|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 67368
|
الإنتساب : Aug 2011
|
المشاركات : 33
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افضلية الزهراء على سائر البرية
بتاريخ : 18-08-2011 الساعة : 04:02 PM
ن سيدتنا فاطمة الزكية سلام الله عليها جوهرة الخلقة، وثمرة النبوة، وصفوة الولاية، فهي عليها السلام أفضل من جميع البشر حتى الأنبياء والرسل عليهم السلام ما خلا أبيها وبعلها صلوات الله عليهما وآلهما؛ وعلى ذلك دلائل كثيرة وبراهين جلية من الآيات والأخبار، وذلك لأن كل ما دل على أفضلية النبي وأمير المؤمنين عليهما السلام فهو بعينه دال على أفضليتها عليها السلام لأنهم مخلوقون من نور واحد، ومرتضعون من ثدي واحد، وهذا ثابت في الأخبار، ونحن نتبرك بذكر بعضها: فمن الآيات: آية التطهير(1)، فإن الله سبحانه وتعالى شهد في هذه الآية لها بالعصمة والطهارة بما لا مزيد عليه، لأنه تعالى أذهب عنها جميع أنواع الرجس الظاهرية منها والباطنية ومن المعاصي والسيئات الصغيرة منها والكبيرة، حتى حديث النفس بما لا يريد الله، ومن إخطار ما يكرهه سبحانه بالبال. فهي عليها السلام بنص هذه الآية طاهرة طهارة حقيقية عن كل عيب ونقص على الإطلاق، إذ كل ما تفرضه من الوسوسة وحديث النفس والخواطر فهو داخل في الرجس، وهي عليها السلام قد طهرت منه، فهي عليها السلام في أعلى مراتب العصمة والطهارة.
وأما الأنبياء ما عدا أبيها عليه وعليهم السلام فليس في القرآن ما يدل على عصمتهم وطهارتهم على هذا النحو الذي ذكره سبحانه وتعالى لأهل البيت عليهم السلام، فلم تساو عصمة الأنبياء عليهم السلام عصمة الزهراء سلام الله عليها، فكان لها الشرف الفائق والفضل الرائق عليهم. وإن شئت تفصيل ذلك فراجع كتابنا (الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام) عند البحث عن آية التطهير.
ومن الأخبار:
ما نقله العلامة المجلسي رحمه الله عن أبي عبد الله عليه السلام: وهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى(2). قال المحقق البارع أبو الحسن النجفي في كتابه القيم (ملتقى البحرين)(3) في ذيل هذا الحديث: إن المراد من القرون هي قرون جميع الأنبياء والأوصياء وأممهم من آدم فمن دونه حتى نفس خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله أجمعين، يعني ما بعث الله عز وجل أحدا من الأنبياء والأوصياء حتى أقروا بفضل الصديقة الكبرى ومحبتها. ويؤيده ما ذكره السيد قدس سره(4) في (مدينة المعاجز) عنه عليه السلام: (ما تكاملت النبوة لنبي حتى أقر بفضلها ومحبتها).
وأيضا ما ذكره (ره) في ص19 عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: لم سميت فاطمة الزهراء (زهراء)؟ فقال: لأن الله عز وجل خلقها من عظمته، فلما أشرقت أضاءت السماوات والأرض بنورها، وغشت أبصار الملائكة، وخرت الملائكة لله ساجدين وقالوا: إلهنا وسيدنا، ما هذا النور؟ فأوحى الله إليهم: هذا نور من نوري، وأسكنته في سمائي، خلقته من عظمتي، أخرجه من صلب نبي من أنبيائي، أفضله على جميع الأنبياء، وأخرج من ذلك النور أئمة يقومون بأمري، يهدون إلى حقي، وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي. ومنها ما ذكره أيضا العلامة المجلسي (ره) في (مرآة العقول)(5) في مولد النبي صلى الله عليه وآله عن محمد بن سنان قال: (كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة (أي في معرفة الأئمة عليهم السلام وأحوالهم وصفاتهم) فقال: يا محمد، إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة (عليهم السلام ) فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاؤون، ويحرمون ما يشاؤون، ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى. ثم قال: يا محمد هذه الديانة التي من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها محق، ومن لزمها لحق، خذها إليك يا محمد). ومنها أيضا ما ذكره المجلسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن لفاطمة كفو على وجه الأرض آدم فمن دونه(6). وعنه عليه السلام: لو لم يخلق الله علي بن أبي طالب ما كان لفاطمة كفو(7). وفي خبر آخر: لولاك لما كان لها كفو على وجه الأرض(8). وعن أبي عبد الله عليه السلام: لولا أن أمير المؤمنين عليه السلام تزوجها لما كان كفو إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم فمن دونه(9). ثم قال (ره): يمكن أن يستدل