا في هذا البيان وفي كتاب وجوب الاعتزال وتأكيدا على بيان حقيقة تواتر الزلازل في زماننا أنقل زيادة على ما سبق ذكره أقوال لبعض أهل الاختصاص في هذا الشأن ليطمئن قلب المرتاب وتنقطع سبل كل مشكك كذاب .

(1) قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات . وذكر التويجري أن الحافظان العراقي وابن حجر أقراه لكونهما قد حررا مجمع الزوائد معه . ورواه الحاكم من غير هذا الوجه باختصار وصححه ووافقه الذهبي .

(2) سبق تخريجه .