كانت هناك قرية تسمى الثرثار ، لأن أهل القرية كانوا يعيشون على ضفاف نهر اسمه ثرثار فسميت القرية باسم النهر ، وعرفوا في التاريخ بأهل الثرثار وكان عندهم زراعة ، نخيل ، أشجار ، ثمرات ..إلخ ، فكانوا آمنين مطمئنين بالطعام والأمن والأمان والصحة ، وكان قمحهم لا يضاهيه قمح وكذلك ثمراتهم ومزارعهم ، إلى درجة أنهم كانوا يكفرون بنعمة الله فيمسحون أطفالهم بالخبز ، أي أن أي طفل صغير عندهم يمسحونه بالخبز ، والخبز الملوّث بالنجاسة يرمونه في الأزقة ، وكان المسؤولون آنذاك يجمعون هذه الكميات الهائلة من الخبز المتنجس الملوّث ويرمونه خارج القرية فأصبح جبلاً عاليـًا من الخبز المتنجس بنجاسة الأطفال ، فوعظهم نبيهم ونصحهم دون جدوى ، بل وقالوا له: ماذا يصنع ربنا ؟ هذا نهر الثرثار وهذه الأمواج وهذا هو الماء العذب وهذه الزراعة وهذه الأيدي وهذه الأكف والعضلات ، نحن نزرع ، نحصد ، نأكل ، فماذا يقدر الله أن يصنع؟ ، فشائت المشيئة الإلهية أن ينزل عليهم العذاب بأن يسلب الله منهم النعمة ، فإذا بماء النهر جف ، وأصبح غورا ، فلا يوجد زراعة بل ذبلت واصفرت الأشجار ، فصرفوا ما عندهم من الذخيرة ، وانتهى كل شيء ، فأصيبوا بالقحط ، فغلب عليهم الجوع ، وصاروا يفتشون عن لقمةٍ من الخبز فلم يجدوها ، فتوجهوا إلى ذلك الجبل من الخبز المتنجس ، واصطفوا عليه اصطفاف منتظم ، وقام المسؤولون بتقسيم هذا الجبل من الخبز المتنجس الملوّث عليهم وجبات وجبات ، فكانوا يمسحون النجاسة – دون ماء – من الخبز اليابس ويأكلونه.