به على كون علي وفاطمة عليهما السلام أشرف من سائر أولي العزم سوى نبينا صلى الله عليهم أجمعين. لا يقال: لا يدل على فضلهما على نوح وإبراهيم عليهما السلام لاحتمال كون عدم كونهما كفوين لكونهما من أجدادها عليها السلام، لأنا نقول: ذكر آدم عليه السلام يدل على أن المراد عدم كونهم أكفاءها مع قطع النظر عن الموانع الأخر، على أنه يمكن أن يتشبث بعدم القول بالفصل(10).. ومنها ما ذكره المحدث الكبير والعلامة الخبير الطبري (ره): عن أبي جعفر عليه السلام: ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والأنس والطير والوحوش والأنبياء والملائكة(11). ومنها ما ذكره العلامة الإربلي (ره) قال: إن الطباع البشرية مجبولة على كراهة الموت، مطبوعة على النفور منه، محبة للحياة، مايلة إليها، حتى الأنبياء عليهم السلام على شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله تعالى ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم، أحبوا الحياة ومالوا إليها، وكرهوا الموت ونفروا منه. وقصة آدم عليه السلام مع طول عمره وامتداد أيام حياته معلومة، قيل: إنه وهب داود عليه السلام حين عرضت عليه ذريته أربعين سنة من عمره، فلما استوفى أيامه وحانت منيته وانقضت مدة أجله وحم حمامه، جاءه ملك الموت يقبضه نفسه التي هي وديعة عنده، فلم تطب بذلك نفسه وجزع وقال: إن الله عرفني مدة عمري، وقد بقيت منه أربعون سنة، فقال: إنك وهبتها ابنك داود، فأنكر أن يكون ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وآله: فجحد فجحدت ذريته. ونوح عليه السلام كان أطول الأنبياء، أخبر الله تعالى عنه أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، فلما دنا أجله قيل له: كيف رأيت الدنيا؟ فقال:كدار ذات بابين، دخلت مِن باب وخرجت في باب. وهذا يدل بمفهومه على أنه لم يرد الموت ولم يؤثر مفارقته... وابراهيم عليه السلام: روي أنه سأل الله تعالى أن لا يميته حتى يسأله، فلما استكمل أيامها التي قدرت له خرج فرأى ملكا على صورة شيخ فان كبير قد أعجزه الضعف وظهر عليه الخراف(12)، ولعابه يجري على لحيته، وطعامه وشرابه يخرجان من سبيله عن غير اختياره، فقال له: يا شيخ كم عمرك؟ فأخبره عن عمر يزيد على عمر إبراهيم سنة، فاسترجع وقال: أنا أصير بعد سنة إلى هذا الحال! فسأل الموت.
وموسى عليه السلام لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه فأعوره ـ كما ورد في الحديث(13)ـ فقال: رب! إنك أرسلتني إلى عبد لا يحب الموت... فهؤلاء الأنبياء ممن عرفت شرفهم وعلاء شأنهم وارتفاع مكانهم ومحلهم في الآخرة وقد عرفوا ذلك، وأبت طباعهم البشرية إلا الرغبة في الحياة. وفاطمة عليها السلام امرأة حديثة عهد بصبي، ذات أولاد صغار وبعل كريم، لم تقضي من الدنيا إربا(14) وهي في غضارة عمرها وعنفوان شبابها، يعرفها أبوها أنها سريعة اللحاق به، فتسلو موت أبيها صلى الله عليه وآله وتضحك طيبة نفسها بفراق الدنيا وفراق بنيها وبعلها، فرحة بالموت، مايلة إليه، مستبشرة بهجومه، مسترسلة عند قدومه، وهذا أمر عظيم لا تحيط الألسن بصفته، ولا تهتدي القلوب إلى معرفته، وما ذاك إلا لأمر علمه الله من أهل البيت الكريم، وسر أوجب لهم مزية التقديم، فخضهم يباهر معجزاته، وأظهر عليهم آثار علائمه وسماته، وأيدهم ببراهينه الصادعة ودلالاته، والله أعلم حيث يجعل رسالاته(15). قال المحدث الخبير المولى الحاج محمد علي الأنصاري(ره): فمن تتبع الأخبار، جاس خلال تلك الديار، علم أن سيدتنا الزهراء سلام الله عليها قد حازت من الكمالات النفسانية والفضائل العقلانية ما لم يحرزها أحد من نوع النسوة من الأولين والآخرين، وأنها ولية الله في السماوات و الأرضين، وأنها أشرف من جميع الأنبياء والمرسلين عدا أبيها خاتم النبيين، ولم يبق لأحد شبهة في شرف محلها وسمو مكانتها(16).
1 - سورة الأحزاب، 33.
2 - البحار: ج43، ص105، وقد تقدم.
3 - المصدر، ص40.
4 - يعني السيد هاشم البحراني صاحب (تفسير البرهان).
5 - المصدر، ج5، ص190.
6 - البحار: ج43، ص107.
7 - البحار: ج43، ص107.
8 - البحار: ج43، ص107.
9 - البحار: ج43، ص10ـ11.
10 - البحار: ج43، ص10ـ11.
11 - دلائل الإمامة: ص28.
12 - الخراف: فساد العقل من الكبر.
13 - الحديث كما ترى، ولكن لا يضر بمرادنا.
14 - يعني حاجة.
15 - كشف الغمة: ج1، ص355.
16 - اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء.
|
|
|
|
|